قال: فإن كانت ألفا من قرض فلا بأس به؛ لأنه إنما استوفى ألفه التي استقرضه، وأخذ ما زاد بمثله من الورق وزنا بوزن، فليست فيه تهمة. قال: فإن قال قائل: لا يجوز ذلك في القرض أيضا؛ لأنه يصير ورقا أعطاه إياها منذ شهر، أو ورقا أعطاه إياها الساعة، بوزن أخذها، يريد تحريمها بما دخله من الأجل بين الورقين فليس ذلك كذلك؛ لأن السلف من أهله إنما يحل محل الصحة في جميع مواضعه التي يقع فيها، ألا ترى أن أهل العلم؛ قد أجازوا لمن أسلف رجلا ذهبا إلى أجل أن يأخذ ماله ورقا إذا حل الأجل، والذهب بالورق حرام إلى أجل لو كان ذلك تبرا، ولكنه إنما جاز حين حمل السلف على الصحة، وعلى طرد التهمة في أن يكون إنما أسلف ليأخذ ورقا من ذهب، ولو كان إنما أخرج الذهب من يده على وجه البيع ليس على وجه السلف، لما جاز له أن يأخذ مكانها ورقا، مثل أن يكون قدم مكانها ورقا لم يجز ذلك، لأنه كمن باع ورقا بذهب إلى أجل، فحملت التهمة عليهما هاهنا حين كان مبدأ أمرهما على التبايع، حتى كأنهما عملا بذلك؛ لأن التهمة إنما تحمل على الناس في البيوع، وليس في الإسلاف، فكذلك افترق الأمر فيما كان بيعا أو سلفا في المسألة الأولى، وكذلك قال فيها من أرضى من أصحاب مالك.
قال عبد الملك: ولو كان ذلك يدا بيد، لم يكن به بأس، مثل أن يراطله ورقا بورق، فكانت إحدى الورقين أرجح، فطرح مع الأخرى قراضة فضة، ليعتدل بها لسان الميزان، كان ذلك حلالا أيضا، وهو وجه المراطلة الجائزة.
قال عبد الملك: ولا بأس على اقتضاء دراهم كانت له كيلا على رجل من بيع أو سلف، فزادت في كيلها عند الوزن، يقضيه مكان تلك الزيادة ذهبا أو عرضا؛ لأنه إنما أوفاه ما كان له عليه، واشترى منه الزيادة بعرض أو ذهب معجلة؛ فليس فيه مكروه من بيع كانت الدراهم الكيل أو من سلف، وهذا أنه يجوز في القضاء وليس في المراطلة، لأنه ابتداء ورق وذهب بورق، أو ورق وعرض بورق، فكذلك الفضل بين الورقين فلا يحل، ومجرى الذهب في هذا مجرى الورق فيما فسرت لك فافهم.
Shafi 70