بَلَغْنا أرضًا ذاتَ نَخْلٍ، فأنْزَلَنِي، فقال: صَلِّ، فصَلَّيتُ ثمَّ ركِبْنا، فقالَ: أتَدْرِي أيْنَ صَلَّيتَ؟ قُلتُ: الله أعلم، قال: صَلَّيتَ بِيَثرِب، صَلَّيتَ بِطَيْبَةَ، فانطَلَقَتْ تهوي بِنا يَقَعُ حافِرُها حَيْثُ أدرَكَ طَرْفُها، ثمَّ بلَغنا أرضًا فقال: انزِلْ، فَنَزَلْتُ ثمَّ قال: صلِّ، فصَلَّيتُ، ثُمَّ ركِبنا، فقال: أتَدرِي أين صَلَّيت؟ قلت: الله أعْلَمُ، قال صلَّيتَ بِمَدْيَن، صَلَّيتَ عِندَ شَجَرَةِ مُوسَى ﵇، ثمَّ انطَلَقَتْ تهوي بنا يَقَعُ حَافِرُها حَيْثُ أدرَكَ طَرفُها، ثمَّ بَلَغْنا أرضًا بَدَتْ لَنا قُصُورُ الشَّام، فَقَالَ: انزِلْ، فَنَزَلْتُ، فقالَ: صلِّ، فصَلَّيتُ، فقالَ: أتَدْري أينَ صَلَّيتَ؟ قُلْتُ الله أعْلَمُ، قال: صَلَّيتَ بِبَيْتِ لَحْمٍ حَيْثُ وُلِدَ عيسى ﵇ المسيح بن مريِم، ثم انطَلَقَ بِي حَتَّى دَخَلنَا المَدِينَةَ مِن بابِها اليَمَانِيِّ، فأتَى قِبْلَةَ إلمَسْجِدِ فَرَبَطَ فيهِ دابَّتَه ودَخَلنا المسجِد من بَابٍ فيهِ تَميْلُ الشَّمسُ والقَمَرُ، فصَلَّيتُ مِن المسجد حيثُ شاء الله، وَأخَذَني (١) مِن العَطَشِ أشَدُّ ما يكونُ أخَذَنِي، فأتِيتُ بإنَاءَين، فِي أحَدِهِما لَبَنٌ، وفي الآخَرِ عَسَلٌ، أُرْسِلَ إِلَيَّ بِهما جَميعًا، فَعَدَلْتُ بَيْنَهُما، ثمَّ هداني الله ﷿، فأخَذتُ الَّلبَنَ فَشَرِبْتُ حتَّى قَرَعْتُ به جَبيني، وبين يَدَيَّ شَيخٌ متَّكيء على مَثْراةٍ (٢) له، فقال: أخَذَ صَاحبُك الفِطرةَ، إنه لَيُهدي، ثُمَّ انطَلَقَ بي حَتَّى أتَينا الوادي الَّذي في المدينة، فإذا جهنَّم تَنْكَشِفُ عن مِثْلِ الروابي (٣) قُلْتُ: يا رسول الله كيف وَجَدتَهَا؟ قال: مِثلَ الحَمَّةِ السُّخْنَةِ، ثم انْصَرَفَ بي فَمَرَرنا ببَعِيرٍ لِقُرَيشٍ بمكان كذا وكذا قد أضلُّوا بَعِيرًا لهُم قد جَمَعَهُ فُلانٌ، فسَلَّمتُ عليهِمْ، فقالَ بَعْضُهُم: هَذا صوْتُ محمَّدٍ، ثُمَّ أتَيْتُ أصْحابي قَبْلَ الصُّبح بِمَكَّةَ، وأتانِي أبُو بَكرٍ، فقال: يا رسولَ
_________
(١) في الأصل: وأجد بي، وهو تصحيف.
(٢) كذا في الأصل: مثراة بالراء، وفي تفسير ابن كثير: مثواة، بالواو، وفي "الخصائص الكبرى" للسيوطي: على منبر.
(٣) في الأصل: الزرابي، والتصحيح من "دلائل النبوة".
1 / 58