وفي كليات أبي البقاء في الفرق بين القرآن والحديث القدسي١: "أن القرآن ما كان لفظه ومعناه من عند الله بوحي جلي، وأما الحديث القدسي، فهو ما كان لفظه من عند الرسول، ومعناه من عند الله بالإلهام أو المنام". وقال بعضهم: "القرآن لفظ معجز، ومنزل بواسطة جبريل، والحديث القدسي غير معجز، وبدون الواسطة، ومثله يسمى بالحديث القدسي والإلهي والرباني" وقال الطيبى: "القرآن هو اللفظ المنزل به جبريل على النبي ﷺ والقدسي إخبار الله معناه بالإلهام أو بالمنام فأخبر النبي أمته بعبارة نفسه، وسائر الأحاديث لم يضفها إلى الله تعالى ولم يروها عنه تعالى". ا. هـ.
وقال العلامة السيد أحمد بن المبارك رحمه اله تعالى في الإبريز٢: "وسألته -يعني أستاذه نجم العرفان السيد عبد العزيز الدباغ قدس سره- الفرق بين هذه الثلاثة يعني القرآن والحديث القدسي وغير القدسي فقال قدس سره:
"الفرق بين هذه الثلاثة وإن كانت كلها خرجت من بين شفتيه ﷺ وكلها معها أنوار من أنواره ﷺ: أن النور الذي في القرآن، قديم من ذات الحق سبحانه لأن كلامه تعالى قديم والنور الذي في الحديث القدسي من روحه ﷺ وليس هو مثل نور القرآن، فإن نور القرآن قديم، ونور هذا ليس بقديم، والنور الذي في الحديث الذي ليس بقدسي من ذاته ﷺ فهي أنوار ثلاثة، اختلفت بالإضافة، فنور القرآن من ذات الحق سبحانه، ونور الحديث القدسي من روحه ﷺ نور ما ليس بقدسي من ذاته ﷺ."
فقلت: "ما الفرق بين نور الروح ونور الذات؟ ".
فقال ﵁: "الذات خلقت من تراب، ومن التراب خلق سائر العباد؛ والروح من الملأ الأعلى، وهم أعرف الخلق بالحق سبحانه، وكل واحد يحن إلى أصله فكان نور الروح متعلقا بالحق سبحانه ونور الذات متعلقًا بالخلق؛ فلذات ترى الأحاديث القدسية تتعلق بالحق ﷾ بتبيين عظمته أو لإظهار رحمته أو بالتنبيه على سعة ملكه وكثرة عطائه فمن الأول حديث: "يا عبادي لو أن أولكم وآخركم،
_________
١ ص٢٨٨ "ذ. س".
٢ ص٦٦ طبع حجر، ١٢٨٧.
1 / 66