ويبادرون إلى غسل اليسير من ذلك، وتنظيفه، تطهيرا لمواطن مجالس الملك، ومحال نظره.
وقلوب المحبين عرش الرحمن، أي عرش لعظمته، ومحبته، وهيبته، ومخافته، وهو عرش للمثل الأعلى، قال الله تعالى (وله المثل الأعلى في السموات) .
فذلك المثل به يعرف الله تعالى، وبه يعبد، وبه يخاف، وبه يهاب، وهو محل المعرفة من قلوب العارفين، فيصونون محل المثل عن مثل هذه الخطرات السيئة، والهمم الدنية، كيلا يتنجس محل النور الأعظم، ولأنها بين يديه، فهي مستخفية من نظره واطلاعه، أن يجد في قلوبهم ما يكرهه ويمقته ويبغضه، وهم على قدم طلب محبته لهم، ورصاه عنهم، وذلك ينافي قصدهم، ولأنهم يرون أن عمل القلب أبلغ من عمل الظاهر ، من الخير والشر ، من وجه ، لأن الظاهر تبع للباطن، والجوارح آلات الحقيقة الإنسانية، فلذلك صار أبلغ من عمل الجوارح من وجه، إلا أن في عمل الجوارح يكون قد كمل الفعل بظاهره وباطنه، وقلبه وروحه وجسده، فلذلك تجب حينئذ عقوبته الشرعية من الحد والتعزير وغيره.
ومن انتهى به سلوكه من التوبة إلى المعرفة، ومن المعرفة إلى التفصيل الشرعي، ثم إلى العبودية وأقسامها ومرآتها، ثم إلى طلب محبة المولى الكريم لعبده، فإنه يطيعه باطنا، ويتقيه بقلبه حق التقى، لينال بذلك محبته له، يحفظ سره من الحب والبغض لغير الله، ومن الرياء والكبر والحقد والحسد والخيلاء والعجب، ومن جميع
Shafi 68