ثم روى بإسناده إلى ابن المبارك قال ذكرت أبا حنيفة يوما عند الأوزاعي فأعرض عنى فعاتبته في ذلك فقال: تجيء إلى رجل يرى السيف في أمة محمد فتذكره عندنا ألا ترى إلى الخطيب لم يعرف الفرق بين الخروج على الأئمة وبين من يرى السيف في الأمة! اعلم وفقك الله أن القتل ليس مشروعا بمجرد الكفر إذ لو كان لكان يحل لنا قتالهم من غير نبذ، ولما كان يجوز لنا أخذ الجزية منهم وتركهم وما يعبدون ويكونون كالمسلمين في أموالهم ودمائهم، وإنما القتل مشروع للفساد في الأرض والتعدي على الدين. ولذلك قال تعالى: وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء إن الله لا يحب الخائنين
وقال تعالى: إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا
وقال تعالى: وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله
فأمر بقتال البغاة كما أمر بقتال أهل الحرب. وقال عز وجل في قصة أهل الحرب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون
فأراد إعلاء كلمة الإسلام وأمر بالقتال للفريقين جميعا لاكتفاء شرهم وقمع المفسدين وإصلاح الرعية وأمن الطرق فاستويا، فمن لا يعرف وجوه القرآن كيف يجوز له الرد على من يعرف؟
ثم ذكر عن الأبار لإسناده إلى أبى إسحاق الفزاري.
قال: جاءني نعي أخي من العراق- وخرج مع إبراهيم بن عبد الله الطالبي- فقدمت الكوفة فأخبروني أنه قتل وأنه قد استشار سفيان الثوري وأبا حنيفة. فأتيت سفيان فقلت أنبئت بمصيبتي بأخي وأخبرت أنه استفتاك؟ قال نعم قد جاءني فاستفتاني. فقلت ما أفتيته قال قلت لا آمرك بالخروج ولا أنهاك. قال فأتيت أبا حنيفة فقلت له بلغني أن أخي أتاك فاستفتاك؟ قال قد أتانى واستفتانى، قال قلت وما أفتيته بالخروج، قال فأقبلت عليه فقلت لا جزاك الله خيرا.
قال: هذا رأيي قال فحدثته بحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرد لهذا قال هذه خرافة. قال الخطيب: يعني حديث النبي صلى الله عليه وسلم.
Shafi 52