Wasiku na Jahiz
رسائل الجاحظ: وهي رسائل منتقاة من كتب للجاحظ لم تنشر قبل الآن
Nau'ikan
ألا يقام فيه إلا أشبه الناس به في كل عصر، ومن الاستهانة به أن يقام فيه من لا يشبهه وليس في طريقته، وإنما يشبه الإمام الرسول بأن يكون آخذا بسيرته منه، فأما أن يقاربه أو يدانيه فهذا ما لا يجوز ولا يسع تمنيه والدعاء به.
فصل منه : وإذا كان قول المهاجرين والأنصار والذين جرى بينهم التنافس والمشاحة على ما وصفنا في يوم السقيفة، ثم صنيع أبي بكر وقوله لطلحة في عمر، وصنيع عمر في وضع الشورى وتوعده لهم بالقتل إن هم لم يقيموا رجلا قبل انقضاء المدة ونجوم الفتنة، ثم صنيع عثمان وقوله وصبره حتى قتل دونها ولم يخلعها، وأقوال طلحة والزبير وعائشة وعلي رضي الله تعالى عنهم، ليست بحجة على ما قلنا، فليست في الأرض دلالة ولا حجة قاطعة. وفي هذا الباب الذي وصفنا من حالاتهم وبينا دليل على أنهم كانوا يرون أن إقامة الإمام فريضة واجبة، وأن الشركة عنها منفية، وأن الإمامة تجمع صلاح الدين وإيثار خير الآخرة والأولى.
فصل منه : وأي مذهب هو أشنع وأي قول هو أفحش من قول من قال: لا بد للشاهد من أن يكون ظاهرا عدلا مأمونا، ولا يأمن أن يكون القاضي جائرا نطعا فاجرا؟ وهذا لا يشبه حكم الحكيم وصفة الحليم ونظر المرشد وترتيب العالم.
من رسالته في صناعات القواد
قال أبو عثمان:
أرشدك الله للصواب، وعرفك فضل أولي الألباب، ووهب لك جميل الآداب، وجعلك ممن يعرف عز الأدب كما يعرف زوائد الغنى. دخلت على أمير المؤمنين المعتصم بالله فقلت له: يا أمير المؤمنين، في اللسان عشر خصال: أداة يظهر بها البيان، وشاهد يخبر عن الضمير، وحاكم يفصل بين الخطاب، وناطق يرد به الجواب، وشافع تدرك به الحاجة، وواصف تعرف به الأشياء، وواعظ يعرف به القبيح، ومغرد ترد به الأحزان، وخاصة تزهي بالصنيعة، وملهى يونق الأسماع. وقال الحسن البصري: إن الله تعالى رفع درجات اللسان؛ فليس من الأعضاء شيء ينطق بذكره غيره. وقال بعض العلماء: أفضل شيء للرجل عقل يولد معه، فإن فاته ذلك فموت يجتث أصله. وقال خالد بن صفوان: ما الإنسان لولا اللسان إلا ضالة مهملة، أو بهيمة مرسلة، أو صورة ممثلة. وذكر الصمت والمنطق عند الأحنف فقال رجل: الصمت أفضل وأحمد. فقال الأحنف: صاحب الصمت لا يتعداه نفعه، وصاحب المنطق ينتفع به غيره، والمنطق الصواب أفضل. وروي عن النبي
صلى الله عليه وسلم
أنه قال: «رحم الله امرأ أصلح من لسانه.» قال: وسمع عمر بن عبد العزيز رجلا يتكلم فأبلغ في حاجته، فقال: هذا والله السحر الحلال. وقال مسلمة بن عبد الملك: إن الرجل يسألني الحاجة فتستجيب نفسي له بها، فإذا لحن انصرفت نفسي عنها. وتقدم رجل إلى زياد فقال: أصلح الله الأمير: إن أبينا هلك، وإن أخونا غصبنا ميراثه! فقال زياد: الذي ضيعت من لسانك أكثر من الذي ضيعت من مالك. وقال بعض الحكماء لأولاده: يا بني، أصلحوا من ألسنتكم؛ فإن الرجل لتنوبه النائبة فيستعير الدابة والثياب ولا يقدر أن يستعير اللسان. وقال شبيب بن شيبة: إذا رأى رجلا يتكلم فأساء القول فقال: يا ابن أخي، المال الصالح خير من المال المضاعف. وقال الشاعر:
وكائن ترى من صامت لك معجب
زيادته أو نقصه في التكلم
Shafi da ba'a sani ba