Tafiya A Lokacin Nuba
رحلة في زمان النوبة: دراسة للنوبة القديمة ومؤشرات التنمية المستقبلية
Nau'ikan
ويلبس أغنياؤهم ثياب القطن وقفاطين الحرير والجوخ، وأغنياء نسائهم يلبسن الملاءات الحرير وأساور الفضة، ويعلقن في ضفائرهن قطع الذهب والكهرمان والودع كل بحسبه، ويدهن شعورهن بزيت الخروع ؛ تارة وحده، وتارة يضاف إليه القرنفل أو الفتنة أو غيره من العطريات.
ويصنع فيها المرجونات وبروش الخوص النفيسة، وهي أصناف: منها الغجري؛ يعمل من خوص مصبوغ أحمر وأسود ... ومنها التتري؛ خوص أبيض وأحمر وأسود ... ومنها السلطة ملطة؛ خوص أبيض وأحمر وأسود وأصفر. ومنها الكشومة؛ وهو من الخوص غير المصبوغ.
وفيها الغنم والبقر والإبل، وقد يخصون الخرفان ويسمونها الطواشية، ويرغبون في تربيتها ويعتنون بكلفتها، وثمن الخروف الطواشي إذا كان ابن ثلاث سنين جنيه مصري، وبين هذه البلدة وإبريم نحو أربع ساعات.
ولا شك في أن هذا الوصف الدقيق يعطينا صورة جيدة عن أحوال النوبة بعد ضمها للإدارة المصرية، بديلا عن الصورة القاتمة التي أعرب عنها الرحالة الأوربيون في مطلع القرن الماضي، صحيح أن حكم الكشاف كان استبداديا، وهو أمر كان شائعا في معظم العالم في تلك الأزمان، لكن دقائق الحياة الإسلامية كانت مرعية؛ فإن وقف نحو نصف سواقي الدر بأطيانها على المسجد وأعمال البر بالفقراء، أمر لا يمكن أن يفوتنا، وإن فات على الكثير من الرحالة لأسباب عديدة، ربما كان على رأسها جهل الرحالة الأجانب باللغة المحلية من ناحية، وعدم القدرة على التمييز بين أرض موقوفة أو غير موقوفة، وإلا لعلهم جعلوا ذلك موضعا للتساؤل والسؤال، والأغلب أن مثل هذه الأوقاف كانت موجودة بالنسبة لمساجد وكتاتيب كثيرة في أرجاء النوبة من أجل التعليم والبر والحياة الروحية. (3) الاقتصاد النوبي في الفترة 1933-1963:
اشتمل اقتصاد النوبة خلال عهود طويلة على الموارد المحلية المحدودة، والموارد الخارجية التي تأتي في صورة تحويلات نقدية من النوبيين الذين يعملون في مدن مصر والسودان.
أولا: المصادر الخارجية
لا توجد دراسة شاملة عن نسبة إسهام التحويلات المالية إلى الدخل العام للنوبيين، لكنها لا شك تكون جزءا هاما من الدخل؛ لأنه عبارة عن النقود السائلة التي تقضي بها الأسر احتياجاتها؛ كشراء الدقيق والشاي والسكر والزيت، وتفي بتكاليف حياتية أخرى كالسفر والنقوط في الأعراس، وتجهيزات بيتية عديدة من أقمشة وأوعية ومواقد ... إلخ.
وتتضح أهمية المصادر الخارجية بالنظر إلى عدد المهاجرين جزئيا، كما وضح من الجدول (
4-2 ) والشكل (
4-1 ) الذين تبلغ نسبتهم نحو نصف سكان النوبة، ولو قسنا عدد المهاجرين جزئيا الذكور إلى الذكور المقيمين، سوف نجد أن هناك مهاجرا لكل مقيم على وجه التقريب؛ علما بأن الكثير من المقيمين من الذكور هم أطفال وشيوخ، وكنموذج لهذه الحالة ما قمنا بدراسته في كورسكو في شتاء 1963، فقد كان سكان كورسكو حسب تعداد 1960 كان 408 أشخاص، منهم 247 شخصا يعملون في الخارج، منهم 119 في مصر و128 في السودان، والكثير من العاملين في السودان تصحبهم زوجاتهم، بينما كثرة العاملين في مصر يعيشون فرادى، وحسب سجلات مكتب البريد فإن قيمة التحويلات الواردة إلى كورسكو في المدة من شهر نوفمبر 1961م إلى أكتوبر 1962م كانت كالآتي:
Shafi da ba'a sani ba