وأخرج ملفا مكتوبا عليه ليون رولاند، فكان خلاصة ما فيه أن الفيروزة تأتي كل يوم بملابس العاملات في الساعة الثانية بعد الظهر إلى الغرفة التي يقيم فيها الأعمى الكاذب، وأن ليون يأتي كل يوم متعللا بعيادة هذا الأب ويحادث الفتاة مليا، فإذا ذهب إلى معمله ذهبت هي في إثره إلى منزلها. وقد بدأ ليون يفتن بها، فإنه حين يأتي يسأل خادمة البيت إذا كان والد الفتاة فيه، فإذا أجابت بالإيجاب اضطرب واصفر وجهه.
فتبسم أندريا وقال: وقع الطير في القفص.
ثم أخذ من جيبه كتابا من الفيروزة وقرأ ما يأتي:
أظن أن زمن عذاب سريز قد دنا، فإن زوجها الأبله سقط في الفخ، وهو في كل ساعة يراني يحاول أن يجثو أمامي ويكاشفني بحبه، فيمنعه حضور أبي، ولكني أقرأ صورة الهيام بين عينيه، وعندي أن دور هذا الأب قد انتهى، ويجدر إرساله بالظاهر إلى إحدى المستشفيات كي يخلو الجو لليون ويكاشفني بما يريد. إني أنتظرك في الموعد المعين كي أتلقى أوامرك الجديدة وأعلم ما ينبغي أن أعمل.
فأعاد أندريا الرسالة ثم أدناها من الشمعة وأشعلها، ونظر إلى روكامبول فقال: لننظر الآن في أمر هذه الملايين، فإن هذه المركيزة فاضلة محقة لزوجها، ولكنها بدأت أن تحب شاروبيم بالسر، فينبغي علينا أن نساعده كي نحملها على الإباحة بهذا الحب. - أتظن ذلك سهلا ميسورا؟ - ليس هو بالشيء السهل، غير أن كل شيء ممكن في الوجود، فاعلم الآن أنهم سيمثلون رواية بعد غد في الأوبرا، وستحضرها المركيزة دون ريب فتقيم في لوج خاص بها. - أجل. - فاذهب غدا إلى شاروبيم وأخبره بأنك ستبارزه وتجرحه جرحا بسيطا في يده لا ينال منه أدنى مشقة، ولكنه يؤثر تأثير إشفاق على المركيزة.
فدهش روكامبول وقال: وكيف ذلك؟ - ذلك أنك تستأجر في الأوبرا اللوج الملاصق للوج المركيزة وتقيم شاروبيم فيه، ثم تزوره في لوجه وتخاصمه بصوت مرتفع يبلغ إلى مسامع المركيزة، لتلاصق اللوجين، خصاما يدعو إلى المبارزة بينكما، وتعين موعد المبارزة، وتذكر نمرة منزل شاروبيم، واسم الشارع المقيم فيه، بحيث لا يفوت المركيزة حرف من جميع هذه التفاصيل.
قال روكامبول: فهمت كل شيء. - بقي أمر واحد، وهو أنك تدع شاروبيم يستأجر غدا المنزل الكائن تحت منزل الأرملة ملاسيس صديقة المركيزة، وهو معد للإيجار وكائن ببينار نمرة 40، فإن نوافذ منزل الأرملة تطل على هذا المنزل، والمركيزة تزور صديقتها في أكثر الأيام. - كفى، قد فهمت كل شيء.
وعند ذلك تركه أندريا وانصرف إلى منزل الفيروزة، فلقيها تنتظره فقال لها: اذهبي غدا إلى غرفة أبيك وخذيه إلى مستشفى ديبوا وانتظري تعليماتي الجديدة.
فبرقت أسرة الفيروزة وقالت: وفرناند؟ - صبرا، فإن ملايينه تستحق شيئا من الصبر.
17
Shafi da ba'a sani ba