Tafiya A Lokacin Nuba
رحلة في زمان النوبة: دراسة للنوبة القديمة ومؤشرات التنمية المستقبلية
Nau'ikan
لا شك أن هناك رومانسية عن حياة الماضي في شبه عزلته، لكن المدقق من النوبيين يرى أن المجتمع النوبي القديم كان يتكون من أغلبية من النساء والأطفال وكبار السن من الرجال، ولم تكن الأسرة في مراحل السن المتوسطة نواة المجتمع المقيم إلا في حالات محددة، حيث الأرض غنية بمشروعات زراعية مثل بلانة وعتيبة والدكة والعلاقي، أو عند زيارة الرجال العاملين خارج النوبة لبلادهم.
واستطرادا لموضوع السكان، فإن النتائج النهائية للتعداد العام للسكان عام 2006، المنشورة بواسطة الجهاز المركزي للإحصاء السكاني، قد أوضح أن سكان النوبيين المقيمين في قرى التهجير بمركز نصر النوبة؛ بلغ عددهم أكثر قليلا من 60 ألفا، لكن الأهم أن الفحص الدقيق لعدد سكان القرى قد أوضح ارتفاع نسبة الذكور إلى مجموع السكان المقيمين من متوسط نحو 38٪ في 1960 إلى نحو 46٪ في 2006، وهو تغير كبير في تركيب المجتمع يوضح أثر الاستقرار، وكما كان في الماضي فإن بعض قرى الكنوز تتصف بنسبة أقل من الذكور مقارنة بقرى الفديجة: فنسبة الذكور كانت أقل أو نحو 40٪ بين قرى الكنوز والعليقات، مثل السبوع ووادي العرب وشاتورمه وقرشة وكشتمنة - وكلها كانت من قبل أقل من 30٪ - بينما سجلت قرى الفديجة نسبا أعلى قليلا من المتوسط العام، مثل بلانة وتوشكى وعنيبة. وبعبارة أخرى، فإن ذلك يؤكد أن الاستقرار بدأ يأخذ طريقه إلى تعديل نسبة النوع في المجتمع النوبي.
الملاحظة الأخيرة أنه تبين من إحصاءات الجهاز المركزي لعام 2006، أن هناك مجموعة من القرى في مركز أبو سنبل حول البحيرة هي: قسطل وأدندان والفراعنة ونلوا الزهور والسلام وعبد القادر والعبابدة والشهداء والمستقبل والصيادين وأبو سنبل السياحية والري. مجموع سكان هذه القرى بلغ 3915 نسمة، أكبرها عبد القادر والسلام والمستقبل ونلوا - لكل نحو 600 نسمة - وتتصف بارتفاع نسبة الذكور إلى فوق معد 55٪، وهو ما يدل على حداثتها وقلة عدد الأسر، فلماذا لا تستفيد هذه القرى من الراغبين النوبيين في العودة إلى ضفاف البحيرة؟
الخلاصة أنه ليس من المستحيل أن تكون هناك قرى نوبية وأخرى غير نوبية على الامتداد الكبير لمنطقة بحيرة النوبة، وفي هذه الحالة سيصبح النوبيون منقسمين مكانيا إلى ثلاثة أقسام؛ هم: نوبة الانتشار، ونوبة نصر، ونوبة البحيرة. لكنهم كلهم متفاعلون معا نسبا وثقافة ولغة، يرفد بعضهم البعض، فينتقلون من هنا إلى هناك، حيث تتنوع مجالات الأنشطة الاقتصادية حسب تأهيلهم التعليمي والمهني داخل الوطن الكبير، مثلهم مثل أي مجموعة مصرية أخرى. «وبالله التوفيق ...»
محمد رياض
القاهرة في يناير 2010
ملاحظة
يعز علي أن أكتب مقدمة الطبعة الثانية لهذا الكتاب التاريخي بعد أن فقدت في نوفمبر 2002 زوجتي ورفيقة عمري وشريكتي في الدراسات الميدانية العديدة، وفي تأليف هذا الكتاب وغيره؛ الأستاذة الدكتورة كوثر محمد عبد الرسول. عليها رحمة الله.
مقدمة
دوافع الكتابة عن النوبة التي كانت
Shafi da ba'a sani ba