390

الجوهر والكم والكيف وغيرها ، وقد لا يوجد الانتقال عند حصول التغير في تلك الأمور ، فإذن الانتقال تغير في الأين ، أي في نسبته إلى المكان ، وذلك يوجب وجود المكان. ولأن الجسم يحضر ويغيب ، ثم يحضر غيره حيث هو ، وبالضرورة يحصل أمر مشترك بين المتعاقبين ، وليس غير المكان.

ولأن الضرورة قاضية بوجود الفوق والسفل ، وذلك يقتضي وجود المكان.

واحتج منكروه بوجوه (1):

** أ:

، لاحتياج كل جسم إلى مكان ، فلو كان المكان جسما لافتقر إلى مكان آخر ، فيتسلسل أو يدور. ولأن المكان يداخله المتمكن فلو كان جسما لزم تداخل جسمين وهو محال بالضرورة. ولأنه ليس من بسائط الأجسام ، ولا من مركباتها ، لأنه ليس شيء منهما يشار إليه أنه هو المكان. ويستحيل أن يكون جوهرا غير متحيز (2)، لأن المطابقة واجبة بين المكان والمتمكن بحيث لا يفضل أحدهما على الآخر في المقدار ، ولا يتصور ذلك بين الجسم والمجرد المعقول. ولأن المكان مقصود بالإشارة الحسية ، ولا شيء من الجواهر العقلية كذلك. ولأن الخواص الأربعة المشهورة عند الجمهور منفية عن المجرد ، فلا يكون هو المكان.

وإن كان عرضا استحال أن يكون قائما بذاته ، بل لا بد له من محل يحل فيه ، فإن كان محله المتمكن لزم انتقاله بانتقاله ، فتكون الحركة مع المكان ، لا منه ولا إليه ، وهو محال. ولأن العرض يكون موجودا في المحل ، ولا يكون المحل موجودا فيه ، فلا يكون الجسم موجودا في المكان ، ولاستلزامه الدور. ولا يجوز أن يكون قائما بغيره ،

Shafi 397