وكان في مخيم الخليفة بالموصل وقتئذ بضعة نفر ليسوا من أهل الموصل ولا من أهل بغداد، فيهم لؤلؤ الطولوني، وكان قد أطلق من حبسه وخلع عليه وكرم، وفيهم محمد بن إسحاق بن كنداج، وكان قد مات أبوه وتولى الموصل من بعده، وفيهم محمد بن سليمان الأزرق،
25
وكان قد بلغ عند الخليفة منزلة رفعته من مرتبة الغلمان حتى صار «أمير الجيش»، وفيهم غير هؤلاء في زي القادة أو في زي التجار، وكان الحديث يدور بينهم وبين الخليفة همسا لا يريدون أن يطلع على غيبه أحد، وفي وجوههم أمارات العزيمة والجد والاهتمام.
وقال الخليفة وقد فرغوا من مداولة الرأي فيما اجتمعوا له: «والآن سيمضي كل منكم لوجهه وسنرى ما سيكون من أمر.»
قال لؤلؤ: «إني لأعلم علم اليقين يا مولاي ما سيكون، فلن يثبت جند خمارويه على الولاء له ساعة إذا استيقنوا أن خزانته قد صفرت من المال.»
قال الخليفة: «ثم يكون ماذا؟»
قال القائد محمد بن سليمان: «ثم يتأمر القادة ويقتسمون الدولة ويعملون سيوفهم في أقفية بني طولون فلا تبقى منهم باقية.»
قال محمد بن إسحاق منكرا: «على رسلك يا محمد، إن بني طولون ختن أمير المؤمنين.»
قال ابن سليمان: «وهل خاتنهم مولاي أمير المؤمنين إلا ليغلبهم على أمرهم ويحوز دولتهم؟»
قال الخليفة: «بلى، ولكن لا يراق دم.»
Shafi da ba'a sani ba