وقال بإسناده إلى ابن المقرئ عن أبيه أن رجلا سأل أبا حنيفة- أحمر كأنه من رجال الشام- فقال: رجل لزم غريما له فحلف له بالطلاق أن يعطيه حقه غدا إلا أن يحول بينه وبينه قضاء الله، فلما كان من الغد جلس على الزنا وشرب الخمر؟ قال:
لم يحنث ولم تطلق امرأته. وهذا لم يرو عن أبى حنيفة كما ذكر، ولكن الرواية عنه قريب من هذا، إذا قال الرجل امرأته طالق إن شاء الله لم تطلق، وهذا أظنه إجماعا.
وكذلك لو قال إن شاء الإنس أو الجن أو الملائكة فهذا المروي وهذا استثناء والاستثناء لا يوجب إيقاع اليمين. وأما قوله قعد على شرب الخمر والزنا فهذا مما لا يدخل في اليمين ولا في شيء منه بإجماع الفقهاء، لكن قصده الشناعة.
وقال: أما القول بخلق القرآن فقد قيل إن أبا حنيفة لم يكن يذهب إليه، والمشهور عنه أنه كان يقوله واستتيب منه وهذا دليل على كذب الخطيب لأن المشهور ما نفى الجهل عن عامة الناس وهو إنما روى ما ذكر عن أبى حنيفة عن واحد واحد من كل عصر وأصحاب أبى حنيفة تفردوا بأكثر بلاد المسلمين وفقهاؤهم في كل عصر أكثر من أن يحصوا وكلهم يروى عن أبى حنيفة أنه لا يصلى خلف من يقول بخلق القرآن فترى أى شهرة أوجبت له ما ذكر لأنه روى عن أناس أن أبا حنيفة كان يقول القرآن مخلوق، وروى عن أناس أنه لم يكن يقول القرآن مخلوق، وجميع أصحاب أبى حنيفة على أن أبا حنيفة لم يكن يقول بخلق القرآن إلا بعضهم وهم أناس من أصحاب أبى حنيفة والشافعي وهو المعتزلة مخالفون أبا حنيفة وهم معترفون بأن هذا القول لم يكن أبو حنيفة قاله، ولا شك أن أبا حنيفة ناظر المعتزلي في خلق أفعال العباد فقال له: إن كان فعلك بأمرك فأخرج البول من موضع الغائط والغائط من موضع البول. فانقطع فضحك أبو حنيفة، فقال له المعتزلي: أتناظرني في العلم وتضحك والله لا كلمتك بعد اليوم فلم ير أبو حنيفة بعد ذلك اليوم ضاحكا. وهذا المسألة أخذها أبو حنيفة من قول الله عز وجل: فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب
Shafi 50