فإنْ أُريد في كبرى القياس الثاني: البدعة الشرعيَّة، وهي: ما لم يوجد بنفسه ولا بنظيره في القرون الثلاثة، ولم يدلَّ عليه دليلٌ من الأدلة الشرعية فالحدُّ الأوسط غيرُ متكرِّر، وإنْ أُريد بها اللغوية أيضًا، فالكلية ممنوعةٌ، لأنَّ المحكومَ عليه يكون كلِّ فرد منه ضلالة إنَّما هو البدعة الشرعية، وأمَّا اللغوية فَمُنْقَسِمَةٌ إلى أقسامٍ خمسة: مباحة (١)، وواجبة (٢)، ومحرَّمة (٣)، ومكروهة (٤)، ومندوبة (٥).
وإن أُريدَ بالبدعة في الكُبْرى الأولى: البدعةُ الشَّرعية فهي في حيِّز المنع، فلا يفيد القياس النفع.
وقد حقَّقْتُ هذا البحثَ وما يتعلَّقُ به في رسالتي: "إقامة الحُجَّة على أنَّ الإِكثار في التعبُّد ليس بِبِدعة" (٦)، وفي رسالتي: "تحفة الأخيار في إحياءِ سُنَّةِ سيِّد الأبرار" (٧)، وفي رسالتي: "التحقيق العَجيب فيما يتعلَّق بالتثْويب"، وفي رسالتي: "ترويح الجَنَان بتشريح حكم شرب
_________
(١) قال المصنف في "ترويح الجنان" ص ٢٣: كاستعمال المُنْخُل، والمواظبة على أكل لبِّ الحِنْطة.
(٢) كنظم الدلائل لإِبطال شبه الملحدين والمبتدعين.
(٣) البدعة المحرمة: وهو ما زيد على ما شُرع من حيث الطاعةُ بعد انقراض الأزمنة الثلاثة، بغير إذنِ من الشَّارع، لا قولًا ولا فعلًا، لا صريحًا ولا إشارة، وهي المراد بالبدعة المحكوم عليها بالضلالة.
(٤) كزخرفة المساجد بغير الذهب والفضة، وإلا كانت من البدع المحرمة.
(٥) كبناء المنارة والمدارس.
(٦) في الأصل الأول: في أنَّ ما فعله الصحابة أو التابعون أو تبعهم وما فُعل في زمانهم من غير نكير منهم: ليس ببدعة حذرنا الشارع منها. ص ١٦، ٥٨.
(٧) ص ١٢٣، ١٢٥.
1 / 68