327

Rocambole

الإرث الخفي: روكامبول (الجزء الأول)

Nau'ikan

ثم مشت أمامهما حتى بلغت إلى باب الغرفة التي يقيم فيها أندريا والكونت الروسي، وفتحت بابها بعنف، ولكنها لم تكد تفتح الباب حتى خرج دوي مسدس شديد اضطربت له جوانب المنزل، وتبعه صوت سقوط جسم على الأرض، فارتجفت باكارا منذعرة وقالت: هو ذا العدل قد نفذ، فإن الكونت قد قتل أندريا رسول إبليس على الأرض.

43

إلا أن باكارا أخطأت بحسن ظنها بالعدالة، فإن هذا الرجل الأثيم لم يقتل بل إنه فر من القضاء قبل أن يضربه الضربة القاضية. وإليك تفصيل الحديث: إن أندريا والكونت أرتوف لم يفتهما شيء مما جرى داخل الغرفة التي كانت فيها باكارا، وقد سمعا كل شيء فكان أندريا ينظر تارة إلى باب الغرفة التى يحميها الكونت أرتوف، وينظر طورا إلى نافذة مفتوحة تشرف على الحديقة، فخطر له أن يلقي بنفسه من هذه النافذة، ولكنه لم يكن يستطع إلى ذلك سبيلا لفرط عناية الكونت بمراقبته، وما زال على هذه الحال إلى أن فتحت باكارا الباب بذلك العنف الذي قدمناه، فالتفت الكونت منشغلا بما سمع عن أندريا، فهب أندريا إلى النافذة بأسرع من لمح البصر وألقي بنفسه منها إلى أرض الحديقة، فجن الكونت أرتوف من يأسه وأطلق عليه نار مسدسه دون أن يعلم إذا كان أصابه أو أخطأه.

وسمع سقوط جسمه على الأرض، ثم تلاه سكوت حسب بعده أن الرصاصة قد أصابته وأنه قد سقط قتيلا.

أما باكارا فإنها ذعرت ذعرا شديدا، وصاحت صيحة القانط: ألعله نجا؟

فقال لها الكونت: إذا كان قد نجا من الرصاص، فهو قد قتل إثر سقوطه؛ لأني لا أسمع له حسا.

وعند ذلك أقبل الجميع على النافذة علهم يرون شيئا من آثاره، فسمعوا صوت مشي أقدامه وعلموا أنه فر، فتراجعوا جميعهم إلى القاعة، فأخرجت باكارا من صدرها رسائل الفيروزة إلى ليون وأطلعت عليها فرناند وهي تقول: أتعرف هذا الخط؟

فتبينه فرناند وقرأ جميع تلك الرسائل، وعلم أنه كان آلة بيد تلك الفتاة، وأنه مدين بشرفه وحياته وأمواله لباكارا، وكذلك ليون فإنهما لم يعد يعوزهما برهان على الجريمة. فجعلت عند ذلك باكارا تؤنبهما تأنيبا لطيفا، وتذكر كلا منهما بواجباته الزوجية إلى غير ذلك من ضروب النصح، وهما يكادان يذوبان من الخجل والامتنان، فصرفتهما إلى منزلهما وهي تقول لهما عودا إلى ما كنتما فيه من الرغد والهناء، وكونا مطمئنين مع نسائكما وبنيكما، فإن الذي سيسهر على هنائكما ليس له بنون، وليس في قلبه حب، ولا يخطو خطوة إلا في سبيل خيركما.

فذهب الزوجان إلى منزليهما وقد نسيا ذلك الحب الشائن القديم، وحملت الفيروزة إلى مستشفى المجانين، وعادت باكارا مع الكونت أرتوف إلى منزلها وهي مشتتة البال، قانطة الفؤاد، لإفلات أندريا من قبضتها.

أما أندريا فإنه عندما ألقى بنفسه من النافذة سقط على أرض كثيرة العشب، فلم يصب بأذى، ونهض فهرول مسرعا إلى باب الحديقة فألقاه مقفلا، فالتفت إلى نوافذ المنزل ليرى من حركة أنواره إذا كانوا يطاردونه، فرأى أن الأنوار لا تزال في قاعة الاستقبال، وعلم أنهم تيقنوا من فراره، وقنطوا من لحاقه، فتسلق جدار الحديقة وسقط منه إلى الشارع، ثم مشى قليلا حتى لقي مركبة فركب فيها وذهب إلى روكامبول.

Shafi da ba'a sani ba