أمه ثم يسألوني سؤالا ، وهو عندهم أن أحدا لا يجد ما يجاوب عليه. وذلك أنهم قالوا لي : الدين الذي به سيدنا موسى عليه السلام كان من عند الله ، قلت : نعم ما بيننا نزاع في هذه المسألة ، قالوا سلاطين الدنيا يرجعون فيما أعطوا من كتبهم معلمة منهم ، قلت : لا يرجعون إلا فيما يظهر أنه يليق بهم ، وفي بعض الأزمنة ، ونحن عندنا في ديننا يمحو الله ما يشاء ، ويثبت ، وعنده أم كتاب. قالوا : ليس ذلك عندنا : قلت لهم : عندكم في التوراية مسألة مثل ما قال الله في القرآن إنه يمحو ويثبت ، قالوا : في أي موضع في التوراية ، قلنا : في الباب العشرين من كتاب الثاني للسلاطين ، قال : «إن السلطان حزكيه مرض بمرض الموت ، وجاء إليه النبي يشعيه ابن النبي مزو ، قال : إن الله أرسلني إلى دارك ، إنك تموت ولا تعيش ، فدعا وبكى بكاء شديدا ، ثم ثاب إلى الله توبة صادقة ، ثم بعث الله النبي يشعيه : ارجع إلى سلطان بلادي وقل له : رأيت بكاءك ، وقبلت دعاءك ، وفي ثالث يوم يأتي إلى بيتي ، ونزيد في عمره خمس عشرة سنة ، وننجيه من سلطان شوم ، ونحفظ هذه المدينة» ، انتهى.
فكل من نسأله من علمائهم عن هذا : هل هو في التوراية ، فيقول : نعم ، فأقول : الكلام الأول الذي جاء به النبي كان كلام الله ، وقال : يموت من مرضه ، والمرة الثانية قال : يزيد في عمره خمس عشرة سنة ، فمحى الكلام الأول وأثبت الثاني. وهذا برهان لا يرده أحد ، وكذلك محى الله دين اليهود من العبادات وثبت دين الإسلام. ومثال ذلك أن الملك بعث رسولا إلى قومه وأمرهم بكتابه أن يفعلوا كذا ، ثم بعث كتابا آخر يزيد أو ينقص عن الأمل الأول ، فمن عمل بالأمر الأخير فهو طائع ، والذي تمسك بالأمر الأول وقال ما نعمل إلا بما أتانا به رسوله فلان بكتابه فهو عاص مثل اليهود ، وكذلك أمر الله سيدنا إبراهيم عليه السلام بالتختين هو ابنه سيدنا إسماعيل عليه السلام ومن بعده ، ولم يأمر بذلك لمن كان قبله من الأنبياء والمومنين. فكان اليهود لا يجدون ما يجاوبون به ، وذكر في التوراية أن السر في التختين مثل علامة يعملها الإنسان ، إنه يوفي بما أمره الله به ، وتشهد النصارى أن سيدنا عيسى عليه السلام اختتن في أول يوم من يناير ، ثم إنهم أسقطوا ذلك عن أنفسهم بغير أمره ، بل قالوا : إن سيدنا عيسى عليه السلام خلص عن الجميع ذلك بموته ، وأباحوا أكل لحم الخنزير ، وهو ممنوع في
Shafi 90