للمشهور عن أحمد؛ فإنه أجاز لبسَهما من غير قطع؛ لإطلاق حديث ابن عباس، وأجاب عنه الجمهور: بأن حمل المطلق على المقيد واجب، وهو من القائلين به، قال ابن الجوزي: يحمل الأمر بالقطع على الإباحة، لا على الاشتراط؛ عملًا بالحديثين.
قال الشوكاني: ولا يخفى أنه تكلف، والحق أنه لا تعارض بين مطلق ومقيد؛ لإمكان الجمع بينهما، فيحمل المطلق على المقيد، والجمعُ ما أمكنَ هو الواجب، فلا يصار إلى الترجيح، ولو جاز المصير إلى الترجيح، لأمكن ترجيح المطلق بأنه ثابت من حديث ابن عباس وجابر، وروايةُ اثنين أرجحُ من رواية واحد، انتهى.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ليس عليه أن يقطعهما؛ لأن النبي ﷺ أمر بالقطع أولًا، ثم رخص بعد ذلك في عرفات في لبس السراويل لمن لم يجد إزارًا، وفي لبس الخفين لمن لم يجد نعلين، وإنما رخص في المقطوع أولًا؛ لأنه بالقطع يصير كالنعلين، ولهذا كان الصحيح أن يلبس ما دون الكعبين؛ مثل الخف المكعب، والجمجم، والمداس، ونحو ذلك، سواء كان واجدَ النعلين، أو فاقدًا لهما، وإذا لم يجد نعلين ولا ما يقوم مقامها، فله أن يلبس الخف ولا يقطعه، وكذلك إذا لم يجد إزارًا، فإنه يلبس السراويل، هذا أصح قول العلماء؛ لأنه ﷺ رخص في البدل بعرفات كما رواه ابن عمر، وكذلك يجوز أن يلبس كل ما كان من جنس الإزار والرداء، لكن لا يغطي رأسه إلا لحاجة، انتهى. وفي هذا دليل على أن عدم القطع كان آخر الأمرين، فيكون ناسخًا لمنعه المتقدم.
وعن ابن عمر: أن النبي ﷺ قال: "لا تنتقب المرأةُ المحرِمة، ولا تلبس القُفَّازَين" رواه أحمد، والبخاري، والترمذي، والنسائي وصححه، وزاد أبو داود، والحاكم، والبيهقي: "وما مس الورس والزعفران من الثياب".
واختلف العلماء في لبس النِّقاب، فمنعه الجمهور، وأجازه الحنفية، وهو رواية عند الشافعية والمالكية وهو مردود بنص الحديث، وكان سعد بن
1 / 64