بسم الله الرحمن الرحيم رب زدني علما يا كريم الحمد لله الذي هدانا للتوحيد وأشار لنا إلى معنى التفريد والصلاة والسلام على من أظهر العجز عن القيام بتمام التحميد وعلى أله وأصحابه ارباب الطريق السديد أما بعد فيقول الملتجي إلى كرم ربه الباري علي بن سلطان محمد القاري أن هذه رساله مشتمله على تحقيق مسئلة وهي الأشارة بالمسبحة في قراة التشهد حالة العقده وبيان ادلتها وتوضيح كيفيتها ونقل أختلاف روايتها وتخليص المعتد في روايتها ودرايتها راجيا أن يدخل في مسلك زمرة من قال صلى الله عليه وسلم في حقهم من أحيا سنتي فقد احبني ومن احبني كان معي في الجنة وسميتها بتزين العبارة لتحسين الأشارة أما ادلتها فمن الكتاب أجمالا قوله تعالى وما اتيكم الرسول فننوه ويانهيكم عنه فانتهوا واتقوا الله أي في اطاعة من سواء وقد قال سبحانه من يطع الرسول فقد اطاع الله ومن السنه أحاديث كثيره منها ذكر صاحب المشكوة عن إبن عمر رضي الله عنهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قعد في التشهد وضع يده اليسرى على ركبته اليسرى ووضع يده اليمنى على ركبته اليمنى وعقد ثلاثة وخمسين وأشار بالسبابه وفسر العقد المذكور بأن يعقد الخنصر والبنصر والوسطى ويرسل الابهام إلى أهل المسبحة وهذا مختار الأئمة الشافعية وسيأتي ما يدل على مختار مذهبنا السادة الحنفية قال صاحب المشكوة وفي رواية كان إذا جلس في الصلاة وضع يديه على ركبتيه ورفع اصبعه اليمنى التي تلى الابهام يدعو بها أي يشير إليها ويده اليسرى على ركبته باسطها عليها رواه مسلم وهذا مختار * أيمتنا أنه يشهر من غير قبض الأصابع قال وعن عبد الله بن الزبير رضي الله عنها قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قعد يدعو أي يقرأ التحيات وضع يده اليمنى على فخذه اليمنى ويده اليسرى على فخذه اليسرى وأشار باصبعه السبابه ووضع أبهامه ابهامه على اصبعه الوسطى ويلقم كفه اليسرى ركبته أي يدخل ركبته في راحة كفه اليسرى حتى صارت ركبته كاللقمه في كفه وهذا اختيار بعض أهل العلم رواه مسلم أيضا وعن وائل بن حجر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وضع يده اليسرى على فخذ اليسرى وحد مرفقه اليمنى على فخذه اليمنى يعني جعله منفردا عن فخذه وقبض ثنتين من الأصابع وهما الخنصر والبنصر وحلق حلقه أي أخذ ابهامها باصبعه الوسطى كالحلقه ثم رفع اصبعه أي المسبحة ورأيته يحركها أي يشيرها أشارة واحدة عند الجمهور وقت الشهادة وأشارات متعددة عند الإمام مالك أول التحيات إلى آخره رواه أبو داود والدارمي وكذا النسائي وهذا الحديث مأخذ جمهور علمائنا فما أختاروه من الجمع بين القبض والأشارة وقالوا يرفع المسبحة عند قوله لا اله ويضعها عند قوله الا الله لمناسبة الرفع للنفي * الوضع للأثبات حتى يطابق القول الفعل في التوحيد والتفريد وعن عبد الله بن الزبير قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يشير باصبعه إذا دعا ولا يحركها رواه أبو داود والنسائي وقال النووي إسناده صحيح وهذا يدل على أنه لايحرك الأصبع إذ رفعها للأشلرة الأمرة وعليه جمهور العلماء ومنهم الأمام الأعظم خلافا للأمام مالك على ما سبق وعن أبي هريرة قال أن رجلا كان يدعو باصبعيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم احد احد بكسر الحاء المشددة أمر كرر للتأكيد بالوحده من التوحيد وإنما أي أشر باصبع واحدة لأن الذي تدعوه واحد وأصله وحد قلبت الواو همزه رواه الترمذي والنسائي والبيهقي وعن نافع قال كان عبد الله إبن عمر إذا جلس في الصلاة وضع يديه على ركبتيه وأشار باصبعه وأتبعه بصره ثم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لهي أشد على الشيطان من الجديد رواه أحمد ومعنى الحديث أن الأشارة بالمسبحة أصعب على الشيطان من أستعمال الجديد من السلاح في الجهاد فكأنه بالأشارة إلى التوحيد يقطع مع الشيطان من أضلاله ووقوعه في الشرك فهذا ما ذكره صاحب المشكوة من الأحاديث في هذا الباب وقد أوضحت مبانيها ومعانيها للكتاب * بالمرقاة للمشكوة في شرحي وقد جاء الحديث بطرق كثيره منها عن إبن عمرو رضي الله عنهما كان صلى الله عليه وسلم إذا جلس في الصلاة وضع كفه اليمنى على فخذه اليمنى وقبض أصابعه كلها وأشار باصبعه التي تلي الأبهام ووضع يده اليسرى على فخذه اليسرى رواه مسلم ومالك في الموطأ وأبو داود والنسائي وقال الباجي رواه سفيان إبن عيينه هذا الحديث عن مسلم بن أبي مريم وزاد فيه وقال هي مذبة الشيطان لايسهو أحد كم ما دام يشير باصبعه قال الباجي ففيه أن معنى الأشارة رفع السهو وقع الشيطان الذي يوسوس وقيل أن الأشارة معناها التوحيد ذكره السيوطي أقول لا منا فات بينهما بل الجمع الحقيقي أن كون معناها التوحيد هو السبب لقمع الشيطان عن الوسوسة وأبقاء المؤمن في السهو والغفلة وعن إبن عمر أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا جلس في الصلاة وضع يده اليمنى على ركبته ورفع اصبعه اليمنى التي تلي الأبهام قد عابها ويده اليسرى على ركبته باسطها عليها رواه مسلم والترمذي والنسائي وللنسائي أيضا عنه قلت كيف رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل قال هكذا ونصب اليمنى واضجع اليسرى وجعل يده اليمنى على فخذه اليمنى ويده اليسرى على فخذه اليسرى وأشار بالسبابه وفي أخرى له نحوه قال وكيف كان يضع قال فوضع يده اليمنى على فخذه وأشار بالتي تلي الأبهام إلى القبله ورمى ببصره البهائم قال هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله وعن عبد الله بن الزبير أنه صلى الله عليه وسلم وضع يده اليسرى على ركبته اليسرى ووضع يده اليمنى على فخذه اليمنى وأشار باصبعه رواه أبو داود وللنسائي عنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس في الثنتين أو في الأربع يضع يده على ركبته ثم أشار باصبعه وعن وائل بن حجر أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم جلس في الصلاة فافترش رجله اليسرى ووضع ذراعيه على فخذيه وأشار بالسبابة يدعو رواه النسائي في رواية لأبي داود والنسائي وحلق حلقه وفي رواية حلق الأبهام والوسطى وأشار بالسبابه وعنه أيضا ثم وضع يده اليسرى على ركبته اليسرى وضع ذراعه اليمنى على فخذه اليمنى ثم أشار بسبابته ووضع الأبهام على الوسطى وحلق بها وقبض سائر اصابعه رواه عبد الرزاق وعنه أيضا وضع مرفقه الأيمن على فخذه الأيمن وعند اصابعه وجعل حلقه بالأبهام والوسطى ثم جعل يدعو بالأخرى رواه أبو يعلى وفي رواية له وقبض ثنتين وحلق حلقه في الثالثة وعن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه قال أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر حديثا طويلا وفيه كفه اليمنى على ركبته اليمنى وكفه اليسرى على ركبته اليسرى وأشار باصبعه رواه أبو داود وعنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس في الصلاة في الركعتين الأوليين نصب قدمه اليمنى وافترش اليسرى وأشار باصبعه التي تلي الأبهام وإذا جلس في الأخريين افضى بمقعدته الأرض ونصب اليمنى رواه عبد الرزاق وعن عاصم بن الكلب عن ابيه عن جده قال دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي وقد وضع يده اليسرى على فخذه اليسرى ووضع يده اليمنى على فخذه اليمنى فقبض أصابعه وبسط السبابه وهو يقول يامقلب القلوب ثبت قلبي على دينك رواه الترمذي وروى أبو يعلى نحوه وقال فيه بدل بسط يشير بالسبابه وعن نمير الخزاعي رضي الله عنه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم واضعا ذراعه اليمنى على فخذه اليمنى في الصلاة يشير باصبعه وعنه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم واضعا ذراعه اليمنى رافعا اصبعه السبابه قد حناها شيئا أي أمالها شيئا يسيرا رواه أبو داود والنسائي وعن خباب الغفاري رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس في آخر صلاته يشير باصبعه السبابه رواه الطبراني في الكبير ورجاله ثقات وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن جزأ من سبعين جزأ النبوة تاخير السحور وتبكير الأفطار وأشار الرجل باصبعه في الصلاة رواه عبد الرزاق عن معاذ بن جبل رضي الله عنه كان إذا جلس في آخر صلاته اعتمد على فخذه اليسرى ويده اليمنى على فخذه اليمنى ويشير باصبعه إذا دعا رواه الطبراني في الكبير وعن بشير أنه سمع إبن عمر بقوله أن رفعكم أيديكم في الصلاة لبدعة والله مازاد رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا يعني باصبعه رواه إبن أبي شيبة وعن إبن التميمي قال سئل إبن عباس رضي الله عنهما عن تحريك الرجل اصبعه في الصلاة فقال ذلك الأخلاص رواه عبد الرزاق وعن إبن عمر رضي الله عنهما مرفوعا تحريك الأصبع في الصلاة مذعرة للشيطان أي الة التحريف الشيطان رواه البيهقي وفي الجامع الصغير كان صلى الله عليه وسلم يشير في الصلاة رواه أحمد وأبو داود وعن أنس في الجامع الكبير عن عقبه بن عامر يكتبه في كل أشارة يشير الرجل في صلاته عشر حسنات بكل اصبع حسنه رواه الحاكم في تأريخه وعن عبد الرحمن إبن ايزي كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في صلاته هكذا وأشار باصبعه السبابه رواه عبد الرزاق وعن وائل بن حجر رمقت النبي صلى الله عليه وسلم فرفع يديه في الصلاة حين كبر إلى أن قال ثم جلس فاقبر من رجله اليسرى ثم وضع يده اليسرى على ركبته اليسرى ووضع ذراعه اليمنى على فخذه اليمنى ثم أشار بسبابته ووضع الأبهام على الوسطى وحلق بها وقبض سائر أصابعه رواه عبد الرزاق وعنه أيضا فلما قعد يتشهد فرش قدمه اليسرى وجلس عليها ووضع كفه اليسرى على فخذه اليسرى ووضع مرفقه الأيمن على فخذه اليمنى وعقد أصابعه وجعله حلقه بالأبهام والوسطى ثم جعل يشير بالأخرى رواه سعيد بن منصور في سننه وروى البيهقي وإبن ماجه بإسناد صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم عقد الخنصر والبنصر ثم حلق الوسطى والأبهام فهذه أحاديث كثيرة بطرق متعددة وشهيرة فلا شك في صحة أصل الأشارة لأن بعض أسانيدها موجود في صحيح مسلم وبالجملة فهو مذكور في الصحاح الست وغيره مما كان أن * بل يصح أن يقال أنه تواتر معنى فكيف يجوز لمؤمن بالله ورسوله أن يعدل عن العمل به ويأتي بالتعليل في معرض النص الجليل مع أن ذاك التعليل مدخول * من * وهو ما قيل نقلا عن بعض المانعين للأشارة بإن فيها زيادة رفع لا يحتاج اليها فيكون الترك اولى لأن مبنى الصلاة على الوقار والسكينة وهو * بإنه لو كان الترك اولى لما فعله صلى الله عليه وسلم وهو على صفة الوقار والسكينه في المقام الأعلى رشك أن الأشارة إلى التفريد مع العبارة بالتوحيد نور على نور وزيادة على سرور فهو محتاج إليه بل مدار الصلاة والعبادة والطاعة عليه وعلل بعضهم بإن فيها موافقة فرقة الرفضه فكان تركه اولى تحقيقا للمخالفة وأيضا ظاهر البطلان من وجوه أما اولا فلأن عامتهم على ما نشاهدهم في الزمان لا يشيرون أصلا وإنما يشيرون بايديهم عند السلام ويضربون على افخاذهم تأسفا على فوت الأسلام فيتغلب التعليل عليهم حجة لنا وأما ثانيا فلأنه على تقدير صحة النسبة إليهم فلا كل ما يفعلونه نحن مأمورون بمخالفتهم حتى يشتمل أفعالهم الموافقة للسنه كالأكل باليمنى ونحو ذلك بل المستحب ترك موافقتهم فيما ابتدعوه وصار شعار اليهم كما هو مقرر في المذهب كوضع الحجر فوق السجاده فإنه وأن كانت السجدة على جنس الأرض أفضل باتفاق الأئمة مع جوازها على البساط والغرو ونحوهما عند أهل السنه وضع نحو الحجر والمدر بدعة ابتدعوها وصار علامة لمعشرهم فينبغي الأجتناب عن فعلهم لسببين أحدهما نفس موافقتهم في البدعة كما ورد في الحديث وخالفوا اليهود والنصارى وثانيهما رفع التهمه وقد ورد اتقوا مواضع اليهم ونظيره الوقوف للدعاء في المستجار فإنه صار عن ذلك الشعار وكذا الخروج من مكة إلى * للأحرام خارج الحرم مع الإيقاف على جواز ما ذكر عند ارباب العلم وأصحاب العلم بخلاف ما إذا شاركونا في سنة مستمرة كالخروج لأحرام العمره إلى التعيم والجعرانه والحاصل أن مخالفة المبتدعة في الأمر المباح يستحسن * ورجوعا إلى الصلاح وأما الأشارة المذكورة الثابته على تصحح الصواب فليست من هذا الباب ثم من ادلتها الأجماع إذ لم يعلم من الصحابة ولا من علماء * خلاف في هذه المسئلة ولا في جواز هذه الأشارة ولا في تصحيح هذه العبارة بل قال به أمامنا الأعظم وصاحباه وكذا الأمام مالك والشافعي واحد وسائر علماء الأمصار والأعصار على ما ورد به صحاح الأنبار والآثار وقد نص عليه مشايخنا المتقدمون والمتأخرون فلا اعتداد لما عليه المخالفون ولا غيره لما ترك هذه السنه الأكثرون من سكان ما وراء النهر وأهل خراسان والعراق والروم وبلاد الهند ممن غلب عليهم التقليد وفاتهم التحقيق والتأييد من التعلق بالقول السديد هذا وقد ذكر الأمام محمد في موطأه أخبرنا مالك أخبرنا مسلم بن أبي مريم عن علي بن عبد الرحمن المعاوي أنه قال رأني عبد الله بن عمر وأنا أعبث بالحصى في الصلاة فلما انصرفت نهاني وقال أصنع كما كان رسول الله بصنع فقلت كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس في الصلاة وضع كفه اليمنى على فخذه اليمنى وقبض اصابعه كلها وأشار باصبعه التي تلي الأبهام ووضع كفه اليسرى على فخذه اليسرى قال محمد وبصنيع رسول الله صلى الله عليه وسلم نأخذ وهو قول أبي حنيفة رحمه الله انتهى وهذا صريح بإن الأشارة مذهب أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله ومفهومه أن أبا يوسف مخالف لما قام عنده من الدليل وما ثبت لديه من التعليل الله أعلم بصحته وأن لم يكن لنا معرفة بثبوته لكن نقل الشيخين صاحب شرح مختصر الوقاية أنه ذكر أبو يوسف في الأمالي أنه يعقد الخنصر والبنصر ويحلق الوسطى والأبهام ويشير بالسبابه انتهى فتحقيق أن الإمام أبا يوسف أيضا ذهب إلى الأشارة فتحصل أن المذهب الصحيح المختار أثبات الأشارة وأن رواته تركها مرجوجه متروكه قال الأمام المحقق كمال الدين إبن الهمام من أجل شراح صاحب الهداية في صحيح مسلم كان صلى الله عليه وسلم إذا جلس في الصلاة وضع كفه اليمنى على فخذه وقبض أصابعه كلها وأشار باصبعه التي تلي الأبهام ووضع كفه اليسرى على فخذه اليسرى ولا شك أن وضع الكف مع قبض الأصابع لا يتحقق حقيقة فالمراد والله أعلم وضع الكف ثم قبض الأصابع يعد ذلك عند الأشاره وهو المروي عن محمد في كيفية الأشاره حيث قال يقبض خنصره وبنصره والتي تليها ويحلق الوسطى والأبهام ويقيم المسبحة وكذا عن أبي يوسف في الأمالي وهذا فرع تصحيح الأشارة وعن كثير من المشايخ لا يشير أصلا وهو خلاف الرواية والدرايه فعن محمد أن ما ذكره في كيفية الأشارة بما * قول أبي حنيفة ويكره أن يشير بمسبحته وعن الحلواني يقيم الأصبع عند لا اله ويضع عند الا الله ليكون الرفع للنفي والوضع للأثبات انتهى كلامه وقال السفناقي قد نص محمد على هذا يعني الأشارة بالمسبحة في كتاب المشيخه وروى فيه حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يفعل ذلك ثم قال نحن نصنع بصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونأخذ بفعله وهو قول أبي حنيفة وقولنا ثم ذكر كيفية الأشارة كما ذكره إبن الهمام سابقا عن محمد وأسندها أيضا إلى أبي جعفر الهند واني وفي الخانيه الأشاره عند قوله لا إله إلا الله لا خلاف فيه وفي الملتفظ عن أبي نصر بن سلام ليس في الأشاره أختلاف العلماء أن يفعلها وفي الزاهدي اتفقت الرواية عن أصحابنا الثلاثة جميعا أنه سنه وكذا وعن المدنيين والكوفيين وكثرت به الأخبار والآثار فكان العمل بها اولى وكذا نقل السروحي عن أصحابنا وكافهم ما اعتبر وأخلاف من خالف ولم يعتدوا برواته المخالف لمخالفته الآثار الصحيحة والروايات الصريحة وفي مختارات النوازل لصاحب الهداية الأشارة عند قوله لا إله إلا الله حسن وفي شرح المجمع لإبن الملك قال صاحب منية المفتى رفع سبابة اليمنى في التشهد عند التهليل مكروه لكن في المحيط أنه سنه يرفعها عند النفي ويضعها عند الأثبات وهو قول أبي أبي حنيفة ومحمد وكثرت به الأخبار والآثار فالعمل به اولى وقد قال صاحب مواهب الرحمن في متنه ووضع يديه على فخذيه وبسط اصابعه وأشار في الصحيح ثم المعتمد عندنا انه لايعقد يمناه الا عند الأشارة لأختلاف الفاظ الحديث وأصناف العباره وبما اخترناه يحصل الجمع بين الأدلة فأن بعضها يدل على أن العقد من اول وضع اليد على الفخذ وبعضها يشير إلى أن لا عقد أصلا مع الأتفاق على تحقيق الأشارة فأختار بعضهم أنه لايعقد ويشير وبعضهم أنه يعقد عند قص الأشارة ثم يرجع إلى ما كان عليه والصحيح المختار عنه جمهور أصحابنا أنه يضع كفيه على فخذيه ثم عند وصوله إلى كلمة التوحيد يعقد البنصر والخنصر ويحلق الوسطى والأبهام ويشير بالمسبحة رافعا لها عند النفي وواصفا لها عند الأثبات ثم يتمو على ذلك لأنه ثبت العقد عند الأشارة بلا خلاف لم يوجد أمر بتغييره فالأصل بقاء الشيء على ماهو عليه وأستصحابه إلى آخر أمره وقاله إليه هذا وقال شارح المنيه وهل يشير بالمسبحة عند الشهادة عندنا فيه اختلاف صحح في الخلاصه والبزازي أنه لا يشير وصحح شراح الهدايه أنه يشير وكذا في الملتفظ وغيره وصفتها أن يحلق من يده اليمنى عند الشهادة الأبهام والوسطى ويقبض البنصر والخنصر ويشير بالمسبحة لو يعقد ثلاثه وخمسين يعني كالمشير إلى هذا العدد بإن يقبض الوسطى والبنصر والخنصر ويضع رأس أبهامه على حرف مفصل الوسطى الأوسط ويرفع الأصبع عند النفي ويضعها عند الأثبات انتهى وهو يفيد التخيير بين نوعي الأشارة الثابتين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قول حسن وجمع مستحسن فينبغي للسالك أن يأتي بأحدهما مرة وبالأحلا آخرى فإنه بالتحري اهوى ثم قال في متن منية المصلي ويشير بالسبابه إذا انتهى إلى اولى الشهادتين وقال في الواقعات لا يشير قال الشارح والأول هو المختار على ما قدمناه انتهى وقد اغرب الكبداني حيث قال والعاشر من المحرمات الأشارة بالسبابة كأهل الحديث أي مثل أشارة جماعة بجمعهم العلم بحديث الرسول عليه السلام وهذا من خطأ عظيم وجرم حسيم منشأؤه الجهل عن قواعد الأصول ومراتب الفروع من النقول ولولا تحسن الظن به وتأويل كلامه بسببه لكان كفره صريحا وارتداده صحيحا فهل يحل لمؤمن أن يحرم ما ثبت فعله صلى الله عليه وسلم ما كاد نقله أن يكون متواتر ويمنع جواز ما عليه عامة العلماء كابرا عن كابر مكابر أو للحال أن الإمام الأعظم * الأقدم قال لايحل لاحد أن يأخذ بقولنا ما لم يعرف مأخذه من الكتاب أو السنه أو أجماع الأمه والقياس الجلي في المسئلة وقال الشافعي اداه الحديث على خلاف قولي فاضربوا قولي على الحايط وأعملوا بالحديث الضابط فإذا عرفت هذا فأعلم أنه لو لم يكن نص الإمام على المرام لكان من المتعين على أتباعه من الملا الكرام فضلا عن العوام أن يعملوا مما صح عنه عليه السلام وكذا لو صح عن الإمام فرضا نفي الأشارة وصح أثباتها عن صاحب البشارة فلا شك في ترجيح المثبت المسند إليه صلى الله عليه وسلم كيف وقد طابق نقله الصريح مما ثبت عنه عليه السلام بالإسناد الصحيح فمن أنصف ولم يتعسف عرف أن هذا سبيل أهل التدين من السلف والخلف ومن عدل عن ذلك فهو هالك بوصف الجاهل المعاند الماكبر ولو كان عند الناس من الأكابر وغاية ما يعتذر عن بعض المشايخ حيث منعوا الأشارة أو ذهبوا إلى الكراهة عدم وصول الأحاديث إليهم وقد راوا ورود أختلاف فعلها وتركها عليهم فظنوا أن تركها اولى لقاعدة هي في أصلها صحيحة وأن كان نسبتها إلى هذه المسئلة غير صحيحة وهي أنه إذا أجتمع دليل المبيح والمحرم ترجح جانب المنع احتياطا لأجتناب المنهي عنه مما ورد من السمع ولعل المأخذ قوله صلى الله عليه وسلم ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما امرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم لكن من المعلوم أن ما نحن فيه ليس من هذا المفهوم إذ لم يرد نص من الشارع يدل على نهي الأشارة بل ثبتت عنه صلى الله عليه وسلم على أصح العبارة فالجاهل بالأخبار النبوية والآثار المصطفويه لما رأى أن بعض الناس يشيرون عملا بالسنه بعضهم يتركون الأشارة أما للجهل أو للكسل أو الغفلة فقال تركها اولى لأنها زيادة في المبنى على أصل المعنى فجاء بعده غيره وقال هي مكروهه وأراد أنها كراهة تنزيه لكن لم يجعل عليه من تنبيه فتوهم من بعدهم أنه حرام وحسب أنه في الدين تعظيم بناء على أن الكراهة إذا اطلقت فهي كراهة تحريم ثم قال منها لله ماكره فهو حرام عند محمد لاسيما وهو متعلق بعبادة الاحد فأنظر كيف تدرج الجهل وتركب في نظر العقل العادي عن النقل إلى أنه جعل السنة المشهورة من الأمور المنهية المحرمة المهجورة فأعلم أن تعريف الحرام ما ثبت نهيه بالدليل القطعي من الكتاب أو الحديث ومن القواعد المقررة أن تحريم المباح حرام فكيف تحريم السنة الثابتة عنه عليه السلام مع أنه يكفي في موجب تكفير الكيداني اهانته للمحدثين الذين هم عمدة ائمة الدين المفهوم من قوله كاهل الحديث المفضية إلى قلة الأدب المقتضى بسوء الخاتمة إذ من المعلوم أن أهل القرآن وأهل الحديث أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنشد في هذا المعنى أهل الحديث هم أهل النبي وأن لم يصحبوا نفسه انفاسه صحبوا اماتنا الله على محبة المحدثين وأتباعهم من الأئمة المجتهدين وحشرنا مع العلماء العاملين تحت لواء سيد المرسلين والحمد لله رب العالمين ثم تم تصنيف الكتاب بمكة المكرمة قبالة الكعبة المعظمة عام سبع بعد الألف من الهجرة المباركة وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم .
نقلت وقوبلت من نسخة كتبت من خط المصنف عاملنا الله بلطفه الخفي
Shafi 128