352

Rocambole

الإرث الخفي: روكامبول (الجزء الأول)

Nau'ikan

ثم ركعت أمامه تستغفر عما أساءت إليه من قبل، ونظر إليها أندريا فرأى دمعة تسيل على خدها، فلم يشكك بحسن اعتقادها، فتكلف هيئة المنقبض الحزين وقال: لقد علمت الآن متاعب هذا الوحش الضاري الذي كاد يفترس الفتاة الوحيدة التي أحبها، ومقدار ندامته بعد التوبة؟

فتنهدت باكارا ومدت يدها إليه، وهي تقول: نعم، لقد عرفت كل شيء، وبقي أن أظهر لك برهاني أيضا عن ثقتي بتوبتك.

ثم أخرجت مسدسا من جيبها، وقالت: إنك عندما أرسلت لي كتابك في هذا الصباح تخبرني فيه أنك تريد زيارتي، كنت لا أزال مشككة بك، وحسبت أنك تريد قتلي، فتسلحت بهذا السلاح للدفاع عن نفسي، والآن فإني أدفعه إليك دلالة على ثقتي بتوبتك وحسن ظني بك.

فركع أندريا بدوره أمامها وشكرها شكرا بالغا، ثم بكى أمامها وأسال من عينيه نفس الدمع الكاذب الذي أسالته باكارا من قبل.

ولم يكن حائرا بين الداهيتين غير الكونت أرتوف، فإنه لم يكن يعلم أيهما أشد في هذه الحرب الشديدة التي كان سلاحها السياسة، ولم يعلم أيهما أقنع الآخر، أما باكارا فإنها أنهضت أندريا، وقالت له: لنبحث الآن بالأمور الجدية فقد وثق كلانا بالآخر، ولنعد إلى ذكر الحادثة، فإنك طعنت الرجل الذي كان يدعى الكونت كامبول بخنجرك، ولكنه لم يمت بل نقل إلى المستشفى. - إني أعرف ذلك، ولكن حياته وعقله في خطر. - هو ذاك، ولكنه في عنفوان الشباب فقد يتغلب صباه ويشفى مما هو فيه، وعندي أن لهذا الأثيم شريكا بل شركاء في آثامه، وأنه يجب أن نحمله على الإقرار بأسماء شركائه. - إني أرى رأيك ولا بد من مطاردته أين ذهب، فإن بوليسي رابض على أبواب المستشفى، وجواسيسي في داخله يقيدون عليه كل كلمة يقولها، فلا تخفى خافية من أمره. - وأنا سأفعل فعلك.

ثم اتفق الاثنان على ذلك وافترقا، فخرج أندريا وهو يعتقد أنه خدع باكارا أو أنه بات في مأمن منها لوثوقها من توبته.

ولما اجتمع الكونت ببكارا قال: لقد عجبت بجميع ما فعلته، إنما أشكل علي أمر لم أعلم قصدك منه. - ما هو؟ - كيف خابرته بشأن الجريح، وكيف عهدت إليه مراقبته ونحن نسعى للقبض عليه وإبعاده عنه لأنه شريكه؟ - إني خابرته بشأنه كي تزيد ثقته بي، وعهدت إليه مراقبته كي يعودا إلى الاجتماع وكيد المكائد، فيتيسر القبض عليهما متلبسين بالخيانة، لا سيما وهو قد بات لا يخشاني الآن، ويحسب أن الجو قد خلا له، ثم أشركته في البحث عنه كي يتردد علي دائما، وهو لا بد فاعل لأنه قد توله بحب الفتاة اليهودية التي هي عندي، وهي التي تجره إلى افتضاح أمره، ولا أستطيع أن أزيدك الآن شيئا على ما قلت، على أني أقول لك أن هذا الأثيم لا يفلت هذه المرة من قبضتي.

فأطرق الكونت مسلما بما تقوله دون أن يجيب.

54

وكان الكونت أرمان مقيما في منزله الصيفي خارج باريس، وهو منزل جميل تكتنفه الأشجار واقع في قرية صغيرة بمعزل عن المنازل، فكان يزوره روكامبول في مصيفه ثلاث مرات في الأسبوع، ولقد أعجب الكونت بذكائه وما كان يتكلفه من البساطة في أقواله غاية الإعجاب، خلافا لامرأته فإنها كانت تنفر من هذا المركيز الجديد، وتوجس منه شرا، ولكنها كانت تكتم مخاوفها عن زوجها.

Shafi da ba'a sani ba