لَمْ يُضْمَنْ بِقَوَدِ وَلَا دِيَةٍ وَلَا كَفَّارَةٍ؛ وَإِنْ كَانَ قَتْلُهُمْ وَقِتَالُهُمْ مُحَرَّمًا.
وَهَذَا الشَّرْطُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي لُحُوقِ الْوَعِيدِ، لَا يَحْتَاجُ أَنْ يُذْكَرَ فِي كُلِّ خِطَابٍ؛ لِاسْتِقْرَارِ الْعِلْمِ بِهِ فِي الْقُلُوبِ. كَمَا أَنَّ الْوَعْدَ عَلَى الْعَمَلِ مَشْرُوطٌ بِإِخْلَاصِ الْعَمَل لِلَّهِ؛ وَبِعَدَمِ حُبُوطِ الْعَمَلِ بِالرِّدَّةِ.
ثُمَّ إنَّ هَذَا الشَّرْطَ لَا يُذْكَرُ فِي كُلِّ حَدِيثٍ فِيهِ وَعْدٌ. ثُمَّ حَيْثُ قُدِّرَ قِيَامُ الْمُوجِبِ لِلْوَعِيدِ، فَإِنَّ الْحُكْمَ يَتَخَلَّفُ عَنْهُ لِمَانِعِ.
وَمَوَانِعُ لُحُوقِ الْوَعِيدِ مُتَعَدِّدَةٌ: مِنْهَا: التَّوْبَةُ، وَمِنْهَا: الِاسْتِغْفَارُ، وَمِنْهَا: الْحَسَنَاتُ الْمَاحِيَةُ لِلسَّيِّئَاتِ، وَمِنْهَا: بَلَاءُ الدُّنْيَا وَمَصَائِبُهَا، وَمِنْهَا: شَفَاعَةُ شَفِيعٍ مُطَاعٍ، وَمِنْهَا: رَحْمَةُ أَرْحَمِ الرَّاحِمِينَ. فَإِذَا عُدِمَتْ هَذِهِ الْأَسْبَابُ كُلُّهَا، وَلَنْ تُعْدَمَ إلَّا فِي حَقِّ مَنْ عَتَا وَتَمَرَّدَ وَشَرَدَ عَلَى اللَّهِ شِرَادَ الْبَعِيرِ عَلَى أَهْلِهِ، فَهُنَالِكَ يَلْحَقُ الْوَعِيدُ بِهِ؛ وَذَلِكَ أَنَّ حَقِيقَةَ الْوَعِيدِ: بَيَانُ أَنَّ هَذَا الْعَمَلَ سَبَبٌ فِي هَذَا الْعَذَابِ، فَيُسْتَفَادُ مِنْ ذَلِكَ تَحْرِيمُ الْفِعْلِ وَقُبْحُهُ.
أَمَّا أَنَّ كَلَّ شَخْصٍ قَامَ بِهِ ذَلِكَ السَّبَبُ، يَجِبُ وُقُوعُ ذَلِكَ الْمُسَبَّبِ بِهِ، فَهَذَا بَاطِلٌ قَطْعًا؛ لِتَوَقُّفِ ذَلِكَ الْمُسَبَّبِ عَلَى وُجُودِ الشَّرْطِ، وَزَوَالِ جَمِيعِ الْمَوَانِعِ.
1 / 42