============================================================
بادر الخائفون بالتوبة قبل أن يسبقهم الموت إلى آرواحهم، فيحال بينهم وبين التوبة والإنابة إلى ربهم، ويندموا ندما لا يقبل، ولا تقال عثراتهم ، فلذلك بادروا بالتوبة حذرا وإشفاقا من بغتة الموت على غرة، فهذا هو الاستعداد الذي أوجبه الله عز وجل على خلقه.
والوجه الثاني من الاستعداد هو نافلة، كبذل المجهود من القلب والبدن، وبذل ما يملك من الدنيا إلا ما كان أولى به حبسه، حتى لو قيل له إنك تموت غدا ما كان عنده مستزاد في عمله.
كما روي عن منصور بن زاذان: أنه كان يجتهد اجتهادا لو قيل له : إنك تموت غذا ما قدر آن يزيد في عمله . فهذا الاستعداد يستحق الله عز وجل من خلقه أكثر منه، لأن حقه لا يؤدى، ونعمته لا تكافأ، وعظمته لا عدل لها ، ولن يبعثك على الاستعداد للموت وقطع التسويق مثل قصر الأمل .
قلت: بم ينال قصر الأمل؟
قال : بخوف المعاجلة ببغتة الموت على غفلة ، لأن روح العبد عارية ، لا يدري متى سل المعير ها (1) فيأخذ عاريته؟ فإذا خاف المعاجلة انقطع في الدنيا أمله ، وانتظر وبادر فيها أجله، وكان مرتقبا لنزول الموت.
قلت: بم ينال خوف المعاجلة قال: بعظيم المعرفة بإبهام الأجل ، وأن المؤجل لا ينظره (2) ولا يؤامره. ولا يؤذنه ل اذ أراد اخراج روحه من بدنه بالاعتبار بالأموات قبله.
قلت: فبم تنال هذه المعرفة وهذه العبرة؟
قال: بادمان الذكر والفكر في إبهام الأجل ونزول الموت حين حلوله ، وانقطاع العمر وذكر الأموات الذين أتاهم الموت بغتة .ا (1) في ط: له.
(2) في ط: يناظره.
135
Shafi 134