قال المؤلف: يقال لهم: ما تقولون فيمن عاش مائة سنة، يعمل بالإيمان. ثم كفر شهرا، أو يوما، أو لحظة. ومات على كفره أين يكون، لأن عمل شهر أو يوم، أو لحظة، لا يوازن عمل مائة سنة؟
فإن قالوا: في الجنة.
قيل لهم: خالفتم كتاب الله تعالى؛ لأنه تعالى يقول: { والذين كفروا لهم نار جهنم } .
وإن قالوا: في النار، بطل قولهم بالميزان.
وكذلك يسألون عن رجل عاش مائة سنة، يعمل بالكفر، ثم تاب، وآمن وعمل صالحا، وأخلص نيته لله شهرا، أو يوما، أو لحظة. ثم مات.
الباب التاسع والأربعون والمائة
في الورود وهو المرور بالنار
والرد على من قال : إنه الدخول نفه
قال الله تعالى: { وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا. ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا } .
الدليل على أن الورود يوم القيامة: هو المرور بالنار، والاجتياز بها، لا الدخول فيها: قول الله تعالى، لموسى - صلى الله عليه وسلم - : { ولما ورد ماء مدين } وموسى عليه السلام إنما اجتاز بماء مدين، ومر عليه، ولم يدخله.
وقال بعض المسلمين في تفسير هذه الآية: { وإن منكم إلا واردها } يعني جملة المشركين فالورود: الاجتياز، والمرور بالشيء. تقول العرب: ورد ماء كذا، أي اجتاز به ولم يدخله. وورود الإبل والطير الماء. إنما هو انتهاؤها إليه، لتشرب منه، لا الوقوع فيه. قال زهير:
... فلما وردنا الماء زرقا حمامة ... ... وضعن عصى الخاصر المتخيم
والمعنى: انتهين إلى الماء وبلغنه، وقمن عليه، لا أن المؤمنين يدخلونها.
الحجة: أنهم لا يدخلونها. قوله تعالى: { إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون لا يسمعون حسيسها وهم فيما اشتهت أنفسهم خالدون } فكيف يكونون فيها داخلين. والله تعالى يقول: { إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون لا يسمعون حسيسها وهم فيها فيما اشتهت أنفسهم خالدون } . والحسنى هي الجنة. وبالله التوفيق.
الباب الخمسون والمائة
في الخلود في النار والرد على من قال بالخروج منها
Shafi 134