قلت: ولكنها تتسع لعشرة أشخاص معا أو لفيل ضخم.
وقال المرشد: هذا المهراجا كان طوله سبعة أمتار وعرضه متر ونصف. كان يأكل كثيرا ويتحرك قليلا، وحين ينتقل من مكان إلى مكان يحملونه فوق عربة.
وحين دخلت قصر المهراجا مدوسنج رأيت العربة التي كانت تحمله داخل القصر من حجرة إلى حجرة ومن دور إلى دور، وإلى جوار الدرجات العادية التي نصعد عليها من الأدوار السفلى إلى العليا كان هناك مزلقانات لتجري فوقها العربات من تحت إلى فوق حاملة المهراجا (أو زوجته الضخمة أيضا)، وكان يجر هذه العربات خدم بالقصر مخصصون لهذا العمل. وقال المرشد: إن المهراجا (أو زوجته) كان ينتقل من حجرة النوم إلى الحمام على عربة، ومن حجرة الطعام إلى حجرة الاجتماعات على عربة، لم يكن يسير على قدميه إلا نادرا، وإذا ما سار بضع خطوات أصابه الإرهاق وأخذ يلهث.
قصور المهراجات في جايبور كالقلاع الضخمة تحوطها الأسوار، وفوق الأسوار حجرات للحراسة وداخل القصر أيضا مدينة بأكملها تعيش فيها حاشية المهراجا وخدمه وموظفوه، وهناك أيضا درجات سفلية تقود إلى سجن مظلم له باب حديدي وقفل كبير. قال المرشد: هنا كان يسجن المهراجا الذين يتمردون عليه، ورأينا أيضا شيئا شبيها بالمقصلة، وهنا كانوا يقتلون، واقشعر جسمي من رائحة الهواء الراكدة المنبعثة من الباب الحديدي خلف القفل.
إن مثل هذا الثراء الفاحش لا يمكن أن يعيش في أمان إلا بنوع من القمع الرهيب والإرهاب المستمر والتخلص من أي متمرد أولا بأول.
تركنا جناح التعذيب بسرعة وانتقلنا إلى جناح الاجتماعات، وإنه قصر مستقل فيه المكاتب وفيه ساحة كبيرة لها منصة يجلس فوقها المهراجا ويخطب، تتوسطه بحيرة وحديقة ضخمة، وهناك صالة ضخمة تعلوها اللوحات والرسومات وبعض الصور، أشرت إلى صورة أحد القواد وسألت المرشد: من هذا؟
قال إنه مون سنج الأول، وقد عاش في القرن السادس عشر، وكان رئيسا في عهد الحاكم المغولي «أكبر». وقد زوج شقيقته للحاكم «أكبر»، وكان هذا أول حدث في التاريخ أن تتزوج امرأة هندية من رجل مسلم. وقد أنجب «أكبر» منها ولدا سماه «سليم». وهذا السليم أيضا وقع في غرام مطربة هندية. •••
أخذنا المرشد إلى قصور أخرى في طرف المدينة وسألته: من كان يعيش هنا؟
وقال: لا أحد. هذه القصور بنيت ليحرق داخلها أجسام المهراجا بعد الوفاة (وهي إحدى العادات الهندية المستمرة حتى اليوم). كان هناك قصر لحرق أجسام المهراجا الرجال، وقصر آخر لحرق أجسام زوجات المهراجا، وقصر آخر ثالث لحرق أجسام محظيات المهراجا، كأنما بعد الموت أيضا لا بد من وضع فروق بين الذكور والإناث وبين الزوجات الشرعيات وغير الشرعيات.
ومررنا على بحيرة كبيرة يتوسطها قصر ضخم، وقال المرشد: هذه بحيرة صناعية أنشأها المهراجا ليمارس هواية صيد السمك. وهذا هو قصر خاص كان يأتي إليه المهراجا من أجل صيد السمك فقط ويسمى قصر الماء؛ لأن الماء يحوطه.
Shafi da ba'a sani ba