وقال حدثنا أبو طالب بإسناده إلى القاسم بن عثمان يقول مر أبو حنيفة بسكران يبول قائما قال لو بلت جالسا: قال فنظر في وجهه فقال ألا تمر يا مرجئ قال له أبو حنيفة: هذا جزائي منك صيرت إيمانك كإيمان جبريل. فإن كان أراد الإيمان وحديثه فقد مر، وإن كان يحتج بقول السكران فهذا مما تثبت به الروايات عند المحدثين؟
أتراه ما عرف شروط أهل الحديث أم تعامى.
أخبرنا ابن رزق بإسناده إلى القاسم بن حبيب. قال وضعت نعلي في الحصا ثم قلت لأبي حنيفة أرأيت رجلا صلى لهذه النعل حتى مات إلا أنه كان يعرف الله بقلبه فقال مؤمن قال لا أكملك أبدا. فهذا قد ذهب الجواب عنه عند أصول أبى حنيفة.
قال الخلال بإسناده إلى وكيع. قال اجتمع سفيان الثوري وشريك والحسن بن صالح وابن أبي ليلى فبعثوا إلى أبى حنيفة فأتاهم فقالوا له: ما تقول في رجل قتل أباه ونكح أمه وشرب الخمر في رأس أبيه؟ قال مؤمن فقال له ابن أبي ليلى لا قبلت لك شهادة أبدا، وقال له سفيان لا كلمتك أبدا، وقال له شريك لو كان لي من الأمر شيء لضربت عنقك، قال له الحسن بن صالح وجهي من وجهك حرام أن أنظر إليه أبدا. فأبصر إلى هذا الراوي إنه لا يفرق بين رجل وبين مؤمن. فأما رجل فإنه نكرة من الرجال فلو كان كافرا وعبد الله مائة سنة لم يكن مؤمنا، وأما المؤمن لو فعل هذا لم تذهب معرفته.
وقال بروايته عن جماعة عن أبى يوسف وغيره إن أبا حنيفة كان مرجئا جهميا أفنظرت لكثرة كلامه في ذلك؟ أما الجواب فإن أبا حنيفة لا يرى الصلاة خلف المرجئ والجهمى ولا صاحب بدعة ولا هوى فكيف يكون منهم؟ وهذا القول في جميع كتب أصحاب أبى حنيفة ورواياتهم حفظا كما يحفظ الكتاب العزيز أفيكون هذا متروكا ويكون المحفوظ ما جاء به آحاد الناس. وأما روايته عن أبى يوسف فالمروى عن أبى يوسف أنه قال لما حج: اللهم إنك تعلم أنى ما قلت قولا إلا ما ثبت عندي من كتابك وسنة نبيك، وما لا أعرفه منهما جعلت أبا حنيفة فيه بيني وبينك.
وقد روى عنه هذا القول عند الموت أيضا، فكيف يصح عن من يقول هذا عند الموت أن يقول بمثل ذلك؟ ثم إن جميع كتب أبى حنيفة مشحونة برواية أبى يوسف عنه ولم يكن فيها شيء من ذلك.
Shafi 49