وقال عنه أيضًا: " لو لم يكن له من الكرامات إلا كثرة المؤلفات مع تحريرها وتدقيقها لكفى ذلك شاهدًا (١) ".
وقال الشوكاني: " تصانيفه في كل فن من الفنون مقبولة، قد سارت في الأقطار سير النَّهار، ولكنه لم يسلم من حاسد لفضله، وجاحد لمناقبه (٢) ". ولقد كان للسيوطي خصوم، وهم من علماء عصره وهم السخاوي، والقسطلاني، وابن الكركي.
لقد أثنى السخاوي على السيوطي في بعض مؤلفاته، حيث قال في ترجمة لوالد السيوطي: " وهو والد الفاضل جلال الدِّين عبد الرَّحمن أحد من أكثر التردد عليَّ، ومدحني نظمًا، ونثرًا نفع الله به (٣) "، ولكن بعد أن أصبح السيوطي من أقرانه، وبدأ يصنف، ويبدي كثيرًا من آرائه، لا شكَّ أن يوجد من يخالفه الرأي، فلعل ذلك هو سبب التنافر بينهما، والأولى أنَّ ما حدث بينهما أن يطوى ولا يروى ورغم ما ذكر عن السيوطي أنه كان يقدم في الكتب ويؤخر فيها فإنه وقف على كل دعوى وبيَّن الأمر، ورد ما قيل عنه، وبيَّن جميع الكتب التي نقل عنها في مقدمة بعض كتبه، أو بين الأقوال عند ذكرها في محلها، ونسبها لأهلها.
ومن أمثلة ذلك ما صرَّح به في كتابه "معترك الأقران في إعجاز القرآن"، فقد ذكر أنه نقل عن ابن جني في الخاطريات، وعن ابن حيان التوحيدي، وعن تفسير ابن عطية، وعن الرماني في إعجاز القرآن، وعن الخفاجي في سر الفصاحة، وعن ابن قتيبة وعن ابن الصائغ، والفراء، وعن عبد الرَّزاق في التفسير، والشافعي في الرسالة، وعن أبي عبيد القاسم بن سلام، وعن ابن أبي الأصبع، وعن ابن القيم في التبيان، وعن
_________
(١) شذرات الذهب (٨/٥٤) .
(٢) البدر الطالع للشوكاني (١/٣٢٨) .
(٣) تحذير الخواص من أكاذيب القصاص ص (٣٦) .
المقدمة / 23