وعلى فرض قبول تلك الأحاديث؛ فإنه لا يصح أن تكون طرقها طرقا لحديث: «الأئمة من قريش»!! أو تصيره متواترا أو صحيحا لذاته، لأنها غيره لاشك في ذلك. كما لا يلزم أنها تفيد معناه، لأن اعتبار ابن حجر تلك الشواهد في معنى الحديث اجتهاد منه، لا يمنع من القول بأنها أو بعضها ليست كذلك.
(4) كون الحديث متلقى بالقبول
يحتج كثير ممن ذهب إلى قبول هذا الحديث على صحته، بأن الأنصار سمعوا به يوم السقيفة ولم يعترضوا عليه، وذلك يعني أنهم تلقوه بالقبول واعتبروه صحيحا.. يقول البغدادي: «وأذعنت الأنصار إلى البيعة لسعد بن عبادة الخزرجي، وقالت قريش: إن الإمامة لا تكون إلا في قريش، ثم أذعنت الأنصار لقريش؛ لما روى لهم قول النبي: الأئمة من قريش»(1).
وقال: ابن حزم: «ومما يدل على صحة ذلك إذعان الأنصار رضي الله عنهم يوم السقيفة وهم أهل الدار والمنعة والعدد والسابقة في الإسلام - رضي الله عنهم - ومن المحال أن يتركوا اجتهادهم لاجتهاد غيرهم، لولا قيام الحجة عليهم بنص رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم»(2).
وهذا كلام مقبول إن صح أن الحديث ورد يوم السقيفة في الاحتجاج على الأنصار، وصح أن الأنصار أذعنوا له، ولكن مجمل الروايات والقرائن لا تؤيد ذلك:
أولا: أنه لم يأت في روايات خبر السقيفة أن أبا بكر أورد هذا الحديث أصلا.. وقد تقدم الكلام في هذا.
Shafi 52