============================================================
الصفات، ولكل تجل علوم وحقائق مفصلة في كتب القوم لا يحتمل التعرض لها هذا المختصر (علة السجود لأدم) فلولم يشتمل عليه الوجود الأدمي ما أمرت الملائكة للسجود له (سر حياة العالم) اذ هو النور والعقل الاول والقلم الأعلى المخاطب بلولاك لولاك لما خلقت الافلاك وهذا كلام يعسر التصديق به على قاصري الادراك والسبب في ذلك انهم ميحيطوا علما بحقيقته عليه الصلاة والسلام، بل بما يشاهده بصرهم من صورته الظاهرة فيستبعدون ان تخلق هذه الأفلاك العلوية والاجرام العظيمة السماوية والارضية وما تتطوي عليه لأجل هذه الصورة المحدودة المرئية فيقصر الفهم ويعاند الوهم في تصديق مثل ذلك وتحن يمكننا ان نقرب هذا المعنى للوهم بدليل عقلي ليسهل عليه التصديق به فنقول لاشك ان وجود هذا العالم المحسوس والمعقول مراد مقصود لموجده وفاطره الحكيم وليس القصد من ايجاده هذه الاجرام السماوية والارضية الخالية عن الحس والادراك الغافلة عن وجود نفسها الدائبة في خدمة النبات والحيوان اللذين هما ارقى منها في معنى الحياة اذ لو ترقى الجماد صار نباتا ولو ترقى النبات لصار حيوانا فثبت ان الاجرام الجمادية ليست مرادة بالذات بل بالعرض لاجل الحيوان والثبات ثم نرى النبات ايضا غير حاس بوجود نفسه بل نرى ان القصد من وجوده هو ان يتغذى الحيوان به فلم يكن هو مقصودا لذاته ايضا وكذلك الحيوان غير الانسان فهو وان كان يحس لكن لا يحس انه يحس فلا فائدة له من حسه ولا وجود نفسه ثم ان نوع الانسان نراه يتصرف فيه ويحتاج الى التمتع به فله فيه منافع ومشارب ومقاصد ومارب فأحدس هذا ان يكون الحيوان مخلوقا للانسان لا لذاته ايضا ثم اذا حققنا سبب وجود الانسان نجده هو العلم بالله والمعرفة به وبافعاله وصفات جلاله اذ لم نجد له سببأ اخر كخلق الجماد للنبات وخلق النبات للحيوان وخلق الحيوان للانسان لايقال لم لا يجوز ان يكون المقصود من خلق الانسان اظهار هذه المعارف والصناعات في عمران البلدان كما ذهب اليه بعض حمقاء العصر لأنا نقول هذه المعارف والصناعات ليس فا غاية تقصد سوى ان يتمتع بها الانسان فلو كانت هي لأجله وهو لأجلها لكان في ذلك قبح الدور الباطل ولم يكن نوع الانسان ليخلق للعبث، أفحسبتم انما خلقناكم عبثا وانكم الينا لا ترجعون، تعالى الله الملك الحق عن ذلك بل تعالت القدرة والسر الذي يسميه الطبيعيون طبيعة عن هذا العبث وقد قال المنصفون المقدرون لحقيقة سر الطبيعة ان لا معطل في الطبيعة فكيف يكون فيها هذا النوع الانساني معطلا عن مقصود صحيح ونحن قد نراه يخلق بانواع الاسباب العجيبة والعنايات الغريبة ويخدمه
Shafi 80