الفروع، لكن يقلِّدونه في قواعدِ الأصول، وبه يمتازونَ عن المعارضين في المذهب، كالشَّافعي ونظرائِهِ المخالفين لأبي حنيفة في الأحكام، غير مقلِّدين له في الأصول (١).
والثالثة: طبقةُ المجتهدين في المسائل التي لا روايةَ لها عن صاحب المذهب: كالخصَّاف، والطحاوي (٢)، والكَرْخي، وشمس الأئمة الحَلْواني (٣)، وشمس الأئمة السَّرَخْسي، وفخر الإِسلام البَزْدوي، وقَاضِيخَان، وأمثالهم، فإنَهم لا يقدرون على مخالفة الشيخ لا في الأصول ولا في الفروع، لكنَّهم يستَنْبطون الأحكامَ في المسائلِ التي لا نصَّ فيها على حسب أصول قرَّرها.
_________
(١) انظر نقدًا علميًّا موضوعيًّا لعدِّ هؤلاء الأئمة في هذه المرتبة في كتاب "محمَّد بن الحسن الشيباني نابغة الفقه الإِسلامي"، للأخ الكريم الباحث المدقق الدكتور علي أحمد الندوي ص ١٧٢ - ٢٠٢.
(٢) انتقد اللكنوي في "التعليقات السنية" ص ٣١ عدَّ الطحاوي من هذه الطبقة، وأنه قد خالف صاحب المذهب في كثير من الأصول والفروع، ومن طالع "شرح معاني الآثار" وغيره من مصنَّفاته يجده يختار خلاف ما اختاره صاحب المذهب كثيرًا، إذا كان ما يدلُّ عليه قويًّا، فالحقُّ أنَّه من المجتهدين المنتسبين الذين ينتسبون إلى إمام معيَّن من المجتهدين، لكن لا يقلِّدونه في الفروع ولا في الأصول ... وإن انحط عن ذلك فهو من المجتهدين القادرين على استخراج الأحكام من القواعد التي قررها الإمام، ولا تنحط مرتبته عن هذه المرتبة أبدًا". انتهى. وانظر نقدًا علميًّا رصينًا لعد الطحاوي في هذه المرتبة في كتاب "أبي جعفر الطحاوي الإِمام المحدِّث الفقيه" للأخ الكريم الدكتور عبد الله نذير وفقه الله تعالى ص ١٦٠ - ١٧٨.
(٣) بفتح الحاء المهملة وسكون اللام، نسبة إلى بيع الحلواء. وانظر في تحقيق نسبه: "التعليقات السنية" للكنوي ص ٩٦ - ٩٩.
1 / 47