فَإِنَّ هَؤُلَاءِ أَخْطَئُوا بِغَيْرِ اجْتِهَادٍ؛ إذْ لَمْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ.
وَكَذَلِكَ لَمْ يُوجِبْ عَلَى أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَوَدًا وَلَا دِيَةً وَلَا كَفَّارَةً، لَمَّا قَتَلَ الَّذِي قَالَ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فِي غَزْوَةِ الْحُرَقَاتِ (١)، فَإِنَّهُ كَانَ مُعْتَقِدًا جَوَازَ قَتْلِهِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ هَذَا الْإِسْلَامَ لَيْسَ بِصَحِيحِ مَعَ أَنَّ قَتْلَهُ حَرَامٌ.
وَعَمِلَ بِذَلِكَ السَّلَفُ، وَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ، فِي أَنَّ مَا اسْتَبَاحَهُ أَهْلُ الْبَغْيِ مِنْ دِمَاءِ أَهْلِ الْعَدْلِ بِتَأْوِيلِ سَائِغٍ،
_________
= خرجنا في سفر، فأصاب رجلًا منا حجر في رأسه، ثم احتلم. فسأل أصحابه: هل تجدون لي رخصة التيمم؟ فقالوا: ما نجد لك رخصة..الحديث، وسنده منقطع. رواه الدارقطني، وابن ماجة، ورواه أبو داود أيضًا من حديث الأوزاعي، عن عطاء عن ابن عباس، وهو الصواب. ورواه الحاكم، وابن خزيمة، وابن حبان من حديث الوليد بن عبيد بن أبي رباح، عن عمه عن عطاء، عن ابن عباس مرفوعًا، والحديث يتقوى بطرقه.
(١) روى البخاري عن أسامة بن زيد بن حارثة ﵁ قال: بعثنا رسول الله ﷺ إلى الحرقة من جهينة، قال: فصبحنا القوم فهزمناهم، قال: ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلًا منهم، قال: فلما غشيناه قال: لا إله إلا الله، قال: فكف عنه الأنصاري وطعنته برمحي حتى قتلته، قال: فلما قدمنا، بلغ ذلك النبي ﷺ، قال: فقال لي: (يا أسامة أقتلته بعدما قال: لا إله إلا الله؟!) قال: قلت: يا رسول الله إنما كان متعوذًا. قال: (أقتلته بعدما قال: لا إله إلا الله؟!) فما زال يكررها، حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم. والحُرَقَات: بضم الحاء وفتح الراء المهملتين، وهم بطن من جهينة، منازلهم وراء بطن نخلة من أرض بني مرة. وكانت غزوتهم سنة سبع أو ثمان من الهجرة.
وكان أميرها غالب بن عبيد الله الكلبي والذي قتله أسامة بن زيد، اسمه: مرداس بن نهيك.
1 / 41