وعندما شعر الأمويون بمنافسة جادة من العلويين والعباسيين، تسللت فتاوى تقضي بأن الخلافة حق خاص ببني أمية(1)، فلقيت قبولا في بعض الأوساط، ودعمت بنصوص نسبت إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كان منها : ما رووا عن ثوبان أنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تزال الخلافة في بني أمية يتلقفونها تلقف الغلمان الكرة، فإذا خرجت من أيديهم فلا خير في عيش»(2).
وتسبب هذا الإجراء الأموي في انتقال حمى دعوى الاختصاص إلى داخل البيت القرشي، فرأى بنو عبد مناف أنهم الأحق؛ لأن خصائص قريش مجموعة فيهم، فهم الأقرب إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والأبرز مكانة والأكثر عددا. ورأى بنو هاشم أنهم الأحق ما دامت الأمور قد حسمت على أساس قبلي فهم الأقرب إلى النبي وأحسن قريش استجابة له، وفي ذلك روي عن الإمام علي أنه قال: «إن الأئمة من قريش، غرسوا في هذا البطن من هاشم» (3). وأدلى بنوا عبد المطلب بدلوهم، فقالوا: إن الخلافة لا تجوز في غيرهم؛ لأنهم أخص برسول الله وأولى(4). وذكر ابن حزم: إن طائفة قالت: لا تجوز إلا في ولد جعفر بن أبي طالب. وقالت جماعة: لا تجوز إلا في ولد عمر(5).
ولكن معظم تلك الأقوال والتطلعات لم تكن قادرة على مواجهة ثقافة السلطة فلم تجد لها أنصارا ولم تدم طويلا وتلاشت ولم يبق منها إلا ما تبنت الدولة الأموية من القول بأحقية بني أمية بالخلافة دون غيرهم.
***
Shafi 38