وقالت: «وددت لو أذن مولاي الأمير فقصصت عليه رؤياي ليكون لي بذلك حق منذ اليوم أن أكون ماشطة الأميرة يوم زفافها إلى أمير المؤمنين في بغداد، كما كنت حاضنتها في قصر الأمير، وقابلتها يوم استهلت.»
33
قال خمارويه: «هيه يا أم آسية!»
قالت: «كان ذلك منذ بضعة أشهر، وكان مولاي الأمير في سفرته إلى الشام، وخطب إلي ابنتي «آسية» شاب من أهل الستر والصيانة، ولم أكن أملك يومئذ ما أتجمل به، وامتنع «أبو صالح الطويل» خازن مولاي أن يدفع إلي ما طلبت ... وإنه لبخيل ...»
وضحك خمارويه وقال: «جزاك الله يا أم آسية! ما يزال هذا دأبك منذ كنت تقدمين المسألة في صدر كل حديث، قولي، وسأدفع إليك ما منعه أبو صالح.»
قالت وأطرقت: «لا زالت نعمتك ممدودة الظلال يا مولاي ... ثم إنني قضيت شطرا من الليل أتحدث إلى مولاتي «قطر الندى» - وكان بها وحشة لغيبتك - وأقص عليها من طريف الأخبار ومليح النوادر ما يؤنسها ويسليها حتى غلبها النوم، فأويت إلى مضجعي، وبعد لأي ما
34
تخلصت مما كان بي من فكر في أمر ابنتي آسية، وما يلزمها من جهاز العروس، وتسرحت بي الأحلام من واد إلى واد ...»
واستمرت تقول: «ورأيتني في قصر لم ير الراءون مثله، قد أخذ زخرفه وازين كأنه من قصور الجنة، وسألت: لمن هذا القصر؟ قالوا: هذا قصر ملك المشرق! ... قلت: وما هذه الزينة؟ قالوا: اليوم تزف له عروسه بنت ملك المغرب، قلت: وهذه الزينات كلها من أجل ذلك؟ فكيف يكون مبلغه في الاحتفال والزينة لو جاءه النبأ بالفتح والنصر؟ ... وكأنما لم يقع سؤالي هذا موقعا حسنا ممن سمع، فضحك ساخرا كل من حولي، حتى استحييت وهممت أن أفلت من الزحام، وسمعت من يقول: ما تقول هذه الشيخة؟ أليست تعرف من يكون ملك المشرق ومن عروسه؟ فاليوم يجتمع على عرش واحد ملكان قد دانت لسلطانهما الدنيا ... وحدق في وجهي محدق ثم هتف: افسحوا لأم العروس! فانفرج الناس صفين كأنما مستهم عصا موسى،
35
Shafi da ba'a sani ba