قال: وكره مالك أيضا؛ أن يلقى الرجل الرجل في السوق، فيسأله هل عنده صرف؟ فيقول: نعم، فاذهب بنا إلى الصراف يوازنك، قال مالك: لا، ولكن ليذهب معه إن شاء على غير مواعدة ولا مواجبة، وكره مالك أيضا؛ للرجلين أن يصطرفا في مجلس، ثم يقوما إلى مجلس آخر فيجلسا فيه، وكره أيضا؛ لمن حضر بيع ميراث، فاشترى فيه حليا، أن يقوم به إلى الصيرفي يزنه وينقد الدراهم، قال: لا خير في هذا، ورآه منتقضا، وإنما يباع الذهب بالورق والورق بالذهب، يدا بيد ساعة يواجبه البيع، أخذ وأعطى، ولا يتأخر شيئا من ذلك، لورق ولا لغيره، ألا ترى أن عمر بن الخطاب قال: فإن استنظرك إلى أن يلج بيته فلا تنظره، ففي هذا بيان لهذا، فكان مالك لا يجيز في الصرف، ولا في بيع الورق بالذهب نظرة، ولا موعدا ولا خيارا ولا مشورة، ولا حوالة على أحد، وإن عجل فقضى الذي أحيل عليه، وكان يكره أن يشتري بعض الورثة حليا من الميراث على أن يكون ثمنه من ميراثه الذي وجب له، قال: وهذا صرف غير ناجز؛ لأنه إن أصاب ما بقي من الميراث قبل اقتسامهم، رجع عليهم بما يصيبه من الميراث من ثمن الحلي الذي صار إليه دونهم.
قال: وحدثني ابن أبي أويس أنه سمع مالكا يقول: ليس من الفقه شيء أضيق من الصرف.
وحدثني إسحاق بن صالح عن أبي لهيعة عن الأعرج عن أبي هريرة، أنه أرسل غلاما له يصرف له دراهم بدنانير، فقال للغلام: إن قال لك أنظرني بدرهم منها ساعة، فلا تأخذ منه شيئا.
Shafi 80