وقال الشافعيُّ: "مَثَلُ الذي يطلبُ الحديث بلا إسنادٍ كَمَثَلِ حاطب ليل".
وقال بقيَّة: ذاكرتُ حمَّاد بن زيد بأحاديث، فقال: "ما أجْوَدَها لو كانت لها أجنحة" -يعني إسنادًا- انتهى ملخصًا (١).
وقال عليٌّ القاري المكي في "تذكرة الموضوعات": "قد حكى الحافظ أبو بكر بن خَيْر (٢): اتَّفق العلماء على أنَّه لا يحلُّ لمسلمٍ أن يقول: قال رسول الله ﷺ كذا حتى يكون عنده ذلك القول مرويًّا ولو على أقلِّ وجوهِ الروايات" (٣). انتهى.
فإن قُلتَ: هذه الأحاديث من الأحاديث المشهورة، فلا حاجةَ إلى تحقيق أسانيدها.
قُلتُ: إنْ أُريدَ بكونها مشهورةً شُهرتها بالمعنى المصْطَلح عند الأصوليين (٤)، فهو أيضًا موقوف على ثبوت طُرقها، والاستنادُ بها أيضًا
_________
(١) شرح المواهب اللدنّيَّةَ ٣٩٣:٥، في خصائص الأمّة المحمدية، عند الخصيصة ٢٦، وقد أوصلها إلى ٣٩ خصيصة. وانظر في توثيق هذه النقول وما يتصل بموضوع الإِسناد وفوائده وما إلى ذلك من الأبحاث الهامة: في كتاب العلَّامة المحدِّث الشيخ عبد الفتاح أبو غدة -رحمه الله تعالى-: "الإسناد من الدين".
(٢) في الأصلين: ابن حذَّاء، والصواب ابن خير، وهو محمَّد بن خير الإِشبيلي المالكي، المتوفَّى سنة ٥٧٥، خال أبي القاسم السُّهيلي، مؤلف "الروض الأُنُف".
(٣) الأسرار المرفوعة، ص ٧٥.
(٤) قال الإِمام اللكنوي في "ظَفَر الأماني" ص ٢٤٩: "عَرَّفه الأصوليون منهم البَزْدَوِيُّ وغيره: بما كان من آحاد الأصل، ثم انتشر فصار ينقله قومٌ لا يُتَصَوَّر =
1 / 50