قيل له: إنما اتخذ الله إبراهيم خليلا لله، كما أن الله خليل له، فلو كان قياس اتخاذ ابن قياس أتخاذ خليل، لكان الله تعالى ابنا لعيسى، كما أن عيسى ابن له، فلما بطل ذلك في القبنى، بطل أن يكون قياسهما واحدا؛ لأن الرجل قد يخال أباه، فيكون خليلا لأبيه، ولا يجوز أن يتبنى أباه، فيكون الابن أبا لأبيه.
وأيضا فإنا قد أطلقنا الخلة لإبراهيم والنبوة فأطلقوا البنوة لعيسى صلى الله عليهم أجمعين.
الباب الحادي والأربعون
في معنى ما قال الله تعالى في عيسى بن من مريم صلى الله عليه وسلم إنه روحه وكلمته ألقاها إلى مريم
فإن قيل: ما معنى تسمية الله لعيسى عليه السلام - روحا وكلمة؟
قيل له: لما كانت الأرواح تحيا بها الأجساد، وكان كتاب الله عز وجل بيانا، يبين به للناس، ما يأتون وما يتركون، فإذا تبينوا بكلام الله ما يبين لهم، حيوا بذلك في دينهم، كما قال الله تعالى: { أومن كان ميتا فأحييناه } وكان المسيح يبين للناس عن ربهم، ما يأتون وما يتقون، فإذا قبلوا ما يأتيهم، حيوا في دينهم، وانتفعوا في آخرتهم، وصاروا إلى الحياة الدائمة - سماه الله تعالى روحا، إذ كان يحي به العباد في دينهم، إذا قبلوا منه، وانتفعوا به كما ينتفعون بأرواحهم.
وعلى هذا المعنى، سمى الله جبريل - عليه السلام - روحا. وسمى القرآن روحا.
وكذلك سماه كلمة، إذ كان ينتفع به، كما ينتفع بكلام الله عز وجل، فهذا معنى تسمية الله تعالى المسيح روحا وكلمة، وبالله التوفيق.
الباب الثاني والأربعون
في التشبيه ومعانيه وبيان ذلك
قال الله تعالى: { فلا تضربوا لله الأمثال } .
قال الشيخ أبو الحسن البسياني: التشبيه أن يشبه الله تعالى ببعض خلقه، فيما يصفه به، أنه تعالى يبصر ببصر، أو يسمع بسمع، أو يعلم بعلم، كالخلق فذلك هو التشبيه.
قال المؤلف: وقد قالت المشبهة: إن الله تعالى خلق آدم على صورته، وكذبوا على الله رب العالمين.
الباب الثالث والأربعون في نفي التشبيه عن الله عز وجل
Shafi 36