[بيان قضاء الصوم والصلاة وغيرهما من النذورات عن الميت،
واختلاف العلماء فيها]
فإن الله عليم حكيم رحيم فلا يكلف نفسا إلا وسعها والعبد جاهل ظالم فلهذا قد يوجب على نفسه ما لا يسعه ويحرم على نفسه ما لا بد لها منه فرخص الشارع للناذر عند العجر أن ينتقل إلى البدل الذي لم يوجبه هو على نفسه تيسيرا من الله على عباده بخلاف ما أوجبه الله عليه فإنه لا يوجبه إلا مع القدرة فلا يحتاج مع وجوبه إلى بدل بل العبد قادر عليه ولكن قد يوجب على العاجر ما تحصل به مصلحته.
مثال ذلك الصلاة المكتوبة أوجبها الله على كل أحد بحسب استطاعته وما عجز عنه سقط عنه فلا يحتاج أحد أن يصلي عنه غيره المكتوبة.
وكذلك صوم شهر رمضان إنما أوجبه الله على من يطيقه وأما العاجز عن الصوم مطلقا كالشيخ الكبير والمريض الميئوس من برئه فلا يجب عليه الصوم لكن هل يجب عليه فدية بدلا منه فيه نزاع بين العلماء.
وكذلك الحج إنما يجب على المستطيع لكن من كان له مال وهو عاجز بنفسه هل يجب عليه أن يستنيب من يحج عنه فيه نزاع بين العلماء.
وأما النذر فإن الإنسان قد ينذر ما يعجز عنه إما بالموت كنذره صلاة أو صياما أو حجا في وقت يعجز عن فعله فيه وقد يموت قبل فعله فرخص الشارع أن يوفى عن الناذر نذره بعد موته سواء كان صياما أو غيره.
ففي الصحيحين عن ابن عباس «أن سعد بن عبادة استفتى رسول الله صلى الله عليه وسلم في نذر كان على أمه وتوفيت قبل أن تقضيه فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقضيه عنها وكان سنة بعده» قال البخاري «وأمر ابن عمر امرأة جعلت أمها على نفسها صلاة بقباء ثم ماتت فقال صلي عنها» قال وقال ابن عباس ونحوه.
ولهذا كان أظهر الروايتين عن أحمد أن الصلاة المنذورة تفعل عن الميت بخلاف المفروضة.
Shafi 38