ومما يسألون عنه من قول الله سبحانه مما يبطل ما في أيديهم قوله سبحانه: { فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون } [البقرة: 79]، فأخبر سبحانه أنهم مختارون لكتاب ما كتبه المشترون، المكتسبون لفعل ما فعلوا، وأوعدهم على ذلك وأخبرهم أنهم من أهل النار والويل إذا فعلوا ما لم يرد الله ولم يشاء. وقالت القدرية: إن الله أدخلهم فيما عنه نهاهم، وإن ذلك الكتاب منه، ولولا أنه قضى به عليهم، وجعله فيهم لم يفعلوه ولم يكتبوه. فأكذبوا قول الرحمن، وصدقوا قول الشيطان، وزعموا أنهم أعلم بأمر الكاذبين المجرمين من رب العالمين، وادعوا أن قولهم الصدق، وزعموا بذلك أن قول ربهم باطل، وأنه ادعى عليهم ما لم يفعلوا، ورماهم بما لم يكسبوا، وأنه فعل ذلك بهم، وذكره عنهم، ورده عليهم، كأن لم يسمعوا قول الله سبحانه وذمه لمن كان كذلك أو قارب شيئا من ذلك، حين يقول: { ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا } [النساء: 112].
ومما يسألون عنه: قول الرحمن الرحيم، الواحد الكريم: { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون } [الذاريات: 56 - 57]، فأخبر سبحانه أنه خلقهم لعبادته وطاعته، ومن أطاعه أدخله الجنة. وزعمت القدرية أنه خلق الخلق من الجن والإنس ليعبدوا غيره وليطيعوه، وأنه خلق الكافر كافرا في بطن أمه، والله يقول غير ذلك، ويكذبهم في قولهم، ويرد عليهم في كذبهم بقوله: { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون } [الذاريات:56].
Shafi 326