============================================================
قلت: من الذي يليه قال : المرائي بالنوافل تكلفا إذا اطلع على بعض ما ينقصه في الدين عندهم، اوا خاف ان يظن به انه لا يريد الله عز وجل بذاك يخاف ان تزول منزلته، وتغير حاله في القلوب التي كانت فيها.
كالرجل يمشي مستعجلا او يطلع عليه متلفتا، فإن لقي لاهيا أو اطلع عليه سكن في مشيته، وخشع وغض طرفه، وخفض صوته، وارخى جفونه ، لئلا ينظر إليه بعين السهو واللهو.
وذلك رياء من يظن انه من الخاصة من القراء(1) ، لئلا يفظر إليه بالنقص ، لا ولذلك إن اطلع على نقص فيه من ضحك او مزاح استعفر وتنفس وتحزن كراهية ان يقال : لاهي، وان لا بنظر إليه بعين الحزن والخوف ، فيستغفر مما ليس بذنب ويظهر الحزن والتنفس والتندم مما يريد به الله عز وجل.
ولقد علم ان الله عز وجل لا يعذب على ذلك، وما ذلك بذنب يستغفر منه ولكن لكيلا تغير منزلته من قلوبهم، ولا يظن به إلا الحزن والانكسار ، فيجزع مما كان منه لسقوط المنزلة عندهم، او يتكلف إظهار الحزن والاستغفار والخشوع لغير الله عز وجل. ولو خلا لعملها وهو فرح مسرور بها ، وإذا جاء وقت فعلها جضرتهم يجزع من قبل عقله وعلمه ان يكون تكلفا للعباد لا يريد الله عز وجل به، وقد غلبه طبعه على اعتقاد حمدهم مع اعتقاد الثواب.
قلت: من الذي يليه قال : المرائي يتوهم الطاعة انه عاملها، وليس كذلك .
كالرجل يعرف بالصيام، او يرى غيره صائما ، او يظن به الصيام فلا يأكل ولا يشرب خشية ان يراه من يظن به الخير او يعرفه بذلك، فيدع الماء وإنه لعطشان ويدعى الى الطعام فيمتنع من الأكل محبة ان يرى انه صائم، وجزعا أن يقال : إنه مفطر، فينظر إليه بالنقص من فضيلة الصائمين.
(1) وكذلك المريدون شيوخهم يكونون على حال لا يكونون عليها من الناس.
2
Shafi 221