وإلا لاشتق لذلك الغير منه اسم ، فكان المتمكن من قام به المكان لا من قام بالمكان ، فيكون المتمكن هو الحاوي لا المحوي. ولأن المساواة منتفية (1) بين الجسم والعرض ، والمكان مساو ، والعرض ليس بمساو ، فلا يكون المكان عرضا. ولأن الجسم لا يعقل وجوده إلا في مكان ، فله سبق وتقدم عليه ، فلو كان عرضا لزم أن يكون العرض أقدم في الاختراع من الجسم ، وهو محال لتأخره عنه. وإذا بطل أن يكون المكان جوهرا وبطل أن يكون عرضا استحال تحققه في الأعيان.
ب : لو افتقر كل متحرك إلى المكان لكان المكان : إما أن يكون محتاجا إلى الحركة ، وهو باطل لوجود المكان مع عدم الحركة في الذهن والخارج معا ، ولأن الحركة عبارة عن الانتقال من مكان إلى مكان فماهيتها مسبوقة بالمكان وتحققه ، فلا يجوز أن يحتاج في تحققه إلى الحركة المتأخرة عنه ، وإلا دار.
وإما أن تكون الحركة محتاجة إلى المكان ، فيجب أن يكون المكان إحدى علل الحركة (2)، لأن كل ما يحتاج إليه الشيء فانه يكون علة له ، ولكن المكان ليس علة فاعلية للحركة ؛ لأنه لا يلزم من وجود المكان بالفعل وجود الحركة ، ولأن كل حركة فإنها مستندة إلى علة فاعلية غير المكان. وليس علة مادية ؛ لأن مادة الحركة هي المتحرك لا المكان ، لأن الحركة إنما تحل المتحرك. وليس علة صورية ، لأن المكان ليس هيئة وصورة للحركة ، ولأنه قد يوجد بالفعل من دون الحركة ، والصورة يجب مقارنتها لذي الصورة زمانا. ولا علة غائية ، لأن الغاية إنما يجب وجودها في الأعيان عند الوصول إلى الغاية ، والمكان يجب حصوله قبل الوصول إلى الغاية ؛ ولأن المكان لو كان كما لا يشتاق إليه المتحرك ، لكان من كمالات الإنسان أن يحصل في أمكنة يشتاق إليها ؛ ولأن الكمال منه خاص هو الجزء
Shafi 398