وأما يمينه عليها فيجب الوفاء به فالكفارة لا تحل ذلك العقد وإذا حنث لم تكف الكفارة في رفع إثمه فإذا قال والله لا أقتل أو لا أشرب الخمر أو لا أسرق أو لله علي أن لا أفعل هذا أو علي عهد الله أن لا أفعل هذا أو أعاهد الله أن لا أفعل هذا فإذا خالف هذا العهد كان ما أتى به أعظم من أن ترفعه كفارة وهو كالذي يزني بامرأة في رمضان وفي أمر مثل هذه بالكفارة كلام.
فإن هذا لم يدخل في قوله تعالى {قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم} إذ كان هذه اليمين لم يفرض الله عليه تحليلها قط بل هي معقودة مؤكدة كمبايعة الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم ومعاهدته للمشركين.
ألا ترى أن الله سبحانه قال في المشركين {9: 13 ألا تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم} وقال {وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم} وقال {إنهم لا أيمان لهم} فقد أخبر أن لهم أيمانا نكثوها فهل فرض الله لهم تحلة تلك الأيمان؟
وكذلك قوله {16: 91 ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها} فهل فرض الله لهم تحلة هذه الأيمان؟
فهذه أيمان بنص القرآن ولم يفرض الله ما يحل عقدتها باتفاق العلماء بل هي معقودة لا يجوز نقضها.
وأما الأيمان التي فرض الله تحلتها فهي أن يعقد يمينا يأمر الإنسان فيها نفسه أو من يطيعه بما لم يأمره الله به أو يحرم فيها على نفسه أو على من يطيعه ما لم يحرمه الله عليه فهذا الحض والمنع الذي لم يأمر الله به قد فرض الله تحلته فإذا قال هذا علي حرام أو قال لزوجته أنت علي حرام أو لسريته أنت علي حرام أو لطعامه أو شرابه هو علي حرام ونحو ذلك أو إن أكلته أو شربته فهو علي حرام فهذا التحريم يتضمن منعه لنفسه منه وأنه التزم هذا الامتناع التزاما جعله لله لأن التحريم والتحليل إنما يكون لله وهو إذا قال هذا حرام لم يرد به أن الله حرمه عليه ابتداء فإن هذا كذب ولا يريد إني أحرمه تحريما أمتنع به منعا بتاتا فإن هذا كلام لا فائدة فيه ولا يقوله عاقل ولا يقصد القائل بقوله هذا حرام إلا أني ممتنع منه وإني ملتزم لهذا
Shafi 69