جين، وأمثال ذلك باتفاق الأئمة، وأما إذا طرح القباء على كتفيه من غير إدخال يديه، ففيه نزاع، وكذلك لا يلبس ما كان في معنى السراويل؛ كالتُّبَّان ونحوِه، وله أن يعقد ما يحتاج إلى عقده؛ كالإزار، وهميان النفقة، والرداءُ لا يحتاج إلى عقد، فلا يعقد، فإن احتاج إلى عقده، ففيه نزاع، والأشبه جوازه حينئذ، وهل المنع من عقده منع كراهة أو تحريم؟ ففيه نزاع، وليس على تحريمه دليل إلا ما نقل عن ابن عمر: أنه كره عقد الرداء، ومد اختلف المتبعون لابن عمر، فمنهم من قال: هو كراهة تنزيه؛ كأبي حنيفة وغيره، ومنهم من قال: هو كراهة تحريم.
وبالجملة: فليس له أن يلبس شيئًا مما نهى النبي ﷺ عنه إلا لحاجة، كما أنه ليس للصائم أن يفطر إلا لحاجة، والحاجةُ مثل البرد الذي يخاف أن يُمرضه إذا لم يغط رأسه، أو مثل مرض نزل به يحتاج معه إلى تغطيته، فيلبس قدر الحاجة، فإذا استغنى عنه، نزع، وكذلك يرتدي الشيء المَخيط إذا لم يكن على اللبس المعتاد، وبالعباءة ونحوها طاقين وثلاثة وأكثر باتفاق الأربعة، وله أن يلقي على نفسه العباءةَ والفروةَ ونحوَهما وهو مضطجع إذا كان لا يُعد لابسَه إذا قام باتفاقهم، ولا يجوز له سترُ رأسه بما يعد ساترًا من عمامة وقلنسوة وكوفية وثوب يلصق به، ويجوز له ستر الوجه عند الشافعي، لا عند أبي حنيفة، وله أن يلتحف بالقباء والجبة والقميص ونحو ذلك، ويتغطى باللحاف وغيره، لكن لا يغطي رأسه إلا لحاجة.
وكذا الكلامُ في المحرِم الميت: لا يجوز تغطيةُ رأسه عند الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وموافقيهم، وخالف في ذلك: مالك، والأوزاعي، وأبو حنيفة، فقالوا: يجوز تغطيةُ رأسه، وإلباسُه المخيط، والحديث يرد عليهم. وفي الحديث أيضًا دليل على أن واجد النعلين لا يلبس الخفين المقطوعين، وهو قول الجمهور، والمراد بالوجدان: القدرةُ على التحصيل، وظاهر الحديث: أنه لا فدية على من لبسهما إذا لم يجد النعلين، وعند الحنفية: تجب، وتُعقب بأنها لو كانت واجبة، لبينها ﷺ؛ لأنه وقت الحاجة، وتأخيرُ البيان عنه لا يجوز، واستدل به على أن القطع شرط لجواز لبس الخفين؛ خلافًا
1 / 63