فإن كان يقدر على ذلك, فقد تغير عما هو عليه، ومن جعله التغيير والزوال والزيادة والنقصان، فهو محدث مع أن زيادة الجسم في العظم، لابد لها من نهاية، ومن كان ذا نهاية وبداية، فهو مخلوق مقسور على تلك النهاية والحدود.
وإن كان لا يقدر أن يزيد في جسمه، أو جثته، فهو عاجز، والعاجز ليس بإله قدير، مع أن الهواء الذي تزيد فيه جثته، لا يخلو من أن يكون هو أو غيره، فإن كان غيره، فقد صح أن معه غيره، وبطل التوحيد، وإن كان هو فهذا هو المحال؛ إذ أحدث لله صفة ولا تعرف؛ لأن زيادة الجسم لا يكون ذلك إلا بقصى وهوى، ليزداد فيه الجسم.
قيل له: لا كيفية لله؛ قولك: كيف إشارة منك إلى كأي شئ هو.
والله تعالى ليس كمثله شئ، وكذلك أين هو سؤال عن المكان ولم يزل الله ولا مكان له، ثم خلق المكان فكان المكان بعد أن لم يكن مكانا لهذه الأجسام.
فإن قال قائل: ما تنكر أن يكون البارئ جسما لا كالأجسام.
قيل له: إن الأجسام المعقولة المسماة، مع أهل اللغة، أنه ما كان على هذه الصفة المعقولة معهم، في الطول والعرض والعمق، وقولك: جسم لا كالأجسام، فقد نفيت عنه معنى الجسمية، وذكرت ما لا يعقل في الشاهد، فيما بيننا، وما يعرف في اللغة كأنك قلت جسم، وليس بجسم، فهذا محال ونقص ولو جاز أن يكون جسما لا كالأجسام، لجاز أن يكون إنسانا لا كالناس في الجسمية، من الطول والعرض والعمق والتأليف والحركة والسكون، فلما فسد ذلك فسد قولك: جسم لا كالأجسام.
وإن قلت فهو جوهر.
قلنا: إن الجوهر متغير، محيط به الهواء، محتاج إلى القرار والمكان ، متحرك أبدا، ومن كان بهذه الصفة فليس بإله عظيم، على كل شئ قدير؛ لأن الجوهر لم يخل من المكان والحدود، وقبول الأعراض. وبالله التوفيق.
الباب الخامس والأربعون
في نفي جوارح الصورة عن الله تعالى
إن قال قائل:
لم نفيتم عن الله صفة الجوارح، وقد قال الله تعالى: { ويحذركم الله نفسه - ويبقى وجه ربك } ؟
Shafi 38