تهنئة حارة - بالعود الأحمد - كالأنفاس الذكية التي تحملها إلينا صفحات «بيروت» من وحي باريز. إذا كان هذا ما توحيه باريز إلى «الشيوخ»، فما عساها أن توحي إلى فتى أغر مثلي إذا زارها ... ويا سلوة الأحباب موعدك الحشر.
وبعد، فقد قرأت في العدد 4307 من صحيفتكم الغراء أنني أحد المرشحين لرئاسة جمعية «أهل القلم» الذين تتجه إليهم الأنظار.
أرجو منك - يا أخي - وأنت ما خيبتني، بعد أن تسأل الله معي أن يرد عني «الأنظار»؛ فلا يصيبني إخواني الأحباء بعين.
أنا لم أتشرف بعد بالانخراط في سلك الجمعية لأرشح لكرسي رئاستها السامية، وسوف أبقى خارجا، لا بل «خارجيا» حتى يهبط هذا الضغط العالي عند بعضهم، وإذ ذاك يكون لكل حادث حديث.
يظهر أن مصيبتنا في أهل القلم أكبر من مصيبتنا بمحترفي السياسة عندنا؛ فلنسأل الزمن أن يطهر عقولنا من هذا «البرص» الاجتماعي. لا أعني إلا حب الرئاسة الذي نعته علينا جريدة التلغراف الغراء، منزهة الأدباء عن هذا الإسفاف.
وقلتم أنتم: «قد تنتخب السيدة إفلين بسترس - مثلا - رئيسة للجمعية، إذا رؤي تحاشي المنافسة بين الرجال»؛ فذكرتموني بكلمة كتبها الخليفة العباسي المستعصم بن المستنصر للمصريين، لما طلب منه ساستهم أن يعترف بالملكة شجرة الدر، قال - غفر الله لي وله: «إذا كانت الرجال قد عدمت عندكم؛ فاعلمونا حتى نسير إليكم رجلا.»
أنا لست أزعم أن السيدة إفلين لا تليق بهذا المنصب؛ فهي في نظري أجدر به ممن يتطلبون الرئاسة ويسعون لها سعيهم في الناس ... ولكنها نكتة جاءت زائرة فاستحيت منها وكرهت رجعتها خائبة.
وأخيرا، ما تقول يا أخي في مجمع يتنازع أهله وهو «ما هف بعد ولا قعد على الرف». إن خير ما يفعل في هذا الموقف هو أن يعمل أهل القلم ما عمله أحبار النصارى في سالف العهد والأوان؛ إذ انتخبوا لهم رئيسا أحد القسيسين البسطاء، فداسوا كبرياء المتعطشين إلى العظمة الفارغة.
إن بضعة أسطر تكتب على حقها لهي عندي وعندك وعند القارئ لا تعادلها رئاسة؛ فليكتب إخواننا أهل القلم ليرى الناس أنهم من أهله.
والسلام.
Shafi da ba'a sani ba