عنده، فقلنا: يا رسول الله علام نبايعك؟ قال: "تُبَايِعُونِي عَلَى السَّمْعِ والطَّاعَة في النَّشاط والكَسَلِ، وعلى النفقة في اليُسر والعُسر، وعلى الأمرِ بالمَعْروف والنَّهيِ عن المنكَرِ، وعلى أن تقُولُوا فِي الله لا تأخُذُكُم لَوْمَة لائِم وعلى أن تنصروني إذا قدمتُ عَلَيْكُم يَثْرِب، تمنعُوني مما تمنعُون منهُ أنْفُسَكُم وأزواجَكُم وأبناءَكُم ولَكُم الجَنَّة" فقمنا نبايعه، وأخذ بيده أسعد بن زرارة وهو أصغر السَّبعين رجلًا إلا أنا، فقال: رويدًا يا أهلَ يَثرِب إنا لم نضرب إليه أكباد المَطِيِّ إلا ونحن نعلم أنه رسول الله، إن إخراجه اليوم مفارقةُ العرب كافة، وقتل خياركم، وأن تَعَضَّكُمُ السُّيوفُ، فإما أنتم قومٌ تصبرونَ على عض السيوف إذا مسَّتكم، وعلى قتل خياركم، وعلى مفارقة العرب كافة، فخذوه وآجركم الله عليه، وإما أنتم تخافون من أنفسكم جَنَفَةً، فَذَروه، فهو أعذر لكم عند الله ﷿، فقلنا: أمِط يَدَك يا أسعد بن زرارة، فوالله لا نذر هذه البيعة، ولا نستقيلها، فقمنا إليه نبايعه رجلًا رجلًا يأخذ علينا شرطه، ويُعطينا على ذاك الجنة. أخرجه البيهقي (١).
الإِسراء برسول الله ﷺ -
٥٥ - عن شداد بن أوس قال: قلنا: يا رسول الله كيف أُسرِيَ بِك؟ قال: صلَّيتُ لأصحابي صلاة العَتَمَةِ بمكَّةَ مُعتِمًا، فأتاني جِبْريلُ بدابَّةٍ بيضاءَ فَوْقَ الحمارِ ودُونَ الْبَغْلِ، فقال: اركبْ فاسْتَصْعَبْت علَيَّ، فَرَازَها (٢) بأُذُنِها. ثمَّ حملني عَلَيْها، فانطَلَقْت تَهْوِي بِنا يَقَعُ حافِرُها حَيثُ أدرَكَ طَرْفُها، حتى
_________
(١) ٢/ ١٨١ و١٨٢ في "دلائل النبوة"، باب ذكر العقبة الثانية وإسناده حسن.
(٢) في الأصل و"دلائل النبوة": "فدارها" وهو تحريف، والتصويب من تفسير ابن كثير، وفي "النهاية": ومنه حديث البراق: "فاستصعب، فرازه جبريل ﵇ بأذنه" أي: اختبره.
1 / 57