اعلم: أن الكلام المضاف إليه تعالى أقسام ثلاثة:
أولها- وهو أشرفها: "القرآن" لتميزه عن البقية بإعجازه من أوجه كثيرة، وكونه معجزة باقية على مر الدهر محفوظة من التغيير، والتبديل وبحرمة سمه لمحدث، وتلاوته لنحو الجنب، وروايته بالمعنى وبتعينه في الصلاة، وبتسميته قرآنا وبأن كل حرف منه بعشر حسنات، وبامتناع بيعه في رواية عند أحمد وكراهته عندنا، وبتسمية الجملة منه آية وسورة وغيره من بقية الكتب، والأحاديث القدسية لا يثبت لها شيء من ذكر فيجوز مسه، وتلاوته لمن ذكر وروايته بالمعنى ولا يجري في الصلاة بل يبطلها، ولا يسمى قرآنا ولا يعطى قارئة بكل حرف عشرا، ولا يمنع بيعه ولا يكره اتفاقًا ولا يسمى بعضه آية ولا سورة اتفاقًا أيضًا.
ثانيهًا- كتب الأنبياء عليهم الصلاة والسلام قبل تغييرها وتبديلها.
ثالثهًا- بقية الأحاديث القدسية وهي ما نقل إلينا آحادًا عنه ﷺ مع إسناده لها عن ربه، فهي من كلامه تعالى فتضاف إليه وهو الأغلب، ونسبتها إليه حينئذ نسبة إنشاء لأنه المتكلم بها أولًا وقد تضاف إلى النبي ﷺ لأنه المخبر بها عن الله تعالى بخلاف القرآن فإنه لا تضاف إلا إليه تعالى فيقال فيه: "قال الله تعالى" وفيها: "قال رسول الله ﷺ فيما يروي عن ربه تعالى" واختلف في بقية السنة هل هو كله يوحى أو لا وآية: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى﴾ ١ تؤيد الأول؟ ومن ثم قال -صلى الله عليه وسلم٢: "ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه". ولا تنحصر تلك الأحاديث القدسية في كيفية من كيفيات الوحي بل يجوز أن تنزل بأي كيفية من كيفياته كرؤيا النوم، والإلقاء في الروع وعلى لسان الملك، ولراويها صيغتان إحداهما أن يقول: "قال رسول الله ﷺ: "قال الله تعالى فيما رواه عنه رسول الله ﷺ والمعنى واحد". ا. هـ.
_________
١ سورة النجم، آية: ٤.
٢ من رواية أبي داود في سننه، وللترمذي: وأن ماحرم رسول الله كما حرم الله.
1 / 65