ومن الأمور المحدَثة: ما ذاعَ في أكثر بلاد الهند والدكن وغيرهما من تسمية خُطبة الجمعة الأخيرة بخطبة الوداع، وتضمينها جُمَلًا دالّةَ على التحسُّر بذَهاب ذلك الشَّهر
فَيُدْرجونَ جُمَلًا دالَّةً على فَضَائل ذلك الشَّهر، ويقولون بعد جملة أو جملتين: الوداع والوداع، أو الفراقَ والفراقَ لشهر رمضان، أو الوداع والوداع يا شهرَ رمضان، ونحو ذلك من الألفاظ الدَّالة على ذلك. ومنهم من يقرأ خطبة الوداع يوم عيد الفطر.
وهذا المُحدَث لا يُدْرى من أي زمانٍ حَدَثَ، وأينَ حَدَث؟ وكتبُ الفقهِ والحديثِ من المتقدِّمين والمتأخّرين لا يوجَدُ فيها أثرٌ من ذلك.
وقد اختلف أربابُ العلم في عصرنا، وشيء ممَّن قبلنا في ذلك، فمن مُفرط مشدِّد، ومن مُفرط غير مشدِّد.
أما الفرقة الأولى: فشدَّدت في منعها بالكليَّة، وحكمت بكونها ضلالة لوجوه:
الأول: أنَّ مثل هذه الخطبة المشتَمِلة على مثل هذه الكلماتِ الوداعيَّة لم يُنقل عن النبيِّ ﷺ وأصحابِهِ وتابعيهم وتبعهم، وكلُّ ما لم يوجد في القرون الثلاثة فهو بِدعةٌ مُحدَثة، وكلُّ بدعةٍ ضَلالةٌ.
وفيه: أنَّ البدعة في الكُبرى الأولى إنْ أُريد بها البدعة اللغوية (١)،
_________
(١) وهي المحدثة مطلقًا عادةً كانت أو عبادة، وهي التي يقسمونها إلى الأقسام الخمسة، كما سيأتي في كلام المصنف رحمه الله تعالى.
1 / 67