الْبَابُ الثَّالِثُ فِي مَعْرِفَةِ الْقَنَاطِيرِ، وَالْأَرْطَالِ وَالْمَثَاقِيلِ، وَالدَّرَاهِمِ
لَمَّا كَانَتْ هَذِهِ [أُصُولُ] (^١) الْمُعَامَلَاتِ، وَبِهَا (^٢) اعْتِبَارُ الْمَبِيعَاتِ، لَزِمَ الْمُحْتَسِبَ مَعْرِفَتُهَا، وَتَحْقِيقُ كَمَيِّتِهَا، لِتَقَعَ الْمُعَامَلَةُ بِهَا مِنْ غَيْرِ غَبْنٍ، عَلَى الْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ. وَقَدْ اصْطَلَحَ أَهْلُ كُلِّ إقْلِيمٍ وَبَلَدٍ [فِي الْمُعَامَلَةِ] (^٣) عَلَى أَرْطَالٍ تَتَفَاضَلُ فِي الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ، سِيَّمَا أَهْلُ الشَّامِ خَاصَّةً، وَسَأَذْكُرُ مِنْ ذَلِكَ مَا لَا يَسَعُ الْمُحْتَسِبَ جَهْلُهُ، لِيَعْلَمَ تَفَاوُتَ الْأَسْعَارِ. أَمَّا الْقِنْطَارُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ الْعَظِيمُ فِي كِتَابِهِ الْكَرِيمِ، فَقَدْ قَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ " هُوَ أَلْفٌ، وَمِائَتَا أُوقِيَّةٍ "؛ وَقَالَ (^٤) أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ (^٥): " هُوَ مِلْءُ مِسْكِ (^٦) ثَوْرٍ ذَهَبًا ".
وَأَمَّا الْقِنْطَارُ الْمُتَعَارَفُ فَهُوَ مِائَةُ رِطْلٍ، وَالرِّطْلُ سِتُّمِائَةٍ، وَأَرْبَعَةٌ وَثَمَانُونَ دِرْهَمًا، وَهُوَ اثْنَتَا عَشْرَةَ أُوقِيَّةً (^٧).
وَالْأُوقِيَّةُ سَبْعَةٌ وَخَمْسُونَ دِرْهَمًا. هَذَا رِطْلُ شَيْزَرٍ (^٨)، الَّذِي رَسَمَهُ بِهَا بَنُو مُنْقِذٍ.
_________
(^١) ما بين الحاصرتين وارد في ل، هـ فقط.
(^٢) في س "وزنها"، وما هنا من ل، هـ.
(^٣) ما بين الحاصرتين وارد في ل، هـ فقط.
(^٤) في س "فقد قال"، وما هنا من م، ع.
(^٥) المقصود بهذه التسمية سعد بن مالك بن سنان الخزرجي المدني، أحد الصحابة الذين شهدوا بيعة الشجرة، وكان أبوه من شهداء أحد. وقد روى أبو سعيد هذا كثيرًا من أحاديث النَّبِيّ، وهي واردة في صحيح البخاري ومسند مسلم، وكانت وفاته سنة ٧٤ هـ، عن ست وثمانين سنة. (الذهي: تذكرة الحفاظ، جـ ١، ص ٣٧ - ٣٨).
(^٦) المسك هنا الجلد (المخصص، جـ ٤ ص ١٠١)، ويطلق على جلد الثور. انظر الثعالبي (فقه اللغة، ص ٩٥).
(^٧) في س، وسائر النسخ الأخرى، "اثني عشر"، والصواب كما بالمتن.
(^٨) شيزر بلدة بشمال الشام، وتقع على نهر الأورنت. وقد فتحها أبو عبيدة عامر بن الجراح سنة ١٧ هـ صلحا، واقترن اسمها بأسرة بن منقذ من بني كنانة منذ القرن الخامس الهجري (١٠٢٥ م)، إذ تولوها خالفا عن سالف، وصدوا عنها إغارات القبائل المجاورة وهجمات الصليبيين والبيزنطيين. ثم استولى عليها نور الدين محمود بن زنكي؛ وقد أصبحت من ممتلكات الأيوبيين سنة ٥٧٠ هـ (١١٧٤ م). راجع (ياقوت: معجم البلدان - طبعة فستنفلد - ج ص ٣٥٣)، وكذلك (Ency، ١ s. Art. Shaizar) . هذا ويلاحظ أن المؤلف ذكر بلدة شيزر وموازينها قبل غيرها من بلاد الشام، وفي ذلك ما يدلُّ ترجيحا على أنه ألف كتابه بهذه البلدة، وأن نسبته إليها لا تحتمل شيئًا من الشك. انظر المقدمة).
1 / 15