صلات الجوائز في صلاة الجنائز
لعلي القاري عليه رحمة الباري
Shafi 6
بسم الله الرحمن الرحيم والتعين بلطفه الكريم الحمد لله الذي جعل الأرض كلها مسجدا وطهورا والصلاة والسلام على من اعطى بالحرمين المحترمين مشهدا وظهورا على أله وأصحابه وأحبابه التابعين له حزنا وسرورا وبعد فقد ثبت عن أجازة صلاة الجنازة في المسجد الحرام من غير كراهة * بين هذا المقام فقلت نعم يجوز ولا يكره بل الأولى أن يصلي فيه لعدم وجود ماينافيه وفي الأدلة ما يسنده ويقويه وذلك أن الله سبحانه وتعالى جعله أول بيت تعبد الناس ومقصد الما هم على وجه الاستيناس وإبراهيم الخليل وإسماعيل الجليل بأن * الشريف الذي عظمه بأضافة التشريف للطائفين والعاكفين والركع والسجود وفي آية والقائمين والركع السجود وفي الجمع بين هذه العبادات * وضع جميع مراتب الشهود ومما يدل عليه أنه من ابتداء زمنه عليه السلام الى مانحن فيه من الأيام أجمع الناس من الصحابة الكرام والتابعين وسائر العلماء الأعلام صلوات الجنائز في هذا المقام ولم ينقل أنه كان هناك مسجدا موضوعا لجنازة الأنام وقد ثبت عن إبن مسعود رضي الله عنه مرفوعا وموقوفا أن ما راه المسلمون حسنا فهو عند الله الله حسن ومما يقومه ما أخرجه إبن عساكر عن إبن عباس قال كان لأدم بنون ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر وكان أكبرهم يغوث فقال له آدم يابني أنه الق فأن لقيت احدا من الملائكة فمره يجيني بطعام من الجنة وشراب من شرابها فانطلق فلقي جبريل بالكعبة فسأله ذلك قال أرجع فأن أباك يموت فرجعا فوجدا يجود بنفسه قوليه جبريل فجاءه بكفن وحنوط * ثم قال يابني آدم اترون ما أصنع بأبيكم فاصنعوه بموتاكم فغسلوه وكفنوه وحنطوه ثم حملوه إلى الكعبة فصلى عليه جبريل فعرف فضل جبريل يومئذ على الملائكة فكبر عليه أربعا وومتعوه مما يلي القبله عند القبور ودفنوه في مسجد الحنيف كذا في الدر المنثور في التفسير المأثور لشيخ مشايخنا الحافظ جلال الدين السيوطي قدس الله روحه وقوله حملوه إلى الكعبة يحتمل أن يكون إلى داخلها أو خارجها لكن قوله ووضعوه مما يلي القبله عند القبور يدل على أنه صلى عليه في خارجها وكأنه أراد بالقبور القبور الحادثه من الأنبياء بعد آدم في آواخر الحطيم بين الحجر الأسود والمقام وزمزم فيحتمل أنه صلى عليه عند باب الكعبة قدام القبور كما عله أهل الحرم المحترم والله سبحانه أعلم ثم لما كان هذا المسجد المعظم والمعهد المكرم قبلة لجميع العالم ناسب أن يكون وضعه لجميع عبادات أولاد آدم من صلوة الجماعة والجمعة والعيدين والخسوف والكسوف والاستسقاء والجنازة وغيرها من العبادات كما يشير إليه قوله تعالى أنما يعمر مساجد الله بصيغة الجمع المراد به المسجد الحرام الذي جعله للناس سواء في سائر الأحكام وهو لاينافي ماقيل في نكته الجمع من كونه قبلة المساجد وأن كل جهة من جهاته مسجد بل كل جزء من اجزائه مشهدا ولأنه أكبر المساجد وضعا وشرعا فجمع تعظيما وشرفا وأما مسجد المدينة السكينة فلا شك أنه موضوع في أصله للجمعة والجماعة لاغير بدليل أنه عليه السلام كان يصلي العيد في محلاه ويصلي على الجنائز في محله الموضوع لها الا ما وقع نادرا كما سيأتي وهو أما لعذر أو لبيان الجواز فدل على أن صلاة الجنازة في غير مسجد المدينة ونحوها أفضل وهذا عند ايمتنا الحنفية خلافا للعلماء الشافعية حيث عكسوا القضية ولا نقول أن اتساع المسجد تسبب للجواز لئلا يرد علينا نحو مسجد الأقصى مع أنا رايناه كذلك يصلي جميع الصلوات فيه من العيدين والجنازة وغيرهما والمسجدان الشريفان من بناء الله تعالى كما في الصحيح فلا معنى لقول متفقه من اين لنا أن مسجد الحرام بنى لجميع الصلوات فأن الأصل فيه الأطلاق حتى يثبت دليل الخصوص نعم كبر المسجدين حادث بعده عليه السلام فلا يصح أن يكون علة في هذا المقام والتحقيق في مسجد المدينة أيضا أنه بنى لجميع الصلوات ولهذا ثبت صلاة الجنازة فيه أحيانا وكذا صلى عمر العيد فيه بعذر المطر ولولا أنه ثبت خروجه عليه السلام في أكثر الأوقات للجنازة والعيدين لقلنا أن أداءهما في المسجد الشريف أفضل والحاصل أنه ليس الاعتبار بالسعة كما قاله بعض الشافعية فأن المسجد إذا كان يسع لأهل الجمعة مع كونها فرضا وأهلها أكثر فكذا يسع للجنازة بالأولى فلابد للخروج منه سوى هذه العله عله اخرى وقد اغرب متفقه في تعلقه باطلاقات عبارات الأصحاب لأن هذا شأن أهل التقليد لا التحقيق والتأييد ومما يؤيد مذهبنا ما في صحيح مسلم أنه لما توفي سعد بن أبي وقاص قالت عائشة ادخلى به المسجد حتى أصلي عليه فانكر ذلك عليها فقالت والله لقد صلى النبي عليه السلام على ابنى بيضاء في المسجد سهيل وأخيه وحيث أنكر الصحابه والتابعون عليها ولم تذكر عذرا لا في فعلها ولا في فعله عليه السلام دل على الجواز ويحمل انكار بعضهم عليها لترك الأفضل فتدبر وتأمل ومما يدل على الجواز من غير الكراهة ما أخرجه البيهقي بسنده عن عائشة قالت ماترك أبو بكر دينارا أولا درهما ودفن ليلة الثلاثاء وصلى عليه في المسجد وما في موطأ مالك عن نافع عن إبن عمر قال صلى على عمر في المسجد وما فيها أسند عبد الرزاق أن الثوري ومعمر عن هشام بن عرف قال رأى اي رجالا يخرجون من المسجد ليصلوا على جنازة فقال مايمنع هؤلاء والله ماصلى على أبي الا في المسجد فهذا كله يدل على الجواز فيه وهو بأن * أن خارجه أفضل وفي الثواب أكمل وأماما روى أحمد وأبو داود وإبن ماجه والطحاوي عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلى على ميت في المسجد فلا أجر له فقد تكلم في اسناده مع أنه مضطرب المتن أو في رواية فلا شيء له وروى فلا شيء عليه بل قال إبن عبد البر رواية فلا أجر له خطأ فاحش والصحيح فلا شيء عله وفي الغاية للسروجي أن لفظ لا أجر له لم يقع في كتب الحديث وقال إبن العربي في مشكلات الهداية الصحيح من الرواية فلا شيء له أقول وعلى تقدير صحة الحديث فيحمل على أنه لا أجر له كاملا حيث ترك ما كان فاضلا مع أن سلب الأجر لا يستلزم ثبوت استحقاق الوزر بجواز الاباحة المستفادة من قوله فلا شيء عليه أو فلا شيء له من الفضيلة لديه فالقول بالكراهة التحريمية لا وجه له وغاية الامر أنه * الكراهة التنزيهية إذ ليس هو نهيا غير مصروف ولاقرن الفعل بوعيد لظني كما حققه الأمام إبن الهمام ويؤيده أنه ورد صيام يوم السبت لا لك ولا عليك مع أنه لم يقل أحد بكراهته وحرمته بل هو محمول على خلاف الأفضل فتأمل فقول الخلاصه مكروه سواء كان الميت والقوم في المسجد أو كان الميت خارج المسجد والأمام والقوم في المسجد أو كان الامام مع بعض القوم خارج المسجد والقوم الباقون في المسجد أو الميت في المسجد والأمام والقوم خارج المسجد محمول على الكراهة التنزيهية ثم قوله هنا في الفتاوى الصغرى قال هو المختار خلافا لما أورده النسفي يشير إلى أن هذا اختيار بعضهم على خلاف ما اختاره النسفي ومن تبعه حيث لايقولون بالكراهة مطلقا ويجوزونه بالاباحة كما هو رواية عن أبي يوسف وأما قول إبن الهمام تبعا لبعض الأعلام وهذا الأطلاق في الكراهة بناء على أن المسجد أنما بنى للصلاة المكتوبة وتوابعها من النوافل والذكر وتدريس العلم ونحوها من الكلام فخارج عن تحقيق المقام لأنه إذا حوز فيه النوافل فبالأولى تجويز فرض الكفاية وإذا جوز الذكر والتدريس اللذان لايدخلان في مفهوم الصلاة فبالأولى تجويز ما يطلق عليه اسم الصلاة في الجملة كظاهر قوله تعالى وصل عليهم أن صلاتك سكن لهم وكقوله عز وعلا ولا تصلى على أحد منهم مات * الحمير في * للصلاة المكتوبة إلى آخره غير مستفاد من الشرع بل مأخوذ من علماء الفرع وإنما الوارد ما رواه مسلم أن رجلا * في المسجد فقال من دعا إلى الجملة الآخر فقال عليه السلام لا وجدت أنما بنيت المساجد لما بنيت له * الصلاة والذكر والقراءة والدعاء وأمثاله وفي رواية فأن المساجد لم تبنى لهذا اي لهذا أو نحوه فالعلم أنما صدرت من صاحب الشريعة ليعلم الأمة جهة المنع من طريق السنة المتبعة ثم قيل ويدخل في هذا كل امركم بين المسجد له من البيع والشراء ونحو ذلك لكلام الدنيا وانتفاعها من الخياطة والكتابة بالاجرة وتعليم الاولاد ونحوها وكذا ما يشغل المصلي ويشوش عليه حتى قال بعض علمائنا رفع الصوت ولو بالذكر في المسجد حرام بل قال بعضهم أنه يحرم أعطاء السائل المتعرض برفع صوت أو الحاح ومبالغة أو بمجاوزة صف وخوة على رقبة اي في حال الخطبه وكان بعض السلف لايرى ان يتصف على المسائل المتعرض في المسجد بل قال خلف بن أيوب لو كنت قاضيا لم أقبل شهادة من تصدق عليه وقال إسماعيل * هذا فلس واحد يحتاج إلى سبعين فلسا للكفاك وقد يود من ادرج صلاة الجنازة في ذيل هذه الأشياء من الكراهه أو الحرمه ولم يجعلها في الأمور المباحة المجازة ثم من جملة المنكرات قعود الفقراء ملتصقين بجدار الكعبة ومتضيقين على طائفة الطائفين ومشوشين على جماعة الذاكرين والداعين ويشاركهم في اثمهم من يحسن إليهم ومن لايخرجهم من اولى الأمر منهم كمشايخ الحرم والمشدين وغيرهم ممن يقدر عنهم وأما قول إبن الهمام وقد يقال أن الصلاة نفسها سبب موضوع الثواب فسلب الثواب مع فعلها مالا يكون الا باعتبار ما يقرب بها من أثم تقادم ذلك الثواب وفيه نظر لايخفى كما به قوله انتهى ولعل وجه النظر أن الثواب يجتمع مع اداء الصلاة على وجه التحريم المحض فبالاولى أن يجتمع الكراهة التنزيهية أو التحريمية خلافا للشافعية القابلة بان الثواب لايجتمع مع الكراهة حتى قالوا من قطع الصف فليس له ثواب الجماعة وقال بعض فقهائها بعدم الكراهة إذا كان الميت خارج المسجد بناء على أن الكراهة لاحتمال تلويثه وهذا واضح جدا ولعل هذا وجه اختياره عليه السلام في غالب الإمام اداء صلوة الجنازة خارج المسجد وهو يشير إلى أنها في المسجد كراهة تنزيه لأن أحتمال التلويث لم يبلغ الى حد كراهة التحريم إذ الاحتمال واقع في أصحاب الأعذار وغيرهم حتى أهل الفعال ولم يقل أحد أن دخولهم في المسجد مكروه أو حرام لاحتمال التلويث بما هم فيه من العذر فالاستدلال بالاحتمال على كراهة التحريم مستبعد من أهل الكمال مع أن لنا مدة مديدة في المسجد الحرام ولم نر قط أنه تلوث بالجنازة ثم العجب من المحقق أنه عبر عن هذا التأويل بقوله وقيل ثم قال وما قيل لو كان عند أبي هريرة وهو راوي الحديث علم هذا الخبر لرواه ولم يسكت يعني عند كلام عائشة مدفوع بان غاية ما في سكوته مع علمه كونه سوغ هو وغيره الاجتهاد والأنكار الذي يجب عدم السكوت معه هو المنكر العاصي من قام به لا الفصول المجتهد فيها وهم رضي الله عنهم لم يكونوا أهل لجاج خصوصا مع من هو أهل الاجتهاد انتهى ولا يخفى أنه إذا وقع الخلاف بين المجتهدين في الجواز والانكار يجب على من يكون عنده علم من الأخبار ليظهر به ترجيح الأبرار والا فيكون داخلا في ذم كتم العلم مع القدرة والأختيار والأظهر أن خروجه عليه السلام لصدق الجنازة كان للاشاعه وكثرة الجماعة فخروجه عليه السلام كان بمنزلة الأذان في صلوات الأيام ففي الصحيحين عن أبي هريرة أنه عليه السلام نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه وخرج بهم الى المصلى فصف لهم وكبر أربع تكبيرات فهذا يرد ما عللوه من التلويث وكان موضع الجنايز قرب المسجد على مافي البخاري وحكى إبن الهمام عن إبن حبيب أن مصلى الجنايز بالمدينة كان لاصقا بالمسجد النبوي من ناحية المشرق فيستفاد منه أن ما وقع من الصلاة على بعض الجنايز في المسجد كان لأمر عارض أو لبيان الجواز وهو الأظهر لأن ما ذكره بعضهم من مطر وأعتكاف فليس في محله لأن صلاة الجنازة فرض كفاية فلا يرتكب الكراهة لأجلها مع سقوطها عنه بغيره وحديث عائشة ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على سهيل بن بيضاء الا في المسجد أخرجه مسلم فانكار من انكر عليها من عدم الأطلاع على ما كان لديها وأما قول بحسن فقائها اجمعت الصحابة على انكارهم عليها فلا يعرف له أصل وكذا قول بعضهم أنه منسوج أجمع الصحابة على الأنكار فأنه على تقدير أنكار لجميع لايثبت به الفسخ مع اتفاقه الصحابة على جنازة الحسين في المسجد وأما كلام الإمام محمد بن الحسن في موطائه لا يصلي على جنازة في المسجد وكذلك لمعنا عن أبي هريرة وموضع الجنايز بالمدينة خارج من المسجد وهو الموضع الذي كان النبي عليه السلام يصلي على الجنازه فيه وإنما يفيد كون الصلاة في مسجد الجنازة أولى لكونه عليه السلام أكثر أوقاته لم يصل في المسجد وإذا ثبت فعله وكذا فعل أصحابه بعده دل على جواز وقوعه بلا كراهة وهذا * التحقيق والله ولي التوفيق وقد أغرب الأتقاني في قوله وما روى في الصلاة على الشيخين لا حجة فيه للحصر لاحتمال أن يكون المسجدين لصلاة الجنازة أو كان ذلك لعذر بالغرابة تتعلق لاحتمال بالأول فتأمل وأغرب من هذا قول الثلجي في السبب الموجب للمنع أنه لاجل الحديث لا لأجل نجاسة ثبتت بالموت وقال الجرجاني وغيره من العراقيين موجبة نجاسة الموت لا الحديث قال وهو أقرب إلى القياس انتهى وصلاته عليه السلام وصلاة عائشة والصحابة الكرام على الشيخين يرده كما لايخفي وأغرب منه قول أبي شجاع إذا وضع الميت خارج المسجد وأقام الإمام خارجا منه ومعه صف وسائر الناس في المسجد فصلوا عليه الصحيح أنه يكره لأن فيه خلاف أجماع الأمة انتهى فكأنه لم يعد غير الحنفية من الأمة مع أن الخلاف ثابت بينهم أيضا كما لايخفي بل قال الاتقاني في غاية البيان ناقلا عن تتمة الفتاوي إذا كان الجنازة والأمام في المسجد فالصلاة مكروهة باتفاق أصحابنا وإذا كانت الجنازة والإمام وبعض القوم في المسجد فالصلاة غير مكروهة بالاتفاق وأن كانت الجنازة وحدها خارج المسجد فقد أختلف المشايخ فيه يعني بناء على اختلاف العلتين المشهورتين ومنشأ هذا الأختلاف كون في الحديث طرفا للصلاة أو للميت كما بينه الجدادي شارح القدوري في السراج الوهاج ولا يخفى أن مثل هذا من تعلقات ليس لها الرواج والشاح ثم التحقيق ما آل كلام إبن الهمام فيه إلى أن قال وأعلم أن الخلاف يعنى بين الحنفية والشافعية أن كان في أن السنة هو أدخاله المسجدان لا فلا شك في بطلان قولهم ودليلهم لا يوجبه لأنه قد توفى خلق المسلمين بالمدينة فلو كان المسنون الأفضل أدخالهم ولو كان كذلك لنقل لتوجه من تخلف عنه من الصحابة إلى نقل أوضاع الدين في الأمور خصوصا الأمور التي يحتاج إلى ملابستها البنه ومما يقطع بعدم مستويته أنكارهم وتخصيصها في الرواية بابني بيضاء إذ لو كان سنه في كل بيت ذلك وكان هذا مستقرا عندهم لم يكونوا ينكرونه لأنهم كانوا حينئذ يتوارثون ولقالت كان عليه السلام يصلي على الجنائز في المسجد وأن كان أي الخلاف بين المذهبين في الأباحة وعدمها فعندهم مباح وعندنا مكروه فعلى تقدير كراهة التحريم يكون الحق عدمها كما ذكرنا على كراهة التنزيه كما اخترناه فقد لا يلزم الخلاف لأن مرجع التنزيهية إلى خلاف الأولى فيجوز ان قولوا أنه مباح في المسجد وخارج المسجد أفضل فلا خلاف حينئذ وذلك قول الخطابي ثبت أن أبا بكر وعمر صلى عليهما في المسجد ومعلوم أن عامة المهاجرين والأنصار شهدوا الصلاة عليهما وفي تزكهم الأنكار دليل الجواز وأن ثبت حديث أبي هريرة فيتناول على نقصان الأجر أو يكون اللام بمعنى على لقوله تعالى وان اساتم فلها انتهى والمعنى أن رواية فلا احوله على تقدير ثبوته محمول على تقي الكمال ورواية ولا شي له بمعنى لا شيء عليه كما في رواته أو لمعنى لاشيء له من الفضيلة وأما قوله تعالى وأن اسأتم قبها فلا يصلح أن يكون شاهد الما نحن فيه لانها وقعت بطريق المشاكل بقوله سبحانه انه احسنتم احسنتم لانفسكم مع انه يصح في الآية ان تعال اللام فيها للاختصاص اي فالاساء مختصه لها لا يتجاوز عنها الى غيرها كقوله تعالى ولا تزر وازره وزر اخرى وأما قول إبن الهمام والمروي من صلاتهم على أبي بكر وعمر في المسجد ليس صريحا في انهما ادخلا فيه لجواز أن يوضع خارجه ويصلى عليه من فيه إذا كان عند بابه موضع لذلك انتهى ولا يخفى بعد هذا الاحتمال من جهة العقل فانه لو كان ثابتا لاخبر من طريق النقل على أن الصلاة عليهما وما خارجه ينافي القول بالكراهة لعله كون المسجد وضع لغيره صلاة الجنازة وقد روى إبن أبي شيبة غيره أن عمر صلى على أبي بكر في المسجد وأن صهيبا صلى عمر في المسجد زاد في رواته ووضعت الجنازة في المسجد تجاه المنبر وهذا يقتضي الأجماع على جواز ذلك ثم قوله ولو سلم فيجوز كونهم انحطوا إلى الأمر الجائز لكون دفنهم كان بحذاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكان المسجد محيط به فيه نظر طاهر إذ حاصله أنه كان الصلاة عليهما في المسجد بحذر وهو مدفوع بانه كان يمكن لهم أن يصلوا عليهما في مسجد الجنازة ثم ادخلا في المسجد ودفنا معه عليه السلام ففي الجمله القول بالتحريم باطل سواء قيل العله تلويث المسجد أو عدم بنائه لهذه الصلاة لثبوت صلاته عليه السلام وصلاة أصحابه الكرام على الشيخين وأدخالهما في المسجد الشريف وامرارهما الى الضريح المنيف وفيما ذكرناه دليل قاطع في أن سننه * المستعمره في مسجد المدينة المعطره لم يكن أدخال المولى في المسجد في الحالات المستقرة بخلاف المسجد الحرام والله سبحانه أعلم بحقيقة الحرام وقد تبين أن من أوصى من صلحاء الكرام أنه لايصلي عليه في المسجد الحرام فقد حرم عن فضيلة المقام لعدم معرفته على وجه التمام وكذا تبين جهل من لا أمام له بهذا الكلام حيث لايصلي على الجنازة في مسجد المدينة أو المسجد الحرام بعد ادخالها فيهما فأن أهل الكراهة متوجه إلى أخال الجنازة * يكون بعلة تلويث المسجد أو كون لم يبين لها على القول به وأما بعد تحقق دخولها فلا معنى للامتناع عن الصلاة عليها مع أنه عليه السلام صلى على إبن البيضاء وعائشة صلت على سعد بن أبي وقاص وصلى المهاجرون والأنصار على الشيخين رضي الله عنهم ثم أعلم أنه لم ينقل عن ائمتنا من الإمام الأعظم وأصحابه نص في التحريم ولا في الكراهة في هذه المسئلة وإنما المشايخ عللوا بعلل حسب * من غير تحقيق مسند وتدقيق معتمد ولهذا وقع لهم الأضطراب في عللهم وأحكامهم فرجعنا إلى ما ورد في أمر المسلم من أحكام السنة لقول الأمام أحمد خذوا عملكم من حيث أخذه الأمور ولا تعتقدا بالتقليد كان ذلك محمى في البصيرة والحاضر أن مايقوله ائمتنا المتقدمين فعلى الرأس * فقلدهم بكونهم أعلم منا بيقين وأما المشايخ فهم رجال ونحن رجال علم أنه صح عن أبي حنيفة لايحل لأحد أن يقول بقولنا مالم يعلم أنا من أين قلنا فرضى الله من حيث * على ان الواجب على الأمة كان من الايمة والعامة متابعة الكتاب والسنة فمن جاوزهما فقد وقع في الكفر أو البدعه فصل فما يتعلق بهذا المقام من تحقيق بعض الأحكام منها قول بعض مشايخ ما وراء النهر منهم القاضي أو المعالي مفتي أهل بلخ أن من رأى جنازة صار صلاتها فرض عين عليه ونقل عن بعض الفتاوي لكن مشايخنا في زمانه فتشوا عنها لتحقيق كلامه وتصديق شأنه فلم يروه منقولا ولم يظهروا له وجها معقولا الا أنه يخطر ببالي أنه على تقدير صحة روايته لابيه وان يتكلف في تحقيق درايته بأن يقال لاشك ولا ريب ان صلاة الجنازة فرض كفاية بالاجماع كما هو مقرر بادلته في محله من غير النزاع فيجب حمله على أن المراد به أن من راى الجنازة أو الميت تعين عليه فرض صلاته وكذا تجهيزه وتكفينه ودفنه إذا كان هو واياه في صحراء أو قرية فرضا وكذا إذا كان جماعة من أهل بلد اطلعوا على ميت وباقي أهل البلد لم يعرفوه فأن لم يصل عليه أحد فيكون الجماعة المطلعون هم المتعينين بالأثم حيث تركوا الصلاة عليه مع العلم بخلاف سائر أهل البلد والا فلو قلنا بعموم الأثم على جميعهم يلزم منه حرج عظيم وقد قال تعالى وما جعل عليكم في الدين من حرج ومنها ينبغي أن يقرأ المصلي على الجنازة سورة الفاتحة للخروج عن الخلاف فأنه مستحب بالأجماع لاسيما إذا كان أماما فأنه حسد يكون باعث النزاع في صحة اقتداء الشافعي ومن له من الاتباع ففي قاضي خان ويدعو في صلاة الجنازة بالادعية المعروفة ولا يقرأ فاتحة الكتاب وأن قرأها بنية النشا فلا بأس به وإن قرأها بنية القراءة كره ذلك انتهى وهو محمول على الكراهة التنزيهية التي هي خلاف الأولى كما لا يخفى والا فلم يرد نهى مقصود عن القراءة فيها نعم لم يثبت القراءة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها إذ كل ما لم يثبت فعله عليه السلام لم يلزم منه أن يكون حراما أو مكروها بل يتوقف حكمهما على نهى قطعي أو ظني وبهذا يتبين أن القراة في الطواف لاكره نعم الأفضل ما ورد في السنة من الأدعية الثابتة وهذا أيضا في الا طوفه الواجبة والا فأمر النوافل مبني على التوسعة بل أقول أنه عليه السلام إنما لم يقرأ في الطواف لئلا يتوهم كونه فرضا أو واجبا أو سنه موكدة فحرم من حصوله العوام فكان يزكه هذا ارحمن للانام مع أنه قد قرأ من الركن اليماني والمقام آية ربنا اتنا بينة على ما قلنا وما ابعد من حمله على قصد الدعاء دون القراءة ومن ابن له معرفة هذه البينه على ان الجمع بينهما هو الأولى فأنه نور في المقام الأعلى هذا وفي موطأ مالك عن نافع أن إبن عمر كان لايقروها في الصلاة على الجنازة وروى عن إبن مسعود أنه عليه السلام لم يوقت شيئا من الغزاة في صلاة الجنازة وبه قال مالك لكن روى الحاكم في مستدركه عن إبن عباس أنه إذا صلى على الميت كبر وقرأ الفاتحة ويعيد حمله على قصد الثناء مع أن عموم قوله عليه السلام لا صلاة الا بفاتحة الكتاب شاملة لها أيضا والله أعلم بالصواب ومن الغريب ما ذكره قاضي خان عن شمس الأمة الحلواني أن من أصحابنا من قال قراءة الفاتحة في الشفع الثاني من ذوات الأربع على وجه الدعاء أو الثناء لا على وجه القراءة انتهى ووجه غرابته لاتخفي إذ ثبت أنه عليه السلام كان يقرأ الفاتحة في الشفع الثاني ولا يصح حمله على قصد الثناء والدعاء من غير موجب فتحرر أن الأحوط قراءة الفاتحة لأن في تركها بطلان الصلاة عند الشافعية وفي قرأتها كراهة الصلاة عند الحنفية ففعلها أهون منتركها ومنها أن * الجنازة اركان عندنا فاذا سلم الإمام محب على المسبوق ان يأتي بما عليه ثم يسلم وإنما ذكرت ذلك لأن كثيرا من السفراء بل من الفقهاء لأنهم يكونون مسبوقين وإذا سلم الإمام سلموا معه من * ومنها أنه إذا أدرك أول التكبير من صلاة الجنازة ولم يكبر حين كبر الإمام كبر هو ولا ينتظر التكبيرة الثانية لأن محلها قائم فأن لم يكبر حتى كبر الإمام كبر الثانية مع الإمام ولم يكبر الأولى حتى يسلم الإمام لأنه لو كبر للاولى كان قضاء والمعدى لا يستقل بقضاء ما سبق قبل فراغ الإمام وأن لم يكبر مع الإمام حتى كبر الإمام أربعا كبر هو للافتتاح قبل أن يسلم الإمام ثم يكبر ثلاثا قبل أن يرفع الجنازة متتابعا لادعاء فيها فاذا رفعت الجنازة من الأرض قطع التكبير فأن كبر مع الإمام التكبيرة الأولى ولم يكبر الثانية والثالثة يكبرها ثم يكبر مع الإمام فأنه حينئذ لاحقا مسبوق وإذا كبر الإمام على جنازة تكبيرة أو تكبيرتين فجاء رجل لايكبرها الرجل حتى يكبر الإمام يكبر معه للافتتاح ويكون مسبوقا بما كبر الإمام قبله بخلاف من كان حاضرا قائما في الصف ولم يكبر للافتتاح مع الإمام تغافلا أو كان في النية فأنه يكبر ولا ينتظر تكبيرة الإمام وإذا كبر الإمام في صلاة الجنازة خمسا فعن أبي حنيفة روايتان والمختار أن لايتابعه في التكبيرة الخامسة وينتظر فإذا سلم الإمام سلم معه ومنها أن بعد غروب الشمس سدا بالمغرب صم بصلاة الجنازة ثم يسنه المقرء وجازت الجنازة عند الغروب والطلوع والأستواء إذا حضرت في تلك الساعة لكن التأخير أفضل فتأمل ومنها أنه إذا صلى امام الشافعية على الغائب يجوز للحنفي أن يقلد ويصلى معه لكن يشرط أن يقرأ فيها الفاتحة فأنها ركن عندهم ويكون أيضا مراعيا لهم في فرايض الوضوء ونواقضه ومنها أنه ورد اكرام الميت دفنه ويؤيده قوله تعالى ولقد كرمنا بني أدم وقوله عز وعلام اماته فاقبره أي امر بدفنه قال السخاوي لم أقف عليه مرفوعا وإنما أخرجه إبن أبي الدنيا من جهة أيوب السختياني قال كان يقال من كرامة الميت على أهله تعجيله إلى حفرته ويشهد له حديث اسرعوا بالجنازة قال وقد عقد البيهقي بابا لاحتساب تعجيل تجهيز الميت إذ أبان موته واورد فيه ما رواه الطبراني بسنده مر * مسلم أن * بين ظهر أني أهله الحديث وللطبراني في حديث ابن عمر مرفوعا إذا مات أحدكم فلا تحسوه واسرعوا به إلى قبره وفي لفظ من مات في بكره فلا يقيلن الا في قبره ومن مات عشية فلا يبيتن الا في قبره ثم قال السخاوي وأهل مكة في غفلة من هذا فأنهم غالبا يجيئون بميتهم بعد الظهر أو وقت * في البحر وقد يكون مات قبل الوقتين لكثير فيضعونه عند الكعبة حتى يصلى الصبح أو العصر ثم يصلى عليه قال الخطاب ولقد صدق رحمه الله في انكار ذلك وقد كان ينكر ذلك عليهم شيخنا العارف بالله محمد بن عراق قلت وقد يعتذر لأهل مكة في تأخيرهم أنه من أجل اجتماع المسلمين للصلوة وتشييع الجنازة لاسيما في الازمنة الجارة والله أعلم بالمقاصد الحسنه والبدع المتحسنة فالله سبحانه أسأله أن يوفقني لمرضاته في الحياة ويتوب على عند حلول الممات ويرحمني وسائر المؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والأموات وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين
نقلته من خط مؤلفه ... ... ... عاملنا الله بتلطفه
Shafi 18
[التبيان في ليلة النصف من شعبان وليلة القدر من رمضان]
التبيان في بيان في ليلة النصف من شعبان وليلة القدر من رمضان
لعلي القاري رحمه الباري
بسم الله الرحمن الرحيم
رب زدني علما يا كريم
الحمد لله الذي قدر الأرزاق والآجال، ودبر أمور العباد من الأحوال والأفعال، والصلاة والسلام على من أنزل عليه القرآن في ليلة مباركة لها قدر وشأن، من جملة الأزمان، وعلى آله وأصحابه نقلة كتابه، وحملة علومه، وآدابه.
أما بعد:
فيقول أفقر عباد الله الغني الباري علي بن سلطان محمد القاري:
إن بعض إخوان الصفا وخلان الوفا التمس مني أن أكتب بعض ما يتعلق بليلة النصف من شعبان على وجه يفيد بيان ليلة القدر الغالب كونها في رمضان؛ ليكون نورا على نور، وسرورا على سرور، فأجبته واستعنت في التحقيق بالله ولي التوفيق، وبدأت بفاتحة سورة الدخان المتعلقة بليلة النصف من شعبان وتمت بسورة القدر المشهورة المشهودة في رمضان.
فقد قال تعالى بعد قوله بسم الله الرحمن الرحيم:{حم}.
وفي حائه قرآت معروفة من الفتح، والإمالة، وبين بين.
والمختار للسلف، وجمع من الخلف أن مقطعات أوائل السور من جملة المتشابهات، والله أعلم بمراده في إيراد تلك الكلمات.
ونقل السدي(1) عن ابن عباس: إن {حم} اسم الله الأعظم.
Shafi 19
ولعله أراد ما بينه عطاء الخراساني(1) بأن الحاء افتتاح أسمائه: حليم، حميد، حي، حكيم، والميم: ابتداء صفاته: ملك، مجيد، منان.
وقال الضحاك، والكسائي: قضى ما هو كان، وكأنه أشار إلى أن معناه: حم الأمر، وقضي القدر، وما أحسن تصدير هذه السورة بخصوصها إلى هذه الإشارة.
{والكتاب المبين}: أي القرآن الجامع اللامع الظاهر في كونه معجزة، والمطهر الأمور الثابتة والداحضة.
ثم الواو للقسم، وجوابه قوله: {إنا أنزلنا} أي الكتاب المبين.
{في ليلة مباركة}: أي كثيرة الخير، وكثيرة القدر.
قال الجمهور: هي ليلة النصف من شعبان.
وقال قتادة: هي ليلة القدر إذ أنزل الله القرآن في ليلة القدر من أم الكتاب إلى السماء الدنيا، ثم نزل به جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم نجوما في عشرين سنة كنا في ((المعالم)).
وذكر نحوه السيوطي في ((الدر)) عن ابن عباس، وسعيد بن جبير، والنخعي.
وقال البيضاوي: أي في ليلة القدر، أو البراءة ابتدئ فيها إنزاله وبركتها؛ لذلك فإن نزول القرآن سبب المنافع الدينية والدنيوية، أو لما فيها من نزول الملائكة والرحمة، وإجابة الدعوة، وقسم النعمة، وفصل القضية.
وقال صاحب ((الكشاف)): ليلة النصف من شعبان لها أربعة أسماء:
الليلة المباركة، وليلة البراءة، وليلة الصك، وليلة الرحمة.
Shafi 20
وقيل: في تسميتها بليلة البراءة، والصك أن البندار وهو بضم الموحدة وسكون النون من في يده أصل الخراج، وهو القانون، إذا استوفى الخراج من أهله، كتب لهم البراءة، كذلك الله عز وجل يكتب لعباده المؤمنين البراءة في هذه الليلة.
وقيل: بينها وبين ليلة القدر أربعون ليلة.
وقيل: هي مختصة بخمس خصال:
تفريق كل أمر حكيم، وفضيلة العباد، ونزول الرحمة، وسيأتي تفصيل هذه الأمور جميعها، وتمام الشفاعة، وذلك أنه صلى الله عليه وسلم سأل ليلة الثالث عشر من شعبان في أمته فأعطي الثلث منها، ثم سأل ليلة الرابع عشر فأعطي الثلثين، ثم سأل ليلة الخامس عشر فأعطي الجميع إلا من شرد على الله شراد البعير.
ومن عادة الله في هذه الليلة أن يزيد فيها ماء زمزم زيادة ظاهرة.
قلت: فيؤخذ منه أنه ينبغي شربه فيها شربة باهرة.
Shafi 21
***أنا كنا مذرين استيناف بين المقتضى للانزال وخص الأنذار لكونه أهم في أول الأحوال أو هو من باب الأكتفاء باضداد الأشياء على طريق سرابيل تقيكم الحر أي والبرد فالمعنى * للكفار والفجار بعذاب النار ومبشرين للمطيعين بالجنة دار القرار فيها يفرق أي يفصل ويبين كل أمر حكيم أي محكم أو ملتبس بالحكمه والظاهر أن الجملة صفة ليله مباركة وما بينهما حملة معترضه وهو يدل كما قال البيضاوي على أن الليلة ليلة القدر لأن ماذكر هو عين صفتها لقوله تنزيل الملائكة والروح فيها بأذن ربهم من كل أمر وفي المعالم قال إبن عباس يكتب في أم الكتاب يعني اللوح ليلة القدر ماهو كأين في السنة من الخير و* والأرزاق والآجال حتى الحجاج يقال لحج فلان ولحج فلان وقال الحسن ومجاهد وقتادة بيرم في ليلة القدر في شهر رمضان كل أجل وعمل وخلق ورزق وما يكون في تلك السنة وقال عكرمة هي ليلة النصف من شعبان يوم فيها أمر السنة وينسخ الاجبأ من الأموات فلا يزاد فيهم أحد ولا ينقص منهم أحد ثم أسند البغوي إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال تقطع الآجال من شعبان إلى شعبان حتى أن الرجل * ويولد له وقد أخرج أسمه في الموتى قال السيوطي وأخرجه إبن زنجوية والديلمي عن أبي هريرة قول ولعل وجه الجمع بين القولين ماروى أبو العجمي عن إبن عباس رضي الله عنهما أن الله يقضي الأقضية في ليلة النصف من شعبان ويسلمها إلى أربابها في ليلة القدر وأخرج إبن أبي حاتم عن إبن عمر عند قوله تعالى فيها يفرق كل أمر حكيم قال أمر السنة إلى السنة الا الشقاوه والسعاده فأنه في كتاب الله لايبدل ولا يغير وسيأتي الكلام عليه أمرا أي أنزلنا أمرا حاصلا من عندنا وعلى مقتضى حكمنا وهو مزيد تفخيم الأمر وزيادة وتعظيم لشأنه بمزيد القدر أو التقدير أنزلناه آمرين فقوله انا كنا مرسلين رحمة من ربك استيناف بيان متضمن لتعليل وبرهان وقال البيضاوي هو بدل من أنا كنا منذرين أي أنا أنزلنا القرآن لأن من عادتنا أرسال المراسيل بالكتب إلى العباد لأجل الرحمة عليهم انتهى فتبين أن المفعول محذوف ورحمة منصوب على العلة ويجوز أن يكون رحمة مفعولا به أي يفصل فيها كل أمر من عندنا لأن من شأننا أن نرسل رحمتنا فأن فصل كل أمر من قسمة الأرزاق وغيرها وصدور الأمور الألهية من باب الرحمة وقال البغوي أنا كنا مرسلين محمدا صلى الله عليه وسلم ومن قبله من الأنبياء رحمة من ربك قال إبن عباس أي رأفه في خلقي ونعمة عليهم * وقال الزجاج أنزلناه في ليلة مباركة للرحمة أنه هو السميع العليم أي يسمع أقوال العباد ويعلم اجمالهم في المعاش والعاد أو يسمع مناجاتهم ويعلم حاجاتهم هذا وفي الدر المنثور في التفسير المأثور للحافظ جلال السيوطي أخرج الخطب وإبن النجار عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم شعبان كله حتى يصله برمضان ولم يكن يصوم شهر كامل الا شعبان فقلت يارسول الله ان شعبان لم أحب الشهور اليك ان تصومه فقال نعم ياعائشة أنه ليس نفس تموت في سنه الا كتب اجلها في شعبان فاحب على أن يكتب أجلي وأنا في عبادة ربي وعمل صالح فهذا الحديث دليل على أن الكتابة تستوعب في جميع أيام شعبان والأخبار والأثار الوارده ظاهرة في أنه مختص بليلة النصف ولعلها زمان كتابة الأكثر ثم صيام النهار مورث للبركة في الليلة وسيأتي لهذا مزية وأخرج إبن ماجه والبيهقي في شعب الأيمان عن علي كرم الله وجهه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلتها وصوموا يومها فأن الله ينزل فيها لغروب الشمس إلى سماء الدنيا فيقول الا مستغفر فاغفر له الا مسترزق فارزقه الا مبتلى فأعافيه الا سائل فأعطيه الا كذا حتى يطلع الفجر وأخرج إبن أبي شيبة والترمذي وإبن ماجه والبيهقي عن عائشة قالت فقدت النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فخرجت اطلبه فإذا هو بالبقيع رافعا رأسه إلى السماء فقال ياعائشة اكنت تخافين ان * الله عليك ورسوله قلت وما بي من ذلك ولكني ظننت انك اتيت بعض نسائك فقال أن الله عز وجل ينزل ليلة النصف من شعبان إلى السماء الدنيا فيغفر لأكثر من عدد شعور غنم كلب وأخرج البيهقي عن القاسم بن محمد بن أبي بكر عن ابيه أو عن عمه عن جده أبي بكر الصديق رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ينزل الله الى السماء الدنيل ليلة النصف من شعبان فيغفر لكل شيء ألا رجل مشرك أو من في قلبه شحناء أعلم أن نزول الرب سبحانه من المتشابهات ومذهب السلف التنزيه والتفويض في مثل هذه الكلمات ومذهب الخلف زيادة على ذلك تجويز التأويل بأن المراد نزول الرحمه كما يدل عليه قوله تعالى رحمة من ربك ويشير إليه نفس الحديث لأن العطياتالمذكورة كلها من أثر الرحمة المسطورة أو له سبحانه وتعالى تنزل معنوي أو تجل صوري فيليق بذاته وينبغي لصفاته فنرها عن صفات المحدثات وسمات المخلوقات فلا حلول ولا نزول ولا الحاد ولا اتحاد تعالى شأنه وتعاظم برهانه وقد يقال المراد بالنزول نزول ملائكته المقربين لانزال الرحمة أو لنداء أهل قرية كما يدل عليه ما أخرجه البيهقي عن عثمان إبن أبي العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان ليلة النصف من شعبان نادى مناد هل من مستغفر فأغفر له هل من سائل فأعطيه فلا يسأل أحد ألا أعطى ألا زانية بفرجها أو مشرك أو المراد بالنزول أطلاع خاص يعبر عنه بالقرب الألهي لعبيده ألا أرباب الملاهي وأصحاب المناهي كما أخرج البيهقي عن معاذ بن جبيل وإبن ماجه عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يطلع الله في ليلة النصف من شعبان بجميع خلقه الا لمشرك أو مشاحن وأخرج البيهقي عن أبي ثعلبة الحسني عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا كان ليلة النصف من شعبان أطلع الله إلى خلقه فيغفر للمؤمنين ويملى للكافرين ويدع أهل الحقد بحقدهم حتى يدعوهم وأخرج البيهقي عن عائشة قالت قام رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل يصلي فأطال السجود حتى ظننت أنه قد قبض فلما رأيت ذلك قمت حتى حركت أبهامه فتحرك فرجعت فلما رفع رأسه من السجود وفرغ من صلاته قال ياعائشة أو ياحميراء اظننت أن النبي قد خاس بك أي عذر قلت لا والله يارسول الله ولكنني ظننت أنك قبضت لطول سجودك فقال اتدرين أي ليلة هذه قلت الله ورسوله أعلم قال هذه ليلة النصف من شعبان أن الله عز وجل يطلع على عبده في ليلة النصف من شعبان فيغفر للمستغفرين ويرحم المسترحمين ويؤخر أهل الحقد كما هم وأخرج البيهقي وضعفه عن عائشة قالت دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضع عنه ثوبيه ثم لم يتسم أن قام فلبسهما فأخذتني غيرة شديدة ظننت انه يأتي بعض صولحباتي فخرجت اتبعه فأدركته بالبقيع بقيع الفرقد يستغفر للمؤمنين والمؤمنات والشهداء فقلت بأبي أنت وأمي أنت في حاجة ربك وأنا في حاجة الدنيا فأنه بوقت قد خلت حجرتي ولى نفس عال فلحقني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما هنا النفيس ياعائشة فقلت بابي أنت وأمي اتيتني فوضعت عنك * لم تستتم أن قمت فلبستهما فأخذتني غيرة شديدة ظننت أنك تأتي بعض صويحباتي حق رأيتك بالبقيع تصنع ماتصنع فقال ياعائشة أكنت تخافين أن نحيف الله عليك ورسوله بل أتاني جبريل عليه السلام فقال هذه الليلة ليلة النصف من شعبان ولله فيها عتقاء من النار بعدد شعور غنم كلب لاينظر الله فيها إلى مشرك ولا إلى مشاحن ولا إلى قاطع رحم ولا إلى مسبل ولا إلى غاق لوالدته ولا إلى مدمن خمر قالت ثم وضع عنه ثوبيه فقال لي ياعائشة تأذنين لي في القيام هذه الليلة فقلت نعم بأبي وأمي فقام فسجد ليلا طويلا حتى ظننت أنه قبض فقمت التمسه ووضعت يدي على باطن قدميه فتحرك ففرحت وسمعته يقول في سجوده أعوذ بعفوك من عقابك وأعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بك منك جل وجهك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك فلما أصبح ذكرتهن له فقال ياعائشة تعلمتهن فقلت نعم فقال تعلميهن وعلمهن فأن جبريل عليه السلام علمنيهن وأمرني أن ارددهن في السجود ففي الحديث لالة على استحباب زيارة القبور في ليلة النصف من شعبان والاستغفار للاقارب والأخوان والأقران وعموم أهل الأيمان وعلى اتيان الصلاة النافلة وأطالة السجود فيها وقراءة الدعاء المذكور وكذا المسطور في الحديث الأتي في حال السجود وعلى التوبة من الذنوب وعلى الصلح مع من يكون بينه وبينه سحنأ وتقدم مايدل على استحباب أحياء تلك الليلة وصيام نهارها وأخرج البيهقي عن عائشة قالت كانت ليلة النصف من شعبان ليلتي وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم عندي فلما كان في جوف الليل فقدته فاخذني ما يأخذ النساء من الغيرة فتلفعت بمرطي فطلبته في حجر نسائه فلم أجده فأنصرفت فإذا أنا به كالثوب الساقط وهو يقول في سجوده سجد لك خيالي وسوادي وأمن بك فؤادي فهذه يداي وما جنيت بهما على نفسي ياعظيم يرجى لكل عظيم يأعظيم أغفر الذنب العظيم سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره ثم رفع رأسه ثم عاد بساجدا فقال أعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بفعول من عتابك وأعوذ بك منك أنت كما أثنت على نفسك أقول كما قال أخي داود أعفر وجهي في التراب لسيدي وحق له أن يسجد الوجه والأيدي ثم رفع رأسه فقال اللهم ارزقني قلبا تقيا من الشده نقيا لا جافيا ولا شقيا ثم أنصرف فدخل معي في الخيلة ولي نفس عال فقال ماهذا النفس ياحميراء فأخبرته فطفق يمسح بيديه على ركبتي ويقول وليس هاتين الركبتين مالقيتا في هذه الليلة ليلة النصف من شعبان ينزل الله فيها إلى السماء الدنيا فيغفر لعباده الا لمشرك أو مشاحن وأخرج البيهقي عن علي قالت رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة النصف من شعبان قام فصلى أربع عشرة ركعة ثم جلس بعد الفراغ فقرأ بأم القرآن أربع عشرة مره وقل هو الله أحد أربع عشره مرة وقل أعوذ برب الفلق أربع عشرة مره وقل أعوذ برب الناس أربع عشرة مره وآية الكرسي مرة ولقد جاكم رسول من أنفسكم الآية فلما فرغ من صلاته سألته عما رأيته من صنيعه قال من صنع مثل الذي رأيت كان له عشرين حجة مبروره وصيام عشرين سنه مقبولة فأن أصبح في ذلك اليوم صائما كان له كصيام ستين سنه ماهذه سنة مستقبلة قال البيهقي يشبه أن يكون هذا الحديث موضوعا وهو منكر وفي روايته مجهولون قلت جهالة بعض الرواة لا يقتضي كون الحديث موضوعا وكذا انكاره الألفاظ فينبغي أن يحكم عليه بأنه ضعيف ثم يعمل بالضعيف في فضائل الأعمال اتفاقا مع أن نفس الصلاة النافلة في تلك الليلة ثابتة عنه صلى الله عليه وسلم بطرق صحيحية فلا يضر ضعف بيان الكمية والكيفية فأن الصلاة خير موضوع وأحسن مشروع عند كل مقبول ومطبوع وبهذا يتبين جواز ما يفعله الناس في بلاد ما وراء النهر وخراسان والروم والقدس والهند وغيرها من مائة ركعة كل ركعتين فيها سور الأخلاص عشر مرات على ما ذكره صاحب القوت والأمام الغزالي في الأحياء وغيرهما فأنه وأن لم يصح وروده عنه عليه السلام لكن لا مانع من فعله ولو على وجه الدوام نعم اعتقاد كونه سنة غير صحيح عند العلماء وكذا اداؤه جماعة مكروه عند بعض الفقهاء ثم لعمل النكته في اختيار عدد الأربعة عشر في الركعات والقرآات رعاية ما سبق من الليالي الماأخوذ منها * المسمى به صلى الله عليه وسلم في مقام * وطهور نور الاسنى ثم الأولى أن يصلي أيضا في تلك الليلة صلات التسبيح أيضا ثابتة بلا مرية وقال السيد معين الدين الصفوي في تفسيره عند قوله تعالى يمحو الله ما يشاء ويثبت عن إبن عباس وغيره * الا الشقاوة والسعاده والحياة والموت وعن كثير من السلف كعمر بن الخطاب وإبن مسعود وغيرهما أنهم يدعون بهذا الدعاء اللهم أن كنت كتبتنا اشقياء فامحه وأكتبنا سعداء وأن كنت كتبتنا سعداء فاثبتنا فأنك تمحو ما تشاء ويثبت وعندك أم الكتاب وهذا الدعاء قد نقل في الحديث قرأته في ليلة النصف من شعبان لكن الحديث ليس بقوي قلت يجوز العمل بالحديث الضعيف لاسيما وقد ثبت روايته عن أكابر الصحابه مطلقا فلا وجه لمنع المقيد أبدا ثم التحقيق أن المحو والأثبات إنما يتعلقان بالأمور المعلقة كما ذكره المحقق في قوله تعالى وما يعمر من معمر الآية وفي حديث البزيزيد في العمر والدعاء يدفع البلا * زيادة بيان في هذا المعنى ومما يستحب لمن يقرأ تلك الليلة سورة الدخان فأنه أخرج الترمذي في جامعه والبيهقي في شعب الأيمان عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قرأ حم الدخان في ليلة اصبح يستغفر له سبعون ألف ملك وفي رواية الحسن غفر له ما تقدم من ذنبه ثم سورة الدخان مكيه وأما سورة القدر فمدنية خلافيه بسم الله الرحمن الرحيم أنا أني * قدرنا أنزلناه أي القرآن الجليل القدر ويعرف بما قدر المنزل عليه بل والمنزل إليهم أيضا وهو كفارة عن غير مذكور في التبيان لأنه لمظهور الشأن غني عن البيان في ليلة القدر أي أنزله واحدة من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا فوضعه في بيت العزه ثم كان ينزل به جبريل عليه السلام نجوما في عشرين سنه وإنما سميت ليلة القدر لأنها ليلة تقدير الأمور فالأحكام يقدر الله فيها أمر السنة في عبادة وبلاده إلى السنة المقبلة لقوله تعالى فيها يفرق كل أمر حكيم وهو مصدر قولهم قدر الله بالشيء قدره أو قدر كالنهر والنهر والشعر والشعر وقدره بالتشديد تقديرا بمعنى واحد عن مجاهد أنها ليلة الحكم أي لكثرة الأحكام الألهية فيها أو للحكم الخاص المتعلق بها من زيادة فضيلة العباده واختصاصها بهذه الأمة كما صرح به بعض أرباب رواية والدراية رأيت أخرج الديلمي عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أن الله وهب لامتي ليلة القدر لم يعطيها من كان قبلهم قيل الحسين بن الفضل أما قدر الله المقادير قبل خلق السموات والأرض قال نعم قيل فما معنى ليلة القدر قال سوق المقادير إلى المواقيت وتنفيذ القضاء المقدر أقول والتحقيق أن الله سبحانه قدر المقدورات قبل خلق الموجودات على وفق ماتعلق علمه بالمكونات ويعبر عن علمه سبحانه بأم الكتاب الذي لايتغير ولا يتبدل في كل باب ثم خلق اللوح المحفوظ والقلم المحفوظ وأمر القلم بأن يكتب ما كان وما يكون من قرطاس النور في دواة النون فكتب كل أمرا طلوه أياه ثم جف القلم بما هو كاين على وقف علم الله وغايته أنه كتب فيه بعض الأشياء مجملا وبعضها مفصلا وبعضها مطلقا وبعضها معلقا فبهذا الأعتبار يجوز الزيادة والمحو بالنسبة إلى المنقوش في اللوح ولذا قال تعالى يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب ثم أنه سبحانه يأمر بكتابه نسخة مستوية مطابقة لما في اللوح المحفوظ بما يثبت في السنة من أولها إلى آخرها في ليلة القدر كما أنه يكتب عند نفخ الروح في كل ولد من أولاد بني آدم من رزقه وأجله وعمله وشقى وسعيد فهذا كله جزئيات مما في اللوح المحفوظ كما أنه جزئي من علم الله المحيط بالكليات والجزئيات والموجودات والمعدومات ثم يكتب الكرام الكاتبون أعمال العباد لجزاء يوم المعاد فتقابل كتابتهم بما في اللوح المحفوظ فلا زيادة ولا نقصان فسبحان من دبر أمر العباد على وفق ما أراد وهذا من جملة أسرار القدر والقضاء مما ضل وغوى فيها الجهلاء ، وتحير فيها العقلاء ولم يتخلص عنه العلماء ألا بقوله لا يسأل عما يفعل وهم يسألون هذا وقال الأزهري معناه في ليلة العظمة والشرف من قول الناس لفلان عند الأمير قد رأى جاه ومنزله ومنه قوله تعالى وما قدر والله حق قدره أي فأعظموه حق تعظيمه وقيل لأن العمل الصالح يكون فيه ذا قدر عند الله لكونه مقبولا كما سيأتي بيانه ودليله وبرهانه وقال سهل ليلة قدرت فيه الرحمة على العباد أي الأعلى المصر على العناد والفساد وقيل المعنى أنزلنا القرآن في فضل ليلة القدر قال البيضاوي الضمير للقرآن فخمه باضماره من غير ذكر شهادة له بالنباهة المغنية عن التصريح كما عظمه بأن اسند إليه انزاله وعظم الوقت الذي أنزل فيه بقوله وما أدراك ماليلة القدر وقال البغوي عجب بنبيه صلى الله عليه وسلم فقال وما أدراك ما ليلة القدر وتحقيقه ماذكره القاضي في سورة الحاقة أي في أي شيء أعلمك ماهي أي أنك لاتعلم كهنها فأنها أعظم من أن يبلغها دراية أحد وما مبتدأ وأدرك خبره ليلة القدر خير من ألف شهر قال عطاء عن إبن عباس ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من بني اسرائيل أنه حمل السلاح على عاتقه في سبيل الله الف شهر فعجب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتمنى ذلك لأمته فقال يارب جعلت أمتي أقصر الأمم أعمارا وأقلها أعمالا فأعطاه الله ليلة القدر فقال ليلة القدر خير من ألف شهر التي حمل فيها الاسرائيلي السلاح في سبيل الله لك ولأمتك يوم القيامة قال المفسرون معناه عمل صالح في ليلة القدر خير من عمل الف شهر ليس في الف شهر وفي الدر أخرج الخطيب في تأريخه عن إبن عباس قال رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم بني أمية على منبره فساءه ذلك فأوحى الله إليه أن هذا ملك يصلونه فنزلت أنا أنزلناه في ليلة القدر قلت السبب قد تعدد فلا أشكال والله أعلم بالحال وقد أخرج مالك في الموطأ ، والبيهقي في الشعب عنه أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرى عمار الناس قبله أو ما شاء الله من ذلك فكأنه تقاصر عمار أمته أن لايبلغوا من العمل مثل مابلغ غيرهم في طول العمر فأعطاه الله ليلة القدر خير من ألف شهر قلت فيه أشارة إلى أن المدار على بركة العمر فكم من طويل العمر ضاع أوقاته وبطل ساعاته وكم من قصير العمر بورك له فيه من العلم والعمل والمعرفه والأدب ماتحير فيه أولو الألباب بسبب مداد رب الأرباب ثم فيه تنبيه على ان لله أن يفضل بعض الازمنة على بعضها من ليلة القدر وساعة الجمعة كما أن له يفضل بعض الامكنه كأرض تحريم وخصوص المسجد والكعبة فكذا لله أن يفضل بعض عباده بمحض فصله كما فضل نبينا صلى الله عليه وسلم على سائر الخلق وكما فضل هذه الأمة على بقية الأمم والله أعلم قال البغوي أخبرنا أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري أملاء يعني صاحب الرسالة بسنده المتصل إلى أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من قام ليلة القدر أيمانا وأحتسابا غفر الله له ما تقدم من ذنبه قلت وكذا أخرجه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي عن أبي هريرة وقال سعيد بن المسيب من شهد المغرب والعشاء في جماعة فقد أخذ بحظه من ليلة القدر وصح عن عائشة رضي الله عنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم لو وافيت ليلة القدر فما أقول قال قولي اللهم أنك عفو تحب العفو فاعفو عني تنزل الملائكة والروح أي جبريل عليه السلام معهم فيها أي في ليلة القدر بأذن ربهم أي بأمره لأنهم مايعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون قال البيضاوي والحملة بيان لماله فضلت على ألف شهر وتنزيلهم إلى الأرض أو السماء الدنيا أو بقربهم إلى المؤمنين قلت الأخير هو الصحيح لما سيأتي مع أنه لامانع من الجمع على وجه التوزيع من كل أمر أي من أجل كل أمر قدر في تلك السنة وقال البغوي أي بكل أمر من الخير والبركة كقوله يحفظونه من أمر الله أي بالله انتهى والمقصود أن من تعليليه بمعنى الباء السببية سلام هي أي ماهي الا سلامه والمعنى لايقدر الله تعالى فيها الا السلامه ويقضي في غيرها السلامه والبلاء وهو قول الضحاك ويوضحه قول مجاهد يعني أن ليلة القدر سالمة لايستطيع الشيطان أن يعمل فيها سؤا ولا أن يحدث فيها اذى أو ماهي الاسلام لكثرة مايسلمون فيها على المؤمنين وهو قول الجمهور قال عطاء بريد سلام على اولياء الله وأهل طاعته وقال الحسن كما أخرجه إبن المنذر عنه في قوله سلام إذا كان ليلة القدر لم تزل الملائكة تخفق باجنحتها بالسلام من الله والرحمة من لدن صلاة المغرب إلى طلوع الفجر وأخرج إبن جرير وإبن مردوية عن إبن عباس قال في تلك الليلة يصفد مردة الشياطين وتغل عفاريت الجن ويفتح فيها أبواب السماء كلها ويقبل الله التوبة فيها لكل تائب فلذا قال سلام بقي حتى مطلع الفجر وقال الشعبي هو تسليم الملائكة ليلة القدر على أهل المساجد من حين تغيب الشمس إلى أن يطلع الفجر وقال الكلبي الملائكة ينزلون فيها كلما لقوا مؤمنا أو مؤمنة سلموا عليه من ربه حتى يطلع الفجر وقال بعضهم تم الكلام على سلام ثم قوله هي أي ليلة القدر مستمرة حتى مطلع الفجر أي إلى طلوع الفجر والجمهور على فتح اللام على أنه مصدر بمعنى الطلوع قال البغوي وهو الاختيار وقرأ الكسائي بكسر اللام وهو موضع الطلوع قلت الفتح أيضا يحتمل المصدر والزمان ولذا فسر البيضاوي بقوله وقت مطلعه أو طلوعه وأما الكسر فمصدر شاذ كالمرجع أو أسم زمان على غير قياس كالمشرف هذا وقال صاحب المعالم اختلف في وقتها فقال بعضهم أنها كانت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم رفعت وعامة الصحابة والعلماء على أنها باقية إلى يوم القيامة وروى عن عبد الله بن نجسي مولى معاوية قال قلت لأبي بكر رضي الله عنه زعموا أن ليلة القدر قد رفعت قال كذب من قال ذلك قلت هي في كل شهر رمضان استقبله قال نعم وأخرج محمد بن نصر عن سعيد بن المسيب أنه سئل عن ليلة القدر اهي شيء كان فذهب أم هي في كل عام فقال بل هي لامة محمد ما بقي منهم اثنان قلت ولو بقي منهم واحد وأخرج أبو داود والطبراني عن إبن عمر قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا اسمع عن ليلة القدر قال هي في كل رمضان وقال بعضهم ومنهم الإمام الأعظم هي من ليالي السنه حتى لو علق طلاق امرأته أو عتق عبده بليلة القدر لايقع مالم تمض سنه من حين حلف ويروى ذلك عن أبي مسعود قال من يقم الحول يصبها فبلغ ذلك عبد الله بن عمر فقال يرحم الله أبا عبد الرحمن أما أنه علم أنها في شهر رمضان ولكن أراد أن لاينكل الناس والظاهر أن كونها في رمضان أمر غالبي وكونها في ليالي السنه كلها أحتمال لايهام الله أياها وللأحاديث المتعارضه في تعينها واختاره الأمام أبو حنيفة لأجل * في تعليق المسألتين مع أنه وأصحابه ذهبوا مع جمهور العلماء على أنها ليلة سبع وعشرين ومما يؤكد القول بأنها في جميع السنة دائره ما أخرج إبن مرد وله عن إبن مسعود قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ليلة القدر فقال كنت علمتها ثم اختلست مني وأرى أنها في رمضان فاطلبوها في تسع بيقين أو سبع بيقين أو ثلاث بيقين وآية ذلك أن الشمس تطلع ليس لها شعاع ومن قام السنة سقط عليها يعني البته قال البغوي والجمهور من أهل العلم أنها في شهر رمضان قلت ومنهم أبو يوسف ومحمد ويدل عليه ما رواه إبن ماجه عن أنس مرفوعا أن هذا الشهر قد حضركم وفيه ليلة خير من ألف شهر من حرمها فقد حرم الخير كله ولا يحرم خيرها الا محروم وأختلفوا في تلك الليلة فقال أبو رزين العقيلي هي أول ليلة من شهر رمضان ويؤيده ما أخرج إبن مردوه عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال التمسوا ليلة القدر في أول ليلة من رمضان وفي تسعة وفي أحدى عشرة وفي أحدى وعشرين وفي آخر ليلة من رمضان وقال الحسن هي ليلة سبع عشرة وهي الليلة التي كانت صبيحتها وقعة بدر قلت وهو المناسب لما ورد من سبب نزولها كما تقدم والله أعلم ويؤيده ما أخرجه إبن أبي شيبة عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث إبن هشام قال ليلة القدر ليلة سبع عشرة ليلة جمعة وأخرج أبو الشيخ عن عمرو بن حريث قال إنما أرى أن ليلة القدر لسبع عشره ليلة الفرقان وأخرج محمد بن نصر والطبراني عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه أنه كان يحي ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان وليلة سبع وعشرين ولاء كاحياء سبع عشرة فقيل له كيف يحي ليلة سبع عشرة قال أن فيها نزل القرآن وفي صبيحتها فرق بين الحق والباطل وأخرج إبن أبي شيبة وإبن منيع والبخاري في تاريخه والطبراني وأبو الشيخ والبيهقي عن زيد بن أرقم أنه سئل عن ليلة القدر فقال ليلة سبع عشرة مانشك ولا نستثنى وقال ليلة نزل القرآن ويوم الفرقان يوم التقى الجمعان وأخرج الحارث إبن أبي اسامة عن عبد الله بن الزبير قال هي الليلة التي لقى رسول الله صلى الله عليه وسلم في يومها أهل بدر يقول الله تعالى وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان وأخرج سعيد بن منصور وإبن أبي شيبة ومحمد بن نصر والطبراني وإبن مردويه عن إبن مسعود قال التمسوا ليلة القدر بسبع عشره خلت من رمضان فأنها صبيحة يوم بدر التي قال الله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والصحيح الذي عليه الأكثرون أنها في العشر الآواخر من شهر رمضان لما روى الترمذي عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاور في العشره الآواخر من رمضان ويقول تحروا ليلة القدر في العشر الآواخر من رمضان ولما أخرج بن أبي شيبة وعبد بن حميد عن إبن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم التمسوا ليلة القدر في العشر الآواخر من رمضان ولما ثبت عنها أيضا قالت كان يجتهد في العشر الآواخر مالا يجتهد في غيرها ولما رواه البخاري عنها أيضا قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر سد ميزره وأحيي ليله وايقظ أهله ثم أختلفوا أنها في أي ليلة من العشر فروي البخاري ومسلم وإبن أبي شيبة وأحمد والترمذي عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الآواخر من رمضان وأخرج إبن أبي شيبة وعبد بن حميد وإبن خرير في تهذيبه عن عمر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان ملتمسا ليلة القدر فليلتمسها في العشر الآواخر وترا وثبت عن أبي بكر أنه كان يقول ما أنا بطالبها بعد شيء سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم الا في العشر الآواخر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول التمسوها في العشر الآواخر من تسع بقين أو سبع بقين أو خمس بقين أو ثلاث بقين آواخر ليلة وروى البخاري عن عبادة بن الصامت قال خرج النبي صلى الله عليه وسلم ليخبرنا بليلة القدر فتلاحى رجلان من المسلمين فقال خرجت لاخبركم بليلة القدر فتلاحى فلان وفلان فرفعت وعسى أن يكون خيرا لكم فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة ولا متمسك بهذا الحديث في رفعها فأن المراد رفع تعينها لارفع نفسها كما يدل عليه قوله فالتمسوها الحر وفيه دلاله ظاهرة على أن القلوب الطاهرة تتأثر بالسرعة لاحساس الأمور المتنافرة ولو على الطريقة النادرة فكيف إذا وقعت على سبيل المتكاثرة وروى مالك عن نافع عن إبن عمر أن رجالا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أروا ليلة القدر في المنافع في السبع الآواخر من رمضان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أني أرى روياكم قد تواطات في السبع الآواخر فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الآواخر وروى عن أبي سعيد الخدري أنها ليلة أحدى وعشرين وسيأتي ما يؤيده وقال بعضهم هي ليلة ثلاث وعشرين ويؤيده ماثبت عن أبي هريرة قال تذاكرنا ليلة القدر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كم مضى من الشهر فقلنا اثنان وعشرون وعشرون وبقى ثمان فقال مضى اثنان وعشرون وبقى سبع فطالوها الليلة الشهر تسع وعشرون وقال قوم هي ليلة سبع وعشرين وهو قول علي وأبي وعائشة وإبن عباس رضي الله عنهم وقد ثبت برواية أحمد ومسلم وأبي داود والترمذي والنسائي والبخاري وغيرهم عن عاصم عن زر قال قلت لأبي بن كعب أبا المنذر أخبرنا عن ليلة القدر فأن إبن عبد يقول من يقم الحول نصيبها فقال رحم الله أبا عبد الرحمن اما أنه قد علم أنها في رمضان ولكن كره أن يخبركم فتتكلوا هي والذي أنزل القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم ليلة سبع وعشرين فقلت ياباالمنذر أني علمت هذا قال بالآية التي أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم فحفظنا وعودنا هي والله لا يستثنى قال قلنا لزر وما الآية قال تطلع الشمس كأنها طابس وفي رواية البخاري وغيره طست ليس لها شعاع ومن علامتها ما روى الحسن رفعها أنها ليلة بلحة أي مشرقه سمحة لا حارة ولا بارده تطلع الشمس صبيحتها لاشعاع لها وأخرج أحمد وإبن زنجويه ومحمد بن نصر وإبن مردوية والبيهقي عن عبادة إبن الصامت أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ليلة القدر فقال في رمضان فالتمسوها في العشر الآواخر فأنها في وتر ليلة أحدى وعشرين أو ثلاث وعشرين أو خمس وعشرين أو سبع وعشرين أو تسع وعشرين آواخر ليلة من رمضان من قامها أحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ومن أماراتها ليلة بلحة صافية ساكنه ساحيه أي ساكنه حاره ولا بارده كان فيها قمرا ساطعا ولا يحل للحم أن يرمى له في تلك الليلة حتى الصباح وأن من اماراتها أن الشمس تطلع صبيحتها مستوية لاشعاع لها كأنها القمر ليلة البدر حرم الله على الشيطان أن يخرج معها يومئذ وروى الطبراني عن وائلة مرفوعا ليلة القدر ليلة بلحة لا حاره ولا بارده ولا سحاب فيها ولا مطر ولا ريح ولا يرمى فيها * ومن علامة يومها تطلع الشمس لا شعاع لها وفي رواية الطيالسي عن إبن عباس تصبح الشمس صبيحتها ضعيفة حمراء وروى الطبراني أنها ليلة ريح ومطر ورعد والجمع بأنها تاره كذا وتاره كذا أو أول ليلة بصفة وآخرها باخري والله أعلم قال البغوي ففي الجملة ابهم الله تعالى هذه الليلة على هذه الأمة ليجتهدوا في العبادة ليالي شهر رمضان طمعا في أدراكها كما أخفي ساعة الجماعة في يوم الجمعة وأخفي الصلاة الوسطى في الصلوات الخمس واسمه الأعظم في الأسماء ورضاه في الطاعات ليرغبوا في جميعها وسخطه في المعاصي لينتهوا عن جميعها وأخفي قيام الساعة ليجتهدوا في الطاعات حذرا من قيامها قلت ومن مات فقد قامت قيامته والموت أن لم يكن بغته فقد ماته لايكون الا فجاة وأخرج أحمد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة القدر أنها آخر ليلة وأخرج محمد بن نصر عن معاوية قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم التمسوا ليلة القدر آخر ليلة من رمضان وأخرج عبد الرزاق وإبن أبي شيبة عن أبي قلابة قال ليلة القدر تتنقل في العشر الآواخر في كل وتر وأخرج إبن جرير في تهذيبه عن أبي قلابه قال ليلة القدر تحول في ليالي العشر كلها قلت وبهذا يجمع بين الأحاديث والأقوال ويزول الأشتباه والأشكال وأجمع منه من قال أنها تحول في ليالي رمضان كلها ثم الأجمع من الجميع من قال أنها تدور في ليالي السنه كلها لحصل بركها إلى سائرها وليدركها الأمة المرحومة غالبها فقد أخرج البيهقي عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلى المغرب والعشاء في جماعة حتى ينقض شهر رمضان فقد أصاب من ليلة القدر بخط وافر وخرج الخطيب عن أنس مرفوعا من صلى ليلة القدر العشاء والفجر في جماعة فقد أخذ من ليلة القدر بالنصيب الوافر وأخرج بن خزيمة والبيهقي عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلى العشاء الأخره في جماعة في رمضان فقد أدرك ليلة القدر وأخرج البيهقي عن علي قال من صلى العشاء كل ليلة في شهر رمضان حتى ينسلخ فقد قامه ومما يدل على أطلاق الليالي ولو في غير رمضان ما أخرجه مالك وإبن أبي شيبة وإبن زنجويو والبيهقي عن سعيد بن المسيب قال من شهد العشاء ليلة القدر في جماعة فقد أخذ بخطه منها ثم هذا لاينافي وقوعها باعتبار الاغلبية في أحدى ليالي رمضان كله أو في أوله أو في سبع عشرة أو أحدى وعشرين أو ثلاث وعشرين أو سبع وعشرين أو تسع وعشرين أو في آخر ليلة مع أن الادله على كونها سبعا وعشرين أكثر وعليه جمهور الصحابة وعامة العلماء ومما يؤيده ما أخرجه إبن أبي شيبة وإبن سعد عن أبي بن كعب قال ليلة القدر سبع وعشرين وأخرج إبن أبي شيبة عن زر أنه سئل عن ليلة القدر فقال كان عمر وحذيفة وناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لايشكون أنها ليلة سبع وعشرين وأخرج بن جرير عن علي قال ليلة القدر ليلة سبع وعشرين وأخرج عبد بن حميد عن إبن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم التمسوا ليلة القدر ليلة سبع وعشرين وأخرج إبن نصر وإبن جرير في تهذيبه والبزار والطبراني عن معاوية بن أبي سفيان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليلة القدر ليلة سبع وعشرين وأخرج أحمد والطبراني عن إبن عمر مرفوعا تحروا ليلة القدر فمن كان متحرها فليتحرها ليلة سبع وعشرين وأخرج محمد بن نصر عن أبي زر قال قلت يارسول الله أخبرني عن ليلة القدر اشي يكون في زمان الأنبياء ينزل عليهم فيها الوحي فإذا اقبضوا رفعت أم هي إلى يوم القيامة قال بل هي إلى يوم القيامة قلت يارسول الله حدثني أي الشهر هي قال أن الله لو اذن لي أن أخبركم بها لاخبرتكم فالتمسوها في العشر الآواخر من رمضان في أحد السبعين ثم لاتسألني عنها بعد مرتك هذه ثم أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس يحدثهم فلما رأيته قد استنطق به الحديث قلت اقسمت عليك يارسول الله لتخبرني بها في أي السبعين هي فغضب على غضبنا لم يغضب على قبلها ولا بعدها فقال أن الله علو أمري أن أخبركم لاخبركم لا آمن أن يكون في السبع الآواخر قيل لأبي عمروا رأيت قوله أطلبوها في أحد السبعين قال يعني ليلة ثلاث وعشرين وليلة سبع وعشرين قلت وكأنه نظر إلى أول السبع وآخره والأظهر أن أحد السبعين سبع عشرة والآخر السبع والعشرون ثم قوله السبع الآواخر يراد به السبع والعشرون نعم ما يدل على كونها ليلة ثلاث وعشرين ما أخرجه مالك إبن سعد وإبن أبي شيبة وأحمد ومسلم والطحاوي والبيهقي عن عبد الله بن أنيس أنه سئل عن ليلة القدر فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول التمسوها الليلة وتلك الليلة ليلة ثلاث وعشرين وأخرج مالك والبيهقي عن أبي النصر مولى عمر بن عبيد الله بن أنيس الجهني عنه أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم يارسول الله أني لاحل شاسع الدار أي يعيدها عن المدينة فمرني بليلة أنزل لها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنزل ليلة ثلاث وعشرين من رمضان قلت وفيه دليل على أن احيأ ليلة القدر ينبغي أن يكون في مكان ذي قدر لحوز العبادة زيادة المثوبة باعتبار فضيلتي الزمان والمكان في تلك الحاله لكن أخرج البيهقي عن الزهري قال قلت لضمره بن عبد الله بن أنيس ما قال النبي صلى الله عليه وسلم لابيك في ليلة القدر قال كان أبي صاحب باديه قال فقلت يارسول الله مرني بليلة أنزل فيها قال أنزل ليلة ثلاث وعشرين قال فلما تولى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اطلبوها في العشر الآواخر فهذا يدل على اختصاص السائل به أما لكونها في تلك السنة بخصوص تلك الليلة أو أراد أنزل ليلة ثلاث وعشرين إلى آخر الشهر ومما يدل على أنها تكون في غير الاوتار ما أخرجه الطيالسي عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليلة القدر أربع وعشرون وأخرج أحمد والطحاوي وأبو داود والطبراني وإبن جرير وإبن مردويه عن بلال قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة القدر ليلة أربع وعشرين وأخرج محمد بن نصر عن إبن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال التمسوا ليلة القدر في أربع وعشرين وأخرج أحمد ومسلم والبيهقي من طريق أبي نضره عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم التمسوها في العشر الآواخر من رمضان والتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة قلت ياياسعيد أنكم علم بالعدد منا قال أجل قلت ما التاسعة والسابعة والخامسة قال إذا مضت واحدة وعشرون فالتي تليها التاسعة وإذا مضت الثلاث والعشرون فالتي تليها السابعة وإذا مضى خمس وعشرون فالتي تليها الخامسة وأخرج الطيالسي وإبن زنجوية وإبن حبان والبيهقي عن أبي ذر قال منها مع رسول الله فلم يقم بنا شيئا من الشهر حتى إذا كانت ليلة أربع وعشرين السابع مما يبقى صلى بنا حتى كاد أن يذهب ثلث الليل فلما كانت ليله خمس وعشرين لم يصل بنا فلما كانت ليله ست وعشرين الخامسة مما * صلى بنا حتى كاد أن يذهب شطر الليل فقلت يارسول الله لو نقلتنا بقية ليلتنا فقال لا أن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة فلما كانت ليلة سبع وعشرين لم يصل بنا فلما كانت ليلة ثمان وعشرين جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم أهله واجتمع له الناس فصلى بنا حتى كاد أن يفوتنا الفلاح ثم لم يصل بنا شيئا من الشهر والفلاح السحور قلت وبهذا يتبين معنى مارواه البخاري وأبو داود وإبن جرير والبيهقي عن إبن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال التمسوها في العشر الآواخر من رمضان في تاسعة تبقى وفي سابعة تبقى وفي خامسة تبقى لكن يعارضه ما أخرجه محمد بن نصر والحاكم وصححه عن النعمان بن بشير قال قمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان ليلة ثلاث وعشرين إلى ثلث الليل ثم قمنا معه ليلة سبع وعشرين حتى ظننت أنا لا ندرك الفلاح وكنا نسميها الفلاح وأنتم تسمون السحور وأنتم تقولون ليلة سابعة ثلاث وعشر ونحن نقول ليلة سابعه سبع وعشرون فنحن اصوب أم أنتم قلت فكان الخلاف وقع بين الصحابة في سابقه تبقى وهذا الحديث يرجح انها هي السبع والعشرون ويصحح أنها أقوى أحد السبعين على ماسبق ذكرهما في الحديث الأول فتأمل وأخرج البخاري في تاريخه عن إبن عمر وسأل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن ليلة القدر فقال إبن عباس أن * يجب السبع ولقد اتيناك سبعا من المثاني وأخرج محمد بن نصر وإبن جرير والطبراني والبيهقي عن إبن حبان أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم * الله أني شيخ كبير يشق على القيام فمرني بليلة لعل الله أن يوفقني فيها ليلة القدر وقال عليك بالسابعة وأخرج البيهقي من طريق الأوزاعي عن عبيدة بن أبي لبابه قال ذقت ماء البحر ليلة سبع وعشرين من شهر رمضان فإذا هو عذب قلت وصبيحة ليلة القدر أيضا لها زيادة فضيلة على سائر الازمة كما يدل عليه ما أخرجه البيهقي في شعب الأيمان عن أبي يحيى بن مره قال طفت ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان فأريت الملائكة في الهواجر إلى البيت والهاجره على مافي القاموس شده الحر ونصف النهار عند زوال الشمس مع الظهر أو في عند زوالها إلى العصر لأن الناس يسكنون في بيوتهم كأنهم قد تهاجروا وأخرج إبن أبي شيبة عن الحسن بن الجسر قال بلغني أن العمل في يوم القدر كالعمل في ليلتها وأخرج إبن أبي شيبة عن عامر قال يوم كليلتها وليلتها كيومها وأخرج الديلمي عن أنس مرفوعا أربع لياليهن كايامهن وأيامهن كلياليهن بيسر الله فيها القسم ويعتق فيها النسيم ويعطي فيهن الجزيل ليلة القدر وصباحها وليلة عرفه وصباحها وليلة النصف من شعبان وصباحها وليلة الجمعة وصباحها قلت الظاهر أن الترتيب في فضلنا ما رتب في عطفها هذا وأخرج البيهقي عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان ليلة القدر نزل جبريل في كبكبة من الملائكة يصلون على كل عبد قائم أو قاعد يذكر الله فإذا كان يوم عيدهم باقي بهم ملائكته فقال ياملائكتي ماجزاء اجير وفي عمله قالوا ربنا جزاؤه ان يوفي اجره قال ياملائكتي عبيدي وأمائي قضوا فريضتي عليهم ثم خرجوا * إلى بالدعاء وعزتي وجلالي وكرمي وعلوي وارتفاع مكاني أي مكانتي لأجيبنهم فيقول أرجعوا قد غفرت لكم وبدلت سيئاتكم حسناتك فيرجعون * لهم وأخرج محمد بن نصر عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من قراانا أنزلناه في ليلة القدر عدلت بربع القرآن قلت فينبغي أن يقرأها أربع مرات ليحصل له ثواب ختمه كامله وأما ما ذكره القاضي عن النبي صلى الله عليه وسلم من قرأ سورة القدر أعطي من الأجر كمن صام رمضان واحيي ليلة القدر فموضوع باتفاق ثم رأيت السيوطي رحمه الله ذكر في الجامع الكبير عن أبي جعفر بن علي قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استهل هلال شهر رمضان استقبله بوجهه ثم يقول اللهم اهله علينا بالأمن * والاسلام والعافية المجلله ودفاع * والعون على الصلاة والصيام وتلاوة القرآن والقيام اللهم سلمنا لرمضان وسلمه لنا حتى يخرج رمضان وقد غفرت لنا ورحمتنا وعفوت عنا ثم يقبل على الناس بوجهه فيقول أيها الناس أنه إذا أهل هلال شهر رمضان علت فيه مردة الشياطين وغلقت أبواب جهنم وفتحت أبواب الرحمة ونادى مناد من السماء كل ليلة هل من سائل هل من تائب مضل من استغفر اللهم اعط كل منفق خلقا وكل ممسكا تلفا حتى إذا كان يوم الفصل نادى مناد من السماء هذا يوم الجائزه فاغدوا فخذوا جوائزكم قال محمد بن علي لا تشبه جوائز الأمراء رواه إبن عساكر في تاريخه وفقنا الله لما يحبه ويرضاه واقامنا على جادة الاستقامة واغنانا عما سواه واثبتنا في ديوان السعداء مع أولياء الله ومحا عنا الحجاب يوم نلقاه وجمع بيننا وبين ارباب الجمع من كل فرد انفرد بمقام الحضور في خدمة مولاه وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين .
Shafi 42
التدهين للتزيين على وجه التبيين
لعلي القاري عليه رحمه المعين
Shafi 43
بسم الله الرحمن الرحيم رب زدني علما ياكريم الحمد لله الذي دل على الخير وهدى وأمر بما فيه صلاح الأمر وعن صدق قد نهى والصلاة والسلام على من جعل اتباعه واجبا على ما وراءه من الوري فمن اتبع هديه فقد اهتدى ومن امتنع عنه فقد ضل وغوى وعلى آله وأصحابه نجوم الهدى ورجوم الردى أما بعد فبعد ما كتبت رسالة مشتملة على تحقيق مسألة الأشارة بالمسبحة في الصلاة حال الشهادة في العقدة وبينت أنها ثابته بأحاديث وردت في السنة وصحت الرواية المطابقة لها عن أئمتنا الثلاثة وكذا عن بقية الأربعة وزيفت كلام من قال بترك الأشارة أو برواية الكراهة وطفيت على من تعدى عن حد الاستقامة بجعل الأشارة من الأفعال المحرمة كتب إلى بعض علماء زماننا ومشايخ اواننا من ذوي الفضائل الحميدة والفواضل العديدة بما خلاصته أني طالعت الرسالة المذكورة واستفدت من فوائدها المسطورة لكن وقعت لي شبهة في الظاهر وأريد رفعها عن الخاطر وهي أنه أوقع علي الكيداني تشببها كثيرا وطعنا كبيرا في القول بالحرمه مع أنه من ارباب العلم والحشمة فإنه وجد في ظهر كتاب عتيق أنه تصنيف حافظ الدين أبو البركات عمر النسفي وكذا أيضا سمع من بعض الناس أنه من تأليفه الوفي والحال أن في الروايات الفقهية وقعت أختلافا كثيرا من العلماء الحنفية ففي الواقعات والتنجيس ومختارات النوازل والمضمرات والولوالجي والفتاوى الكبرى لا يشيرو عليه الفتوى وفي شرح الكنز إذا انتهى إلى قوله أشهد أن لا إله إلا الله فالمختار أنه لا يشير كذا في الواقعات والخلاصه وغيرهما وفي * وايضاح الصلاح والزيلعي ومنية المفتي يكره الأشارة وفي الظهيريه ولا يشير عند قوله أشهد أن لا إله إلا الله وفي الكفاية شرح الهداية وفي ظاهر الأصول لا يرفعها وكذا روى عن أبي يوسف وفي جواهر الأخلاطي وفي ظاهر رواية الأصول عدم رفعها وهو المروي عن القاضي والمختار الكراهة فيه وفي العتابيه ولا يشير بالسبابه عند التشهد وهو المختار وفي الغيائبه هو المختار وعليه الفتوى ومن هذا القبيل وردت روايات آخر وأيضا من المعلوم أن بعضهم قال كل مكروه حرام فيحتمل أن الكيداني ذهب إلى هذا المذهب وأيضا المقرر أن تحريم الحلال وتحليل الحرام إنما هو في الأمر المتفق عليه لافي الفروعات المختلفة في المذاهب والغرض من العرض أن يتأمل في هذا الباب ويكتب المرجح في الجواب على وجه الصواب فأقول وبالله التوفيق وبيده ازمة التحقيق أن مجمل الكلام في مقام المرام هو أن ما نقل عن المشايخ فهو خلاف الرواية والدراية على ما صرح به الإمام المحقق إبن الهمام في شرح الهداية وتوضيحه أن رواته الأشارة ثابته عن أئمتنا الثلاثة على وجه الصراحة فما قال غيرهم خلاف رواية السلف المتقدمين وإنما هو من اختيارات بعض الخلف المتأخرين مع أنها متعارضة والعيارات مضطربة ومتناقضة وأما خلاف الدراية فلأن الأشارة ثبتت بالأحاديث النبوية وأتفقت عليه كلمة الأمة الأسلامية ثم نقول القائل بعدم الأشارة هل هو يدعي الأجتهاد المطلق أو الاجتهاد في المذهب المحقق ولا سبيل إلى الأول على ما عليه المعول وعلى تقدير التنزل فيقال أخطأ في اجتهاده حيث خالف السنه وأجماع علماء الأمة فلا يجوز تقليده لقوله صلى الله عليه وسلم من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد وأن كان هو مجتهدا في المذهب فمحله إنما هو إذا لم تكن المسألة منصوصة تخرج على مقتضى قواعد أصول إمام المذهب وفروعه المبينه وعلى سبيل العرض فغيره أثبت الأشارة والمثبت مقدم على النافي لاسيما وهو مؤيد بالأحاديث الصحيحة ثم القائل بأن الفتوى على ترك الأشارة مدع بانه مجتهد في المسألة فمحله إذا وجد عن الأمام روايتان أو عنه رواية وعن صاحبيه أخرى فحينئذ له وجه التصحيح مع أنه يحتاج إلى دليل الترجيح إذ لايقبل ترجيح بلا مرجح ولا تصحيح بلا مصحح فلو فرض وجود روايتين فالراجح ما وافق الأحاديث المصطفويه وطابق أقوال جمهور علماء الأمة مع أنه معارض بقول آخرين من المشايخ المعتبرين أن الفتوى على الأشارة وأن لا خلاف في كونها من السنه وأما القائل باثبات الكراهه فقد أبعد عن مرتبة النزاهة فان المكروه ما ثبت النهي في حقه مع المعارض المساوي له بلا ترجيح وحكمه الثواب بالترك لله وخوف العقاب بالفعل وعدم الكفر بالاستحلال ولا شك في عدم ورود نهي الشارع عنه ولو ادعاه مدع فعليه البيان وعلينا رده بالبرهان وأما الأحتمالات الوهمية والترددات العقلية بإنه يحتمل أن يكون القائلون برواية ترك الأشارة أو وجود الكراهة وجدوا نقلا عن بعض أئمتنا الثلاثة أو ورود نهي بالخصوص في كتب السنه فهي غير معتبره عند ارباب الأعتبار من أصحاب النظار فثبت العرش ثم انقش واسرح السراج ثم انكش ومن أكبر العجائب وأظهر الغرائب أن بعض الناس في هذا الزمان مع دعويهم انهم من فضلاء الاوان يرضون بتقليد بعض المقلدين من غير دليل وبرهان في الدين ويتركون الروايات الصريحة عن المجتهدين المؤيدة بالأحاديث الصحيحة عن سيد المرسلين وهل هذا إلا من قبيل ما قال تعالى في حقهم قالوا أنا وجدنا أباءنا على السنة وأنا على آثارهم مقتدون وأما العامة الجاهلة عن معرفة الرواية والدراية فهم في الجملة معذرون فمن تبع عالما لقى الله سالما ولذا قال صلى الله عليه وسلم ويل للجاهل مره وويل للعالم سبع مرات وأما القائل بحرمتها المنفرد بكتابتها المسمى بملأ لطف الله النسفي المشهور بالفاضل الكيداني كما صرح به شارحه مولانا شمس الدين محمد القهستاني فقوله من أقبح القبيح بل من الكفر الصريح حيث وقع مخالفا للحديث الصحيح ومناقضا أئمة المذهب على ما ثبت عنهم بالتصريح واتفق عليه المشايخ والفضلاء بل انعقد عليه أجماع العلماء إذ لا عبرة بمخالفة من خالفهم من الخلف من غير نقل وبيان ودليل وبرهان بل بالحكم المجرد العاري عن الوجه المؤيد ونقل السائل كل مكروه حرام غير مستقيم عند علماء الأنام حيث قال علماء الأصول ومن جملتهم الكيداني في الفرق بين المكروه والحرام أن الحرام ما ثبت النهي فيه بلا معارض له وحكمه الثواب بالترك لله عز وجل والعقاب بالفعل وحكمه الكفر بالاستحلال في المتفق عليه وأما المكروه فقد قدمنا تعريفه ثم أعلم أن المكروه على نوعين تحريم وتنزيه وأختلفوا في الفرق بينهما فعند محمد أن ما منع عن الفعل بدليل قطعي فحرام وبظني فمكروه تحريما وما لم يمنع عنه وتركه اولى فتنزيه وعندهما أن منع منه فحرام وأن لم يمنع منه فإن كان إلى الحرام أقرب بإن أستحق فاعله محذورا كحرمان الشفاعة دون العقوبة بالنار فتحريم كلحم الفرس على الصحيح وأن كان إلى الحل قرب بأن لم يستحق فاعله محذورا وأثبت تاركه فتنزيه فالمكروه تحريما وتنزيها عندهما تنزيه عنده والتحريم عنده قسم من الحرام عندهما وهو ما منع عنه بدليل ظني فهذا تفصيل بيان المكروه والمحرم عند أئمتنا الثلاثة قال المحقق إبن الهمام الحرام مقابل بالغرض والمكروه تحريما مقابل بالواجب والمكروه تنزيها مقابل بالسنه فقول القائل كل مكروه حرام باطل قطعا إذ من جملة المكروه في المكروه التنزيهي وهو الذي تركه اولى من فعله فلا يصح أطلاق الحرام عليه على تقدير ثبوت الكراهة التنزيهية إلا بطريق المجاز وهو محموم المعنى اللغوي فإن الحرام جاء بمعنى الممنوع وهو في الجملة شامل للتنزيهي والتحريمي والحرام القطعي كما هو المعلوم ومع هذا إذا قال شخص لأمر مباح متفق عليه فضلا عن أن يكون مستحبا مجتمعا عليه أنه حرام ويدعي أنه أراد بالتحريم الكراهة التنزيهية فلا شك أنه لايقبل قوله فأنا نحن بحكم بالظواهر والله أعلم بالسرائر نعم هو بينه وبين الله غير معاقب عليه وقد تبين أن مسألتنا هذه ماهي من الفروعات المختلف فيها فان ما حققنا دل على أنها من المستحبات المتفق عليها وغاية العذر في حق غيره من المشايخ هو أن يقال ما وصل إليهم نقل صريح عن الأئمة ولا بلغهم حديث صحيح عن صاحب النبوة والا فكيف يسرع قسم أن يسمع بحديث في صحيح مسلم وغيره من الأصول المعتبره والكتب المعتمدة بالطرق المختلفة عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين ويدري بنقل مثل الإمام محمد في موطأته حديثا صحيحا ثم يقول هذا قول أبي حنيفة وقولي ومع هذا عليه بقية العلماء المجتهدين والسلف الصالحين فيعدل عن هذا كله يجترئ على القول بنفي الأشارة أو أثبات الكراهة بلا حجة ودلالة وأما القول بالتحريم وأن كان عذره الظاهري أنه جهل لكن لايقبل هذا العذر عند ارباب العدل فإذا تبين لك المراد وظهر لك طريق السداد فعليك بمتابعة السنة والاقتداء برواته الأئمة وأياك والنظر إلى خلف الخلف مع مخالفتهم للسلف هدانا الله وأياكم إلى الطريق المستقيم والمنهج القويم والحمد لله العلي العظيم والصلاة والتسليم على رسوله الكريم وختمنا بالحسنى وبلغنا المقام الأسنى تمت نقلته من خط مؤلفه عاملنا الله بتلطفه .
Shafi 47
التصريح في شرح التسريح
Shafi 48
بسم الله الرحمن الرحيم رب العمر فزد ياكريم الحمد لله الذي زين العباد بما أراد وبين طريق المراد للزهاد والعباد والصلاة والسلام الاتمان الاعمان على محمد قامع ارباب العناد وقاطع أصحابه الفساد وعلى آله وأصحابه والتابعين له في مسلك زاد المعاد أما بعد فيقول المفتقر إلى بر ربه الباري علي بن سلطان محمد القاري غفر ذنوبه وستر عيوبه بلطفه الخفي وكرمه الوفي أن سيدنا ومعتمدنا في سترنا رابطه عقد غلغلة الأولياء المكرمين وواسطة سلسلة عقد الأصفياء المعظمين سلالة الأكابر البهائية وخلاصة الماخر الضيائية * الثاني في حسن المباني والمعاني وسالك مسالك العروف الكرخي مولانا نظام الدين يعقوب الكرخي روح الله روحه وفتح لنا فتوحه ذكر في رسالته الانسية المستانسه بمقالته القدسية عن بعض المفسرين أنه قال في قوله تعالى يابني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد المراد به تسريح اللحية وكأنه أراد أنه من جملة المراد فأن الآية نزلت في ستر العورة عند كل صلاة وطواف وسجود ففي أطلاق المسجد مجاز عن ذكر المحل وأراده الحال والله أعلم بحقائق المقال ثم القاعدة المقرره أن العبره بعموم اللفظ لا بخصوص السبب فهذا الأعتبار يشمل الزينه الزائده على ستر العوره الذي هو من الأمور الواجبة ومنها الرداء والعمامه وسائر الآداب كما في كتاب الأمامه ثم ظاهر لأنه أن يكون التسريح عند كل صلاة وهو قياس السواك في النظافة واللطافة وأزالة الوسخ والكثافه فقد قال العسقلاني نقلا عن إبن بطال أن الترجل في شمائله عليه السلام من باب النظافة وقد ندب الشرع * لقوله صلى الله عليه وسلم النظافة من الدين ولأن الظاهر عنوان الباطن قال وأما حديث الذي عن الترجل الاغبا فالمراد به ترك المبالغه في الترفه يعني المشعر بانه من طبع النفس والهوى والمشير بأنها في تنظيف الباطن أولى والمومى إلى الجمع بين ماورد من حديث البذاذه من الأيمان وهي رثاثه الهبه وترك الترفه واختيار التواضع مع القدره لايسبب جحد النعمه منها خرج النسائي من طرق عبد الله بن بريده أن رجلا من الصحابه يقال له فضاله بن عبيد قال له رجل مالي اراك شعثا قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن كثير من الارفاه وهو بكسر الهمزه أي السعم وقيل الترجل وقيد في الحديث بالكثير ايماء إلى أن الوسط المعتدل منه لايذم ولذلك يجمع بين الأخبار والله أعلم وفي الموطأ عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا ثائر الرأس واللحية فأشار اليه باصلاح رأسه ولحيته وهو مرسل صحيح السند وله شاهد من حديث جابر أخرجه أبو داود والنسائي بسند حسن وفي السمائل عن أنس قال كان عليه السلام يكثر دهن رأسه وتسريح لحيته والمراد بتمشيطها وارسال شعرها وحلها بمشطها وذكر إبن الجوزي في كتاب الوفاء عن أنس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أخذ مضجعه من الليل وضع له سواكه وطهوره ومشطه فإذا * الله عز وجل من الليل استاك وتوضأ وامتشط وأخرج الخطيب البغدادي في الكفاية عن عائشة قالت خمس لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يدعهن في سفر ولا حضر المرآه والمكحله والمشط والمدرى أي المحك للشعر والمسواك وأخرج الطبراني في الأوسط من وجه آخر عن عائشة قالت كان لايفارق رسول الله صلى الله عليه وسلم سواكه ومشطه وكان ينظر في المرآه إذا سرح لحيته وعن عبد الله إبن مغفل قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الترجل الاغبا كذا في الشمائل أي وقتا بعد وقت ومنه حديث زرغبا يزد دحبا وقيل هوان بفعل يوما ويترك يوما ونقل عن الحسن في كل أسبوع ولعله محمول على تمشيط شعر الرأس وكذا الكلام على ما في الشمائل عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه عليه السلام كان يترجل عنا فقد ذكر السيوطي في الفتاوى الحديثة نقلا من كتاب نزهة المجالس لعبد الرحمن الصفوري عن أبي بن كعب قال قال عليه السلام من سرح لحيته كل يوم عوفي من أنواع البلاء وزيد في عمره وعنه عليه السلام من امر المشط على حاجبه عوفي من الوباء وعن علي مرفوعا عليكم بالمشط فأنه يذهب الفقر ومن سرح لحيته حين يصح كان له أمانا حتى يمسى لان اللحية زين الرجال وجمال الوجه وعن وهب من سرح لحيته بلا ماء زاد همه أو بماء نقص همه ومن سرحها يوم الأحد زاده الله تعالى نشاطا والأثنين قضى حاجته أو الثلاثاء زاده الله رخاء أو الاربعاء زاده الله نعمه أو الخميس زاد الله تعالى في حسناته أو الجمعة زاده الله سرورا أو السبت طهر قلبه من المنكرات ومن سرحها قائما ركبه الدين أو قاعدا ذهب عنه الدين بذان الله انتهى وفي عين العلم وسرح اللحية بعده أب بعد فراغ الوضوء وفي الأحياء ورد في حديث غريب أنه عليه السلام كان يسرح لحيته في اليوم مرتين والترمذي في الشمائل أنه عليه السلام كان كث اللحية من حديث هند بن أبي هاله ولأبي نعيم في دلائل النبوه من حديث علي وروي عن عائشة اجتمع قوم إلى باب رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج إليهم فرأيته تطلع في الجب يسوى من رأسه ولحيته قلت أو تفعل ذلك يارسول الله فقال نعم أن الله يحب من عبده أن يتحمل لاخوانه إذا خرج اليهم وهو غريبا خرجه بن عدي * المقام ما قال حجة الإسلام أن الجاهل يظن أن فعله عليه السلام ذلك من حب التزين للأنام قياسا على اخلاق غيره في الدين * للملائكة بالحدادين وهيهات فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مأمورا بالدعوة وكان من وظائفه أن يسعى في تعظيم نفسه في قلوبهم حال انسه كيلا تزدريه نفويهم وفي تحسين صوريه في اعينهم كيلا تستصغره اعينهم فينفرهم ذلك ويتعلق المنافقون بذلك في تنفيرهم وهذا القصد واجب على كل عالم يتصدى لدعوة الخلق إلى الخلق وهو أن يراعى من ظاهره مالا يوجب نفرة الناس عنه والأعتماد في مثل هذه الأمور على النيه وتحسين الطويه فأنها في نفسها أعمال تكتسب الاوصاف من المقصود فالتزين على هذا القصد محبوب ومرغوب وترك الشعث باللحية أظهار * وقلة المبالاة بالنفس محذور وتركه شغلا بما هو منه أهم منه محبوب ومشكور ومن هذا القبيل ماقيل لداود الطائي لم لا تسرح لحيتك قال أني اذا لفارغ وهذه أحوال باطنه بين العبد وبين ربه الخبير والناقد بصير والتلبيس غير رائج عليه بحال وكم من جاهل يتعاطى هذه الأمور التفاتا إلى الخلق وهي تلبس على نفسه وغيره ويزعم أن قصده الخير فترى جماعة من العلماء يلبسون الثياب الفاخرة ويزعمون أن قصدهم ارغام المبتدعة والمخالفين والتقرب إلى رب العالمين وهذا أمر ينكشف يوم تبلى السرائر ويوم يبعث مافي القبور ويحصل مافي الصدور فعند ذلك يتميز السبكه الخالص من البهرج فتعوذ بالله من الخزي يوم الأكبر والحاصل أن تسريحها لأجل الناس مذموم كما أن تركه لأظهار الزهد مشوم ومما ينبغي مراعاته في تسريح اللحية والرأس التيامن فأنه عليه السلام كان يحب التيمن في طهوره وتنعله وترجله كما في الشمائل وغيره ومن الآداب المعدودة من المستحبات في هذا الباب جمع الشعر والظفر ونحوهما من اجراء البدن ودفتها وأن لايقطع شيئا الا وهو على طهارة هذا وقد اختلفوا فما طال من اللحية فقيل أن قبض على لحيته وأخذ ما تحت القبضه فلا بأس به بل هو مندوب فقد فعله إبن عمر وجماعة من التابعين واستحسنه الشعبي وإبن سيرين وهو مختار الحنفية وقد أغرب صاحب الهدايه في قوله وجب قطع مازاد من القبضه وكرهه الحسن وقتاده وجماعه وقالوا تركها عافيه أحب لقوله عليه السلام قصر الشوارب واعفوا اللحي رواه أحمد عن أبي هريرة قال الغزالي والأمر في هذا قريب إذا لم ينتبه إلى تقصص اللحية وتدويرها من الجوانب فأن الطول الفرط قد يشوه الخلقه ويطلق السنة أهل الغيبه فلا بأس بالاحتراز عنه على هذه النيه وقد قال النخعي عجبت لزجل عاقل طويل اللحية كيف لايأخذ من لحيته ويجعلها بين لحيتين أي الطويلة والقصيرة فأن التوسط في كل شيء حسن ولذا قيل ما طالت اللحية الا وقد نقص العقل وفي مسند الإمام أبو حنيفة عن الهيثم عن رجل أن ابا قحافه أتى النبي صلى الله عليه وسلم ولحيته قد انتشرت فقال عليه السلام لو أخذتم وأشار بيده إلى نواحي لحيته وفي حديث الترمذي عن إبن عمرو أنه عليه السلام كان يأخذ من لحيته من عرضها وطولها ومن اللطانوان بعض الأكابر قال حفظت شيئا لم يحفظه أحد قبلي ونسيت شيئا لم ينسه أحد بعدي فاما الأول فقد حفظت القرآن كله في ثلاثة أيام وأما الثاني فاردت أن أقصر لحيتي فقطعت فقطعت من جانب حلقي وأما الخضاب بالسواد فهو منهى عنه قال صلى الله عليه وسلم خير شبابكم من تشبه بكهولكم وشر كهولكم من تشبه بشبابكم رواه الطبراني من حديث واثله بإسناد ضعيف والمراد الشبه بالشيوخ في الوقار لا في سض الشعر وقد نهى عليه السلام عن الخضاب بالسواد رواه إبن سعد في الطبقات من حديث عمرو بن العاص بإسناد منقطع ولمسلم من حديث جابر غيروا هذا بشيء واجتنبوا السواد قاله حين رأى بياض شعر أبي قحافه وقال عليه السلام الخضاب بالسواد خضاب أهل النار وفي لفظ خضاب الكفار رواه الطبراني والحاكم من حديث إبن عمر وعن إبن عباس مرفوعا يكون في آخر الزمان قوم يخضبون بالسواد كحواصل الحمام لايريحون روائح الجنه رواه أبو داود بإسناد جيد ويقال أول من خضب بالسواد فرعون وتروح رجل على عهد عمر رضي الله عنه وقد كان خضب بالسواد ففصل خضابه أي خرج وبطل وطهرت شيبته فرفعه أهل المراة إلى عمر فرد * واوجعه ضربا وقال غررت القوم بالشباب ودلست عليهم بشيبتك وأما الخضاب بالحمرة والصفرة فهو جايز تلبيسا للشيب على الكفار في الغزو والجهاد فأن لم يكن على هذه * بل للتشبه بأهل الدين فهو مذموم وقال صلى الله عليه وسلم الصفره خضاب المسلم والحمره خضاب المؤمن رواه الطبراني والحاكم وفيه تنبيه نبيه على أن الحمرة أفضل من الصفره وكانوا يخضبون بالحنا للحمره وبالخلوق والكم للصفرة وقد بيناهما في شرح الشمائل وخضب بعض العلماء بالسواد لأجل الجهاد وذلك * إذا صحتالنيه ولم يكن من شهوه خفيه في الطوية وأما تبيضها بالكبريت استعجالا لاطهار علو السن توصلا إلى التوقير والتصديق بالرواية عن الشيوخ وترفعا على الشباب وأظهار الكثرة العلم ظنا بأن كثرة الأيام تعطيه فضلا على اقرانه من الأنام وهيهات ومهلا فلا يزيد كبر السن الا جهلا فالعلم ثمرة العقل وهو غريزة لايؤثر الشيب فيها ومن كان غريزته الحمق فطول المدة تؤكد حماقته وقد كان الشيوخ تعد موت الشباب بالعلم كان عمر رضي الله عنه يقدم إبن عباس وهو حديث السن على اكابر الصحابه وسأله دونهم وقد قال تعالى في حق يحيى واتيناه الحكم صبيا ويقال أن يحيى بن اكثم ولي القضاء وهو إبن أحدى وعشرين سنه فقال رجل وهو في مجلسه يريد أن يجهله نصف سنه كم سن القاضي أيده الله فقال مثل سن عتاب بن أسيد حين ولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم أمارة مكة وقضاءها يوم الفتح فافجه فأنه كان حين ولايته إبن عشرين سنه وروى عن مالك قال قرأت في بعض الكتب لاتغرنكم اللحى فأن التيس له لحيه وقال أبو عمرو بن العلاء إذا رأيت رجلا طويل القامه عريض اللحية فاقضي عليه بالحمق ولو كان امية بن عبد شمس وقال أيوب السختياني أدركت شيخا ابن ثمانين سنه سمع الغلام يتعلم منه وقال علي بن الحسين من سبق اليه العلم قبلك فهو امامك فيه وأن كان أصغر سنا منك وقيل لأبي عمرو بن العلا ايحسن من الشيخ أن يتعلم من الصغير قال أن كان الجهل يقبح به فالتعلم يحسن به وأما تتق بياضها استنكافا من الشيبة فقد نهى عليه السلام عن نتف الشيب وقال هو نور المؤمن رواه أبو داود والترمذي وحسنه والنسائي وإبن ماجه من رواية عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده وورد من شاب شيبة في الإسلام كانت له نورا يوم القيامة رواه الترمذي والنسائي عن كعب بن مره وفي رواية الحاكم في الكنى حزام سلمه بلفظ من شاب شيبة في الاسلام كانت له نورا مالم يغيرها أي نتفها أو تسويدها وفي موطأ الإمام محمد أخبرنا مالك أخبرنا يحيى بن سعيد أنه سمع سعيد بن المسيب يقول كان إبراهيم عليه السلام أول الناس رأى الشيب فقال يارب ماهذا فقال الله تعالى وقال * قال رب زدني وقارا فأن قلت إذا كان الشيب وقال أو نورا فما الحكمه في أن نبينا صلى الله عليه وسلم لم يكثر الشيبعليه قلنا لمحبته للنساء وكراهتهن بالطبع فما أراد الله أن يكرهنه وأما نتفها أو نتف بعضها بحكم العبث والهوس فهو مكروه ومشوه للخلقه ونتف الفينكين بدعه وهما جنبتا * وهي الشعر الذي بين الشفه السفلى والذقن شهد عند عمر بن عبد العزيز رجل كان ينتف فكيه فرد شهادته ورد عمر بن الخطاب وإبن أبي ليلى قاضي المدينة شهادة من ينتف لحيته وأما نتفها في أول البنات وكذا حلقها تشبها بالمرد فهو من المنكرات الكبار فأن اللحية زينة الرجال ولله ملئكه يقسمون والذي زين بني آدم باللحي وهي من تمام الخلق وبما تميز الرجال عن النساء وقيل في غريب التأويل اللحيه هي المراد بقوله يزيد في الخلق ما يشاء ولقد قال أصحاب الحنيف وددنا أن تتقوى للاحنف لحيه ولو بعشرين الفا وقال شرع القاضي وددت أن لي لحيه بعشرة الآف وقيل أن أهل الجنه مرد الا هارون أخا موسى فأن لحيته إلى سرته تخصيصا له ولعل الحكمه أخباره سبحانه في كلامه عن كليمه أنه أخذ بلحيته في الدنيا فأراد الله بقاءه في العقبى وأما تخصيصها كالتعبية طاقه على طاقه تزيينا للنساء والتصنع والرياء فقد قال كعب يكون في آخر الزمان أقوام يقصون لحاهم كذنب الحمامه ويعرقفوا نعالهم كالمناجل اولئك لا خلاق لهم وأما النظر الى سوادها وبياضها يعني العجب والغرور فذلك مذموم في جميع اجزاء البدن بل في جميع الأخلاق والأفعال والأقوال والأحوال وقد أختلف في قص الشارب وحلقه أيهما أفضل ففي الموطأ يؤخذ من الشارب حتى بيد واطرف الشفه وعن إبن عبد الحكم عن مالك قال ويخفي الشارب ويعفى اللحاء وليس اخفاء الشارب حلقه وأرى تأديب من حلق شاربه وعن اشهب أن حلقه بدعه قال وأرى أن يوجع ضربا من فعله وقال النووي المختار أنه يقصه حتى بيد وطرف الشفه ولا يحفه من اصله قال الطحاوي ولم يجدوا عن الشافعي شيئا منصوصا في هذا وكان المزني والربيع يحفان شاربهما وأما أبو حنفية وصاحباه فمذهبهم في الشارب أن الاحفاء أفضل من التقصير وأما أحمد فقال الاثرم يحفي شاربه شديدا وقد اختلفوا * يقص طرفا الشارب أيضا وهما السبا لأن ام يتركان كما يفعله الأكثرون قال في الأحياء لابأس بتركها فعل ذلك عمر وغيره لأنه لا يستر الفم ولا يبقى فيه غمرة الطعام إذ لايصل إليه انتهى وروى أبو داود عن جابر قال كنا نعفى السال الا في حج أو عمرة وكره بعضهم ابقاءهما لما فيه من التشبه بالاعاجم بل بالمجوس وأهل الكتاب وهذا اولى بالصواب لما رواه إبن حبان في صحيحه من حديث إبن عمر قال ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم المجوس فقال انهم يوفرون سبالهم ويحلقون لجاهم فحالقوهم فكان يحز سباله كما يحز الشاة أو البعير وروى أحمد في مسنده في اثناء حديث لأبي امامه فقلنا يارسول الله فأن أهل الكتاب يقصون عثاينهم ويوفرون سبالهم فقال قصوا سبالكم ووفروا عثاينكم وخالفوا أهل الكتاب والعثانين جمع عثنون وهو اللحية قاله في شرح تقريب الأسانيد قلت والأظهر أن المراد بالسبال الشوارب والله أعلم وأما حلق الرأس فما حلقه عليه السلام وأصحابه الكرام ألا بعد فراغ حجة أو عمرة وإنما حلقه علي لأنه كان كثير الجماع والاحتياج إلى الأغتسال وقد سمع أنه عليه السلام قال تحت كل شعر جنابه قال ومن ثم عاديت راسى وقد اقره عليه السلام فيكون سنه على أن عليا من الخلفاء الراشدين وقال عليه السلام اقتدوا بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين فهم مقتدون في أمور الدين ولقد رأى البسطام وجهه في المرآة فقال ظهر الشيب ولم يذهب العيب وما أدرى في الغيب وفي السنة إذا رأى وجهه في المرآة يقول اللهم كما حسنت خلقي فحسن خلقي وسئل أبو يزيد هل لحيتك أفضل أم ذنب الكلب فقال أن مت على الإسلام فلحيتي أفضل * الكلب أكمل فختم الله لنا بالحسنى وبلغنا المقام الاسنى والحمد لله وحده وصلى الله علي من لا بنى بعده وعلى آله وصحبه ومن يكون * لم وجنده فرغ تسويده على يده مصنفه من أول يوم الأثنين الى مصنفه وحسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة ألا بالله العلي العظيم .
نقلته من خط مؤلفه عاملنا الله بتلطفه .
Shafi 56
[الفضل المعول في الصف الأول]
Shafi 57
بسم الله الرحمن الرحيم رب زدني علما ياكريم الحمد لله أولا وأخرا وباطنا وظاهرا والصلاة والسلام على أول الموجودات وأفضل المخلوقات وعلى آله وأصحابه الصافين ببابه والحابين حول جنابه أما بعد فيقول المفتقر إلى ربه الباري علي بن سلطان محمد القاري قد قال الله تعالى والصافات صفا أقسم بالملائكة الصافين في مقام العبودية للقيام في الربوبيه أو بنفوس العلماء الصافين في العبادات الجامعين بين العلم والعمل في جميع الحالات أو بنفوس الغزاه الصافين في الجهاد الواقعين لفتح البلاد وقد قال عز من قال حكاية عن الملائكة * بن بالعباده وأنا لنحن الصافون أي في اداء الطاعه وقضاء الخدمة وقال عز وعلا أن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص وسبيله يشمل طريق الغزاه وفريق الصلوة وقال جل جلاله وعظم نواله ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رغب على الصف الأول فأزدحموا عليه فنزلت وقيل أن أمرأة حسناء كانت تصلي خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فتقدم بعض القوم لئلا ينظر إليها وتأخر بعضهم ليقع نظره عليها فنزلت وقد ورد أحاديث كثيرة في هذا الباب استيعابها يغض إلى الأطناب منها قوله عليه السلام أن الله وملائكته يصلون على الصف المقدم رواه أحمد والنسائي والضياء عن البراء وفي رواية للنسائي على الصفوف المتقدمه ومنها قوله عليه السلام أن الله وملائكته يصلون على الذين يصلون الصفوف ولا يصل عبد الا رفع الله بها درجة رواه الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة ومنها قوله عليه السلام الا تصفون كما يصف الملائكة عند ربها يتمون الصفوف الأول ويترمون في الصف رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي وإبن ماجه عن جابر بن سمره ومنها قوله عليه للصف الأول فضل على الصفوف رواه الطبراني في الكبير عن الحكيم بن عمير ومنها قوله عليه السلام عليكم بالصف الأول وعليكم بالميمنة واياكم تصف بين السواري رواه الطبراني عن إبن عباس ومنها قوله عليه السلام لو يعلم ما في الصف الأول ما كانت الا قرعه رواه مسلم وإبن ماجه عن * ومنها قوله عليه السلام أقيموا الصفوف فإن أقامة الصف من حسن الصلاة رواه مسلم عن أبي هريرة ومنها قوله عليه السلام ان من تمام الصلاة أقامة الصف رواه أحمد عن جابر ومنها قوله عليه السلام خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها وخير صفوف النساء حر ومرها أولها رواه مسلم عن أبي هريرة ومنها قوله عليه السلام لايزال قوم يتأخرون عن الصف الأول حتى يوجزهم الله في النار رواه أبو داود عن عائشة ومنها قوله عليه السلام من ترك الصف الأول مخافة أن يؤذى مسلما فصلى في الصف الثاني أو الثالث اصفف الله له أجر الصف الأول رواه الطبراني في الأوسط * عن إبن عباس ومنها أنه عليه السلام كان يستغفر للصف المقدم ثلاثا وللثاني مره رواه إبن ماجه عن أبي جعفر ثم الأول ضد الآخر وأختار صاحب القاموس انه من وال مهمور العين فوزنه أفعل وأصله اؤل قلبت الهمزة الثانية * دغمت وهذا ظاهر وإليه ذهب الكوفيون وقيل وزنه فوعل وأصله * فقلبت واو الأولى وهي فاء الفعل همزة ثم قلبت الهمزة الثانية وهي عين الفعل واوا ثم ادغمت الواو في الواو وذهب سيبويه أنه لفيف مقرون وأن فاءه وعينه ولان فوزنه فوعل وأصله ووول وقيل أنه أحرف مهموز الفاء فوزنه أفعل وأصله اعول ويترتب على هذا الأصل أختلاف الصرف وعدمه في هذا الفصل مما لايخفي على أهل الفضل والأظهر أنه أفعل التفضيل بمعنى الأسبق * ولا يكونوا أول كافر به وقال عز وجل والسابقون الأولون ثم الأول * مسبوقا بأن لا يتقدم عليه غيره وجود أو شهود أو هذا متفق عليه وضدا وعرفا وشرعا فالأول الحقيقي هو الله سبحانه فأنه لا بداية لاوليته كما أنه الآخر بمعنى لا نهاية لاخريته والأول الأضافي روح نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أو * ثم الأول يستعمل في الزمان والمكان وغيرهما فمن الأول حديث * وفترضون الله ووسط الوقت رحمه الله وآخر الوقت عند الله رواه الدار قطني عن أبي محذوره ومنه حديث أول شهر رمضان رحمه واوسطه مغفره وآخره عتق من النار رواه إبن عساكر وغيره عن أبي هريرة ومن الثاني ما ورد في فصل الصف الأول ثم أنه في غير المسجد الحرام من المساجد العظام لايتصور إلا لمن يلي الإمام وأما المسجد الشريف والمحل المنيف الذي سماه مساجد الله بصيغة الجمع أما للتعظيم وأما لكونه قبله العالم ومحراب مساجد تأدم وأما لأن جهاته الأربعة المكرمة بمنزلة مساجد حول الكعبة المعظمة وأجمع علماء الأنام على جواز كون المقتدى بالإمام في غير جهته أقرب منه الى الكعبة في المقام لأن المتقدم في كل جهة حيث لم يكن قبله صفا آخر موصوف بانه في الصف الأول خلافا لبعض العوام وانما مال بعض الفضلاء الحنفية تبعا لبعض العلماء الشافعية أن الأفضل من الصف الأول هو الذي يكون خلف الإمام ولو كان بعيدا عن قرب بيت الله الحرام وأنا أقول وبحول الله أصول أن الوقوف في الصف الأول بقرب البيت المكمل هو الأفضل من * فتأمل منها قرب الكعبة فأن الصلاة والطواف والأعتكاف كلما يكون إلى جانبها أقرب وهو أفضل وأنسب ومنها أن حد المطاف لا يشبه غيره من الأوقاف فأنه وقف مالكا لملك خلاف ما سواه فأنه من تصرفات ارباب الملك فالعباده في وقف مولانا أطيب منها في وقف واحد منا ومنها أنه المسجد القديم وهو أحد المرجحات القويم وقد قال تعالى أن أول بيت وضع للناس الذي ببكه مباركا وهدى للعالمين وقال المسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه ومنها أنه محل مضاعفة الثواب من غير خلاف بخلاف خارج حده من هذا الباب ومنها أنه يحصل فيه المشاهده أيضا ففي الحديث أنظر إلى الكعبة عبادة رواه أبو الشيخ عن عائشة وقد وردت نظرة إلى الكعبة ساعة كعبادة سبة بخلاف خلف الإمام في ذلك المقام فأن الأفضل فيه أن ينظر إلى موضع سجوده وهو يمنعه من بحال شهوده ولأنه لو نظر إليها لا يشتغل بالطائفين وغيرهم لديها فيحصل الجمع بين المشاهده والمجاهده حول الكعبة وقتها ان ملك التي جعلوها مقام الإمام فيها شبهه من جهة ملكها ووقفها وأخذها في يد أهلها وثمن مادفع في مقابلها بخلاف المطاف حول الكعبة وحيالها ومنها البعد عن ائمة هذا الزمان كما صرح علماء هذا الزمان أن البعيد عن الخطيب أفضل من القريب لما يرى عليهم من المنكرات الواقعة لديهم ولو في مشاهدة العمائم الكبيرة كالابراج وملاحظة الأبهام الوسطية الطويلة كالاخراج وغير ذلك مما يستحقون التغرير بالأخراج ومنها عدم سماع قرأتهم وأطلاع تلاوته في الحانهم من قصادهم وزيادتهم وعدم وقوفهم في محال وقوفهم ووصلهم في * لأسماوهم * باطالتهم في مقام عبادتهم وموصوفون بسمات رويتهم وسمعتهم ومنها أن نفس قيام الامام ومن تبعه من الانام في ذلك المقام خلاف الأولى فأن ترك المقام الأعلى الذي كان يصلي فيه عليه السلام وصحابه الكرام مع ماسبق فيه من الفضائل الفحام لاشك أنه مكروه كراهة نزنه في نظر الأعلام ولهذا أفتى جماعة من الفقهاء بهدم المقامات المحدثه واعتبر آخرون نابغا نفع المسلمين عن الحر والمطر واختاروا أن ابقاءها * بجملة ومنها أن قرب الكعبة غالبا يصلي على الأرض الطاهرة وهو أفضل من صلاة على سجاده وغيرها في الرواية الظاهرة ومنها أن قرب الكعبة أبعد من * ومن التزام موضع بخصوصه الشعر بالشهره وبهذا بين أن الصف المتأخر من حول بيت الله الحرام أفضل من الصف المتقدم في المقام المختص بالإمام باعتبار بعض الاعتبارات المصوره وبعض الحيثيات * ، ومما يتوزع على هذا الأصل أن من صلى في آخر المسجد من غير جهة الإمام ولم يكن حول الكعبة صف فقد صلى في الصف الأول وقد صف الذي في المقام إذا تجاوز عن جهة الإمام فيه أو يسرة وكان حول الكعبة صف لايكون القدر المتجاوز عن الصف الأول فقد يرو تأمل * أي جهة من جهات الكعبة أفضل وثواب العبادة فيها أكمل فأقول قد * بجانب الغربي أفضل في هذه المسئلة لانه يقع بين الامام في تلك الحاله وقد يقال بين الركنين لحيازة الفضيلة بين المقامين ولأنه عليه السلام كان على نحو قبل الهجرة فأنه مشتمل على القبلتين وقد يقال جهة الباب المحترم لأنتماء على الملتزم واحتوائه بالمعجز الأعظم والحجر المكرم وانطوائه على مقام قبر عليه السلام الذي فيه ام النبي عليه الصلاة والسلام في ربين من الامام اعلاما باوائل الاوقات وادائها وقد قال تعالى ولكل وجهه هو ومنها فاستبقوا الخيرات والمعنى لكل أمة قبله أو لكل جماعة من المسلمين جانب وجهة من الكعبة والتنوين بدل الأضافة هو موليها أي العبد موليها وجهة أو الله تعالى موليها أباه وقرأ إبن عامر بفتح اللام أي هو مولى ذلك الجهة قد وليها فاستبقوا الخيرات أي فتبادروا إلى أحسن الجهات وايمن الطاعات أين ما تكونوا يأت بكم الله جميعا أي أين ما تكونوا من الجهات المتقابلة يأت بكم الله جميعا ويجعل صلواتكم كأنها إلى جهة واحدة في المرتبة الفاصلة أن الله على كل شيء قدير من التفرقة والجمع الكثير وباجابة عبيده دقيق وجدير وقد قال إبن جريج قلت لعطاء بن أبي رباح إذا قل الناس في المسجد الحرام بما أحب اليك أن يصلوا خلف الأمام أو يكونوا صفا واحدا حول الكعبة فقال أن يصلوا صفا واحدا حول الكعبة انتهى والمراد بخلف الأمام الى * بخلف المقام ومفهومه أن الناس إذا كثروا يتعين كونهم صفا واحدا حول الكعبة وبهذا يعلم أن في زمنه عليه السلام كان مع أصحابه الكرام يصلون حول البيت الحرام إذ لاشك ولا شبهه أن جميع الصحابه ومن كان بمكة في حجة الوداع وقد بلغوا مائة وعشرين ألفا مايتصور أن يسع بجماعته في وقت صلاته جهة واحدة لاسيما إذا صلى خلف المقام على أنه ورد أنه عليه السلام أمر أمرأة أن تطوف وراء المصلين في تلك الأيام وأماما نقل من أن أوله من ادار الصفوف حول الكعبة عبد الله بن الزبير أو غيره فلعله محمول على البقية خاصة أو يقال كان أهل مكة بعده عليه السلام اختاروا جهة الباب حيث يسعهم وكانوا قليلين فرأى إبن الزبير أن التحليق أولى مع القله أيضا ليحصل الصف الأول من تبلغ الجهات وترتب عليها زيادة المثوبات والله أعلم بحقيقة الحالات هذا وأصل الحرام في هذا المقام أكل الحلال واجتناب الحرام من المال قال تعالى كلوا من الطيبات وأعملوا صالحا أي من العبارات فان الذي يصلي في الصف الآخر ربما يكون أفضل ممن يصلي في الصف الأول فتأمل ولا تنظر بعين الحقارة لايجد في هذا المحل وقد كان بعض السلف يسبق الناس في الاتيان ويثاب عنهم في وقوف المكان لما ظهر له الحكمة والمصلحة في هذا الشأن وفي ذلك الزمان ثم الأولى والاجم تصحيح الأعتقاد على الوجه الأثم والاحتراس والاحتراز عن الخروج عن الدين الأقوم وسأل الله سبحانه الخاتمة الحسنى والحاله الاسنى واللحوق بالرقيق الاعلى من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين .
وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين
Shafi 62
المسئله في البسمله
بسم الله الرحمن الرحيم
Shafi 63
رب زدني علما ياكريم وأجعل البسمله لي براة من عذاب الجحيم نقل عن فتاوي النوازل للإمام أبي الليث رحمه الله سئل محمد بن مقاتل الرازي عن رجل ابتدأ قراء سورة براءة ولا سمى هل هو خطأ فقال هو خطأ إلا أن يدمجها الأنفال وقال أبو القاسم الصحيح ما قال محمد بن مقاتل لأن رجلا لو أراد أن يبتدئ قراءة آية أو سورة من السور كان مأمورا بأن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ويتبع ذلك بسم الله الرحمن الرحيم فكذلك إذا ابتدئ سورة التوبة انتهى وقد تعلق بظاهرة من توهم أن البسملة من أول براءة قول أبي حنيفة رضي الله عنه وأن هذا هو المذهب وأنا أقول وبالله أصول أن هذا لفظ باطل مخالف للكتاب والسنه وأجماع الأمة وتفصيله بطول ومجمله أن الأئمة الأربعة منهم من نفى كونها من القرآن كالأمام مالك وأتباعه ومنهم من أثبت وهو الإمام الشافعي واشياعه وعلماؤنا المحققون على أنها آية نزلت للفصل ولا شك أن بسملة أول براءة ووسط النمل خارجة عن المبحث اتفاقا وأما امامنا الأعظم فليس له نص في السئلة هذا وقد صرح قاضي خان أن البسملة عندنا ليس من الفاتحة فإذا كان المذهب أنها ليست منها مع كونها فاتحة الكتاب ومثبته في جميع المصاحف العثمانية وغيرها وقد ثبت قراءة البسملة منها بطرق صحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم داخل الصلاة وخارجها وتقرر في المذهب أن قراءتها سنه بالأتفاق بل وواجبه عند بعضهم في أول ركعات الصلاة على أختلاف في بينتها وأن المقيد عدم قراءتها بين الفاتحة والسورة فهل يتصور كونها من أول براءة وترك قراءتها خطأ هذا لا يقبله العقل السليم والذوق الفهم بل في المنقول ما يدل على بطلان هذا القول السقيم وبيانه أن القراء أجمعوا على أنها ليست من براءة وأتفقوا على أنها تقرأ في أول سورة ابتدى بها الا براءة وخير والقاري في أجزاء السور بين الاتيان بها وتركها الا في اثناء براءة فأنهم أختلفوا فيها والمعتمد عدم الجواز نعم شرذمة قليلة منهم بطرق شاذة جوزوا قراءتها في أول براءة لكن لا لكونها منها بل للتبرك أو لغيره من العلل الأتية قال السخاوي قال جواز التسمية في أول براءة حال الابتدا بها هو القياس يعني لا المنقول المنصوص الذي عليه الأساس قال لأن أسقاطها أما لأن براءة نزلت بالسيف أو لعدم قطعهم يعني الصحابة رضي الله عنهم بأنها سورة مستقلة فالأول مخصوص ممن نزلت ونحن إنما نسمي للتبرك وعلى الثاني نجوزها لجوازها في الأجزاء وقد علم الغرض من اسقاطها فلا مانع عنها وقال المهدوي وأما براءة فالقراء مجمعون على ترك الفصل بينها وبين الأنفال بالبسملة وكذلك أجمعوا على ترك البسملة في أولها حال الابتداء بها سوى من رأى البسمله حال الابتداء باوساط السور فإنه يجوز أن يبتدئ بها من أول براءة عند من جعلها هي والأنفال سورة واحدة ولا يبتدي بها عند من جعل السيف علة لها وقال إبن شبطا ولو أن قارئا ابتدأ قراءته من أول التوبة فاستعاذ ووصل الاستعاذه بالبسملة متبركا بها ثم تلا السورة لم يكن عليه حرج أن شاء الله كما يجوز له إذا ابتدأ من بعض السورة أن يفعل ذلك وإنما المحذور أن يصل آخر الأنفال بأول براءة ثم يصل بينهما بالبسملة لأن ذلك بدعه وضلاله وخرق الأجماع ومخالف للمصاحف انتهى وهذا كله يدلك على أن قراءتها عندهم ولم يقل أحد بأن تركها خطأ فينبغي أن يحمل قوله على ارادة المبالغة بناء على زعمه المختار عنده هذا القول الشاذ أو على الخطأ في العباره وبطريق المشاكله لكلام سائل المسئله ثم استثناؤه صريح منه أنه تبع الشرذمة وأنه لم يرد من قراءة البسملة في أولها كونها منها والا لاستوى الادراج وغيره ويدل عليه تعليل المصحح أيضا لكن قد عرفت أنه مأمور في اوائل السور * مخير في اثنائها فلا يطابق مدعاه بأن تركها خطأ فملخص الكلام ومخلص المرام أن هذا قول شاذ مبني على قياس غير صحيح موهم أن يكون البسملة من أول براءة وهو مع ذلك بحمد الله الملك الجبار ساقط عن حيز الأعتبار في عمل جميع أهل الديار حتى في كتاب الصغار وما ذاك الا بوعده تعالى حيث قال أنا نحن نزلنا الذكر وأنا له لحافظون وباخباره صلى الله عليه وسلم أن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنه من يحدد لها دينها فافتح بصرك للأنصاف وأغمض عين الأعتساف وأنظر إلى ما قال ولا تنظر إلى من قال وتأمل ما صح عن أبي هريرة أنه قال لايحل لأحد أن يغني بقولنا مالم يعلم من اين قلنا وقد ثبته الشافعي في هذا المقال بقوله إذا صح الحديث فهو مذهبي وأضربوا في الحائط قولي وهذا ما ظهر لي في الجواب والله أعلم بالصواب وإليم المرجع والماب وأنا افقر عباد الله الغني المغني علي بن سلطان محمد الهروي القاريء الحنفي عاملهما بلطفه الخفي وكرمه الوفي حامد الله أولا وآخرا ومصليا ومسلما باطنا وظاهرا .
نقلته من خط مؤلفه عاملنا الله بتلطف
Shafi 65
المشرب الوردي في مذهب المهدي
بسم الله الرحمن الرحيم
Shafi 66
الحمد لله الذي اوضح سبل الدين الدين باجتهاد الأمة المجتهدين وجعلنا ببركانهم من جملة المهتدين فلا مهدي الا من هداه ولا مهوى الا من أتبع هواه بغير هدى من الله والصلاة والسلام الاتمان الاكملان في مراتب النهاية على رئيس ارباب الهداية وسئيس أصحاب الولاية من أهل النهاية والبداية وعلى آله وأصحابه وأتباعه وأحبابه الذين شملتهم الرعاية والعناية ووصلتهم الحماية والوقاية أما بعد فيقول أضعف عباد الله القوي الباري علي بن سلطان محمد الهروي القاريء عاملهما الله بلطفه الخفي وكرمه الوفي أنه سألني بعض الأعيان ممن هو بمنزلة إنسان العين وعين الإنسان عن الإمام محمد المهدي الموعود في آخر الزمان بلغنا الله سبحانه إلى رويته وحضرته ووقفنا لمتابعته وخدمته في أشرف المكان فأجبت بأني سمعت الشيخ العلامه والمفيد الفهامه الشيخ عبد الله الهندي الشهير بمخدوم الملك بين الخاص والعام يقول بطريق المنقول عن بعض كتب الفروع والأصول أن المهدي المعظم بعد ظهوره وأنكشاف نوره يتبع مذهب أبي حنيفة الإمام المكرم رواية وأشتهر بهذا بين علماء العصر وفضلاء الدهر من غير تصريح رواية نقل ولا بصحيح دلالة عقل فأقول وبالله وحوله أصول أن كل صاحب مذهب وطالت مشرب بمقتضى قوله تعالى كل حزب بما لديهم فرحون وبما عندهم مرحون وقد علم كل الناس مشربهم وفي مقام الايناس يتبعون مذهبهم له أن ايدعى ذلك فلا خصوصية له بأحد هنالك إذ من المعلوم القرر والمفهوم المعتبر أن المقلد يتعين عليه اعتقاد أن مقلده على الصواب وغيره على الخطأ في هذا الباب ولذا قال إمام الحرمين بل قيل أنه مفتي الثقلين في رسالته المسماة بمغيث الخلق إلى الحق أنه يجب على العباد في جميع البلاد شرقا وغربا وعجما وعربا أن يكونوا على مذهب الإمام الشافعي المطلبي وأتى بكلمات واهيه لا يخفى على العالم والغبن وقد أجبت عنه في رسالة مستقلة بواضحات الأدلة فإذا كان الأمر على هذا التحقيق فلابد من اظهار مرجح في مقام التوفيق فأعلم أن المهدي إذا أختار التقليد ورضى بعدم التأييد فلا شك أن يكون على مذهب الإمام الأعظم والهمام الأقدم لكونه في مقام الفقه أفضل وأعلم بشهادة الإمام الشافعي مع جلالته ونباهته وكمال حذاقته وفقاهته وأدراك اكابر العلماء سفيان بن عيينه من اجلاء التابعين والإمام مالك وأحمد بن حنبل من الأئمة المجتهدين أن الخلق كلهم عيال أبي حنيفة في فقه الدين وبدلالة كون أكثر أهل الإسلام من أتباعه في القضايا والأحكام إذ قد يقال أنهم ثلثا هذه الأمة بوصف الأجابه ونعت الأنابه كما أن هذه الأمه ثلثا أصحاب الجنة بالسنة إلى سائر الأمه من المؤمنين على ماثبت به السنة وقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم عليكم بالسواد الأعظم وعندي على ما يخطر في خلدي أنه يتبع الأحوط في المسائل الدينية والقضايا الشرعيه كما عليه اكابر الصوفيه ولكن القول الأحق أنه يكون المجتهد المطلق لأنه يظهر حال وجود كلام الله سبحانه في صدور القراء المكرمين ووقت شهود الأخبار والآثار في سطور العلماء المحدثين فأنه مع جلال شأنه ورفعة قدره يبعد أن يكون مقلدا في محضره وقد ثبت أحاديث كثيرة وروايات شهيره عنه صلى الله عليه وسلم وشرف وكرم مما هو صريح في على مقامه وجلي مرامه منها قوله عليه السلام نحن سبعة ولد عبد المطلب سادة أهل الجنة أنا وحمزه وعلي وجعفر والحسن والحسين والمهدي رواه إبن ماجه وأبو نعيم عن أنس ومنها قوله عليه السلام المهدي رجل من ولدي وجهه كالوكب الدري رواه الروياني عن حذيفة وصححه الحافظ إبن الغربي وهو ليس إبن عربي كما يتوهمه الجاهل الغبي ففي هذا الحديث أجمل كونه من ولده عليه السلام وفي رواية اوضحه في هذا المقام بقوله المهدي من عثرتي من ولد فاطمة كما رواه أبو داود وإبن ماجه والحاكم بسند صحيح عن أم سلمه وأختلف في أنه رضي الله عنه من نسل أي الحسين وأن كان درية كل منهما موصوف نبعت الحسينين ويحتمل أن أباه حسنى وأمه حسين أو بالعكس والأولى اولى كما لايخفي قال بعضهم أن الحسن رضي الله عنه لما نزل لله الخلافه الصوريه عوضه الله المرتبه القطبيه وجعل من نسله المهدي الذي به خاتم الخلافه النبوية ويؤيده ما أخرجه أبو داود وغيره عن علي أنه نظر إلى ابنه الحسن فقال أن ابني هذا اسيد كما سماه النبي صلى الله عليه وسلم وسنخرج رجل من صلبه يسمى باسم نبيكم لشبهه في الخلق ويريده ما أخرجه نعيم إبن حماد أحد شيوخ البخاري وتمام في فوائده عن عبد الله بن عمرو قال يخرج رجل من ولد الحسن من قبل المشرق لو استقبل به الجبال لهدمها واتخذ بها طرقا ولا بيعدان يكون لكل منهما هذه السنه العليه بالشركه الجليه كما يدل عليه ما رواه الطبراني وأبو نعيم عن علي الهلالي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة والذي بعث بالحق أن منهما يعنى من الحسن والحسين مهدى هذه الأمه بل بزيادة بقية الأنساب المعتبره في مرتبة الأحساب لما ورد المهدي من اولاد العباس عمي كما رواه الدار قطني في الأفراد عن علي فهذا جمع من متفرقات فهمي والله سبحانه أعلم وباتقان الأمور أحكم ومنها قوله عليه السلام يخرج المهدي وعلى رأسه ملك ينادي أن هذا المهدي فاتبعوه أخرجه أبو نعيم وغيره عن إبن عمر وهذا يدل على كمال عظمته وجمال تبهته ورفعه مرتبته ومزية منزلته ومنها كما أخرجه الطبراني في الأوسط من طريق عمر بن علي عن علي إبن أبي طالب أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم امنا المهدي أم من غيرنا يارسول الله قال بل منا بنا نجم الله كما بنا فتح وبنا يستقذون من الشرك وبنا يؤلف الله بين قلوبهم بعد عداوة الفتنة كما الف بين قلوبهم بعد عداوة الشرك ومنها قوله عليه السلام يخرج رجل من أهل بيتي يقول بسنتي ينزل الله له القطر من السماء ويخرج الأرض له من بركاتها تملأ الأرض منه بسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما يعمل على هذه الأمه سبع سنين وينزل بيت المقدس أخرجه الطبراني في الأوسط وأبو نعيم عن أبي سعيد الخدري وفي رواية أبي نعيم ثم لاخبر في عيش الحياة بعد المهدي ومنها ما أخرجه الدار قطني في سننه عن محمد بن علي قال أن لمهدينا آثنين لم يكونا منذ خلق الله السموات والأرض ينكسف القمر الأول ليلة أبي امامة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بينكم وبين ادم اربع هدن يوم الرابعه على يد رجل من أهل هرقل يدوم سبع سنين فقال الرجل يارسول الله من إمام الناس يومئذ قال المهدي من ولدي إبن أربعين سنه كان وجهه كوكب درى في خده الأيمن خال أسود وعليه عباء تان قطوا نيتان من رجال بني اسرائيل يستخرج الكنوز ويفتح مدائن الشرك ومنها ما أخرجه الروياني في مسنده وأبو نعيم عن حذيفة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المهدي رجل من وادي لونه لون عربي وجسمه جسم اسرائيلي على خده الأيمن خال كأنه كوكب دري بلاء الأرض عدلا كما ملئت جورا برهن في خلافته أهل الأرض وأهل السماء والطير في الجو وفي رواية لا يوقظ نائما ولا يريق دما ومنها ما أخرجه نعيم بن حماد عن أبي جعفر قال يظهر المهدي بمكة عند العشاء مع راية رسول الله صلى الله عليه وسلم وقميصه وسبق * مات ونور وبيان فاذا صلى العشاء نادى باعلى صوته يقول اذكركم الله أيها الناس ومقامكم بين يدي ربكم فقد بعث الأنبياء وأنزل الكتب وأمركم أن لاتشركوا به شيئا وأن تحافظوا على طاعته وطاعة رسوله وأن تحيوا ما احيي القرآن وتميتوا ما امات ويكونوا أعوانا على الهدى ووزراء على التقوى فأن الدنيا قد دنا فناوها وزوالها واذنت بانصرام عن اقبالها فأني ادعوكم إلى الله تعالى وإلى رسوله والعمل بكتابه واماته الباطل وأحياء سنته فيظهر في ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا عدد أهل بدر على غير ميعاد رهبان بالليل اسند بالنهار فيفتح الله تعالى للمهدي أرض الحجاز ويخرج من كان في السجن من بني هاشم وتترك الرايات السود الكوفه فيبعث بالبيعه إلى المهدي وبعث المهدي جنوده في الآفاق ويميت الحور وأهله ويستقم له البلدان ويفتح الله تعالى على يديه القسطنطينية ومنها ما أخرجه أيضا عن إبن مسعود قال إذا انقطعت التجارات والطرق وكثرت الفتن خرج سبعة نفر علماء من افق شتى على غير ميعاد يبايع لكل رجل منهم ثلاث مائة وبضعة عشر رجلا حتى يجتمعوا بمكة فتلتقي السبعة فيقول بعضهم لبعض ماجاء بكم فيقولون جئنا في طلب هذا الرجل الذي ينبغي أن تهدأ على يديه هذه الفتن وتفتح له القسط فطينيه قد عرفنا باسمه واسم ابيه وامه وجيشه فتنفق السبعه على ذلك فيطلبونه فيه يبونه بمكة فيقولون له أنت فلان بن فلان فيقول بل الرجل من الأنصار حتى يفلت منهم فيصفونه لأهل الخير منه والمعرفة به فيقال هو صاحبكم الذي تطلبونه وقد لحق بالمدينة فيطلبونه بالمدينة فيخالفهم إلى مكة فيطلبونه بمكة فيصيبونه فيقولون له أنت فلان بن فلان وأمك فلانه ابنة فلان وفيك آية كذا وكذا وقد افلت منا مرة فمد يدك نبايعك فيقول لست بصاحبكم حتى يفلت منهم فيطلبونه بالمدينة فيخالفهم إلى مكة فيصيبونه بمكة عند الركن ويقولون له اثمنا عليك ودماؤنا في عنقك أن لم تمد يدك نبايعك هذا عسكر السفياني قد توجه في طلبنا عليهم رجل من حرام في لسن بين الركن والمقام فيمد يده فيبايع له فيلقي الله تعالى محبته في صدور الناس فيسير مع قوم أسد بالنهار رهان بالليل ومنها ما أخرجه أيضا عن أبي الطفيل أن النبي صلى الله عليه وسلم وصفه المهدي فوصف لئلا في لسانه وضرب فخده اليسرى بيده اليمنى إذا ابطا عليه الكلام اسمه اسمي واسم ابيه اسم أبي ومنها ما أخرجه أيضا عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال المهدي رجل من عترتي يقاتل على سنتي كما قاتلت أنا على الوحي ومنها ما أخرجه أيضا عن كعب قال قادة المهدي خير الناس وأهل نصرته وبيعته من أهل الكوفه واليمن وابدال الشام مقدمته جبريل وساقته ميكائيل محبوب في الخلائق يطفى الله تعالى به الفتنة العمياء وتأمن الأرض حتى أن المرأة لتحج في خمس سنه ما معهن رجل لا يبقى شيئا الا الله يعطي الأرض نباتها والسماء بركتها ومنها ما أخرجه أيضا عن كعب قال أني أجد المهدي مكتوبا في اسفار الأنبياء ما في عمله ظلم ولا عيب ومنها ما أخرجه أيضا من طريق ضمرة عن إبن سيرين أنه ذكر فتنه يكون فقال إذا كان ذلك فاجلسوا في بيوتكم حتى تسمعوا على الناس غير من أبي بكر وعمر قيل يا أبا بكر خير من أبي بكر وعمر قال كان يفضل على بعض قال الحافظ السيوطي وفي هذا ما فيه وقد قال إبن أبي شيبه في مصنفه في باب المهدي حدثنا أبو اسنامه عن عوف عن محمد بن سيرين قال يكون في هذه الأمة خليفة لايفضل عليه أبو بكر ولا عمر قال الحافظ وهذا إسناد صحيح وهذا اللفظ أخف من الأول قال والأوجه عندي تأويل اللفظين على ما أول عليه حديث بل اجر خمسين منكم لشدة الفتن في زمان المهدي وتمالؤ الروم باسرها عليه ومحاضرة الدجال له وليس المراد بهذا التفضيل الراجع إلى زيادة الثواب والرفعه عند الله تعالى فالأحاديث الصحاح والأجماع على أن أبا بكر وعمر أفضل الخلق بعد النبيين والمرسلين أقول ولايبعد أن يتوقف في هذه المسئله لعدم أجماع الأمه في خصوص هذه المادة المستقله مع ورود امتي كالمطر لايدري اوله خير أم آخره وفي قوله سبحانه كنتم خير أمة أشارة لطيفه إلى رفع هذه الغمه ومنها ما أخرجه أيضا عن قيس إبن جابر الصدفي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال سيكون رجل من أهل بيتي يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا ثم من بعده القحطاني والذي نفسي بيده ماهو دونه وأخرج أيضا عن كعب قال يكون بعد المهدي خليفة من أهل اليمن من قحطان أخو المهدي في دينه يعمل بعمله وهو الذي يفتح مدينة الروم وتصب غنائمها ما أخرجه عن ارطاه قال بلغني أن المهدي يعيش أربعين عاما ثم يموت على فراشه ثم يخرج رجل من قحطان مثقوب الأذنين على سيرة المهدي بقاؤه عشرون سنة ثم يموت قتيلا بالسلاح ثم يخرج رجل من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم مهدي حسن السيره يغزو مدينة قيصر ثم يخرج في زمانه الدجال وينزل في زمانه عيسى بن مريم عليه السلام ومنها قوله عليه السلام المهدي منا أهل البيت يصلحه الله في ليلة رواه أحمد وإبن ماجه عن علي فصدر الحديث مجمل ما فصلنا ومحمل مافضلنا وأما ذيله من أصلاحه في ليلة فيبشر إلى أنه يعطيه الله المرتبه القطبيه والمنقبه الاجتهادية الغوثيه بالجذبة الالهية الفردانيه والوهبة الصمدانية لا بكسبه وجهده من يعلمه في مقام كده وجده كما حصل هذه العنايه لجده على ما ذكره الله سبحانه وعظم شأنه وبرهانه ما كنت تدري ما الكتاب ولا الأيمان أي تفاصيله في هذا الباب ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا فالمهدي في زمانه أفضل المهتدين وأكمل المجتهدين في أمور الدين ومنها قوله عليه السلام المهدي في اجلي * واقنى الأنف يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما يملك سبع سنين رواه أبو داود في سننه والحاكم في مستدركه فقوله عليه السلام المهدي من شهادة منه على أنه من ذريته وخاصة امته في عموم متابعته ولذا قال عليه السلام من رغب عن سنتي فليس مني قوله احلى أي واسع الجبين أشارة إلى حسن صورته وسيرته واستحسان عشرته مع عشيرته وقوله اقنى الأنف أشارة إلى حمال ارنته وايماء إلى كمال انفته واشعار إلى مرتبة شجاعته وفرية سخاوته وعدم الالتفاف إلى أموال رعيته وفقد الرضا بالتقليد في مقام معرفته لأن من المعلوم استبعاد جميع الطوائف من أهل السنه والجماعة وطوايف المبتدعه ولو كانوا من أهل الطاعة أن يرضوا بانه يكون مقلدا مثلا لمذهب العلماء الحنفية وتاركا مذاهب البقيه بالكليه وقوله يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما أشارة إلى سعة دولته ومملكة وإلى ظهوره في وقت شده حاجته وقوله يملك سبع سنين أي قبل نزول عيسى عليه السلام إذ بعده ينتقل إليه الأحكام سواء يكون المهدي موجود في علم الحياة أو مفقود أبا الممات إذ لاشك أن عيسى بعد نزوله لم يفسح عنه خلعه النبوه وأن كان ينسخ عنه عباء الرسالة فتعلى اولا آيات أعلامه ورايات مقامه في الحرمين الشريفين والمسجدين المنيفين ثم يتوجه إلى بيت المقدس والمحل المنفس عملا بقوله عليه السلام لاتشد الرحال الا إلى ثلاثة مساجد مسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى فيرتب هذا الترتيب الأعلى حيث يبدأ بمهبط بدء وحي المصطفى ثم بدار الهجره ثم بالأرض المباركة بواسطة قدوم أصحاب النبوة وأرباب الرساله وفي جعل القضيه عكس ما يقتضيه العقل من تقديم الأقدميه ايماء إلى قوله عليه السلام نحن الآخرون السابقون أي الآخرون وجودا في عالم الحس والمبنى والسابقون شهودا في مقام الأنس والمعنى كما يشير اليه قوله عليه السلام أول ما خلق الله روحي وفي رواية نوري وقوله كتبه نبيا وآدم بين الروح والجسد ولقد ابعد الغزالي في تفسير هذا الحديث وتأويله حيث قال أي كنت نبيا في علم الله لأنه بهذا المعنى لا مزية له عما سواه من ارباب الجاه بل المعنى أنه صلى الله عليه وسلم كان نبيا فيما بين الأرواح سابقا كما وقع رسولا في عالم الأشباح لاحقا فهو الأول والآخر والباطن والظاهر في النسب الأضافية بالنسبة إلى الصفات الألهيه فأنها القديمة الازليه بلا ابتداء في الأوليه وأما قول من قال حمله الارواح قديمة كما قال بعض الحكما أو ارواح الكمل قديمه كما صرح بعض الصوفيه السفهاء فكفر صريح ليس عنه تأويل صحيح عند أعلام العلماء والحاصل أن المهدي واتباعه وأصحابه وأشياعه يكونون في بيت المقدس فارغ البال إذ يطهر الأعور الدجال ومعه خلق كثير من ضلال الرجال فيحاصر المهدي في مكانه ويضيق عليه بعد ارتفاع شأنه في زمانه إذ ينزل عيسى بن مريم عليهما السلام في المناره الشرقيه في مسجد الشام ويتوجه إلى القدس لنصرة أهل الأسلام فيراه الدجال اللعين وكاد أن يذوب كذوبان الملح في العلماء ويصير كالطين فيصيبه بحربة من عالم اليقين ويقتله فيكون من الغازين ثم يقتل من لم يدخل في الأسلام ولم يصر من الفائزين ويرفع الحربة ولم يقبلها من أحدكما احر به سيد المرسلين وهذا نسخ معني في هذه الأمة ظهر على يد خاتم أصفياء الأئمة لا أنه نسخ من عنده فإن دينه منسوخ بأصله كسائر اديان الأنبياء ولذا قال عليه السلام لو كان موسى حيا لما وسعه الا اتباعي أي كما صار عيسى في آخر من اتباعي وله المزيه على غيره من هذه الحيثيه ولذا شبه صلى الله عليه وسلم بقلب عسكر المسلمين وجنود الموحدين والأنبياء السابقه بمنزلة المقدمة وعيسى في مرتبة الخاتمة اللاحقة المتممه وعلماء هذه الأمة بمنزلة جناح اليمين وعلماء سائر الأمم في مرتبه جناح اليسار لأن مرتبتهم دون مرتبة الأولين ويؤيده ما ورد صحيح المعنى وأن كان موضوع المبنى علماء امتي كانبياء بني اسرائيل وبقوله ماصح من قوله عليه السلام العلماء ورثه الأنبياء فإنه لاريب أن أرث الوارث يكون على قدر مال الموروث فلينصرف العنان إلى ماكنا في صدده من البيان وهو أن عيسى عليه السلام بعد قتله اليهود والنصارى وسائر الكفار الذين لم يدخلوا في دين الإسلام حتى كان الحجر والشجر ينادي بلسان فصيح وبيان نصيح يانبي الله هذا يهودي مخفي عندي فأما أن يسلم وأما أن يقتل كما أشار اليه قوله تعالى وأن من أهل الكتاب الا ليؤمنن به قبل موته فيدخل عيسى في مسجد القدس عند ظهور صبح الألسن وقد اقيم الاقامه فيشير المهدي اليه فيمتنع عليه ويقول قد اقيمت لك هذه الاقامة وأنت في هذا المسجد قائم بوصف الأمامه فيسلى المهدي ويقتدى به عيسى تحقيقا لمتابعة هذه الأمة ثم يكون إماما في كل الحاله ومما يؤيد هذه المقاله قوله عليه السلام منا الذي الذي يصلي عيسى بن مريم خلفه رواه أبو نعيم في كتاب المهدي عن أبي سعيد وطاهره الاطلاق الا أن تعليله يفيد التقييد كالايخفى على أهل التوفيق والتأييد وأما قوله عليه السلام للعباس ياعم النبي أن الله ابتدأ الأسلام بي وسيختمه بغلام من ولدك وهو الذي يتقدم عيسى بن مريم رواه أبو نعيم في الحليه عن أبي هريرة فيحتمل تقدمه في منصب الأمامه شهود أو يوقده مافي رواية الدار قطني في الأفراد والخطيب وإبن عساكر عن عمار بن ياسر ولفظه ياعباس أن الله ابتدأ هذا الأمر بي وسيختمه بغلام من ولدك يملأوها عدلا كما ملئت جورا وهو الذي يصلي بعيسى عليه السلام انتهى وهو صادق أن يوحد مرة أو مرات والله سبحانه أعلم بحقيقة الحالات وإذا عرفت ذالك تبين لك مما قررنا هنالك أن قول إبن عربي في كتابه الفصوص المملو من مخالفة النصوص أني خاتم الأولياء ويستمد من خاتم الأنبياء ويستفيض من سائر الرسل والأصفياء باطل من * كما اوضحته في الرسالة المعموله للرد على الوجوديه القائلة بالعينيه بالأدلة القطعيه ومجمله هنا أن دعوته أنه خاتم الأولياء ظاهر البطلان عند أعيان العلماء لوجود عيسى عليه السلام وشهود المهدي من الأولياء الفخام وكذا وجود كثير من الأولياء في حياته ومماته من الفضلاء الكرام وهذا أمر سهل فإن منه غايته أنه كذب محض بالنسبة الى دعوته العاينه فإنه كفر صريح ليس له تأويل صحيح والعجب ممن لم يعرف حقيقة ايمانه وحسن خاتمته في شأنه كيف يدعي مثل هذا من غير برهانه وأغرب من هذا أن بعض العلماء المعتبرين والفضلاء المفتخرين ممن تصدى لشرح كلامه لم يتعرض لتصحيح حرامه وكأنه وافق شربه وطابق مذهبه تم من الغريب ما وقع في هذا القريب أنه سأل بعض اكابر الفخام عمن يزعم أنه من علماء الأعلام هل ثبت أن المهدي يقلد أبا حنيفة فقال نعم رأيت في كتابين ومع هذا سئل بعض أصحابي وخلص أحبابي فإنه رأى رويا يدل على هذه المدعى وصورتها أنه رأى أولا ثلاث قبب هيئتها الصفات ثم رأى قبة كبيرة كثيرة الأنوار غطى نور هذه القبة سائر القبب في ابصار الأبصار والحال أن المشار إليه بروية هذا المنام معروف عند الأنام بإنه لو أخبر يقظة بشيء لم يصدقه أحد في هذه الأيام فكيف يكون روياه صادقه صالحة للأستدلال في هذا المقام فأنها على تقدير ثبوتها وصحتها من اضغاث الأحلام وخيالات الأوهام كما يرى الهر إذا نام في خيال البر أنه يأكل اللحم أو يمغ الشحم وبهذا يبين أن الأمور الاعتقاديات لايتصور ثبوتها بالأمور الظينات فضلا عن المقالات الواهمات والمقامات الواهيات وقسن على هذا احوال سائر الأنام في هذه الأيام فعليك بميزان الكتاب والسنه أن كنت من أهل المعرفه وقابل المنه وتريد أن تدخل الجنه وتكون معرفتك الستره من النار والجنه وتصير محفوظا من شر الناس والجنه وقد ورد عنه عليه السلام أنه قال يوشك أن يأتي على الناس زمان لايبقى من الاسلام الا اسمه ولا يبقى من القرآن الا رسمه مساجدهم عامره وهي خراب من الهدى علماءهم سر من تحت اديم السماء من عندهم تخرج الفتنه وفيهم يعود ورواه إبن عدي والبيهقي عن علي وقد قال إبن جرير أحد الأخيار في تهذيب الآثار حدثني أبو حميد الحمص أحمد بن المغيره حدثنا عثمان بن سعيد عن محمد بن مهاجر حدثني الزبيدي عن الزهري عن عروة عن عائشة أنها قالت ياويح لبيد حيث يقول لو ذهب اللذين يعاش في اكنافهم وبقيت في خلف كجلد الأجرب قالت عائشة فكيف لو أدرك زماننا هذا قال رحم الله عائشة فكيف لو أدركت زماننا هذا ثم قال الزهري رحم الله عروة فكيف لو أدرك زماننا هذا ثم قال الزبيدي رحم الله الزهري فكيف لو أدرك زماننا هذا وهكذا قال كل من رجال السند إلى أخره وأنا أقول فكيف لو أدرك كل واحد منهم ومن بعدهم زماننا هذا ومن هنا ما ورد عن جعفر الأحمر سألت أبا حنيفة عن مسألة فأجاب فقلت لايزال هذا المصر بخير ما ابقاك الله تعالى فقال وخلت الديار ففسدت غير مسود ومن الشقاء تفردي بالسودد وعن أبي يوسف أن الإمام كان ينشد هذا البيت كثيرا وكفى حزنا أن لا حياة هنيئة ولا عمل يرضى به الله صالح انتهى وقد نقل عن بعض السلف أنه قال لقد حلت العزله في زماننا فقال الغزالي قلت حلت في زمانه لقد وجبت في زماننا فنعوذ بالله من شرور أنفسنا وأقراننا هذا وبما حررنا في قلم البيان مما حررنا في علم البيان على وجه الايقان انكشف بطلان مذهب الطائفه الغويه المسماة بالمهدوية في * أن المهدي الموعود هو شيخهم المشهود قبل ذلك وأنه توفي بخراسان ودفن هنالك ومن كمال تعصبهم وجهلهم يكفرون أهل السنة في أنكارهم المهدي شيخهم فكفروا باتفاق العلماء كما افتى فقهاء عصرنا في مكة من الحنفية والمالكية والشافعية والحنبلية وكذا تبين بطلان مذهب الإمامية في قولهم أن المهدي هو ولد العسكري وأنه لم يمت وأنه إمام زمانه وخليفة أوانه من غير أن يأتوا ببرهانه أو يطابقوا أحاديثه عليه السلام في شأنه وقد صرح القطب الرباني الشيخ علاء الدوله السمناني أن المهدي هذا صار من الأبدال وغاب عن أعين الرجال ثم صار قطبا ومات في تلك الحال وتولى القطبيه بعده أحد من ارباب الكمال فتعين الآن أن نورد بقية ما ورد في حق المهدي من الأخبار وليتبين حاله لدى الأبرار والفجار فنقول منها قوله عليه ابشركم بالمهدي رجل من قريش من غيرتي خرج على أختلاف من الناس وزلزال فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما ويرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض ويقم المال * بالسويه ويملأ قلوب امة محمد غنى ويسعهم عدله حتى أنه يأمرنا مناديا فينادي من له حاجة إلى فما يأتيه أحد الأرجل واحد فيسأله فيقول أنت السادن أي الخادم الخازن حتى يعطيك فيأتيه فيقول أنا رسول المهدي إليك لتعطين مالا فيقول أحث فيحثي فلا يستطيع أن يحمله فسيلقى حتى يكون قدر ما يستطيع أن يحمله فيخرج به فيندم فيقول أنا كنت اجمع امة محمد نفسا كلهم دعي الى هذا المال فتركه غيري فيرد عليه فيقول أنا لا نقبل شيئا اعطيناه فيلبث في ذالك ستا أو سبعا أو ثمانيا أو تسع سنين ولا خير في الحياة بعده رواه أحمد والباوردي وأبو نعيم عن أبي سعيد والترمذي والشك من الراوي فلا ينافي في ما تقدم من الجزم بالسبع ولعله يعيش إلى آخر زمان عيسى ليصح قوله ولا خير في الحياة بعده وقد ثبت أن زمن عيسى أيضا سبع فكأنهما يجتمعان حياة ومماة وأما رواية موت عيسى بعد أربعين سنه فمحمول على مجموع عمره لأنه رفع إلى السماء كهلا وهو إبن ثلاث وثلاثين فالسبع يكون تكمله الأربعين والله الموفق والمعين لكن جاء في رواية أحمد عن عائشة أن عيسى عليه السلام ينزل ويقتل الدجال ويمكث في الأرض أربعين سنه إماما عدلا وحكما مقسطا وفي رواية الطبراني عن عبد الله بن معقل ثم ينزل عيسى إبن مريم مصدقا لمحمد على ملته إماما مهديا وحكما عدلا فيقتل الدجال وهذا الحديث يدل على امامته وحكومته بعد المهدي ويؤيده مارواه مسلم عن أبي هريرة كيف أنتم إذا نزل إبن مريم فيكم فامكم وأما في الصحيحين كيف أنتم إذا أنزل إبن مريم امامكم منكم فمعناه أن عيسى منكم داخل في امتي معكم أو محمول على ما تقدم والله أعلم وفي رواية إبن عساكر أن الدجال يقتل من المسلمين ثلثا ويهزم ثلثا ويبقى ثلثا ويجن عليهم الليل فيقول بعض المؤمنين لبعض ماينتظرون الا أن يلحقوا باخوانكم في مرضاة ربكم من كان عنده فضل طعام فليعد به على اخيه وصلوا حين ينفجر الفجر وعجلوا الصلاة ثم اقبلوا على عدوكم فلما قاموا يصلون نزل عيسى بن مريم امامهم فصلى بهم الحديث وفي رواية لأحمد ومسلم عن جابر لاتزال طائفة من امتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة فينزل عيسى بن مريم فيقول اميرهم فقال صل لنا فيقول الا أن بعضكم على بعض أمير مكرمة الله لهذه الأمة وقد تقدم وجه الجمع بحيث انكشف الغمة وأخرج بن أبي شيبه في مصنفه عن إبن سيرين قال المهدي من هذه الأمة وهو الذي يوم عيسى إبن مريم عليه السلام يعني أول مرة لما أخرجه إبن ماجه وإبن خزيمة والحاكم وأبو عوانه وأبو نعيم واللفظ له عن أبي امامة قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الدجال فقالت أم شريك فأين العرب يارسول الله قال هم يومئذ قليل وجلهم ببيت المقدس وامامهم المهدي رجل صالح فبينما امامهم قد تقدم يصلي بهم الصبح المنزل عيسى إبن مريم الصبح فرجع ذلك الإمام بنكص يمشي القهقري فيتقدم عيسى فيضع عيسى يده بين كتفيه ثم يثول له تقدم فأنها لك اقيمت فيصلي بهم أمامهم وقد صح أن عيسى عليه السلام يدفن في حجرة نبينا صلى الله عليه وسلم على خلاف أنه قبل الصديق أو بعد الفاروق فالأول أقرب إلى الأدب لكونه نبيا في الحسب فالنبيان ثم الوليان والثاني لتعظيم الشيخين أنسب ليكونا مكنوفين بين النبيين وكفى به لهما شرفا وفضلا وفخرا ونبلا إذ ما اتفق نظيره لأحد من الثقلين وأما ما اخترعته من البدعه الشنيعه وهو جهل تابوت آدم ونوح عليهما السلام في مقبرة علي كرم الله وجهه فليس له وجه وجيه ولا تنبيه نبيه من وجهين أحدهما أن قبر علي نفسه غير ثابت في ذلك المقام وإنما أقدم أحد على عمارته بمجرد المنام كما في قبة أم المؤمنين خديجة الكبرى في صدر المصلى من بلد الله الحرام وثانيهما أنه لم يثبت تعيين قبر أحد من الأنبياء غير قبر نبينا صلى الله عليه وسلم وشرف وكرم وما ذاك الا أنه شمس المناقب في الضحى وغيره بمنزلة الكواكب في ليلة الدجى نعم قبر حضره إبراهيم عليه الصلاة والتسليم ثابت في تلك القرية وأما تعيين موضع قبره فمن الغربة هنا ومن الألغاز في مقام الايجاز أي شخص من هذه الأمة أفضل من الشيخين عند أهل السنة فيقال عيسى عليه السلام من غير الشك والشبهه ومنها قوله عليه السلام يكون في آخر امتي خليفة يقسم المال ولا يعده رواه أحمد ومسلم عن أبي سعيد وجابر وفي رواية لأحمد ومسلم عن جابر يكون في آخر امتي خليفة يحثى المال حثيا ولا يعده عدا ومنها قوله عليه السلام إذا رأيتم الرايات السود قد جاءت من قبل خراسان فائتوها فإن فيها خليفة الله المهدي رواه أحمد في مسنده عن ثوبان وفي سواد الراية ايماء إلى أنه من العباسية كما بين في محله ما ورد في فضله ثم مجيئها من قبل خراسان وكونه فيها لاينافي ماتقدم من بدء ظهوره مما بين الركنين فإنه أما محمول على اتيانه إلى الحرم ثانيا أو بالسنة إلى غيرهم أو يكون ح استقبلهم ودخل معسكرهم والأوسط هو الأوسط ويؤيده رواية أحمد والترمذي عن أبي هريرة يخرج من خراسان رايات سود فلا يردها شيء حتى تصب بايليا وفي رواته الحاكم والديلمي عن ثوبان فإذا رايتموه فبايعو ولو حبوا على الثلج فأنه خليفة الله المهدي ويقويه قوله عليه السلام أنا أهل بيت أختار الله لنا الآخرة على الدنيا وأن أهل بيتي من بعدي بلاء وتشد يدا وتطريدا حتى يأتي قوم من قبل المشرف معهم رايات سود فيسألون الحق فلا يعطونه فيقاتلون فينصرون فيعطون ماسألوا فلا تقبلونه حتى تدفعوها إلى رجل من أهل بيتي * اسمه اسمي واسم ابيه اسم أبي فيملك الأرض فيملأها قسطا وعدلا كما ملؤها جورا وظلما فمن أدرك ذلك منكم أو من اعقابكم فليأتهم ولو حبوا على الثلج فأنها رايات هدى رواه الحاكم عن إبن مسعود وفي اطلاق خليفة الله عليه دلالة واضحة على علو شأنه ورفعه مكانه وهو اصرح في تعظيم امره من قوله تعالى في حق آدم عند ذكره وإذ قال ربك للملائكة أني جاعل في الأرض خليفة ومن قوله سبحانه ياداود أنا جعلناك خليفة في الأرض الآية والحاصل أن هذه منقبة عليه ومرتبه جليه وربما يكون المهدي أفضل من الصديق من هذه الحيثية فأنه يقال له خليفة رسول الله لا خليفة الله ولما تولى عمر الخلافة ولم يصدق عليه أنه خليفة رسول الله لعدم صدقه عليه في المعنى ولو قيل خليفه رسول الله لطال المبنى قالوا له أمير المؤمنين فهو أول من لقب به كما اوضحته في شرح الأربعين ومما يؤيد ما اشرنا إليه قوله صلى الله عليه وسلم لن تهلك امة انا في أولها وعيسى إبن مريم في آخرها والمهدي من أهل بيتي في اوسطها رواه أبو نعيم وإبن عساكر عن إبن عباس وأما قوله عليه السلام لايزداد الأملا شدة ولا الدنيا الا ادبارا ولا الناس الاشجا ولا تقوم الساعة إلى على شرار الناس ولا مهدي الا عيسى بن مريم فالمراد بالمهدي معناه اللغوي والتقدير لا مهدي كاملا منصوبا في ذلك الوقت الا عيسى إبن مريم والله أعلم وقد أخرج نعيم بن حماد عن الوليد بن مسلم قال سمعت رجلا يحدث قوما فقال المهديون ثلاثة مهدي الخير عمر بن عبد العزيز ومهدي الذم وهو الذي سكن عليه الدما ومهدي الدين وهو عيسى سلم امته في زمانه ومنها قوله عليه السلام لاتذهب الدنيا ولاتنقضي حتى يملك جل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي وفي رواية وخلقه خلقي وهو تحمل الفتح والضم والله والحديث رواه أحمد وأبو داود والترمذي عن إبن مسعود وفي رواية للترمذي بسند صحيح عنه ولفظه يلي رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي لو لم يبق من الدنيا الا يوم يطول الله ذلك اليوم حتى يلي وفي رواية اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي فيملأها وقسطا كما ملئت جورا وظلما فلا يمنع السماء شاء من قطرها ولا الأرض شيئا من نباتها مدة ما يمكث فيها ومن قوله عليه السلام في ذي القعده تجاذب القبائل وعامئذ ينهب الحاج فيكون ملحمة بمنى حتى يهرب صاحبهم فيبايع بين الركن والمقام وهو كاره يبايعه مثل عدة أهل يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض رواه الحاكم وغيره عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ورواه أبو نعيم عن شهر بن حوشب مرسلا أنه عليه السلام قال يكون في رمضان صوت وفي شوال همهمة وفي ذي القعدة تتحارب القبائل وفي ذي الحجه ينتهب الحاج وفي المحرم ينادي مناد من السماء الا أن صفوة الله من حلقه فلأن فاسمعوا له واطيعوا وعن قتادة قال كان يقال أن المهدي إبن أربعين سنه رواه إبن عساكر وعن علي قال المهدي موارد بالمدينة من أهل بيت النبوة واسمه اسم النبي ومهاجره بيت المقدس كث اللحية اكحل العينين براق الثرايا في وجهه خال في كتفه علامة النبي يخرج براية النبي صلى الله عليه وسلم من مرط معلمة سوداء مربعة فيها حجر لم تنشر منذ توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولاتنشر حتى يخرج المهدي يمده الله بثلاثة الآف من الملائكة يضربون وجوه من خالفهم وادبارهم يبعث وهو مابين * إلى الأربعين رواه نعيم بن حماد فتأمل في هذه الرواية مما يدل في تعظيم المهدي من جهة الدراية وعن عمر بن الخطاب أنه ودع البيت وقال والله ما أدري ادع خزائن البيت وما فيه من السلاح والمال أم اقسمه في سبيل الله فقال له على إبن أبي طالب امض ياأمير المؤمنين فلست بصاحبه إنما صاحبه منا شاب من قريش بقسمة في سبيل الله في آخر الزمان رواه نعيم وعن علي قال ليخرجن رجل من ولدي عند اقتراب الساعه حتى يموت قلوب المؤمنين كما تموت الأبدان لما لحقهم من الشدة والضر والجوع والقتل وتواتر الفتن والملاحم العظام واماتة السنن وأحياء البدع وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيحيى الله بالمهدي محمد بن عبد الله السنن التي قد اميتت وسر بعدله وبركته قلوب المؤمنين ويتألف اليه عصب من العجم وقبائل من العرب فيبقى على ذلك سنين ليست باكثر دون العشرة ثم يموت رواه إبن المنادي في الملاحم وعن علي قال ويحا الطالتان فأن لله فيها كنوزا ليست من ذهب ولا فضة ولكن بها رجال عرفوا الله حق معرفته وهم انصار المهدي آخر الزمان رواه أبو غنم الكوفي في كتاب الفتن قلت وقد جاء أن أكثر انصار الدجال من اصفهان وفيه تنبيه على أن أنصار المهدي أهل السنة والجماعة وأنصار الدجال أهل الكفر والبدع وعن علي قال قال النبي صلى الله عليه وسلم يخرج رجل من ما وراء النهر يقال له الحارث حراث على مقدمه رجل يقال له المنصور يوطئ أو يمكن لآل محمد كما مكنت قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم وجب على كل مؤمن نصره أو قال اجابته رواه أبو داود وفيه اشعار إلى أن أهل ما وراء النهر محبون لأهل بيت النبوة لا كما بزع الرافضيه أنهم الخارجية ولقد أحسن العلامه التوربشتي في كتابه المعتمد في المعتقد أن الله سبحانه جعل أهل السنة على الطريق المستقيم والدين القويم وأهل البدع انحرفوا عنه إلى يمين الطريق ويسارها لعدم التوفيق وقد قال تعالى وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتغرق بكم عن سبيله فالروافض يسمون أهل السنة بالخوارج والخوارج يعتقدون فيهم أنهم الروافض ونحن بريؤن بحمد الله من الفريقين لا مائلون إلى أحد الطريقين ولا شك أن كل واحد يدعى أنه واقف على الحاده وقائم إلى قبله السجاده لكنه عليه السلام لما قال ستفترق امتي على ثلاث وسبعين فرقه كلهم في النار الا واحدة قيل ماهم يارسول الله قال ما أنا عليه وأصحابي فالفرق الناجيه هم أهل السنة والجماعة الراجيه ثم أعلم أن في حق عيسى عليه السلام ورد أيضا أحاديث بنقل علماء الإسلام فلنورد بعضها ليتم الكلام في مرام هذا المقام فمنها قوله عليه السلام أن روح الله عيسى نازل فيكم فاذا رايتموه فاعرفوه فانه رجل مربوع إلى الحمرة والبياض عليه ثوبان معتوان كان رأسه بقصر وان لم يصبه بلل فيدق الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويدعو الناس إلى الإسلام فيهلك الله في زمانه المسيح الدجال وتقع الامنه على أهل الأرض حتى ترعى الأسود مع الأبل والنمور مع البشر والذياب مع الغنم ويلعب الصبيان بالحيات لايضرهم فيمكث أربعين سنه ثم يتوفى ويصلى عليه المسلمون رواه إبن عساكر عن أبي هريرة ومنها قوله عليه السلام الأنبياء أخوة لعلات امهاتهم شتى ودينهم ملحد وأني اولى الناس بعيسى بن مريم لأنه لم يكن بيني وبينه نبي وأنه نازل فاذا رايتموه فاعرفوه رجل مربوع إلى الحمرة والبياض عليه ثوبان ممصران رأسه يقطر وأن لم يصبه بلل فيدق الصليب ويقتل الخنزير ويضيع الجزية ويدعو الناس إلى الإسلام فتهلك في زمانه المنن كلها الا الاسلام وترتع الأسود مع الأبل والنمار مع البقر والذياي مع الغنم وتلعب الصبيان بالحيات فلا يضرهم فيمكث أربعين سنه ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون رواه أحمد وأبو داود عن أبي هريرة وقوله يمكث أربعين يحتمل أن يكون بيان عمره جميعا في وجه الأرض أو مدة نزله من السماء بالطول والعرض وقوله لم يكن بيني وبينه نبي باطلاقه يرد على من قال بنبوة خالد العيسى بينهما ويحتمل أن يقيد النفي بما بينهما فيما تأخر لافيما تقدم والله أعلم ومنها قوله عليه السلام أني لارجو أن طال بي عمر أن القي عيسى بن مريم فإن عجل بي موت فمن لقيه منكم فليقرأه مني السلام رواه مسلم عن أبي هريرة وفيه تنبيه نبيه على أن الأيمان الأجمالي وأنه ينبغي للمرء أن يتمنى روية الأنبياء والأصفياء لما يترتب عليها من الفوائد ويتعين على من أدرك عيسى عليه السلام أن يبلغه سلام نبينا عليه التحية والأكرام ومنها قوله عليه السلام طوبى لعيش بعد المسيح يؤذن للسماء في القطر وللأرض في النبات فلو بذرت حبه على الصفا لنبتت ولاتباغض ولا لخاسر حتى يمر الرجل على الأسد فلا يضره ويطأ على الجبة فلا يضره رواه أبو نعيم عن أبي هريرة وفيه دلالة على أن العيش الطبيب إنما هو يرفع التباغض والتحاسد وانه بكماله غير حاصل الا في زمان عيسى عليه السلام وكذا يكون في دار السلام لأهل الأسلام كما في قوله الله الملك العلام ونزعنا ما في صدورهم من غل أخوانا على سرر متقابلين وقد ورد عن علي كرم الله وجهه أنه قال أرجو أن اكون أنا وطلحة والزبير منهم ومنها قوله عليه السلام ينزل عيسى بن مريم عند باب دمشق وفي رواية شرقي دمشق عند المنارة البيضاء لست ساعات من النهار في ثوبين ممشقين كانما ينحدر من رأسه اللؤلؤ رواه تمام وإبن عساكر عن كيسان ومنها قوله عليه السلام ليهبطن عيسى إبن مريم حكما وأماما مقسطا وليسلكن فجاء حاجا أو معتمرا أو ليأتين قبري حتى يسلم على ولاردن عليه رواه إبن عساكر عن أبي هريرة وقوله لاردن عليه أي ظاهرا والا فهو عليه السلام يرد على كل من يسلم عليه باطنا كما في حديث مامن أحد يسلم على الا رد الله على روحي حتى أرد عليه فيقيد الحديث الشريف تخصيص عيسى بهذا المنصب المنيف فمن ادعى بهذا المعنى المبني على كمال المفتى من غيره ولو من العلماء أو المشايخ الكرما فعليه بالبيان واتيان البرهان والا فما أيسر الدعوى وما أعسر المعنى ومنها قوله عليه السلام خير هذه الأمة اولها وآخرها اولها فيهم رسول الله وآخرها فيهم عيسى إبن مريم رواه أبو نعيم في الحليه عن عروة بن مريم ومنها قوله عليه السلام عصابتان من امتي احرزهما الله من النار عصابة تغزه الهند وعصابة تكون مع عيسى إبن مريم ومنها قوله عليه السلام يخرج الدجال في امتي فيمكث أربعين سنه فيبعث الله تعالى عيسى بن مريم كأنه عروة بن مسعود الثقفي فيطلبه فيملكه ثم يمكث الناس سبع سنين ليس بين اثنين عداوة ثم يرسل الله ريحا باردة من قبل الشام فلا يبقى على وجه الأرض أحد في قلبه مثقال ذرة من الأيمان الا قبضته حتى لو أن أحدكم دخل في كبد جبل لدخلت عليه حتى تقبضه فيبقى شرار الناس في خفه الطير واحلام السباع لايعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا فيتمثالهم الشيطان فيقول الا تستجيبون فيقولون بما تأمرنا فيأمرهم بعبادة الأوثان فيعبدونها وهم في ذلك دار رزقهم حسن عيشهم ثم ينفخ في الصور فلا يسمعه أحد الا اصفى ليتا ورفع ليتا وهو بكر اللام صفحة العنق وأول من سمعه رجل يلوط حوض ابله فيصعق ويصعق الناس ثم يرسل الله مطرا كأنه الطل فينبت منه اجساد الذين ماتوا ثم ينفخ فيه أخرى فاذا هم قيام ينظرون ثم يقول يايها الناس هلموا إلى ربكم وقفوهم أنهم مسؤلون ثم يقال أخرجوا بعث النار فيقال من كم فيقال من كل الف تسعمائه وتسعين فذلك يوما يجعل الولدان شيبا وذلك يوم يكشف عن ساق رواه أحمد ومسلم عن إبن عمر فأن قلت هل يكون عيسى عليه السلام مجتهدا مطلقا في القضايا والأحكام أو يكون عاملا بالوحي والالهام يحتمل الأمرين وعلى التقديرين يكون أحكامه قطيعه لا ظبيه لأن الأنبياء ولو وقع منهم الخطأ لم يستقروا عليه بل نبهوا بالأبناء والله أعلم بحقائق الأشياء ثم أعلم أنه ورد في مسند حذيفة بن اليمان قلت يارسول الله الدجال قبل عيسى بن مريم قال الدجال ثم عيسى بن مريم ثم لو أن رجلا انتج فرسا لم يركب مهرها حتى تقوم الساعة وقد تقدم أن أول والآات ظهور المهدي ثم الدجال ثم عيسى ثم خروج ياجوج وماجوج وآخر الآيات طلوع الشمس من مغربها ثم يكون النفخة الأولى على شرار الخلق ممن لم يقل لا اله إلا الله ثم تقع النفخة الثانية وبين النفختين أربعون سنه كما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم ويقول الحق فيها لمن الملك اليوم فيجيب بذاته لله الواحد القهار حيث لم يكن في الدار غيره ديار وكذا الآن في نظر ارباب الشهود سوى الله الله مافي الوجود وهذا معنى قولهم كان الله ولم يكن معه شيء والآن على ما عليه كان وهذا يحتاج إلى بسط في البيان فصرفنا عنه العنان ورجعنا إلى معنا ما ورد في بعض الروايات أن عمر الدنيا سبقه الآف سنه وأن نبينا صلى الله عليه وسلم في الألف السابع ولذا يقال له نبي آخر الزمان وقد تعدى عن الألف ثلاثة عشر سنه في هذا الآوان فلابد أن يقع اشراط الساعه قبل تحقيق القيامه فيحتاج إلى اطالة المده تكمله العده والعده والتحقيق ماذكره شيخ مشايخنا الجلال السيوطي رحمه الله في رسالته الكشف في محاورة هذه الأمه الالف الا أنه لايتجاوز عن الخمسمائة ليصح ماثبت في الحديث فأنه فذكر العدد ويسقط كسره من المدد كما ورد في رواته أن عمره عليه السلام ستون سنه مع أن الصحيح ثلاث وستون كما في رواية وأما رواية خمس وستين فمحموله على اعتبار عام الولاده وسنة الوفاة فهنا كذلك يتعين أن يحمل على اسقاط الكسر والكسر لايكون أكثر من النصف فإنه يلزم حينئذ أن يكون عمر الدنيا ثمانية الآف أما مع الكسر أو الجبر وقد أخرج نعيم إبن حماد عن أبي قبيل قال اجتماع الناس على المهدي سنه أربع وما تبين يعني بعد الألف السابع ويكون بقية اشراط الساعة تقتضي قبل الخمسمائة وكذا ما أخرجه نعيم أيضا عن جعفر قال يقوم المهدي سنه ماتبين هذا وقال أبو الحسن محمد بن الحسين إبن إبراهيم بن عاصم السنجري قد تواترت الأخبار واستفاضت بكثرة رواتها سيد الأخيار وسند الأخبار بمجيء المهدي المختار أنه من أهل بيته وأنه سيملك سبع سنين وأنه يملأ الأرض عدلا وأنه يخرج مع عيسى عليه السلام فيساعده على قتل الدجال بباب لد بارض فلسطين وانه يوم هذه الأمه وعيسى يصلي خلفه في طول من قصة وأمره وهذا كله باعتبار الأجمال في زمان الساعة وما يرتب عليه من الأحوال والا فقد قال تعالى يسألونك عن الساعه أيان مرسها فم انت من ذكرها إلى ربك متنهاها وفي آية أخرى قل إنما علمها عند ربي لايجلبها لوقتها الا هو وفي أخرى وما يدريك لعله الساعه تكون قريبا وفي آخرى أن الله عنده علم الساعة وهي من مفاتيح الغيب خمس لايعلمهن الا الله كما ورد في حديث وفي حديث جبريل عليه السلام لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم أخبرني عن الساعه قال ما المسؤل عنها باعلم من السائل قال فاخبرني عن اماراتها الحديث والحاصل أن ساعة القيامة بعينها لا يعرفها الا الله ولا يطلع على حقيقتها سواه كما قال تعالى أن الساعه آتيه اكاد اخفيها أي اخفيها علاماتها لحكمة في اغفاء حالاتها أو اقرب أن أخفيها فلا أقول أنها آتية بما فيها ولولا ما في الأخبار من اللطف والأعذار لما أخبرت بها وأخترت الأسرار لايفاض جملة الاسرار أو المعنى اكاد أخفيها عن نفسي كما قرى بها أي لو كان ممكنا أخفاؤها وفي الجملة اظهر الله * وأخفى الله زمانها * كل نفس بما تسعى قبل اوانها تعظيما * في اخفاء بيانها ونسأل الله حسن الخاتمة في الحالة اللاحقة وأن كان المدار على الأمور السابقة والحمد لله على ما اسبغ علينا من نعمه الظاهره والباطنه وجعلنا فيما بين الخلق من خير الأمم وأتباع النبي المكرم والرسول المعظم وانعم علينا بموافقة مذهب أهل السنه والجماعة وأن كنا مقصرين في مقام الطاعة فتربوا على كرمه من كرمه العمم ولطفه القديم أن يحفظنا من الفضيحة واشناعه كما قال القائل لقد أحسن الله فيما مضى كذلك يحسن فيما بقى وهو أحسن قلنا * الاكرمين وأرحم الراحمين * في هذا الكلام ووصل في مقام المرام وهو أنه عار خفي في هذه القضية من هو عن الفضيله بالكليه بل هو حال عن أدراك علم الباطن والظاهر وفي صورة الفرخ في سماء علاء الطائر وأبرز نقلا مما كتب في قفاء الدفاتر الذي يدرك بطلانه ذو العقل القاصر والفهم الفاتر ومع هذا منقول من كتاب مجهول وقد صرح الإمام إبن الهمام بأنه لايجوز نقل المسائل الشرعية عن غير الكتب المتداولة يستوي منه العلوم الأصليه والفرعيه ثم الفاظه ومبانيه مع ذلك في غاية من الركاكه الدالة على بطلان معانيه وما أنا أذكر لك جميع ما فيه لتحيط علما بما يوافقه وما ينافيه حيث قال ولم يخش ما عليه من الوبال والمائل من غضب الملك المتعال أعلم أن الله تعالى قد حسن أبا حنيفة رضي الله عنه بالشريعة والكرامة ومن كراماته أن الخضر عليه السلام كان يجيء اليه كل يوم وقت الصبح وتعليم منه أحكام الشريعة إلى خمس سنين فلما توفي أبو حنيفة ناجى خضر ربه وقال الهي أن كان لي عندك منزلة فاذن لأبي حنيفة حتى يعلمني من القبر على حسب عادته حتى أعلم بشرع محمد صلى الله عليه وسلم على الكمال ليحصل إلى الطريقة والحقيقة فنودي أن أذهب إلى قبره وتعلم منه ما ثبت فجاء الخضر عليه السلام إليه وتعلم منه ماشا كذلك إلى خمس وعشرين سنه أخرى حتى اتم الدلائل والأقاويل ثم ناجى خضر عليه السلام ربه وقال الهي ماذا اصنع فنودي أن أذهب إلى صفائك واشتغل بالعباده إلى أن يأتيك امري إلى أن أذهب إلى البقعه الفلاني وعلم فلانا علم الشريعة ففعل خضر عليه السلام ما أمرتم بعد المدة ظهر في مدينة ما وراء النهر شاب كان اسمه أبا القاسم القشري وكان يخدم لأمه ويحترمها ثم أنه قال وقتا من الأوقات لأمه يااماه قد حصل لي الحرص على طلب العلم وقد قال على كرم الله وجهه من كان في طلب العلم كانت الجنة في طلبه فاذن لي حتى أذهب الى بخارا واتعلم العلم فتفكرت والدته وقالت أن لم اعطه الأذن اكون مانعه الخير وان اذنت له لم اصبر على فراقه فلم يكن لها بد حتى اذنت له فودع القشيري وعزم على السفر مع ثبات صاحب له يطلبان العلم فقعدت أمه على الباب باكية حزينة وقالت الهي اشهد أني حرمت على نفسي الطعام والشراب والمنزل ولا اقوم من مقامي حتى أرى ولدي فمضى القشيري وصاحبه حتى نزلا في منزل لياكلا فيه طعاما فقام القشيري ليقضي حاجته فتلوث ثيابه ببوله وقال لصاحبه أذهب أنت فأني أريد أن ارجع فقال له صاحبه لم ترجع قال لأن هذا السفر ليس مبارك لي وقد أصاب لثيابي النجاسه في أول المنزل وأخاف أن يصيب النجاسة لجسمي في المنزل الثاني ويصيب روحي في الثالث فقعودي عند والدتي اولى ورجع إلى امه وكانت قاعدة على مكانها التي ودعت ابنها فقامت وتصافحت مع ولدها وقالت الحمد لله فأمر الله تعالى الخضر عليه السلام أن أذهب إلى القشيري وعلم ما تعلمت من أبي حنيفة لأنه ارضى أمه فجاء الخضر إلى أبي القاسم وقال أنت اردت السفر لأجل طلب العلم وقد تركته لرضاء امك وقد امرني الدم أن اجيء اليك كل يوم على الدوام وأعلمك فكل يوم تجيء اليه الخضر عليه السلام حتى * ثلاث سنين وعلمه العلوم الذي تعلم من أبي حنيفة في ثلاثين سنة حتى علمه علم * والدقائق ودلائل العلم وصار مشهور دهره وفريد عمره حتى صنف الف كتاب وصار صاحب كرامه وكثر مريدوه وتلاميذه فكان له مريد كبير متدين لايفارق الشيخ فعد له الشيخ الف كتاب من مصنفاته ووضعه في الصندوق واشعلى لذلك المريد وقال قد بدا لي أمر فاذهب وارم هذا الصندوق في نهر جيجون فحمل المريد الصندوق وخرج من عند الشيخ وقال في نفسه كيف ارى مصنفات الشيخ في الماء لكن اذهب واحفظ الكتب واقوله للشيخ رمتها وحفظ الكتب وجاء قال الشيخ رميت الصندوق إلى الماء وقال الشيخ وما رأيت في تلك الساعه من العلامة قال ما رأيت شيئا قال الشيخ اذهب وارم الصندوق فذهب المريد إلى الصندوق وأراد يرميه فلم يهن عليه ورجع إلى الشيخ مثل الأول فقال رميته قال نعم وما رأيت قال لم ار شيئا قال الشيخ وما رميته فاذهب وارمه فأن لي فيها شرا مع الله ولاتزد أمري فذهب المريد ورمي الصندوق فخرج من الماء يد وأخذ الصندوق قال المريد له من أنت فنادى من الماء أني وكلت لأن أحفظ امانة الشيخ فرجع المريد وجاء إلى الشيخ فقال الشيخ رميت قال نعم قال وما رأيت قال رأيت الماء قد انشق وخرج منه يد وأخذ الصندوق وقد صرت متحيرا وما السر في ذلك قال الشيخ السر في ذلك انه إذا قربت القيامة وخرج الدجال ونزل عيسى ببيت المقدس ويكون امام المسجد رجل صالح من آل بيت علي رضي الله تعالى فيعلم عيسى عليه السلام ويقول قدم إلى المحراب وصل بنا فيقول عيسى عليه السلام أني حييت تابعا لشرع محمد صلى الله عليه وسلم بل أنت صل بنا فيصلي بهم فإذا فرغ من الصلاة بأمرهم أن يركبوا ويقصدوا الدجال فيقتله وينهزم عسكره ويقتلهم المسلمين فإذا فرغوا من قتلهم فيضع عيسى عليه السلام الأنجيل بجنبه ويقول أين الكتب المحمدي وقد أمرني الله تعالى أن امتكم بينكم يكتبه ولا أحكم بالأنجيل فيطلبون الدنيا ويطوفون البلاد فلم يوجد كتاب من كتب شرع محمد فيتحير عيسى عليه السلام ويقول الهي بماذا أحكم بين عبادك ولم يوجد كتاب غير الأنجيل فينزل جبريل عليه السلام ويقول فتأمر الله ان يذهب إلى نهر جيحون ويركع بجنبه ركعتين وتنادي يا أمين صندوق أبي القاسم القشيري سلم إلى الصندوق مع الكتب وأنا عيسى بن مريم وقد قتلت الدجال فيذهب عيسى عليه السلام إلى جيحون ويصلي ركعتين ويقول مثل ما أمره جبريل عليه السلام فينشق الماء ويخرج الصندوق ويأخذه ويفتحه ويجد فيه ختمه والف كتاب فيجيء الشرح بذلك الكتب ثم سأل عيسى عليه السلام عن جبريل بم نال أبو القاسم هذه المرتبة فقال برضاء والدته والله أعلم بالصواب من كتاب انيس * انتهى ولا يخفى أن هذا من كلام بعض الملحدين الساعي في فساد الدين إذ حاصله أن الخضر الذي قال تعالى في حقه عبدا من عبادنا اتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما وقد تعلم موسى عليه السلام بعض العلوم منه بما اوتي حلما من جملة تلاميذ أبي حنيفة ثم عيسى عليه السلام يأخذ احكام الأسلام من تلميذ تلميذ أبي حنيفة في ذلك المقام وما اسرع فهم التلميذ حيث أخذ عن الخضر في ثلاث سنين ماتعلمه الخضر من أبي حنيفة حيا وميتا في ثلاثين وأعجب منه أن أبا القاسم القشيري ليس معدودا في طبقات الحنفية وإنما هو أحد اكابر الشافعية ثم العجب من الخضر أنه أدرك النبي عليه السلام ولم يتعلم منه الإسلام ولا من علماء الصحابة الكرام كعلي باب مدينة العلم وزيد افرضهم واقضى الصحابه وزيد افر منهم * اقرا القرآء ومعاذ بن جبل الأعلم بالحلال والحرام ولا من التابعين العظام كالفقهاء السبعه وسعيد بن المسيب بالمدينة وعطاء بمكة والحسن بالبصرة ومكحول بالشام وقد رضى بجهله بالشريعة الحنفية حتى تعلم مسائلها بدلائلها في آواخر عمر أبي حنيفة فهذا مما لايخفى بطلانه على العقول السخيفه والفهوم الضعيفه بل لو أطلع على وجه السخريه وجعلوها وسيله في قله عقل الطائفة الحنفية حيث لم يعلموا أن أحدا منهم لم يرض لهذه القضية بالكليه ثم لو تعرضت لما في منقوله من الخطاء في متباينه ومعانيه الداله على نقصان معقوله لصار كتابا مستقلا في رد محصوله الا أني اعرضت عنه صفحا لقوله تعالى خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين وقال عز وجل فاعف عنهم واصفح أن الله يحب المحسنين وقد جمعت ما ورد في الخضر وسميته يكشف الحذر وبينت فيه أنه النبي على القول الأكثر بل وقيل أنه مرسل عند بعض أهل الأثر فبطل قول القائل بل وكفر فيما أظهر لاسيما فيما أبرز بالنسبة إلى عيسى عليه السلام المجمع على نبوته سابقا ولاحقا فمن قال بسلب نبوته كفر حقا كما صرح به السيوطي لأن النبي لايذهب عنه وصف النبوة ابدا ولا بعد موته وأما حديث لا وحي بعدي فباطل لا اميل له نعم ورد لابني بعدي ومعناه عند العلماء أنه لايحدث بعده نبي * شرعه فإن قلت وكيف طريق عيسى عليه السلام في تبعيد الأحكام فاعلم أن العلماء اجمعوا على أنه يحكم بشرع نبينا صلى الله عليه وسلم ومن المقرر عند الفقهاء أن المقلد لايقلد مجتهدا فإذا كان المجتهد من أحاد الأمه لايقلد فكيف يظن بالنبي أنه يقلد لا يقال تعين حينئذ القول بأنه يحكم بالاجتهاد فأنا نقول لم يتعين ذلك فأن نبينا صلى الله عليه وسلم كان يحكم بما أنزل إليه في القرآن ولا يسمى ذلك أجتهادا كما لايسمى تقليدا والدليل على ذلك أن العلماء حكوا خلافا في جواز الأجتهاد للنبي صلى الله عليه وسلم فكان حكمه بما يفهمه من القرآن لو يسمى اجتهادا لم يتجه حكاته الخلاف والحاصل أن نبينا صلى الله عليه وسلم كان نبينا لما في القرآن من مشكلات الفرقات كما يشير اليه قوله تعالى لتبين للناس مانزل إليهم ولعلهم يتفكرون فالظاهر أنه كان التبيين حاصل له من غير تفكر بخلاف غيره وجوز بعضهم الاجتهاد له حيث لايفهم معناه من القرآن ومبناه لكنه يوحي خفي وهو الهام رباني لقوله تعالى وما ينطق عن الهوى وأختلفوا في جواز خطائه في الاجتهاد مع الاتفاق انه لايبقى ولا يقر عليه لما يترتب من الفساد في الاعتقاد ثم أعلم أنه جوز أنه يكون عمل عيسى عليه السلام وفق علمه اليقين في الأحكام فقد ذكر الحافظ الجلال السيوطي أن جميع الأنبياء عليهم السلام قد كانوا يعلمون في زمانهم جميع شرايع من قبلهم ومن بعدهم بالوحي من الله تعالى على لسان جبريل وبالتنبيه على بعض ذلك في الكتاب الذي أنزل عليهم وحاصله القطع بأن الله تعالى بين لأنبيائه جميع ما يتعلق بهذه الامه من أحكام واقعه أو حادثه وأن عنهم بطريق الوحي من الله من غير احتياج إلى أن ياخذوه باجتهاد * عن تقليد فأن قلت يلزم عليه أن يكون كل ما في القرآن مضمنا في جميع الكتب السابقة قلت لا مانع من ذلك بل دلت الادلة على ثبوت هذه الملازمة قال تعالى وأنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين إلى قوله وأنه لفي زبر الاولين وقد نص على هذا بعينه الأمام أبو حنيفة حيث استدل بهذه الآية على جواز قراءة القرآن بغير اللسان العربي وقال أن القرآن مضمن في الكتب السابقة وهي بغير اللسان العربي ومما يشهد لذلك وصفه تعالى للقرآن في عدة مواضع بأنه مصدق لما بين يديه من الكتب فلولا أن مافيه موجود فيها لم يصح هذا الوصف فاذا عرفت ذلك فيمكن أن ينظر عيسى عليه السلام في القرآن فيفهم منه جميع الاحكام المتعلقة بهذه الشريعة من غير احتياج إلى مراجعه كما فهم النبي صلى الله عليه وسلم بفهمه الذي اختص به ثم شرحها لامته في السنه وافهام الأمة يقصر عن ادراك ما ادركه النبوه كما قال بعض ارباب الحال جميع العلم في القرآن لكن تقاصر عنه افهام الرجال وعيسى عليه السلام نبي فلا يبعد أن يفهم من القرآن كفهم النبي صلى الله عليه وسلم ويحكم به وأن خالف الأنجيل ويؤيده قول الشافعي جميع ماحكم به النبي صلى الله عليه وسلم فهو مما فهمه من القرآن * ما أخرجه الطبراني في الأوسط من حديث عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أني لا أحل ما أحل الله في كتابه ولا احرم الا ما حرم الله تعالى في كتابه وقد قال تعالى وأنزلنا إليك الكتاب تبيانا لكل شيء وقال تعالى ما فرطنا في الكتاب من شيء هذا وقد صرح السبكي في تصنيف له مانصه إنما يحكم عيسى بشريعة نبينا صلى الله عليه وسلم بالقرآن والسنه وحينئذ فيترجح أن أخذه للسنة من النبي صلى الله عليه وسلم بطريق المشافهه من غير الواسطة أو بطريق الوحي والالهام تصحيح ماثبت عنه عليه السلام في جميع الأحكام وروى عن أبي هريرة هريرة أنه لما أكثر الحديث وأنكر عليه الناس قال لئن أنزل عيسى بن مريم قبل أن أموت لاحدثنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيصدقني فقوله يصدقني دليل أن عيسى عليه السلام عالم بجميع سنة النبي صلى الله عليه وسلم من غير احتياج إلى أن يأخذها عن أحد من الأمة حتى أن أبا هريرة الذي سمع من النبي صلى الله عليه وسلم أحتاج إلى أن يلجأ إليه لصدقه فيما رواه ويزكيه فان قلت هل ثبت أن عيسى عليه السلام بعد نزوله يأتيه الوحي فالجواب نعم روى مسلم وغيره من حديث النواس بن سمعان قال ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال قال فبينما هم على ذلك إذ بعث الله المسيح إبن مريم فينزل عند المناره البيضاء شرقي دمشق واضحا يده على اجنحة ملكين فيتبعه فيدركه فيقتله عند باب * الشرقي فبينما هم كذلك اوحى الله تعالى إلى عيسى بن مريم أني قد اخرجت عبادا من عبادي لايد ان لك بقتالهم فحرز عبادي إلى الطور فيبعث الله ياجوج وماجوج الحديث ثم الظاهر أن الجائي إليه بالوحي اليه هو جبريل بل هو الذي يقطع به ولا يتردد فيه لأن ذلك وظيفته وهو السفر بين الله تعالى وبين انبيائه لايعرف ذلك لغيره من الملائكة وقد أخرج أبو حاتم في تفسيره وكل جبريل بالكتب وبالوحي إلى الأنبياء وأماما أشتهر على السنة العامه أن جبريل لاينزل إلى الأرض بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم فلا أصل له ومما يدل على بطلانه ما أخرجه الطبراني في الكبير عن ميمونة بنت سعد قالت قلت يارسول الله هل يرقد الجنب قال ما أحب أن يرقد حتى يتوضأ فأني أخاف أن يتوفى فلا يحضره جبريل فهذا الحديث يدل على أن جبريل نزل إلى الأرض ويحضر موت كل مؤمن من حضره الموت وهو على طهارة وقد قال الضحاك في قوله تعالى تنزل الملائكة والروح فيها باذن ربهم الروح هنا جبريل وأنه نزل هو والملائكة في ليلة القدر ويسلمون على المسلمين وذلك في كل سنه وأخرج نعيم بن حماد في كتاب العين والطبراني عن إبن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم في وصف الدجال قال فعمر بمكة فاذا هو بخلق عظيم فيقول من أنت فيقول أنا ميكائيل بعثني الله لامنعه من حرمه ويمر بالمدينة فإذا هو بخلق عظيم فيقول أنا جبريل بعثني الله لامنعه من حرمه ثم وقفت على سؤال رفع إلى شيخ الإسلام إبن حجر العسقلاني صورته ماقولكم في قول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ينزل عيسى بن مريم في آخر الزمان حكا قيل ينزل عيسى عليه السلام حافظا لكتاب الله القرآن العظيم ولسنة نبينا الكريم أو يتلقى الكتاب والسنة عن علماء ذلك الزمان ويجتهد فيها فاجاب بما نصه لم ينقل في ذلك شيء صريح والذي يليق بمقام عيسى عليه السلام أنه يتلقى ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فحكم في امته كما تلقاه عنه لأنه في الحقيقة خليفة عنه والله أعلم وقد سئل إبن قيم الجوزية عن حديث لا مهدي الا عيسى بن مريم فكيف يأتلف هذا مع أحاديث المهدي وخروجه وما وجه الجمع بينهما وهل صح في المهدي حديث أم لا فقال أما حديث لا مهدي الا عيسى إبن مريم فرواه إبن ماجه في سننه عن يونس بن عبد الأعلى عن الشافعي عن محمد إبن خالد الجندي عن ابان بن صالح عن الحسن عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو مما تفرد به محمد بن خالد قال محمد بن الحسين الاسنوي في كتاب مناقب الشافعي محمد بن خالد هذا غير معروف عند أهل الصناعة من أهل العلم والنقل وقد تواترت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذكر المهدي أنه من أهل بيته وقال البيهقي تفرد به محمد بن خالد هذا وقد قال الحاكم أبو عبد الله هو مجهول وقد اختلف عليه في اسناده فروى عنه عن ابان بن أبي عياش عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم قال فرجع الحديث الى رواية محمد بن خالد وهو مجهول عن ابان بن أبي عياش وهو متروك عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو منقطع والأحاديث في التنصيص على خروج المهدي اصح اسنادا قال أبو نعيم كحديث إبن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم لو لم يبق من الدنيا الا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث رجل مني أو من أهل بيتي يواطي اسمه اسمي واسم ابيه اسم أبي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح قال وفي أول الباب عن علي وأبي سعيد وام سلمه وأبي هريرة ثم روى حديث أبي هريرة وقال حسن صحيح انتهى وفي الباب عن حذيفة بن اليمان وأبي امامة الباهلي وعبد الرحمن بن عوف وعبد الله بن عمرو بن العاص وثوبان وأنس بن مالك وجابر وإبن عباس وغيرهم وفي سنن أبي داود عن علي أنه نظر الى ابنه الحسن فقال أن ابني هذا سيد كاسماه النبي عليه السلام ويستخرج من صلبه رجل يسمى باسم نبيكم يشبهه في الخلق ولا يشبهه في الخلق أي في كماله يملأ الأرض عدلا وعن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المهدي * اجلى الجبهة اقنى الأنف يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت كلما وجورا يملك سبع سنين رواه أبو داود باسناد جيد من حديث عمران بن داود القطان وقال حسن الحديث عن قتادة عن أبي الصديق الناجي عنه وروى الترمذي نحوه من وجه واحد وروى أبو داود من حديث صالح بن أبي مريم بن الخليل عن صاحب له عن أم سلمه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يكون أختلاف عند موت خليفة فيخرج رجل من أهل المدينة هاربا إلى مكة فيأتيه ناس من أهل مكة فيخرجونه وهو كاره فيبايعونه بين الركن والمقام ويبعث اليه بعث من الشام فيخسف بهم بالبيدا بين مكة والمدينة فاذا راى الناس ذالك اتاه ابدال الشام وعصائب أهل العراق فيبايعونه ثم ينشأ من قريش اخواله كلب فيبعث اليهم بعثا فيظهرون عليهم وذلك بعث كلب والخيبة غيمة كلب فيقسم المال ويعمل في الناس بسنة نبيهم ويبقى الأسلام بجرانه في الأرض فيلبت سبع سنين ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون ورواه الإمام أحمد باللفظين ورواه أبو داود من وجه آخر عن قتادة عن أبي الخليل عن عبد الله بن الحارث عن أم سلمة نحو ورواه أبو يعلى الموصلي في مسنده من حديث قتادة عن صالح بن الخليل عن صاحب له وربما قال صالح عن مجاهد عن أم سلمه والحديث حسن ومثله مما يجوز ان يقال منه صحيح أي لغيره وقال إبن ماجه في سننه حدثنا عثمان بن أبي شيبه حدثنا أبو داود الجعفري حدثنا ياسين عن إبراهيم بن محمد بن الحنفية عن أبيه عن علي مرفوعا المهدي من أهل يصلحه الله في ليلة وياسين وأن كان ضعيفا فحدثته يصلح للاعتضاد وان لم يصلح للاعتماد وفي سننه أيضا من حديث إبن لهيعة عن أبي زيد وعمر بن جابر الخضري عن عبد الله بن الحارث بن حسن الزبيدي مرفوعا يخرج ناس من أهل المشرق فيوطؤن للمهدي يعني سلطانه وذكر أبو نعيم في كتابه أخبار المهدي من حديث حذيفة مرفوعا لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لبعث الله فيه رجلا اسمه اسمي وخلقه خلقي يكنى أبا عبد الله ولكن في اسناده العباس بن بكار لايحتج بحديثه وقد تقدم هذا المتن من حديث إبن مسعود وأبي هريرة وهما صحيحان وعن أم سلمه قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولا المهدي من عثرتي من ولد فاطمة رواه أبو داود وإبن ماجه وفي اسناده زياد بن بيان وثقه إبن حبان وقال إبن معين ليس به بأس وقال البخاري في اسناد حديثه نظر وقال أبو نعيم حدثنا خلف بن أحمد بن العباس الرامهر مزي في كتابه حدثنا همام بن محمد إبن ايوب حدثنا طالوت بن عباد حدثنا سويد بن إبراهيم عن محمد بن عمر عن أبي سلمه بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه مرفوعا ليبعثن الله من عثرتي رجلا افرق الثنايا اجلي الجهة يملأ الأرض عدلا * المال ولكن طالوت * ضعيفان والحديث ذكرناه للشواهد وقال يحيى بن عبد الحميد الحماني في مسنده حدثنا قيس بن الربيع عن أبي حصين عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا لاتقوم الساعة حتى يملك ومعهم رايات سود يسألون الحق فلا يعطون فيقاتلون فينصرون فيعطون ماشاؤ اقلا يقبلونه حتى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي فيملأها قسطا كما ملئت جورا فمن ادرك ذلك منكم فليأتهم ولو جبوا على الثلج وفي اسناده يزيد بن أبي زياد وهو سيء الحفظ اختلط في آخر عمره وكان يقبل الفلوس والذي قبله لو صح لم يكن فيد دليل على أن المهدي الذي تولى من بني العباس وهو المهدي الذي يخرج في آخر الزمان بل هو مهدي من جملة المهدين وعمر بن عبد العزيز كان مهديا بل هو اولى باسم المهدي منه وقد قال عليه السلام عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من يهدي وقد ذهب الإمام أحمد في أحد الروايتين عنه وغيره إلى أن عمر بن عبد العزيز منهم ولا ريب أنه كان راشدا مهديا ولكن ليس بالمهدي الذي خرج في آخر الزمان فالمهدي في جانب الخير والرشد كالدجال في جانب الشر والضلال وكما أن بين يدي الدجال الأكبر صاحب الخوارق دجالون كذابون فكذلك بين يدي المهدي الأكبر مهديون راشدون القول الثالث أنه رجل من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم من ولد الحسن بن علي يخرج في آخر الزمان قال وقد امتلئت الأرض جورا وظلما فيملأها قسطا وعدلا وأكثر الأحاديث على هذا بدل وفي كونه من ولد الحسن سر لطيف وهو أن الحسن ترك الخلافه لله فجعل الله من ولده من يقوم بالخلافه الحق المتضمنه للعدل الذي يملأ الأرض وهذه سنة الله في عباده أنه من ترك شيئا لله عوضه الله أو اعطى ذريته أفضل مما تمناه وهذا بخلاف الحسين فإنه حرص عليها وقاتل عليها فلم يظفر بها هذا الفظ إبن القيم وهو ليس يقيم فإن الحسين حاشاه أن يكون حريصا على الخلافه ولا عازما على المقاتلة بل الزم بمطاله جماعة من الأمة أن يأتي الكوفه ويخلص المؤمنين عن ايدي الظلمه والفجره فوجب عليه الاتيان اليهم فلما اشرف عليهم خالفوا عهودهم ونكثوا وعودهم وقد ظفر حسين بسعادة الشهادة التي هي أحسن مراتب السيادة وكان أمر الله قدرا مقدورا وكان ذلك بالكتاب مسطورا قال وقد روى أبو نعيم من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعا يخرج رجل من أهل بيتي ويعمل بسنتي وينزل الله له البركة من السماء ويخرج له الأرض بركتها ويملأ الأرض عدلا كما ملئت ظلما ويعمل على هذا الأمر سبع سنين وينزل بيت المقدس وروى أيضا من حديث أبي امامة قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر الدجال قال فتنعى المدينة الخبت كما ينعى الكبير خبت الحديد ويدعي ذلك يوم الخلاص فقالت أم شريك فأين العرب يارسول الله قال هم يومئذ قليل وجلهم بيت المقدس امامهم المهدي رجل صالح وروى أيضا من حديث عبد الله بن عباس مرفوعا لم تهلك أمة وأما في اولها وعيسى في آخرها والمهدي في وسطها فهذه أقوال أهل السنة وأما الرافضه والأمامية فلهم قول رابع وهو أن المهدي هو محمد بن الحسن العسكري المنتظر من ولد الحسين بن علي من ولد الحسن الحاضر في الامصار الغائب عن الأبصار الذي ورق العصار ونختم العصاء دخل سرداب سامرا طفلا صغيرا أكثر من خمسمائة سنه فلم تره بعد ذلك عين ولم يحس له بخبر ولا اثر وهم ينتظرونه كل يوم ويقفون بالخيل باب السرداب وتصيحون به أن يخرج اليهم أخرج يامولانا أخرج يامولانا ثم يرجعون بالخيبة والحرمان فهذا دابهم ودابة ولقد أحسن القائل وما آن للسرداب أن يلد الذي كلمتموه بجهلكم ما آنا فعلى عقولكم العفاء فانكم ثلثتم الضعفاء * ولقد اضحى هؤلاء عارا على بني آدم وضحكة يسخر منهم كل عاقل في العالم وأما مهدي المغاربه محمد بن تومرت فإنه رجل كذاب قال لم متغلب بالباطل ملك بالظلم والتغلب والتخيل فقتل النفوس واباح حريم المسلمين وسبي دراريهم واخذ أموالهم وكان شرا على الأمة من الحجاج بن يوسف بكثير وكان يودع بطن الأرض في القبور جماعة من أصحابه أحياء ويأمرهم أن يقولوا للناس أنه المهدي الذي بشر به عليه السلام ثم يردم عليهم لئلا يكذبوه بعد ذلك وسمى أصحابه الجهمية نفاه صفات الرب وكلامه وعلوه على خلقه واستوائه على عرشه وروته المؤمنين له بالأبصار يوم القيامة الموحدين واستباح قتل من حالفهم من أهل العلم والأيمان ويسمى بالمهدي المعصوم ثم خرج المهدي الملحد من ربه عبيد الله بن ميمون بالقداح أي من اراضي اليمن وكان جده يهوديا إبن بنت مجوسي فانتسب بالكذب والزور إلى أهل البيت وادعى أنه المهدي المبشر وملك وتغلب واستفحل أمره إلى أن استولت ذريته الملاحده المنافقون الذين كانوا أعظم الناس عداوة لله ورسوله على بلاد اليمن والمغرب ومصر والحجاز والشام واشتدت غربة الاسلام ومحنته ومصيبته بهم وكانوا يدعون الالهيه ويدعون أن للشريعة باطنا يخالف ظاهرها وهم ملوك القرامطة الباطنيه اعداء الرسل تستروا بالروافض والأنتساب إلى أهل البيت فدانوا بدين أهل الالحاد ولم يزل أمرهم ظاهر إلى أن انقذ الله الأمة * الاسلام بالملك صلاح الدين يوسف بن أيوب فاستنقذ الملة الاسلامية منهم وابادهم وعادت مصر دار اسلام بعد أن كانت دار نفاق والحاد في زمنهم والمقصود أن هؤلاء لهم مهدي واتباع إبن تومرت لهم مهدي والرافضة الاثنا عشريه لهم مهدي فكل من هذه الفرق يدعي في مهديه الظلوم الغشوم أو المستحيل المعدوم أنه الإمام المعصوم والمهدي المعلوم الذي بشر به النبي عليه السلام وأخبر بخروجه ونحن ننتظره كما ينتظر اليهود القائم الذي يخرج في آخر الزمان يعني الدجال الأكبر فتعلو به كلمتهم ويقوم به دينهم وملتهم وينتصرون به على جميع الأمم والنصارى ينتظر المسيح تأتي قبل يوم القيامة فيقيم دين النصرانية ويبطل سائر الاديان وفي عقيدتهم شرع المسيح الذي هواله حق من اله حق من جوهر ابيه الذي نزل لخاصنا إلى أن قالوا وهو مستعد للمجي قبل يوم القيامة فالملل الثلاث تنتظر اماما قائما يقوم في آخر الزمان ومنتظر اليهود هو الذي يتبعه من يهود اصبهون سبعون الفا وفي المسند مرفوعا أكثر اتباع الدجال اليهود والنساء والنصارى سطر المسيح عيسى بن مريم ولا ريب في نزوله ولكن إذا نزل كسر الصليب وقتل الخنزير واباد الملل كلها سوى ملة الاسلام اماتنا الله على ملة الأسلام ومتابعة نبينا محمد عليه السلام وحسبنا الله ونعم الوكيل .
Shafi 100
نقلته من خط مؤلفه عاملنا الله بلطفه
Shafi 101
المقالة العذبة في العمامة العدبه
Shafi 102
بسم الله الرحمن الرحيم رب زدني علما ياكريم الحمد لله الذي خلق الخلق خاصة وعامة وهداهم إلى الحجة بالحجة التامة والصلاة والسلام على المظلل بالغمامه والمنزل لاعانته الملائكة مسومين بالعمامه وعلى آله وصحبه أصحاب العز والكرامة أما بعد فيقول الملتجي إلى عفو ربه الباري علي بن سلطان محمد القاري غفر ذنوبه وستر عيوبه هذه رسالة حاوية لمسألة مشتملة على العمامة والعذبه كمية وكيفية فاعلم أولا أنه قال تعالى أظهار الكمال مرتبه حبيبه قل أن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحيكم الله فجعلت المتابعة شرط صحة محبة العبد لله سبحانه وسبب محبته تعالى لعبده وقد قال عز وجل لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر ثم أعلم أن أفعال النبي صلى الله عليه وسلم التي هي اختياريه صالحة للاقتداء أربعة مباح ومستحب وواجب وفرض والصحيح عندنا معشر الحنفية على ما صرح به علماء أصولنا أن ما علمنا من أفعاله صلى الله عليه وسلم واقعا على صفة تقتدى به في ايقاعه على تلك الجهة حتى يقوم دليل الخصوص وما لم نعلم على أي جهة من الجهات الأربع المتقدم ذكرها فعله صلى الله عليه وسلم فلنا فعله على ادنى منازل أفعاله وهو الأباحة وحاصل المرام في هذا المقام أن فعله صلى الله عليه وسلم أن عرف أنه كان سهوا كالتسليم على ركعتي العصر أو طبعا كالأكل والشرب والقيام وغيرها أو مخصوصاته صلى الله عليه وسلم لوجوب التهجد والضحى والزيادة على الأربع في النكاح وغيرها لا يلزمنا الأتباع وأن كان غيرها فقبل يجب الوقوف فيه حتى تظهر أن النبي صلى الله عليه وسلم على أي وجه فعله من الأباحة والندب والوجوب لأن المتابعه لا يتحقق قبل معرفة صفة الفعل أي قيل يجب اتباعه ما لم يقم دليل المنع لقوله تعالى اطيعوا الله واطيعوا الرسول والمعتمد أثر يعتقد فيه الأباحة لتيقنها ألا إذ ادل الدليل على الوجوب أو الندب والله أعلم ثم أعلم أنه ثبت في الأخبار والأثار أنه صلى الله عليه وسلم تعمم بالعمامه مما كاد أن يكون متواترا في المعنى وكذا ورد تحريضه صلى الله عليه وسلم على التعمم في أحاديث كثيرة ولو من طرق ضعيفة يحصل من مجموعها قوة ترقيها الى مرتبة الحسن بل الصحة وتفيد استحباب العمامة منها قوله صلى الله عليه وسلم اعتموا تزدادوا حلما رواه الطبراني والحاكم عن إبن عباس مرفوعا ومنها اعتموا خالفوا الأمم قبلكم رواه البيهقي عن خالد بن معدان مرسلا ومنها اعتموا تزدادوا حلما والعمائم تيجان العرب رواه إبن عدي والبيهقي عن اسامة بن عمير ومنها ان الله أكرم هذه الأمة بالعمائم والالوية رواه إبن وضاح عن خالد بن معدان مرسلا ومنا لاتزال امتي على الفطرة مالبسوا العمايم على القلنسوة رواه الديلمي عن دركانه ومنها فسرق ما بيننا وبين المشركين العمايم على القلانس رواه أبو داود والترمذي عن دركانه * العمامه على القلنسوة فصل ما بيننا وبين المشركين يعطي المؤمن يوم القيامة بكل كورة يدورها على رأسه نورا رواه البادروي عن دركانه وفي أخرى من اعتم فله بكل كورة حسنة فإذا حط فله بكل حطة حطه خطيئة ولولا شدة ضعف هذا الحديث لكان حجة لتكبير العمام ومنها ركعتان بعمامة خير مع معنى ركعة بلا عمامة رواه الايلمي في مسند الفردوس عن جابر ومنها صلاة تطوع أو فريضة بعمامة تعدل خمسا وعشرين صلاة بلا عمامة وجمعة بعمامة نعدل سبعين جمعة بلا عمامة رواه إبن عساكر عن إبن عمر ومنها أن لله ملائكة تستغفر للابسي العمائم يوم الجمعة كذا رواه بعضهم ومنها أن لله عز وجل ملائكة يصلون على أصحاب العمايم يوم الجمعة كذا ذكره بعضهم ومنها العمائم وقار للمؤمن وعز للعرب فإذا وضعت العرب عمايمها وضعت عزها رواه الديلمي عن عمران بن حصين ومنها العمايم تيجان العرب فإذا وضعوا العمايم وضعوا عزهم رواه الديلمي في مسند الفردوس عن إبن عباس ومنها العمايم تيجان العرب والاحتباء حيطانها وجلوس المؤمن في المسجد رباطه رواه القضاعي والديلمي عن علي ومنها أن العمايم تيجان المسلمين رواه إبن عدي عن علي ومنها أنه صلى الله عليه وسلم كان يلبس القانس تحت العمايم وبغير العمايم ويلبس العمايم بغير قلانس وكان يلبس القلانس اليمانية وهن البيض الضربة ويلبس ذوات الأذان في الحرب وكان ربما نزع قلنسوة فجعلها سترة بين يديه وأما حديث خالفوا اليهود فلا تعتموا فأن تصميم العمايم من زي أهل الكتاب وحديث أعوذ بالله من عمامة صماء فقد قال الحافظ السيوطي لا أصل لهذين الحديثين انتهى وقال جماعة من الحفاظ لم يتحرر لنا شيء في طول عمامته صلى الله عليه وسلم وعرضها ومن ثم لما سئل عن ذلك الحافظ عبد الغني لم يبد فيه شيئا وقال قال بعض الحفاظ المتأخرين ورأيت من نسب لعائشة رضي الله عنها أن عمامته صلى الله عليه وسلم كانت في السفر بيضاء وفي الحضر سوداء من صوف وكانت سعة اذرع في عشرين ذراع وكانت العذبه في السفر من غيرها وفي الحضر منها وهذا شيء ما علمناه انتهى فبين أن هذا المنقول عن عائشة لا أصل له وأن قلده صاحب المدخل إذ البياض في السفر والسواد في الحضر قلب الموضوع وعكس المطبوع وخلاف المعروف في المشروع إذ ورد أنه صلى الله عليه وسلم دخل مكة عام الفتح وعليه عمامة سوداء فقيل أنها على حقيقتها وقيل المراد بها أنها تسودت من المغفر فأنها كانت فوقه على رواية وقيل سوداء من الوسخ والغبار أو لتلطخها بدسومة الشعر ودمنه لرواية أخرى دسماء وفي شرح الكنز للزيلعي من علمائنا ليس لبس السواد لحديث فيه واستدل غيره من العلماء بهذا الحديث على جواب لباس الثياب السود وأن كان البيض أفضل لما ثبت في الحديث الصحيح خير ثيابكم البيض وقالوا إنما لبس النبي صلى الله عليه وسلم العمامة السوداء بيانا للحواز كاذكره النووي في شرح مسلم وذكر في الروضة إبن صلى الله عليه وسلم لم يلبس السواد الا يوم فتح مكة وأما طول العمامة وعرضها فلم يعلم من الأحاديث ولا من السير على ما صرح به السيد جمال الدين المحدث في كتاب روضة الأحباب لكن بعض علماء الحنفية ذكروا أن العمامة التي كان يلبس داء أطوله سبعة أذرع والتي يلبس في الجمعة والعيد طوله اثنا عشر ذراعا ويؤيده ماذكره الجزري في تصحيح المصابيح قد تتبعت الكتب وتطلبت من السير والتواريخ لاقف على قدر عمامة النبي صلى الله عليه وسلم فلم أقف على شيء حتى أخبرني اثق به أنه وقف على شيء من كلام الشيخ محي الدين النووي ذكر فيه أنه كان له صلى الله عليه وسلم عمامة نصيره وعمامه طويلة وأن القصيرة كانت سبعة اذرع والطويلة أثنا عشر ذراعا والله أعلم انتهى فقد علم أنه لم يرد في طولها وعرضها شيء يعتمد عليه فليقتصر الأنسان على ما يليق به باعتبار عادة غالب أمثاله في محله الساكن فيه من البلاد وتعني مجملا أن عمامته صلى الله عليه وسلم لم تكن بالكبيرة التي تؤدي حملها ويضعفه ويجعله عرضه للافات كما يشاهد من حال أصحابها ولا بالصغيرة التي تقصر عن وقاره الرأس من الحر والبرد بل وسطا بينهما ثم الفضائل الوارده في لبس العمامة ماخوذه من قوله تعالى خذوا زينتكم عند كل مسجد وما ورد من أنه صلى الله عليه وسلم كان يكتفي بالقلنسوة أحيانا ينبغي أن يحمل على ضرورة من حر ونحوه أو على استراحة في بيته أو عند القعود بين أصحابه أو على بيان الجواز أو على غير حالة صلاة أو في صلاة نافلة وهو محمل كلام الإمام الغزالي من أنه لا بأس نزع العمامه قبر الصلاة للحر واماما أحدثه فقهاء زماننا من أنهم يأتون المسجد بعمامة كبيرة ثم يضعونها ويلفونها بلفافة صغيرة ويصلون بغير عمامه فمكروه غاية الكراهية وليتهم يتعممون بمناديل اكتافهم فأن الظاهر أنه يحصل به ثواب أصل التعمم على مقتضى اللغة وظاهر الشريعة وأن لم يعتبر في العرف التام ثم رأيت كلام الإمام في شرح شرعه الإسلام في باب صلاة الجمعة العمامه مستحبه في هذا اليوم فقد روى واثله بن الأسقع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أن الله وملائكته يصلون على أصحاب العمايم يوم الجمعة وفي الحديث جمعة بعمامة أفضل من سبعين صلاة بلا عمامة فأن اكربه الحر فلا بأس بنزع ماقبل الصلاة وبعدها ولكن اينزع في وقت السعي من المنزل إلى الجمعة ولا في وقت الصلاة ولا عند صعود الإمام المنبر ولا في حال الخطبة انتهى وروى الترمذي عن أبي كبشه الأنماري * كانت كمام أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بطحا رواه الترمذي وفي رواية * ومما مع كثرة وقلة الحكمة وهي القلنسوة يعني أنها كانت مبطحة غير منتصبه وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت له كمة بيضاء رواه الدار قطني وليس كما وهم بعضهم من أن الكمام جمع الكم بالضم فما اختاره بعض مشايخ اليمن من طول القلنسوة والأكتفاء بها غالبا مخالف للسنة المستقرة والطريقة المستمرة وما أقبح فعل بعضهم حيث جعلوها من ثوب الكعبة فأنها تحرم أجماعا لكونها من الحرير مع الخلاف في صحة تملكه ومما ورد في تحسين الهيئة والتحمل في البدن واللباس ما روى أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد الخروج على أصحابه نظر في الماء وسوى عمامته وشعره فقالت له عائشة أو تفعل ذلك فقال نعم أن الله محب للعبد أن يتزين لاخوانه إذا خرج عليهم وقد ورد في الحديث الصحيح أن الله جميل يحب الجمال وفي حديث أخر أن الله لطيف يحب النظافة وفي حديث جابر أنه صلى الله عليه وسلم رأى رجلا شعثا قد تفرق شعره فقال ما كان يجد هذا ما يسكن به رأسه ورأى رجلا عليه ثياب وسخه فقال ما كان يجد هذا ما يغسل به ثوبه رواه أحمد وفي السنن أن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده وأكثر الناس واقعون في طرفي الافراط والتفريط في التحمل والتعسفف والمحمود هو المتوسط المعتدل كما هو المعتبر في جميع الأحوال من العقائد والأخلاق وسائر الأعمال وهو الموافق لمتابعته صلى الله عليه وسلم وقد روى الترمذي والحاكم عن معاذ بن أنس مرفوعا من ترك اللباس تواصفا لله وهو يقدر عليه دعاه الله يوم القيامة على روس الخلايف حتى يحيزه من أي حلل الأيمان شاء يليها وقد ورد احذروا الشهرتين الصوف والخز رواه أبو عبد الرحمن السلمي في سنن الصوفية والديلمي في مسند الفردوس عن عائشة وقد لبس أبو حنيفة رحمه الله رداء بأربعمائة دينارا وكان يقول لأصحابه تحملوا كيلا ينظر إليهم بعين الحقارة لكنه محمول على قصد التحمل والاستغناء عن الناس وتعظيم العلم والتكبر على المتكبرين من ارباب الدنيا والتبعد عن الظلمة والتذلل لهم لا التفاخر والتعاظم على الناس سيما على الفقراء والصالحين فالمدار على تحسين النية وتزيين الطوية وقد ورد في الحديث أن الله لاينظر إلى صوركم وأعمالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم ونياتكم وإنما الأعمال بالنيات ونية المؤمن خير من عمله وفي شرعة الإسلام لبعض علمائنا الإعلام أن من سنة الإسلام لبس المرقع والخشن من الثياب وفي الحديث من رق ثوبه رق دينه وقيل كان عمر رضي الله عنه إذا رأى على رجل ثوبين رقيقين علاه بالدرة وقال دعوا هذه للنساء نعم ترخص في ذلك لمن لا يلتزم بالزهد ويقف على رخصة الشرع على ما في العوارف وروى أنه لما جاء عبد الله بن عامر في بردة إلى أبي ذر وسأله عن الزهد جعل يضرط في كفه ثم أعرض عنه ولم يكلمه فغضب إبن عامر وشكى إلى إبن عمر فقال له تاتي أبا ذر في هذه الثياب ويسأله عن الزهد وهم يقولون الثياب الرقاق ثبات الفساق كذا في شرح الخطيب وأما لبس الناعم فلا يصلح الا لعالم بحاله بصير بصفات نفسه متفقد خفي شهوات النفس يلقى الله بحسن النيه في ذلك على ما نواه ولحسن النيه في ذلك وجوه متعدده يطول ذكرها وقد كان الشيخ أبو النجيب السهروردي لايتقيد * من الملبوس بل كان يلبس ما يتفق من غير تعمل وتكلف وأختيار وقد كان يلبس العمامه بعشر دنانير ويلبس العمامه بدأ فقد سمعت من بعض المشائخ أن جنيدا قد لبس في بعض الأيام صوفا اخضر ثمينا في غاية البرق ونهاية المطافه فقيل له في ذلك فقال مه ياعبد الله فأن العبرة للحرقه لا للخرقه والحاصل أن الأنسب للمبتذى أن يختار الدون من أمور الدنيا في كل شيء من ما لو له ومشروبه ولباسه ومسكنه ونحو ذلك وللمنتهى كذلك على الأفضل للاقتداء إلا إذا كان له نية حسنه والله أعلم وأما الطيلسنات فقد استعمله صلى الله عليه وسلم على ما بينه السيوطي في رسالة سماها طي اللسان عن ذم الطيلسنات لكن حمله بعضهم على اوقات الضرورة كما ذكره صاحب القاموس في الصراط المستقيم وقال إبن القيم وأما هذه الأكمام الواسعة الطوال التي هي كالاخراج وعمايم كالابراج فلم يلبسها عليه السلام ولا أحد من أصحابه وهي مخالفة لسنته وفي جوازها تظر فأنها من جنس الخيلاء وقال صاحب المدخل ولا يخفي على ذي بصيره أن لم بعض من ينسب إلى العلم اليوم فيه أضاعة المال المنهي عنها لأنه قد يفضل من ذلك الكم بالغيره قال القسطاني لكن حدث للناس اصطلاح بتطويلها وصار لكل نوع من الناس شعار يعرفون به ومهما كان من ذلك على سبيل الخيلاء فلا شك في تحريمه وأما ما كان على طريق العلاه فلا تحرم فيه مالم يصل إلى جر الذيل الممنوع منه انتهى والحاصل أن الزيادة على قدر السنة فأما مكروه تحريمة أو تنزيهية فالحذر كل الحذر من الموافقة النفسيه وترك المتابعة القدسية وقد أغرب إبن حجر حيث قال في شرح الأربعين وقد أختلف العلماء في توسيع الأكمام فجعله بعضهم مكروها وبعضهم سنة انتهى وقد علمت انه ما ثبت توسيع الأكمام له ولأصحابه عليه السلام فالصواب أن يقال وجعله بعضهم مباحا والله أعلم وأما أحاديث العذبه فمنها عن عمرو بن حريث قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر وعليه عمامة سوداء قد ارخى طرفها بين كتفيه رواه مسلم وأبو داود وقوله طرفها في أكثر نسخ مسلم بالتنبيه وفي بعضها بالافراد قال القاضي عياض وهو الصواب المعروف وقال القسطلاني وفي رواية لمسلم أنه صلى الله عليه وسلم دخل مكة بعمامة سوداء من غير ذكر سدل فيها وهو يدل على أنه لم يكن يسدل دائما ومنها عن ابن عمر قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اعتم سدل عمامته بين كتفيه قال نافع وكان إبن عمر يفعل ذلك رواه الترمذي في الشمائل ومنها عن عبد الرحمن بن عوف قال عممني رسول الله صلى الله عليه وسلم فسد لها بين يدي ومن خلفي رواه أبو داود ومنها عن عائشة قالت عمم رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن عوف وأرخى أربع أصابع رواه الطبراني في الأوسط عن شيخه مقدام بن داود وهو ضعيف ومنها عن ثوبان أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اعتم أرخى عمامته بين يدي ومن خلفه رواه الطبراني في الأوسط وفيه الحجاج بن رشدين ضعف ومنها عن إبن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم عمم عبد الرحمن بن عوف فأرسل من خلفه أربع أصابع ونحوها ثم قال هكذا فاعتم فأنه أعرب وأحسن رواه الطبراني في الأوسط وإسناده حسن وفيه اشعار بان العمامة مع العذبه أحسن فيدل على حسن العمامة بدون العذبه فيكون فيه رد على من قال بالكراهة ومنها عن أبي عبد السلام قال قلت لإبن عمر كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتم قال كان يدير كور العمامة على رأسه ويغرزها من ورائه ويرسلها بين كتفيه رواه الطبراني في الكبير وإسناده على شرط الصحيح ألا أبا عبد السلام وهو ثقه ومنها عن أبي موسى أن جبريل عليه السلام نزل على النبي صلى الله عليه وسلم وعمامته سوداء قد ارخى ذوائبها من ورائه رواه الطبراني في الكبير وفيه عبد الله بن عامر وهو ضعيف ومنها عن السائب بن يزيد قال رأيت عمر بن الخطاب قد ارخى عمامته من خلفه وفيه أيماء إلى اختصاص ومنها عن أبي أمامه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما يولي واليا حتى يهممه ويرخى لها من جانبه الأيمن نحو الأذن رواه الطبراني في الكبير وفيه أشارة إلى تخصيص هذه العمة بامراء هذه الأمة تميز العمم عن العامة ومنها عن عبد الله بن بسر قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا إلى خيبر فعممه بعمامه سوداء ثم أرسلها من ورائه أو قال على كتفيه رواه الطبراني في الكبير وأسناده حسن ومنها عن عائشة قالت عمم رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن عوف بفناء بين هذا أو ترك من عمامته مثل ورق العشر وهو كصرد شجر على ما في القاموس والنهاية قال رأيت أكثر الملائكة معتمين هكذا أخرجه إبن عساكر ومنها عن إبن عمر قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتم قال ويدير كور العمامة على رأسه ويغرسها من ورائه ويرخي لها ذوابة بين كتفيه وجاء عن وائله وإبن الزبير أنهما أرخياها من خلفهما نحو ذراع وقد قال بعض الحفاظ أقل ما ورد في طولها أربع أصابع وأكثر ما ورد ذراع وبينهما شبر لكن في عين العلم مختصر الاحياء أنه يرسل الذيل بين الكتفين لي قدرا * وموضع القعود ونصف الظهر وهو وسط مرضى والكل مروي ومنها عن علي قال عممني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم غد يرخ بعمامة يسدلها خلفي وفي لفظ فسدل طرفها على منكبي وقال أن الله امدني يوم بدر ويوم حنين بملائكة معتمين هذه العمه وقال أن العمامة حاجزه بين الكفر والإيمان وفي لفظ بين المسلمين والمشركين رواه إبن أبي شيبة والبيهقي والطيالسي ومنها عن إبن عمر عليكم بالعمائم فأنها سيما الملائكة وأرخوا لها خلف ظهوركم رواه الطبراني وكذا البيهقي عن عبادة ومنها عن عبد الأعلى بن عدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا عليا فعممه وأرخى عذبه العمائم من خلفه ثم قال هكذا فاعتموا فأن العمامه سيماء الأسلام وهي حاجزة بين المسلمين والمشركين رواه الديلمي ومنها عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم عممه بيده فذنب العمامه من ورائه ومن بين يديه ثم قال له النبي صلى الله عليه وسلم ادبر فادبر ثم قال له أقبل فاقبل فاقبل صلى الله عليه وسلم على أصحابه فقال هكذا يكون تيجان الملائكة رواه إبن شادان في مشيخته وفي رواية أنه صلى الله عليه وسلم كان له عمامة تسمى السحاب والبسها أياه وأرخى طرفها ومنها عن إبن أبي زرن قال شهدت علي بن أبي طالب يوم عبد معتما قد أرخى عمامته من خلفه وفيه أشعار بان أرخاء العذبه من الطرفين ملائم للامارة وحال المحاربه والأرخاء من خلف في المحافل العظام أو مختص بائمة الأعلام وحطباء الأنام وفيما قبله ائمه أن شعار الملائكة حين تولوا لمعاونته صلى الله عليه وسلم كما أخبر الله تعالى عنه بقوله يمددكم ربكم بخمسة الآف من الملائكة مسومين بكسر الواو والمزاد وفتحها إلى معلمين قال عرفه بن الزبير كانت الملائكة على خيل يلف عليهم عمائم صفر مرخاة على اكتافهم وجاء في رواية عمائم سود على ما رواه إبن عباس وفي أخرى عمائم بيض على ما رواه أبو هريرة وذكر السخاوي عن معجم الطبراني الكبير بسند حسن أنه صلى الله عليه وسلم بعث عليا إلى خيبر فعممه بعمامة بسوداء ثم ارسلها من ورائه أو قال على كتفه الأيسر وتردد فيه ورواه اجزم بالثاني قال الحافظ السيوطي بعد ما ذكر بعض الأحاديث السابقة هذا ما حضرني الأن من الأحاديث في العذبه فقول الشيخ مجد الدين كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم عذبه صحيح وقوله طويله لم اره لكن يمكن أن يؤخذ من أحاديث ارخائها بين كتفيه وقوله بين كتفيه صحيح كما تقدم وقوله وتارة على كتفه لم أقف عليه من لبسه لكن من الباسه كما تقدم في تعميمه عليا وعبد الرحمن بن عوف وقوله ما فارق العذبه قط لم أقف عليه في حديث بل ذكر صاحب الهدى أنه كان يعتم تارة يعذبه وتاره بلا عذبه انتهى وتبعه إبن حجر ولم يسند إليه وشنع بقوله وهو مردود أقول لكن في هذا النقل عن المجد نظر فأنه مخالف لما ذكر في كفاية المسمى بالصراط المستقيم حيث قال كان صلى الله عليه وسلم يرسل عذبة العمامة بين كتفيه أحيانا وتارة يلبس العمامه بلا عذبة وتارة كان يحنك وتارة يلبس العمامه بلا قلنسوه وأخرى معها وتارة يلبس قلنسوة بلا عمامة ويرسل عذبه للعمامه بين كتفيه في الثر الأحول انتهى فقوله ما فارق العذبه قط محمول على المبالغة في المداومة أو منزل للأكثر منزله الكل كما في رواية عائشة كان صلى الله عليه وسلم يصوم شعبان كله وقال النووي في شرح المهذب يجوز لبس العمامة بارسال طرفها وبغير ارساله ولا كراهه في واحد منها ولم يصح في النهي عن ترك ارسالها شيء وارسالها ارسالا فاحشا كارسال الثوب فيحرم للخيلاء ويكره لغير الخيلاء لحديث إبن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الاسبال في الازرار والقميص والعمامه من جر شيئا خيلاء لم ينظر الله اليه يوم القيامة رواه أبو داود والنسائي باسناد صحيح وأما إذا أقتدى الشخص به صلى الله عليه وسلم في عمل العذبه وحصل له من ذلك خيلاء فدواءه أن يعرض عنه ويعالج نفسه على تركه ولا يوجب ذلك ترك العذبه فأن لم تزل الا بتركها فليتركها مدة حتى تزول لان تركها ليس بمكروه وأزالة الخيلاء واجبة انتهى قال إبن حجر ويلزمه ترك فرض أو نفل خشى فيه الرياء مدة كذلك وفيه نظر ظاهر انتهى وأعرب فيه حيث قال ويلزمه ترك فرض وليس الكلام فيه ولا في السنة بل في عباده تركها ليس بمكروه ثم تعقبه إبن أبي شريف النووي بأن ظاهر كلامه أن ارسال العذبه من المباح المستوى الطرفين قال وليس كذلك بل للارسال مستحب وتركه خلاف الأولى كذا ذكره الحطاب لكن فيه بحث إذ قوله لا كراهه في ارسال العذبه ولا عدم أرسالها مبنى على أنه لم يصح نهى عن ترك ارسالها وهو لا ينافي كون الارسال مستحبا وتركه خلاف الأولى وقد صرح علماؤنا الحنفية باستحباب ارسال العذبه أيضا وعرفوا المستحب بأنه ما كان يفعله أحيانا ويتركه أحيانا بخلاف السنه فأنه مواظبه مع تركه نادرا وقد سبق أنه صلى الله عليه وسلم كان يرسل أحيانا ولا يرسل اوقاتا وفي شرح الشمائل لمركشاه رحمه الله وقد ثبت في السير بروايات صححه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرخى علاقته أحيانا بين كتفيه وأحيانا يلبس العمامه من غير علاقه فعلم أن * بكل واحد مهما سنة انتهى وأما النهي عن عدم الارسال فلم يرد في شيء من الطرق وتصريح الشيخ عبد القادر الحنبلي من الحنابلة في كتاب الغنية باستحباب ارسالها وكراهة الاقتعاظ وهو أن يعتم بالعمامه ولا يجعل منها شيئا تحث ذقنه ليس بحجة مع أن ظاهر بعض أحاديث العذبه أنها مختصة بالأمراء وأمثالهم للتمييز عن اقرانهم ولعل هذا هو الوجه الا وجه المناسب لأن يكون مختصا بالمشايخ المرشدين والعلماء المفيدين وأما محصل كلام صاحب المدخل من المالكية من أن العمامة بغير عذبه ولا تحنك بدعة مكروهة فأن فعلا فهو الأكمل وأن فعل أحدهما فقد خرج به من المكروه فمدخول إذ مع ثبوت عدم ارساله صلى الله عليه وسلم أحيانا كيف يتصور كونه بدعة ومع عدم وجود النهي عن ترك الأرسال كيف يعد مكروها مع أن التحنيك ليس بمذكور في الأحاديث الا ما ذكره صاحب القاموس فيدل على انه صدر عنه نادرا وأما ما نقله صاحب المواهب عن عبد الحق الاشبيلي من الملائكة أنه قال وسيعمم العمامه بعد فعلها أن يرخى طرفها ويحنك به فأن كانت بغير طرف ولا تحنيك فتكره عند العلماء فينبغي أن يحمل على أن مراده بالعلماء علماء المالكية ثم قال وأختلف في وجه الكراهه فقيل لمخالفة السنة وقيل لأنها عمائم الشياطين انتهى وفي التعليلين نظر إذ الثاني لم يثبت وقد ألف في * بعض العلماء والأول ثبت فعله صلى الله عليه وسلم بعدم الأرسال فتركه لا يكون مخالفا للسنة قال إبن شريف وههنا تنبيه وهو أن العذبه صارت من شعار الساده الصوفيه واكابر العلماء فإذا للبس بشعارهم ظاهرا منهم لقصد التعاظم على غيره أثم باتخاذها بهذا القصد من عالم أو صوفي فأنه يأثم به سواء ارسلها أو لم يرسلها طالت أو لم تطل انتهى وحاصله أن قصد التعاظم مذموم مطلقا وهو لا ينافي معالجته بترك الأرسال الناشئ منه هذا القصد مع ما فيه من الرياء والسمعه والتشبع بما لم يعط والتلبس بلباس الزور والتحمد بما لم يفعل ونحو ذلك ولعل هذا هو وجه ترك أكثر العلماء والصلحاء للارسال في أكثر البلد وقد قال الزركشي وينبغي أن يحرم على غير الصالح التزئى بزته إذا كان فيه تفرير للغير حتى يظن صلاحه لعطيه ويؤيده قول إبن عبد السلام لغير الصلاح لبس زيه مالم يحف فتنه ومن ثم صرح جماعة من العلماء منهم الغزالي بأن كل من اعطى شيئا لصفة ظنت به لايجوز له القبول إلا إذا كان كذلك باطنا انتهى فيوخذ من مجموع ذلك أن من يكون من السفهاء ليس له أن يلبس عمامة الفقهاء ولا عبرة بكون أحد ابائه من العلماء قال إبن حجر وقد ثبت ارسال العذبه بين الكتفين وإلى جانب الأيمن والأول أفضل لأن حديثه أصح ولا يسن ارسالها إلى الأيسر لأنه لم يرد ولذا اعترض على الصوفية في ايثارهم له نظر إلى أنه جانب القلب فنذكره تعريفه مما سوى ربه ولم ينظرها الى الوارد اللهم إلا أن يلتمس لهم العذر بأن ذلك الوارد لم يبلغهم قلت قد ورد في حديث علي كرم الله وجهه على ما رواه الطبراني في الكبير كما سبق من نقل السخاوي أنه ارسلها على كتفه الأيسر فلعلهم أختاروا هذه الرواية لما ظهر لهم من النكته والحكمة مع أن هذه الهيئة غير معروفه عند أكثرهم ولا مذكورة في كتبهم فيحتمل اطلاق الصوفية على بعضهم وفي المواهب قال إبن القيم في الهدى النبوي وكان شيخ الإسلام إبن تيمية يذكر لي سبب الذؤايه شيئا بديعا وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما اتخذها صبيحة المنام الذي رآه بالمدينة لما رأى رب العزة فقال يامحمد فيم يختصم الملا الأعلى قلت لا أدري فوضع يده بين كتفي فعلمت مابين السماء والأرض الحديث وهو في الترمذي وسأل عنه البخاري فقال صحيح قال فمن تلك الغدوة ارخي الذؤابه بين كتفيه قال وهذا من العلم الذي تنكره الستة الجهال وقلوبهم قال ولم هذه الفائده في لسان الذوابة لغيره انتهى وعبارة غير الهدى وذكر إبن يتيمة أنه صلى الله عليه وسلم لما رأى ربه واضعا يده بين كتفيه أكرم ذلك الموضع بالعذبه انتهى لكن قال العراقي بعد أن ذكره لم نجد لذلك أصلا انتهى وقد أعترف إبن القيم أيضا بذلك كما تقدم لكن إبن حجر شنع عليه تشنيعا بليغا قطيعا في شرح الشمائل للترمذي حيث قال بعد كلام العراقي بل هذا من قبيح رأيهما وضلالهما إذ هو مبني على ما ذهبا إليه واطالا في الاستدلال له والحظ على أهل السنه في تعميم له وهو أثبات الجهة والجسمية لله تعالى عما يقول الظالمون والجاحدون علوا كبيرا أولهما في هذا المقام من القبائح وسوء الأعتقاد ما تضم عنه الأذان ويقضي عليه بالزور والكذب والضلال والبهتان قبحهما الله وقبح من قال بقولهما والإمام أحمد وأجلاء مذهبه ميرؤن عن هذه الوصمة القبيحة كيف وهي كفر عند كثيرين قلت صانهما الله عن هذه الصمه القبيحة والسمه الفضيحة ومن طالع سرح منازل السائرين تبين له أنهما كانا من أكابر أهل السنة والجماعة ومما ذكره إبن القيم في الشرح المذكور مانصه وهذا الكلام من شيخ الإسلام يعني الشيخ عبد الله الأنصاري قدس سره صاحب المنازل يبين مرتبته من السنة ومقداره من العلم وأنه سيء مما رماه له اعداوه الجهمية من التشبيه والتمثيل على عادتهم في رمى أهل الحديث والسنة بذلك كرمى الرافضة لهم بأنهم نواصب والمعتزلة بأنهم نوائب حشويه وذلك ميراث من اعداء رسول الله صلى الله عليه وسلم في رميه ورمى أصحابه بأنهم صباة وقد ابتدعوا دينا محدثا وهذا ميراث لأهل الحديث والسنه بينهم بتلقيب أهل الباطل لهم بالألقاب المذمومة وقدس الله روح الشافعي حيث يقول وقد نسب إلى الرفض أن كان رفضا حب آل محمد فليشهد الثقلان أني رافضي ورضي الله عن شيخنا أبي عبد الله بن تيمية حيث يقول أن كان نصبا حب صحبه محمد فليشهد الثقلان أني ناصبي وعفا الله عن الثالث حيث يقول فأن كان تجسيما ثبوت صفاته وتنزيهها عن كل تأويل مفتر فإني بحمد الله ربي مجسم هلموا شهودا أو أملا وأكل محضر ومما ذكره في الشرح المذكور مما يدل على حسن عقيدته وزين طويته مانصه أن حفظ حرمة نصوص الأسماء والصفات باجراء أخبارها على ظواهرها وهو اعتقاد مفهومها المتبادر إلى أفهام العامه ولا يفنى بالعامه الجهال بل عامة الأمة كما قال مالك رحمه الله وقد سل عن قوله تعالى الرحمن على العرش استوى كيف استوى فاطرق مالك حتى علاء الرحضاء ثم قال الأستواء معلوم والكيف غير معقول والأيمان واجب والسؤال عنه بدعه فرق بين المعنى المعلوم من هذه اللفظة وبين الكيف الذي لايعقله البشر وهذا الجواب من مالك رحمه الله شاف عام في جميع مسائل الصفات من السمع والبصر والعلم والحياة والقدرة والارادة والنزول والغضب والرحمه والضحك فمعانيها كلها معلومه وأما كيفتها فغير معقوله إذ تعقل الكف فرع العلم بكيفية الذات وكنهها فإذا كان ذلك غير معلوم فكيف يعقل لهم كيفية الصفات والعصمة النافعه في هذا الباب أن يصف الله بما وصف به نفسه وبما وصف به رسوله من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل بل يثبت له الأسماء والصفات ويبقى عنه مشابهة المخلوقات فيكون اثباتك منزها عن التشبيه وتفيك منزها عن التعطيل فمن نفى حقيقة الاستواء أن معطل ومن شبهه باستواء المخلوق على المخلوق فهو ممثل ومن قال هو استواء ليس كمثله شيء فهو الموحد المنزه انتهى كلامه وتبين مرامه ومن أن معتقده وهو معتمد جمهور السلف وأكثر الخلف من أهل السنة والجماعة وحيث انتفى عنه وعن شيخه التحسيم فالمعنى البديع الذي ذكره في الحديث له وجه وجيه عند ارباب الذوق السليم سوا كان الروية من باب الرويا المناميه أو من التجليات الصورية هذا وقد قال المجد الفيروزابادي في الصراط المستقيم جاء في بعض الأحاديث أن ليلة رأى النبي صلى الله عليه وسلم فيها ربه عز وجل فقال له يامحمد فيم يختصم الملأ الأعلى قلت لا أدري قال فوضع يده بين كتفي فعلمت مابين السماء والأرض فارسل العذبه صبيحة تلك الليلة بين كتفيه ولا شك أن من حفظ حجة على من لم يحفظ وحسن الظن بالثقات من مستحسن الصفات والحمد لله الذي بنعمته تم الصالحات .
نقلت من خط مؤلفها وقوبلت عليه بالحرم المحترم تجاه البيت المعظم المعجم سنة 1066 .
لعلي القدري
Shafi 117
تزيين العبارة لتحسين الأشارة
Shafi 118