٢ - والقِران: وهو أن يحرم الآفاقي بالحج والعمرة معًا، ثم يدخل مكة، ويبقى على إحرامه حتى يفرغ من أعمال الحج، وعليه أن يطوف طوافًا وحدًا، ويسعى سعيًا واحدًا عند أهل المدينة والشافعي، وطوافين وسعيين عند الحنفية، ثم يذبح ما استيسر من الهَدْي، فإذا أراد إن ينفر من مكة، طاف للوداع، وهو أيضًا متفَق على جوازه، وداخل في اسم التمتُّع في الكتاب والسنة وكلامِ الصحابة، وعلى القارن دمُ شاة، إلا أن يكون مكيًّا، فلا شيء عليه.
٣ - والتمتعُّ: وهو أن يُحرم الآفاقيُّ للعمرة في أشهر الحج، فيدخل مكة، ويتم عمرته، ويخرج من إحرامه، ثم يبقى حلالًا حتى يحج، وعليه أن يذبح ما استيسر من الهدي، وهذا يختص باسم التمتع. وحكى النووي الإجماعَ على جواز هذه الأنواع الثلاثة.
٩ - فصل في بيان الأفضل من هذه الأنواع
عن عائشة -رضي الله تعالى عنها-، قالت: خرجنا مع رسول الله ﷺ، فقال: "من أراد منكم أن يُهِلَّ بحج وعمرة، فليفعلْ، ومن أراد أن يُهل بحج، فليهلَّ، ومن أراد أن يُهل بعمرة، فليهل" متفق عليه، وفيه إذن منه ﷺ بالحج: إفرادًا، وقِرانًا، وتمتعًا، واختلفوا في الأفضل منها، فذهب جمع من الصحابة والتابعين، وأبو حنيفة، وإسحاق إلى أن القِران أفضل، ورجحه جماعة من الشافعية، منهم: النووي، والمزني، وابن المنذر، وأبو إسحاق المروزي، وتقي الدين السبكي. وقال جماعة من الصحابة والتابعين ومَنْ بعدهم؛ كمالك، وأحمد، والباقر، والصادق، وغيرهم: إن التمتع أفضل.
وذهب جماعة من الصحابة، وجماعة ممن بعدهم، وجماعة من الشافعية؛ كالغزالي وغيرهم إلى أن الإفراد أفضل، وعن بعضهم: أن الأنواع الثلاثة في الفضل سواء، قال في "الفتح": وهو مقتضى تصرف ابن خزيمة في "صحيحه"، وقال أبو يوسف: القِران، والتمتع، في الفضل سواء، وهما أفضل من الإفراد. وعن أحمد: من ساق الهدي، فالقرانُ أفضل له؛ ليوافق فعلَ النبي ﷺ، ومن لم يسق الهدي: فالتمتُّع أفضلُ له؛ ليوافق ما تمناه، وأمر به أصحابه، وزاد بعضُ
1 / 47