وقولهم: إن الله يستحي من كذا، بمعنى يتعالى.
وقيل: يجل. والله يستحي أن يعذب من أطاعه. فقيل: يتعالى.
وقيل: يجل. وبالله التوفيق.
الباب الثاني السبعون
في الرد على من زعم أن الله تعالى خلق لنفسه الجوارح
قال المؤلف: قالت الجهمية: إن الله تعالى كان، ولا علم له، ولا سمع، ولا بصر، ولا قوة، حتى خلق ذلك لنفسه فما أعظم هذا القول على الله.
يقال لهم: أفقبل خلق الله تعالى لنفسه العلم، ففي الأزل ما صفته؟ أجاهل إذا؟ أو قبل خلقه السمع، أصم إذا؟ وقبل خلقه لنفسه البصر، أعمى إذا؟ وقبل خلقه لنفسه البصر، أعمى إذا؟ وقبل خلقه القوة، غير قادر، بل عاجز إذا؟
فإن قالوا: نعم. قيل لهم: إن هذه الصفة ليست بصفة إله معبود، ليس كمثله شيء تعالى الله عن ذلك.
ومن الحجة عليهم: أن الذي يخلق الأعضاء والجوارح لنفسه، والعلم والقدرة، احتاج إلى الذي خلقه لنفسه، لينتفع به. والمحتاج فقير لا شك، في فقر بارئهم، إذ ألجأته الحاجة إلى ما ذكر، ولأنه خلقه لنفسه. والفقير المحتاج، ليس بإله عليم، سميع بصير، على كل شيء قدير. وقبل خلقه لما وصفوه به، يجب أن يكون جاهلا، أعمى أصم عاجزا. فليست هذه الصفة صفة إله عليم بنفسه، سميع بنفسه، بصير بنفسه، قدير بنفسه، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.
وكيف يخلق القوة لنفسه، وهو ليس به قوة، يخلق بها القوة والقدرة؟
وإذا لم يكن له علم، فكيف علم أنه يخلق علما لنفسه. وكذلك السمع والبصر تعالى الله عما قالوا علوا كبيرا.
الباب الثالث والسبعون
في كلام الله تعالى
قال المؤلف: اختلف الناس في كلام الله عز وجل فقال من قال: مخلوق وقال بعضهم: غير مخلوق.
وأجمعوا على أن كلام الله من صفاته.
وإنما اختلفوا في هذه الصفة: هي من صفات الذات؟ أم هي من صفات الفعل؟ فالذين يقولون: إن كلام الله قديم غير مخلوق، يقولون: إنه من صفات ذاته. والذين يقولون: إن كلام الله مخلوق. يقولون: إنه من صفات فعله.
Shafi 59