ومما يسألون عنه قول الله سبحانه: { فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم } [الصف: 50] - والإزاغة منه ههنا: فهي الخذلان لهم والتبري منهم، فلما تبرأ منهم، وعدموا التوفيق وفقدوا الترشيد، زاغوا وتزايدوا في الردى والزيغ عن الهدى - أفتقولون: إن الله عزوجل ابتدأهم بالزيغ كما تذكرون، أم بقول الله وما ذكر عن نفسه تقولون؟ فإن قالوا: بل هو ابتدأهم بالإزاغة قبل زيغهم، وقضى به عليهم وأدخلهم فيه؛ كفروا بإكذابهم قول ربهم؛ لأنه يقول { فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم{ ، والقدرية تقول: بل الله سبحانه بالزيغ ابتدأهم. وإن قالوا: إن الإزاغة من الله عقوبة منه لهم على زيغهم عن الهدى، وتركهم ما أمروا به من التقوى؛ قالوا بالحق، وتعلقوا بالصدق، وشهدوا لله بما شهد لنفسه، وفي ذلك ما يقول الرحمن الرحيم: { إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم } [الرعد:11]، ويقول سبحانه: { ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم } [الأنفال:53].
Shafi 325