Wasiku na Jahiz
رسائل الجاحظ: وهي رسائل منتقاة من كتب للجاحظ لم تنشر قبل الآن
Nau'ikan
وكان أبو بكر من المفتونين المعذبين بمكة قبل الهجرة، فضربه نوفل بن خويلد المعروف بابن العدوية مرتين حتى أدماه، وشده مع طلحة بن عبيد الله في قرن وجعلهما في الهاجرة عمير بن عثمان بن مرة بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة؛ ولذلك كانا يدعيان: القرينين. ولو لم يكن له غير ذلك لكان لحاقه عسيرا وبلوغ منزلته شديدا، ولو كان يوما واحدا لكان عظيما ... وعلي بن أبي طالب رافه وادع، ليس بمطلوب ولا طالب ... وليس أنه لم يكن في طبعه الشهامة والنجدة وفي غريزته البسالة والشجاعة! ولكنه لم يكن قد تمت أداته ولا استكملت آلته، ورجال الطلب وأصحاب الثأر يغمضون ذا الحداثة ويزدرون بذي الصبا والغرارة إلى أن يلحق بالرجال ويخرج من طبع الأطفال.
ولأبي بكر مراتب لا يشركه فيها علي ولا غيره، وذلك قبل الهجرة. فقد علم الناس أن عليا إنما ظهر فضله وانتشر صيته وامتحن ولقي المشاق منذ يوم بدر، وأنه إنما قاتل في الزمان الذي استوى فيه أهل الإسلام وأهل الشركة وطمعوا في أن يكون الحرب بينهم سجالا، وأعلمهم الله تعالى أن العاقبة للمتقين. وأبو بكر كان قبل الهجرة معذبا مطرودا مشردا في الزمان الذي ليس بالإسلام وأهله نهوض ولا حركة؛ ولذلك قال أبو بكر في خلافته: طوبى لمن مات في نأنأة الإسلام. يقول: في ضعفه.
وإن بين المحنة في الدهر الذي صار فيه أصحاب النبي
صلى الله عليه وسلم
مقرنين لأهل مكة ومشركي قريش ومعهم أهل يثرب أصحاب النخيل والآطام والشجاعة والصبر والمواساة والإيثار والمحاماة والعدد الدثر والفعل الجذل، وبين الدهر الذي كانوا فيه بمكة يفتنون ويشتمون ويضربون ويشردون ويجوعون ويعطشون، مقهورين لا حراك بهم وأذلاء لا عز لهم وفقراء لا مال عندهم، ومستخفين لا يمكنهم إظهار دعوتهم، لفرقا واضحا ... ولقد كانوا في حال أحوجت لوطا وهو نبي إلى أن قال:
لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد ، وقال النبي
صلى الله عليه وسلم : «عجبت من أخي لوط كيف قال:
أو آوي إلى ركن شديد
وهو يأوي إلى الله تعالى!» ... ثم لم يكن ذلك يوما ولا يومين ولا شهرا ولا شهرين ولا عاما ولا عامين، ولكن السنين بعد السنين! وكان أغلظ القوم وأشدهم محنة بعد رسول الله
صلى الله عليه وسلم : أبو بكر؛ لأنه أقام بمكة ما أقام رسول الله
Shafi da ba'a sani ba